الكلمة الطنانة الجديدة التي تدمر علاقتك، وكيف تنشأ الخلافات في سياق العلاقات بين الشخصية الودية؟

تأليف: أبهيناف فيرما، 2018 –  جيناشري راجيندرا كومار 2021

ترجمة وتنسيق وإضافة: د. محمد السعيد أبو حلاوة | أستاذ الصحة النفسية المشارك، كلية التربية، جامعة دمنهور

تتضح ملامح ما سماه جون جتمان   John Gottman(2007) “الغرق في المطبخ” كمسار لتخليق أعراض الانقباض النفسي مع ولوج أحد طرفي العلاقات بين الشخصيةأو كليهما في سياق العلاقات الزواجية والأسرية على وجه التحديدفي الإعراب الفوري والمباشر والتلقائي في قذف كل الشكاوى من الطرف الآخر في جمل متسارعة متقطعة متتالية دون توقف، كأن الطرف الذي يُقْذف في وجهه هذا الشكاوى يتعامل مع مغسلة مطبخ تجمع بصورة كلية في كيس أو بالونه كافة قاذورات الملابس إلا أن يمتلئ تمامًا ثم ينفجر دفعة واحدة في وجهه.

وعبر جون جتمان (2007) عن هذا المعنى في سياق العلاقات بين الشخصية المتبادلة بين شركاء الحياة بإشارته إلى أن “الانقباض أو  الغرق في المطبخ” بالمعنى الدلالي الاصطلاحي طريقة فعالة لإبداء الشكوى والتذمر والتعبير عن الاستياء والضيق من الطرف الآخر بتقرير قذف كل قاذورات المطبخ في وجهه ما عدًا “حوض المطبخ” كأن ذلك الطرف الشاكي أو المنفجر بالشكوى يقذف شريكه تلقائيًا ووتتابعيًا بكل ما يوجد في المطبخ ربما من “قاذورات” بالمعنى النفسي فيما عدا حوض المطبخ، كونه فقط بئر تجميع كل هذه القاذورات ويستحيل تفكيكه أو كسره، ويعبر عن هذا التصور  بفكرة أنه في كل مرة “ينشأ خلاف أو بالأخرى نزاع أو ربما بلغة أكثر قسوة صراع بين شريكي الحياة يقرر  كل طرف تعداد أخطاء الطرف الآخر وضع قائمة بكل من يمكن أن يمثل شكاوى منه والانسياب بقسوة مباشرة في قذفها في وجهة بصورة مباشرة.

ويبدو أن “الهدف الأساس” لحالة الجدال والخلاف في مثل هذه النوعية من العلاقات بين الشخصية المتبادلة بين شريكي الحياة على هذا النحو في تحليله النهائي هو “الفوز” “إثبات خطأ الطرف الآخر”، أو بالأحرى “الانتصار عليه بالضربة القاضية” كأنهما في حلبة رياضة الملاكمة.

وعادة وفي سياق مسار عملية النزاع والخلاف وذالك الجدال المفعم بالرغبة التامة في الانتصار على الطرف الآخر وطرحه أرضًا يفكر كل طرف بدقة تامة في كل حجة وصياغتها بشكل استراتيجي من أجل الانتصار في المعركة دون تفجير العلاقة خارج نطاق المياه أو خارج نطاق ذلك مطبخ القاذورات الوهمي، ومع ذلك قد يميل القليل منها في بعض الأحيان إلى تجاوز ذلك الخط فيصل إلى “حد الغرق في مطبخ القاذورات”، الأمر الذي يحتم الاندفاع مباشرة ودون تسويف في واقع الأمر صوب تصويب حالة الغرق في المطبخ اتقاء لتأثيراتها السلبية على التكوين النفسي لطرفي العلاقة وعلى مسار ووجهة ومآلات العلاقة بين الشخصية ذاتها.

ويرجع مصطلح “الانقباض أو الغرق في المطبخ” إلى جون جوتمان Dr. John Gottman الاختصاصي النفسي الأمريكي في سياق دراساته وأعماله العلمية عن “العلاقات بين الشخصية” بصيغها ومجالاتها المختلة خاصة العلاقات الزواجية والأسرية والرومانسية.

وعد د. جون جوتمان في سنة 2007 واحدًا من أكثر المعالجين  النفسيين تأثيرًا في سياق العلاج الزواجي أو علاج اضطرابات العلاقات بين الشخصية بصفة عامة، وعنى جوتمان بمصطلح “الغرق في المطبخ” في تماسه من تخليق ما سماه “ظاهرة الانقباض النفسي”، أو الأحرى ما يمكن تسميته “متلازمة الانقباض النفسي” كما يعبر عنها بغرق الشخص في أفكار ومشاعر وسلوكيات وعلاقات ذات طابع سلبي تمثل ما يمكن تسميته “القاذورات النفسية”، وتبدأ عندما يتبع أحد طرفي العلاقة بين الشخصية ما يعرف باستراتيجية “إعداد قائمة تراكمية بكل الشكاوى من الطرف الآخر بما ترتكز عليه من رصد وتعداد لأخطائه أو خطاياه الفعلية أو المتوهمة” وقذفها في وجهه بطريقة انفجارية مع نشوب أى خلاف أو نزاع أو جدال وفقًا لدلالات مصطلح “قذف الكلمات والتعبيرات Words and Expressions defamation & fling  ” بما من تحمله من قسوة وتشويه وافتراء وطعن وقدح، لا لغرض إلا الانتصار على ذلك الطرف.

ووفقًا لتصورات خبيري العلاقات بين الشخصية  شيفاني مصري سادهو ShivaniMisriSadhoo، ود. أنيل سيثي Dr. Anil Sethiيوجد عدد من الأسباب التي قد تدفع بطرف ما من طرفي العلاقات بين الشخصية أو كليهما إلى الولوج في دوامات ظاهرة الغرق في المطبخ بما يصاحبها من مظاهر وملامح وانقباض نفسية، فضلاً عن الأضرار بالغة الخطورة في واقع الأمر لهذه الظاهرة؛ ومن ثم حتمية التعامل معها وصفًا وتفسيرًا وعلاجًا.

وعلى ذلك يأتى السؤال الأكثر إلحاحًا في هذا المسار ومفاده: لماذا نقع في دوامة ظاهرة الغرق في المطبخ بدلالاتها المشار إليها؟

  • للانتصار أو الفوز To win-:

من الأسباب الرئيسة لولوج أحد طرفي العلاقة بين الشخصية في دوامة ظاهرة غرق المطبخ رغبته وحاجته في ربح أو كسب المعركة أو الفوز فيها، بالعلاقة بين الشخصية بالنسبة له ليست مهمة، مشاعر الطرف الآخر ليست مهمة؛ وعلى ذلك فإن الطرف الذي يمارس دلالات غرق المطبخ يتصف بالأنانية والتمركز حول الذات مع يقينه أو اعتقاده أن العلاقة بين الشخصية ذات مدى قصير وأن مصيرها إلى زوال.

  • القصور في صياغة التعبيرات Inarticulate in their expression:

قد يقع أحد طرفي العلاقة بين الشخصية خاصة في سياق العلاقات الزواجية والأسرية في دوامة ظاهرة غرق المطبخ بسبب صعوبة تعبيره عن انفعالاته ومشاعره، فضلاً عن قصور مهارات التواصل، وقد يعرف ذلك الطرف في بعض الحالات كيفية التعبير عن شكواه بطريقة بناءة، إلا أنه لا يريد إلى تناول المتاعب والمشاكر بشكل مباشر ربما خوفًا من إثارة ضيق واستياء وكرب.

  • التملك أو الامتلاكية “الاستحواذية”Possessiveness:

قد تسيطر على أحد أطراف العلاقة بين الشخصية رغبة قوية في الاستحواذ في السيطرة في تملك الطرف الآخر، وقد يكون لديه صعوبات في تأسيس روابط تعلق آمنة ومن ثم يدلف في مسار “غرق المطبخ”، ويلجأ إلى ما يعرف بالمبالغة التامة في التصريح الفوري والمباشر والتلاقي وقذف الكلمات والتعبيرات أثناء الخلافات أو النزعات وربما رغبة في تنشيط الدائرة الخبيثة لهذه الظاهرة، مع التسلح بكل الوسائل التي تزيد من إمكانية الانتصار في المعركة.

  • عدم الثقة في العلاقةNo trust in the relationship:

غرق المطبخ في دلالاته على “الغرق النفسي أو الانقباض النفسي” مؤشرًا أساسيًا لعدم الثقة في العلاقات بين الشخصية المتبادلة مع الآخر خاصة في العلاقات الزواجية والأسرية، وأن هذه العلاقة على حافة الهاوية.

ويترتب على ذلك طرح سؤال جوهري آخر مفاده: هل هذه الظاهرة خطيرة؟ مبدئيًا علينا أن نتذكر دائمًا المثل الشعبي الرائع “ربما تكسب المعركة، لكنك سوف تخسر الحرب”، إلا أن أهم ما يمكن التأكيد عليه في هذا الصدد أن “غرق المطبخ”، وما يصاحبه من انقباض نفسي لا يترك أي فرص للتصالح أو للتسوية السلمية الآمنة، فقد يشعر شريك حياتك بالإهانة وبأنه موضع للمضايقة والاستياء والتنمر، حيث يشعر ذلك الطرف بأنه أخذ على حين غرة وهكذا فجأة عرضة لسيل جارف من الانتقادات والشكاوى غير المسوغة وغير المتوقعة. 

الأمر الآخر أن الولوج في دوامات حوض المطبخ غرقًا فيه يعني تجاهله للمشكلة الحقيقية وتحولاً وانحرافًا عنها، ويظهر ذلك الشريك الذي يمارس تكنيكات حوض الموطبخ حالة من السيطرة والهيمنة التامة والتنمر المستمر على شريكه أو طرف العلاقة بين الشخصية الآخر.

وقد يكون من الطبيعي في هذا السياق أن يٌطْرح السؤال الأكثر أهمية في هذا السياق وهو كيف يمكن التعامل مع ذلك الانقباض النفسي المصاحب لهذه الظاهرة؟ وكيف يمكن تفكيك بنية ظاهرة “غرق حوض المطبخ”.

ومع ذلك وما يمكن التنويه إليه أن مجرد اعتياد طرف على غرق المطبخ قد يكون من الصعب عليه التخلص منها، ويزيد من صعوبة هذا الأمر عندما لا يجيد الطرف الآخر الرد على الشكاوى والانتقادات التي توجه إليه.

وتتمثل الخطوة الأولى في هذا الأمر من إحياء حالة إدراك من يمارس غرق حوض المطبخ لذات وبممارساته، وأن يقر في يقينه أولاً أن لديه شكوى ما وأن لديه انتقادات يرغب في الإعراب عنها للطرف الآخر؛ ومن ثم هو في حاجة ماسة إلى من يعلمه كيفية أو طرائق إبداء هذه الشكاوى أو الانتقادات بطريقة ودية بناءه، فضلاً عن الانفتاح الآمن على التواصل الإيجابي بمفردات كلامية وتعبيرات لغوية صحيحة راقية رقية ومهذبة في نفس الوقت.

إلا أن المسار الأكثر أمنًا في هذا المسار التسامح والتخلي عن مظالم الماضي والعفو والصفح عنها عند أي علاقة نزاع أو خلاف أو جدال مع الطرف الآخر، مع تركيز تام في واقع الأمر على تناول موضوعات الحاضر والمستقبل وليس الماضي مع الرغبة في استدامة التطلع إلى الأفضل.

المصدر:

AbhinavVerma (2018). Decoding kitchen sinking:The new relationship buzzword that’s destroying y

^^^^^

كيف تنشأ الخلافات في سياق العلاقات بين الشخصية الودية؟

صاغ الاختصاصي النفسي والمعالج النفسي الزواجي والأسري الأبرز جون جوتمان تعبيرًا بالغ الدلالة وصفًا وتفسيرًا لظاهرة الخلافات الزواجية والأسرية وضعه تحت مسمى “علاقات حوض المطبخ Sink Kitchen Relationship” فسره بها ما عرف باسم ظاهرة “الانقباض النفسي” في سياق العلاقات الزواجية والأسرية، ويمكن تعميمه على كافة العلاقات بين الشخصية Interpersonal Relationship ذات الطابع الذي يفرتض به الاستدامة والود والحميمية.

ويبدو أن من الصعب على الإنسان تحمل أو مجرد تصور أن أي خلافات أو نزاعات ذات طابع اعتيادي مع الإخفاق في إدارتها تفضي إلى انهيار الثقة في العلاقات بين الشخصية المفترض أن تتصف بالود والتقبل والأمن والحماية.

وعند مثل هذا الإخفاق في سياق العلاقات بين الشخصية المتبادلة بين شريكي الحياة على وجه التحديد بما يصاحب ذلك ويقترن به ويترتب عليه من ملامح عامة للانقباض النفسي على مستوى إمكانية المعاناة من الاعتلالات النفسية مثل القلق والاكتئاب والاضطرابات النفس جسمانية، أو على مستوى الضيق والكرب والمشقة psychological distress في العلاقات المتبادلة كما يعبر عنها بالهم والنكد وافتقاد الثقة الأفكار السلبية والمشاعر القائمة على الكدر والعلاقات المختلة وظيفيًا وغير التكيفية يفترض أن يلج شريكي الحياة مباشرة ودون تسويف في واقع الأمر في التساؤل: ما الخطأ الذي حدث؟ لماذا سارت الأمور على هذا النحو؟ لماذا تحقق ذلك المآل الذي نحن عليه؟ ما القواسم المشتركة فيما بيننا والتي أفضت إلى مثل هذا المآل؟ هل إلى مردٍ جميلٍ من سبيل؟ أو بالأحرى ماذا نفعل معًا لنستعيد عافيتنا النفسية في سياق العلاقات بين الشخصية المفترض أو قوامها التواد والرحمة والتفهم والتقبل والاعتراف بأننا بشر قوام العلاقة بينهم التسامح والغفران والعفو والصفح؟.

ودُرِستْ هذه الظاهرة بصورة مكثفة من قبل د. جون جوتمانDr. John Gottman، بالاشتراك مع د. كاريل روسبلت Dr. CarylRusbultود. شيرلي جلاس Dr. Shirley Glass بالتركز على وصف وتفسير العلاقات الودية التي يلج بها طرفيها في سلسلة من الخطوات التصعيدية للعنف والعنف المضاد أو للتعدي المعنوى اللفظي أو ربما البدني في حالات محددة، بما قد يقترن بذلك من تداعليات نفسية بالغة الخطورة ربما تنذر بانهيار العلاقة تمامًا أو جعلها على المحك وعلى هاوية الانهيار ، وربما تتمثل مثل هذه التداعيات في حالة الحرمان الانفعالي التام والافتقاد إلى الآخر، فقدان الثقة المتبادلة وشيوع حالة الريبة والشك، فقدان الأمن النفسي والسلامة الشخصية على الذات، الولوج الخبيث في دوامات المقارنات، وربما بطبيعة الحال التباعد الانفعالي، والخيانة بدلالاتها الانفعالية وربما الجسمانية، وربما انهيار حالة الود والحب تمامًا وفقًا لدلالات الأثر السلبي التراكمي.

وتأسيسًا على البحوث والأعمال العلمية لجون جوتمان وآخرون فإن الخطوات التي تفضي ما يسموه الخيانة النفسية كمظهر من مظاهر الانقباض النفسي نتيجة علاقات حوض المطبخ ما يلي:

  • الانصراف والابتعادTurning away:

قد يقدم أحد شركاء العلاقة بين الشخصية الرومانسية على جه التحديد وفي سياق العلاقات الزواجية فيما أفهم عرضًا رومانسيًا عاطفيًا يقابل بالابتعاد أو الصد أو النفور من  الطرف الآخر بدلاً من الترحيب والإقبال والابتهاج.

وقد يتم التعبير عن “الانصراف أو الابتعاد” بالتجاهل أو الانشغال بأشياءٍ أخرى، الأمر الذي قد يرتب مع تتاليه رد فعل سلبي ومعاكس من قبل الطرف المبادر بالتواد والاقتراب، فعندما يخطط شريك الحياة لعطلة نهاية الأسبوع على سبيل المثال أو أي تصور آخر للترفيه والابتهاج ويقابل ذلك التصور بالصمت أو بمبادرة من يقدم له العرض بالانفجار التعبيري “ألا ترى أني مشغول؟!!” هنا يشعر الطرف الآخر بالإهانة وبأنه غير مرغوب فيه وبجرح المشاعر أو كسر الخاطر بتعبير أكثر دقة.

ومع تكرار مثل هذا المنحى في المعاملة يقر في اعتقاد الطرف المبادر دائمًا فكرة أن شريكه لا يعيش من أجله، ومن هنا تبدأ الثقة في ذلك الشريك في التآكل بالتدريج، وعلى ذلك فإن ما يعرف بالرفض الاستباقي Pro-active Refuse  في إحاطة الشريك المقدم في العطاء بضغط نفسي يجعله يشعر بالضعف وعدم الأهمية وبالنبذ.

  • السلبية والتجنبNegativity and avoidance:

مع تكرار تعرض محاولات التقرب من شريك الحياة للإخفاق يحدث للمبادر دائمًا بالعطاء والتودد ما يعرف بظاهرة “الامتصاص السلبي” وتتعلق هذه الظاهر بتراكم التأثيرات السلبية في تكوينه نفسه وقد يصعبه عليه الخروج منها مما يدخله في حالة ذهنية سلبية عادة يمكن تسميتها “الانقباض النفسي” فيعيش في حالة من الإرهاق الوجداني والمعرفي والجسمي، قد يصل معها إلى حالة الإحجام على العروض وتجنب الكشف عن الذات ربما رغبة في تجنب الصراعات والخلافات.

  • ميل إلى خفض معامل الاستثمار في العلاقة وزيادة التوجه إلى المقارنةInvesting less and comparing more:

ويحدث هذا الأمر عندما يبدأ شركاء الحياة في تقييم علاقتهم مقارنة بالبدائل الأخرى أو بحالات الآخرين، فيكون أمامهم مسارين إما الاستمرار في العلاقة بتعهد والتزام إذا كانت حالات المقارنة أسوأ منهم أو كانوا هم أفضل حالاً من الآخرين، أو قد يقل معامل الالتزام في العلاقة والميل إلى الخيانة النفسية حال كانت المقارنة مع حالات أفضل منها وحال أن كانت البدائل الأفضل يسيرة ومتاحة.

وعلى ذلك ربما يبدأ أحد شركاء العلاقة بين الشخصية في مقارنة الشريك السلبي بشريك حقيقي أو متخيل أفضل يتوقع معه الازدهار والراحة والابتهاج، مما يعني أنه في حالات ما كانت محاولات الاقتراب من الشريك الأساسي بعطاء عطافي غير مجدية، تبدأ المزايدة والاستثمار في ذلك الشريك تقل بالتدريج، مع ميل إلى الاستبدال بشريك يعوض ذلك الاحتياج الانفعالي وغيره.

  • بداية الشعور باعتماد أقل وميل إلى التقليل من التضحياتFeeling less dependent and making fewer sacrifices:

أشارت كاريل روسبلت Dr. CarylRusbult إلى أن معامل الالتزام في العلاقات بين الشخصية المتبادلة في سياق العلاقات الودية الرومانسية يزداد عندما تكون المقارنات إيجابية في صالح شريكي الحياة، والأهم أن مثل هذا الالتزام يزداد عمقًا وقوة بالتدريج، أما في حالة المقارنات ذات الطابع السلبي عادة ما يفضي إلى خفض معامل الالتزام بصورة تدريجية أيضًا إلى أن يتآكل في نهاية الأمر، وربما ينتقل إلى الجهة المناقضة وهي عدم الالتزام أو بالأحرى الخيانة الانفعالية أو النفسية.

ومن هنا يقع يقع الطرف المحبط نفسيًا والذي ربما تماوج في دوامة الانقباض النفسي نتيجة الخذلان وكسر الخاطر وجرح المشاعر ومظاهر التهميش والتجاهل في فقدان الثقة ومن ثم خفض معامل الاعتماد والتقليل من التضحيات التي كان معتادًا عليها، وربما الاندماج مع الآخرين والانفتاح عليهم والتصريح بتعبيرات عن الصفات السلبية لشريك الحياة.

  • الانهيار أم الاحتفاظ بالاعتزاز بالذات Trashing vs. cherishing:

ومع ميل أحد أطراف العلاقة بين الشخصية إلى تضحخيم الصفات السلبية لشريك حياته والتقليل من خصائصه الإيجابية تتكون بالتدريج ما يعرف بالمكونات الأربعة المهينة لأي علاقة وهي: الدفاعيةdefensiveness، النقدcriticism، الازدراء والاحتقارcontempt، والمماطلة stonewalling.

وأفاد جون جوتمان أن معامل التعهد الذاتي والالتزام الإرادي في العلاقات بين الشخصية يزداد ويقوي عندما تكون العلاقة قائمة على الاعتزاز والتواد والتقبل والذكريات الإيجابية المفعمة بالعرفان والامتنان، وفي حالة الافتقاد إلى مثل هذه المكونات بالغة الرقة والنعومة والإنسانية، يتم استبدالها مباشرة بما سماه جوتما التحدث عن القمامة والقاذورات النفسية (المتاعب، المشكلات، المنغصات، الآلام، الأحداث السلبية، الذكريات السيئة، الآراء غير السارة…الخ) سواء مباشرة أو أمام الآخرين أو الاثنين معًا.

  • الاستياء والوحدة في العلاقة Resentment and loneliness in relationship:

لا ريب أن ولوج شريكي الحياة في مسارات ما يعرف بحوض المطبخ والغرق في آون القاذروات النفسية يفضي إلى استبدال “العرفان والامتنان” ب “المرارة والأسى أو والوجع النفسي bitterness “.

ويعبر عن الاستياء والضيق بما يعرف بالاعتراض الصامت الذي ينقل رسائل مفادها التجاهل وعدم الاهتمام واللامبالاة، وعادة يتعزز هذا الأمر وفقًا لآلية المقارنات السيئة، مع اقتران ذلك بشعور قاسٍ بالوحدة بما يضعف العلاقة بالتدريج ومن ثم زيادة مشاعر الرفض وتفاقم الاحتياج الانفعالي للاحتواء.

  • إضفاء الطابع المثالي على العلاقات البديلةIdealizing alternative relationships:

خاصة مع تزايد الميل إلى عدم الاعتماد الانفعالي على شريك الحياة، وعدم التعويل على العلاقات معه لاشباع أو تلبية الاحتياجات الوجدانية، والتوجه نحو تقليل جهود الاستثمار في العلاقاته معه، يفضي كل هذا إلى إضفاء الطابع المثالي على العلاقات البديلة، والتفكير في مثل هذه العلاقات، بل وتكوين أفكار سلبية مضادة للعلاقة الأصلية مع شريك الحياة، الأمر الذي يؤذن بفتح نوافذ مشرعة على استبدالها بعلاقات فعلية أو مدركة أو على مستوى التمني.

  • السرية وتجاوز الحدودSecrets and crossing boundaries:

وتبدأ السرية بما يعرف بالاحتفاظ بالخصوصية في عديد من  الأشياء ربما بالتناقض في الأقوال واختلاق الأعذار وتجاوز حدود الثقة، مع توجه نحو تعزيز وتقوية العلاقات والتفاعلات مع الآخرين في تكتم وسرية تامة ربما لجسر حالة الفجوات الانفعالية، وربما بما يؤذن بإمكانية الوقوع في مستنقع الخيانة الوجدانية وربما ما هو أكثر من ذلك، ومع التمادي في هذا المستنقع تكتمل حلقات حالة الخيانة، بما يشكل معه بوابة ما يعرف بالغرق في مستنقع القاذروات فيما تم التعبير عنه بمصطلح “علاقات الغرق في المطبخ”، بما تؤشر له من فقدان للثقة، وبما يمهد لإمكانية الوقوع في دوامة اضطراب كرب ما بعد الصدمةPost Traumatic Stress Disorder.

  • المصدر:

Jinashree Rajendrakumar (2021). How Do Affairs Happen?. The Gottman Institute: https://www.gottman.com/blog/how-do-affairs-happen/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى