منام ساسان وأحفاده.. توارد صفحات التاريخ.. وفلسفة الرؤيا والمنام!

د. محمد السيد السّكي | استشاري تحاليل طبية وكاتب وروائي – مصر

عند التطرق للرؤى والاحلام تحلق أمام عيني عصافير تغرد متنقلة بين فلسفة علامات وجود الله، وحديث السماء الموصول بالأرض الخارج عن إطار النبوة والوحي، ومابين فلسفة توارد صفحات التاريخ وتعاقبها، بل ومتلازمة الملك والمنام..
ليس النبي يوسف – عليه السلام – وحده الذى تحققت رؤياه، فعلى مضي التاريخ يتواصل حديث السماء الموصول بالأرض مطمئناً ومحذراً ومبشراً ومنذراً ودالاً على وجود الله وقدرته جل علاه..
واذ أن النبي محمد – عليه الصلاة والسلام – انهالت عليه الرؤيا الصادقة لمدة ستة شهور قبل نزول الوحي عليه الذي استمر لمدة ثلاثة وعشرين عاماً، فإن الرؤيا الصادقة تمثل جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من النبوة..
وهنا فى حديثي ساورد بعض القصص التي كان فيها لساسان وأحفاده احاجي مع الرؤية والمنام :
يحضرنى حلم راّه ساسان الفارسي راعي الغنم الفقير الذي انحدر منه بعد ذلك ملوك الفرس من آل ساسان، لقد رأى ساسان انه يتبول ويخرج من بولته دخان يملأ الارض، وعندما قص ذلك لمفسر الأحلام الفارسي الكبير “بابك” ، اشترط بابك عليه شرطاً لكي يفسر له حلمه، وقال بابك لساسان ستلد ولداً يملك ما يملك من الدنيا، واشترط عليه ان ينسبه اليه ، وفعلاً ولد اردشير مؤسس دولة الساسانين الفارسية وحتى موت بابك كان يقال له أردشير بن بابك ..
ومن الغريب أن يعيد التاريخ نفسه بعد ألف عام تقريباً.. ففي عام 300 هجرية يحلم أبو شجاع البويهي الفارسي والصياد الفقير المنحدر من سلالة آل ساسان الحلم نفسه، فيفسره له أحد المفسرين بأن أبناءه الثلاثة سيكونون ملوكاً، فيتعجب أبوشجاع بل ويقتل الرجل، وما تلبث السنون حتى يؤسس أبناء أبي شجاع البويهي دولة البويهيين التي حكمت المسلمين كأول طائفة شيعية لأكثر من مائة عام، وقد كانوا في بدايتهم شيعة زيدية الا انهم غيروا كثيراً فى لعبة المعادلة وفكرة الصراع السني الشيعي ذو الإثنية الفارسية، بل وكانوا أداة ساعدت على طفو تيار أهل الحديث على سطح التاريخ السني كأولوية أولى كتيار مضاد، رغم أفول شمسهم أمام أهل الفقه وعلم الكلام لقرابة ثلاثة قرون ..
ما أعجب منام ساسان ذلك الذي توارثه أحفاده، والذي تنفس التاريخ حروفه واستجاب له، وكان الملك ملازماً له وقرينا !!..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى