أدب

أوراق الخريف.. رحيل (٢)

بقلم: شرين خليل
باهر لم يكن الزوج المثالي كما توقعت رحيل فمن أول يوم زواج وضع لها القوانين :
رحيل لازم تعرفي كويس إني ليا نظام في حياتي بصحى الصبح الساعة ٧ أفطر وانزل شغلي بكون في مكتبي الساعة ٨ ونص والساعة ٩ بالظبط ببدأ محاضرتي ويومي بيخلص ٣ وبرجع أرتاح ساعة واتغدي الساعة ٤ والساعة ٥ بشرب قهوتي في مكتبي وبليل ممكن أخرج اقابل أصحابي أو أقعد أشتغل في أبحاثي..
بيظبطوا الساعة على مواعيدي..
بحب الهدوء وأحب أسمع نعم وحاضر ..
ومش عاوز اسمعك تقولي اخرج مع صحباتي أو صاحبتي جايه تزورني..
كل دا مرفوض..والأهم من دا كله أسرار بيتنا محدش يعرف عنها حاجه وخصوصاً والدتك ووالدك..
إنتي دلوقتي زوجة الدكتور باهر سليمان اللي كان قدامه بنات كتير واختارك إنتي يبقى لازم تكوني قد الإختيار دا..
فاهمه يارحيل ….
– فاهمه ياباهر وهاعمل كل اللي تأمرني بيه …
-أيوا كده …عاوزين نبدأ حياتنا صح …
ومرت الأيام ورحيل نعم الزوجة تُلبي كل ما يطلبه باهر منها بل أحياناً تفعل مايُريد قبل أن يأمرها..
وفي يوم جاء باهر من العمل ولم يجد رحيل في انتظاره كالعادة فهي مريضة ولم يشفع لها مرضها عنده ..دخل عليها وتحدث بكل قسوة:
-ايه ياهانم فين الغدا؟؟ إنتي نسيتي النظام ولا ايه ؟؟
-أنا تعبانه جداً وغصب عني مقدرتش أتحرك من مكاني ..
-قومي ياهانم وبطلي دلع حضري الغدا ..أنا مش هاغير نظامي عشانك…
-أنا فعلاً تعبانه ومش قادرة ليه مش مصدقني..
-أنا أمي كانت بتبقى تعبانه وتقوم نعمل كل حاجه وعمرها ما قصرت معانا في حاجه أبداً..
-خلاص هاقوم بس حاول تسندني حاسه اني الدنيا بتلف بيا ..وهاقع …الحقني باهر..
وقعت رحيل على الأرض وحاول باهر إفاقتها وأحضر باهر الطبيب وقام الطبيب بفحصها ثم قال له:
مدام رحيل حامل ومحتاجة للراحة..
وعدم الإنفعال..
-شكراً يادكتور طبعاً هاشيلها في عينايا…
خرج الطبيب …
ودخل باهر ليُخبر رحيل بهذا الخبر السعيد ولكن بطريقته الخاصة…
-هاتبقي أم يارحيل يعني إلتزام أكتر وكل التعب اللي عندك دا حاجه طبيعية بتحس بيها كل الستات يعني أعراض الحمل ياحبيبتي…فأنا عاوزك تكوني أقوي من كده وبلاش تستسلمي للتعب …
-بجد ياباهر هابقى أم ؟؟
-أيوا الدكتور قال كده وطلب شوية تحاليل كمان يومين هانروح له العيادة نعمل أشعة وتحاليل ..
-أنا نفسي يطلع بنت..
-لا بنت لا أنا عاوز ولد …أنا عندي بنت أنتي نسيتي نادين بنتي …
-لا مانستش .. عموماً بنت ولد أنا فرحانه جداً…
-بس ياريت موضوع الحمل دا مايأثرش على نظام حياتنا…
-طيب ممكن أجيب حد يساعدني في شغل البيت ..
– لا طبعاً مرفوض وانتي عارفه كده كويس ..
-ما أنا مش هقدر لوحدي..
-مش بقولك أنتي بتدلعي.. ما أمهاتنا كانت كده وأكتر..
-طيب ممكن كريمة بنت البواب تجيب لي طلبات البيت ..
– ممكن بس ماتدخلش..تاخدي منها الطلبات وهي على الباب …
أنا خايف عليكي يا رحيل ..صدقيني الإختلاط الشديد بالناس بيعمل مشاكل ..حتى الأهل وأقرب الناس وإنتي خبرتك في الحياة بسيطة عشان كده لازم تسمعي كلامي في كل حاجه أقولهالك..
-حاضر ياباهر بس بستأذنك إن ماما تكون جنبي الفترة دي عشان ماقصرش معاك في حاجه وعشان إنت عارف إني بذاكر لازم أكمل تعليمي..
-هاوافق عشان تتأكدي إني بحبك وبخاف عليكي …
ومرت أيام ورحيل تعيش في حالة من السعادة وهي لا تدري أنها سعادة وهمية فكل مايفعله باهر ينصب في النهاية لمصلحته فهو لايرى سوى نفسه …
ورحيل تتفاني في إرضائه بشتى الطرق ..
رسم الدائرة ووضعها فيها وأغلقها عليها ..
وفي يوم لم تأتي والدة رحيل لتساعدها وعندما جاء باهر من العمل ووجد رحيل لم تعد له الغداء ثار وانفعل وطلب منها إعداده فوراً..
ودق جرس الهاتف..
أسرعت رحيل لكي ترد على الهاتف حتى لايزعج باهر ولكنه رفض وطلب منها الدخول إلى المطبخ لإعداد الطعام وأسرع هو بالرد ..
-آلوو…
-آلوو ممكن أكلم رحيل ..
-حضرتك مين؟
-أنا ماجدة صحبتها..
-أهلاً آنسه ماجدة ولا مدام؟
– لا آنسه..
-أنا الدكتور باهر جوز رحيل …
-أهلاً بحضرتك..هي رحيل مش موجوده..
-لا موجوده بس نايمه، أصلها حامل جديد وتعبانه شويه.. وبصراحة أنا مقدرش أصحيها لإني ماصدقت إنها ترتاح شوية …
– بجد؟؟ ألف مبروك..هي عشان كده مختفية، دايماً أتصل مش بترد ومن أخر مرة شفتها بعد الفرح ماشفتهاش ولا اتكلمنا..
-معلش أصل رحيل إنطوائية شوية ..مش عارف ليه…
-إنطوائية!! دي عمرها ماكانت كده.يبقى الجواز غيرها…
-مش عارف بس هي بتحب قعدة البيت ومش بتحب اللمة والصحاب وأنا بسيبها براحتها.أنا مقدرش أزعلها ..رحيل دي حياتي وروحي وعمري..
-ماشاء الله عليك يادكتور يابختها بيك .لها حق ماتكلمش حد وتنسانا كلنا ..
-قوليلي إنتي معاها في نفس الكلية .
-لا أنا في كلية تجارة..
-عموماً أنا ليا أصحاب كتير في تجارة لو احتاجتي حاجه ابقي عدي عليا أي وقت ..لإن صحبات رحيل لهم معزة خاصة عندي..
-شكراً لحضرتك وإن شاء الله هابقى أعدي على حضرتك وسلامي لرحيل..
-مع السلامة…
– مع السلامة..
أغلق باهر الهاتف وخرجت رحيل من المطبخ وسألته:
– مين اللي كان بيكلمك؟
-دا واحد صاحبي ..بتسألي ليه
-كنت فاكراها ماما..
-لو كانت ماما كنت هاناديلك طبعاً..
خلاص الأكل جاهز..
-بالسرعة دي!!
-ماما عامله لي أكل الأسبوع كله ويادوب على التسخين..
-عموماً أنا مستحمل بس لحد ما الفترة دي تعدى ..أنا مش باكل أكل بايت وبيتسخن ما اتعودتش على كده …
-حاضر ..فترة بس وهاتعدى ..وهاعملك أحسن أكل بعد كده..
مرت شهور الحمل بصعوبة وأنجبت رحيل طفلة جميلة مثلها فرحت بها جداً.. ولكن باهر لم يفرح وازدادت قسوته عليها ..القسوة المغلفة بالحب …دائما لديه المبررات بأن كل شئ يفعله هو بدافع حبه لها …
وجاءت ابنته من زوجته الأولى لترى أختها الصغيرة.
جلست بجانب رحيل وبدأت تتحدث معها:
طنط رحيل ممكن أعرف النونا اسمها إيه..
-اختاري لها إنتي الأسم ..
-ممكن اسميها فيروز ..
-طبعاً يانادين دا اسم جميل زيك بالظبط..
-طنط رحيل أنا بحبك عشان إنتي طيبة وبتحبيني ..
-وأنا بحبك أكتر..
ونفسي تعيشي معايا إيه رأيك؟
-ياريت ياطنط بس بابا يوافق..
-هاكلمه وإن شاء الله يوافق …
وبالفعل طلبت رحيل من باهر أن يسمح لنادين أن تعيش معهم ولكنه رفض بحجة أن رحيل لا تصلح لتربيتها بسبب ضعف شخصيتها لكنه سمح لها أن تقيم معها فترة بسيطة ..
حزنت رحيل من طريقة باهر ولأول مرة تشعر بقسوته تجاه ابنته فهو يعاملها بشدة وعنف وكأنها فتاة كبيرة ..
يمنعها من الخروج واللعب مع صديقاتها وينهرها إذا أخطأت ..
لا يتفاهم معها مطلقاً…والأصعب من ذلك يمنعها من رؤية والدتها…
وفي يوم وجدها تلعب مع ابنة الحارس اقترب منها والغضب يسيطر عليه : نادين ..
-بابا …أنا اسفه …مش هاعمل كده تاني …
من شدة الخوف فرت نادين هاربه إلى الشارع من أمامه ..
لتصدمها سيارة مسرعة….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى