مناقشة قصة الأطفال “نور العين” في ندوة اليوم السابع مقدسية

تغطية: ديمة جمعة السمان | القدس

ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية عبر تقنية زووم قصّة الأطفال “نور العين”للأديب الفلسطيني سهيل كيوان، الصادرة عام 2021 عن مكتبة كلّ شيء في حيفا ضمن سلسلة أغصان الزّيتون، وتقع القصّة التي صاحبتها رسومات للفنانة منار نعيرات، ومنتجها شربل الياس في 74 صفحة من الحجم المتوسط.

افتتحت النقاش مديرة الندوة ديمة جمعة السمان فقالت:

 كم كان جريئا الأديب الجليلي سهيل كيوان في طرحه للطفل مواضيع يصعب طرحها على الكبار أحيانا، وذلك من خلال قصته الموجهة للأطفال (نور العين)، القصة تتناول فكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، لإنقاذ حياة آخرين ممن تعطل أي عضو من أعضاء أجسامهم، وممكن استبداله وزرعه في أجسامهم للمضي في حياتهم والعيش بصورة طبيعية.

 موضوع في غاية الحساسية، يحتاج من الأديب أن ينزل إلى مستوى الطفل، ومن ثم يرتقي بفكره تدريجيا بأسلوب سلس لبق، إلى أن يصل إلى مستوى يتقبّله الطّفل، ولا يترك عنده أي أثر سلبي على نفسيته.

 يلجأ معظم كُتّاب قصص الأطفال إلى الحيوانات، فيتّخذونهم أبطالا لقصصهم، ليكونوا جسرا يتمّ من خلالهم تمرير رسائلهم. إلا أن الأديب كيوان استعان بدمية الطفلة رشا، التي تضررت عينها بعد سقوط قطرة من الغراء على عينها اليسرى، ولم تنجح الطفلة في فتح عين دميتها رغم كل المحاولات.

حزنت رشا كثيرا على دميتها المفضلة السمراء ذات الشعر الأجعد التي لا تفارقها ليلا ولا نهارا. فلجأت إلى جدها الذي أهداها هذه الدمية، فشكت له ما حصل لدميتها، حاول أن يطمئنها، وأعلمها بأنه سيهديها دمية أخرى، إلا أنها رفضت وتمسكت بدميتها الأولى. موقف نبيل وأصيل من طفلة صغيرة. وهنا يطرح كيوان بصورة غير مباشرة عدة “قيم” نسعى أن نزرعها في أطفالنا : “الوفاء” و ” الاخلاص” و ” الاحترام”.  إذ أن احترام الهدية والتمسك بها يدل على محبة واحترام من قدم الهديّة.

أمّا الحوار بين الحفيدة وجدها فقد كان لطيفا جدا، وزخر بمعلومات في غاية الأهمية دون إقحام. علمنا من خلاله أن جدّها فقد بصره نتيجة خلل في القرنية، منذ حوالي تسع سنوات وأنه ينتظر متبرعا له بقرنيته، كي يستعيد نظره، ويسعد برؤية حفيدته من جديد، فلم يستمتع برؤية جمالها منذ تسع سنوات، وهي الآن بلغت العاشرة من عمرها.

كما قدم الكاتب معلومات قيمة عن تاريخ بداية زرع الأعضاء المختلفة في جسم الانسان، كالقرنية والكلية والقلب.

 وهنا دخلت صديقتها ندى ابنة الطبيبة نور، التي طمأنت رشا وأكّدت لها أنها ستنقذ الدمية، فقد كان لديها دمية شبيهة تماما بدميتها، ولم تعد صالحة، فمن الممكن أخذ عينها وزرعها في مكان عين دمية رشا.

أحضرت ندى دميتها القديمة، وقامت الأمّ الطبيبة نور بعملية الزراعة، بعد أن أحضرت الأدوات اللازمة لذلك.

وتم اختيار غرفة في المنزل لإجراء العملية فيها. دخلت الطبيبة نور، واصطحبت معها أمّ رشا لمساعدتها. أغلقتا الباب، ولم تسمحا للطفلتين بالدخول إلى غرفة العمليات، وكأنها فعلا غرفة عمليات جراحية حقيقية في المشفى.

ركز الكاتب على حالة التوتر والقلق الذي مرت به رشا طيلة فترة العملية، وهي إشارة إلى وضع أسرة المريض النفسية وهو في غرفة العمليات، إلى أن يخرج الطبيب ويبشرهم بنجاح العملية. وهذا ما فعلته الطبيبة نور بعد أن تكلّلت عملية عين الدمية بالنّجاح.

كان الوصف موفقا جدا، عرّف الطفل على ما يجري في المستشفيات، وداخل غرف العمليات، كما وصفت طبيعة العلاقة بين الأطباء والمرضى وأسرهم.

كان الربط بين عين الجد وعين الدمية ذكيا جدا، قرّب الفكرة للطفل بصورة عملية ومقنعة جدا، وقد لخّص الكاتب دورة الحياة بفقرة جاءت في سياق حوار سلس جميل بين الجد وحفيدته، دون أي إقحام، إذ قال لها:

“اسمعي يا حبيبتي، هنالك أناسٌ نبلاءُ وطيّبونَ وكِرام جدّا، يُوَقِّعون على وصيّة، بأنّه إذا حان أجلُهُم، وتُوفّوا لأيِّ سببِ كان، فإنهم يوصون ويسمحون للأطباءِ بأخْذِ أيِّ عضوٍ من جسدِهِم، لزراعتِه في جِسْمِ مريضٍ في حاجَتِه، كذلك هناك من يتبرَّعون بأعضاءِ عزيزٍ عليهم فارق الحياةَ، وذلك لإنقاذِ مريضٍ، وهذا هو حالُ الدُّنيا، بعضُ الناسِ يرحلونَ، وبعضُ النَّاسِ يولدون، والبعضُ يمرَضُ، والبعضُ يتعافى، والبعضُ يُعَمَر طويلا، والبعضُ يقضي نَحْبَهُ في حادثِ طرقٍ أو حادث عمل، أو في مرضٍ مفاجىء، إنّها الحياة بكلِّ ما فيها من تقلّبات، وعلينا أن نكون راضين وسعداء في نصيبنا من هذه الحياة.”

وفي الختام، لقد وفّق الكاتب أيضا في اختيار أسماء شخوصه، بشكل يتناغم مع أدوارهم: الطبيبة نور، والتي أطلقت عليها رشا اسم نور العين، لأنها أنقذت عين دميتها.

وندى ابنة الطبيبة، التب بلّت ريق صديقتها رشا باقتراحها، وبتقديم عين دميتها لإنقاذ دمية رشا.

والجد سميح، الذي أشعرنا الكاتب من خلال وصفه، عن مدى سماحته وتعاونه، وأنه لم يكن عالة على أسرته على الرغم من أنه كان فاقدا لبصره، إلا أنه كان يخدم نفسه بنفسه.

ورشا، الاسم الناعم الذي تماشى مع نعومة الطفلة رشا.

لا شك أن قصة ” نور العين” هي إضافة نوعية لمكتبة الطفل العربية، وأنصح بدخولها المدارس، إن كان هناك توجها حقيقيا نحو نشر ثقافة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة.

وقال جميل السلحوت:

ولد الأديب سهيل كيوان عام 1956في قرية مجد الكروم في الجليل الفلسطينيّ الأعلى، ويعيش فيها، وهو كاتب معروف صدرت له مؤلّفات في القصّة القصيرة للكبار وللأطفال، وفي الرّواية والمسرحيّة. كما يكتب المقالة السّياسيّة والأدبيّة.

في قصّته “نور العين” الموجّهة لليافعين”، يطرح الأديب كيوان قضيّة زرع الأعضاء البشريّة على طاولة القصّ للأطفال، وهذه قضيّة في غاية الأهمّيّة، حيث تنقذ أرواحا بشريّة، وكي يقرّب الكاتب قضيّة زرع الأعضاء لذهن الأطفال، فقد اختار لذلك دمية سقطت على عينها نقطة”غراء فأغلقتها، وتدور أحداث القصّة إلى أن تنتهي بزراعة عين جديدة للدّمية من دمية أخرى مهترئة، ولم تعد صالحة للإستعمال. ولم تأت الدّمية المهترئة في القصّة عبثا، بل جاءت كمعلومة أنّ التبّرّع بالأعضاء البشريّة يكون ممّن هم على فراش الموت، ولا مجال لشفائهم. وطبعا هناك سليمون صحّيّا يتبرّعون بعضو له بديل في جسم الإنسان، كأن يتبرّع شخص بإحدى كليتيه لعزيز عليه.

وورد في القصّة تأريخ لبدايات زراعة الأعضاء البشريّة، ففي عام 1905 نجحت زراعة قرنيّة للعين في جمهوريّة التشيك، وفي العام 1954 نجحت زراعة كلية في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وفي العام 1964 نجحت زراعة قلب في جنوب افريقيا.

وردت في القصّة معلومات مفيدة للأطفال كأجزاء العين “منها الشّبكيّة، والحدقة، والقزحيّة والقرنيّة وغيرها.

وقد أبدع الكاتب عندما جعل طبيبة العيون تنقل عين الدّمية المهترئة، إلى دمية الطفلة رشا، وبهذا أوصل للأطفال معلومة أنّ من ينقل الأعضاء هو الطّبيب المختصّ فقط، وفي غرفة عمليّات خاصّة دون مشاركة ذوي المريض، كما أبدع بوصف القلق الذي ينتاب ذوي المريض وهم ينتظرون خارج غرفة العمليّات.

تهدف القصّة إلى تنمية روح التّبرّع بالأعضاء البشريّة لإنقاذ حياة مرضى، أو مساعدتهم على الشّفاء من أمراض وأوجاع تنغّص عليهم حياتهم.

استخدم الكاتب أسلوب السّرد القصصيّ الإنسيابيّ، واستعمل الخيال المحبّب للأطفال، ليوصل لهم أهمّيّة التّبرّع بالأعضاء لإنقاذ حياة البشر.

وكتبت صباح بشير:

سبق لي أن قرأت للكاتب العديد من المقالات وروايتين هما: “المفقود رقم 2000” و “بلد المنحوس”، وقد صدرَ لهُ سابقا عدَّة مجموعاتٍ قصصيَّة للأطفال لاقت نجاحا واسعا. وعن قصة “نور العين” فهي تشكل إضافة نوعيّة لمكتبة أدب الأطفال في فلسطين، فهي جاذبه بأسلوبها وقوة رسالتها، انفردت بميّزاتٍ قَلما تتوفر في الأساليب التربوية الأدبية الأخرى، ومفادها هو تثقيف وإطلاع الصغار على أهمية التبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة المرضى، هذا الموضوع الإنساني الهام الذي لم يتم التطرق إليه سابقا على مستوى الادب بشكل عام.

العنوان: “نور العين” الاسم الاول والثاني يحيلان الى بعضهما البعض ويؤثران في صياغتهما معا، مما يكسب العنوان وظيفة دلالية هامة، فالتسمية هنا لم تكن عبثية، إنما تدفع القارئ لوضع يده على دلالة مكثفة، وتخلق لديه انطباعا أوليا عن النص.

الفكرة: القصة الجيدة للأطفال هي التي تحمل الفكرة الإيجابية وتدعو إلى الخير والفرح، الحق والجمال، في “نور العين” لم تكن الفكرة ساذجة أو مُغرقة بتفاصيل زائدة، فقد جرت الأحداث في إطار التبرع بالأعضاء والإيثار، لذا لم تنطلق الوقائع بشكل عشوائي، ولم تتصرف الشخوص اعتباطاً، بل كانت تستهدف بتعبيراتها فكرة العمل الأساسية التي استمدت موضوعها من عالم الطفل (الدمية) وعالجت ما يصبُّ في نطاق اهتماماته.

  الأحداث: دارت الأحداث بتسلسل وترابط في إطار فنيّ محكم ونسيج بنائي متناسق، ثم تأزمت المشكلة ليجد القارئ نفسه في شوقٍ للعثور على الحل المناسب، فبعد أن قررت الطفلة رشا أن تُفَصِّل قبعة لِلُعبَتِها الصغيرة، أرادت إلصاق الأوراق ببعضها البعض، فسقطت قطرة من الغراء على عين الدمية اليسرى، والتصق جفنا عين الدمية ببعضهما، فحاولت رشا معالجة الأمر لكنها لم تتمكن من ذلك لأن الغراء كان قد جفّ بسرعة، ثم توجهت الى جدّها الكفيف لتشكو له ما حلّ بها، وهو الذي ينتظر متبرّعا بقرنية لعينه، وخلال الحديث الذي دار بينهما حضرت صديقتها ندى برفقة والدتها الطبيبة نور، فتبرعت ندى بدميتها القديمة للاستفادة من عينها التي نقلتها وزرعتها نور مكان عين الدمية التي تلفت من الغراء.

البناء والحبكة: قامت الحبكة على حوادث ومواقف بسيطة واضحة غير مفتعلة، وتم ترتيب الأحداث وتطويرها في تسلسل طبيعي متماسك بأجزائه وبنائه.

الشخصية: رشا، الجد، ندى، الطبيبة نور، اتسمت هذه الشخوص بالإيجابية وكانت مألوفة وقريبة إلى الطفل، مقنعة ومشبَعَة بالأخلاق، اتصفت بالتعاون وحبِّ الخير والإيثار، وقد جُسِّدَت الأدوار بشكل مؤثر لدفع المتلقي الصغير لاتخاذ موقف عاطفي وفكري إزاء ما قرأ.

البعد النفسي والسلوكي: تم التركيز على تشغيل الحواس ليظل القارئ الصغير منجذبًا إلى النص وتتكوَّن لديه بعض الميول والاتجاهات الإيجابية، كالتعاون، الايثار، احترام الغير، مساعدة الاخرين، التطوع، التبرع وغيرها من المعاني السامية، ظهر ذلك واضحا من تصرفات الأبطال، سلوكهم ورغباتهم، أفكارهم ومشاعرهم المختلفة (هدوء، انفعال، حزن، ترقب، قلق، فرح) وتمت الاشارة إلى يوم المرأة العالمي (صفحة 9) الذي صادف في يوم ميلاد البطلة رشا، وهذه لفتة ذكية للنفاذ بالنص إلى غرس القيم الانسانية الخاصة باحترام المرأة وترسيخها في فكر الطفل وسلوكه، كما تم التطرق لموضوع المحافظة على الهدية واحترامها وتقدير من قدمها لنا (صفحة 16).

 الأسلوب: هذه القصَّة إنسانية تعليميَّة تثقيفيَّة بامتياز، كُتِبَت بلغةٍ فصيحة جميلة جزلة، وبأسلوب أدبيٍّ منمَّق وتراكيب سلسلة وعبارات بسيطة مستقاة من قاموس الطفل اللغوي، وأهمُّ ما يُمَيِّزُها أنها غير مُمِلّةٍ وغير متعبة لقارئِهَا لاحتوائها على عنصر التشويق الذي يدفع إلى متابعة القراءة والاستمتاع بها، كان النص خالياً من التعقيد، بعيدا عن التكلُّف.

الخصائص الفنية: احتوى هذا العمل على بعض الرُّسومات الفنية التي جسدت الأحداثَ لتجعل منها مشاهد حيَّة أمام أعين الأطفال، تجذب حواسهم وتدمجهم معها، تثير خيالهم وتربط أفكارهم، أما حجم الخط فكان مناسبا بما يكفي لتحقيق الوضوح والمتعة للقارئ.

البعد التربوي: قُدرات الأطفال لا حدود لها وإشراكهم أساسيٌ لبناء المستقبل، وهذا لا يتم إلا بتثقيفهم وتزويدهم بالمعرفة وإثراء ذاكرتهم الثقافية، لذا فهذه القصَّة تستحقُّ أن توضعَ في المكتبات نظرًا لقيمتها الأدبيَّة والتثقيفيَّة، ونجاحها من الناحية الفنيَّة والذوقيَّة. أما مضمونها فقد جاء بشكل تلقائيٍّ عفويّ، ليعبّر عن مَقْاصِد ودَلاَلَات تربوية هادفة بَنّاءة، تغرس القيم والسلوكيات الإيجابية في نفوس الصغار، وتساعدهم على اكتساب اللغة ومهارات القراءة.

أخيرا.. فالكتابة للصغار تتطلب موهبة خاصة ومقدرة للوصول إلى عالمهم، وتوفير المعلومة وتبسيطها لهم بشكل فني بسيط، يبهجهم ويساعد على تطويرهم، وكل ذلك مما سبق وأكثر يًتَوَفر لدى الكاتب سهيل كيوان، الذي طرق هذا الباب الإنساني، واستنفر ثقافته ولغته لخلق نص جميل تفرَّد به.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

تثير القصة في القارئ مشاعر الإنسانية وحبّ مساعدة الآخر، ومدى حجم سعادة المريض الّذي يجد من يتبرع له كما حدث للطفلة رشا وسعادتها بعد زراعة القرنية لدميتها ،التي تلفت عينها اليسرى بسبب قطرة غراء.

في”نور العين”اختار الكاتب سهيل كيوان،تمرير أهمية التّبرع بالأعضاء، وتثقيف الطفل بأُسلوب جميل سلس وممتع، من خلال الطفلة الذكية رشا التي وجدت الحلّ لمشكلة دميتها بمساعدة صديقتها ندى، ونقل القرنية من دمية صديقتها لدميتها، وقد أبدع الكاتب في تصوير مشهد عملية زراعة القرنية وتصوير حالة القلق التي انتابت الطفلة رشا.( أسرعت وأسرعت)(شربت الماء البارد)تساؤلات رشا حول العملية، ووصف الدّقائق كأنها نصف ساعة. كما أبدع في إيقاظ حواس الطفل وإثارته وجذبه من خلال انفعالات الطفلة رشا، سواء عند انتظار نجاح العملية أو عند محاولة رشا معالجة عين دميتها، حيث برزت الحركة في القصّة، الأمر الّذي يثير بصر الطفل إلى الحركات المختلفة، مثال على ذلك:ك رّرت الفعل أسرع عدّة مرّات(أسرعت رشا للبحث في مكتبتها.

فأسرعت إلى المطبخ، وأسرعت إلى الدّمية فأسرعت وأحضرت ورقة).

 وأبدع في تكوين الصورة الذهنية من خلال الحوار الجاري بين الشخصيات حيث  المشاعر الإنسانية والمعلومة الطبية وتاريخها.

مرّر الكاتب عدّة رسائل من خلال هذه القصة منها: الحفاظ على النظافة،م ن خلال مشهد رمي الأوراق في سلّة المهملات.

أهمية التّفكير لإيجاد الحلّ.كما فعلت رشا.

العلم مفتاح الفرج. فمن خلال العلم والتطور تمّ التّوصل لزراعة القرنية.

أهمية شرب الماء.الصحة أغلى ما نملك، وإنّ مسألة التّبرع بالأعضاء ليست هينة بسبب صعوبة إيجاد المتبرع بسهولة، كما هو الحال عند الجد الّذي ينتظر المتبرع.

التّحلي بالصبر خاصة عند الأزمات وشكر الله على نعمه، والإصرار وعدم الاستسلام من أجل الحصول على الهدف،كما فعلت رشا حين أصرت أن تجد  الحلّ لتلف عين الدّمية.

وقالت روز اليوسف شعبان:

تتحدث القصّة عن فتاة اسمها رشا تحبّ دميتها التي أهداها لها جدّها في عيد ميلادها والذي يصادف يوم المرأة العالمي(8 آذار). وحين كانت رشا تفصّل قبعة لدميتها، سقطت نقطة من الغراء على عين الدمية اليسرى والتصقت بها. حاولت رشا إزالة الغراء بكل الطرق لكن دون جدوى. ثم اقترحت عليها صديقتها ندى أن تتبرع للدمية بعين دميتها القديمة، وقامت الدكتورة نور والدة ندى بإجراء عملية زرع العين للدمية.

فعاد الفرح إلى قلب رشا.

المواضيع المذكورة في القصّة( المضامين):

 أهميّة وضرورة التبرّع بأعضاء الجسم؛ لتتم زراعة هذه الأعضاء لمن يحتاجها.

يذكر الكاتب أن هناك العديد من الأشخاص يوصون بالتبرّع بالأعضاء السليمة في أجسادهم لمن يحتاجها وذلك  بعد وفاتهم. وهناك  الكثير من الناس الذين يتبرّعون بأعضاء أولادهم بعد وفاتهم بشكل فجائيّ أو نتيجة حادثة أو مرض. مع ذلك يجب زيادة الوعي أكثر لدى الناس، وتشجيع هذا العمل الإنسانيّ الذي من شأنه أن ينقذ حياة الكثير من المرضى. فجدّ رشا في القصّة ينتظر بفارغ الصبر متبرّعا ليتبرع له بقرنيّة من عينه حتى يعود إليه بصره.

الموضوع الثاني الذي يتطرق إليه الكاتب بطريقة غير مباشرة هو عدم التمييز باللون والبشرة بين الناس، لذا نراه يختار لرشا دمية سمراء لها شعرٌ أسود أجعد وعينان عسليّتان، في حين كنا نشاهد سابقا غالبية الدمى شقراء زرقاء العينين. وهذه لفتة جميلة من الكاتب.

يذكر الكاتب أيضًا أن الأكفّاء لهم دور مهم في الحياة، ويقدّمون خدمات جليلة، منها مثلا مكتبة المنارة العالمية المحوسبة التي أعدّها مجموعة من المكفوفين، والتي تُعدُّ أوّل مكتبة عربيّة تمّت ملاءمتها للمكفوفين بطريقة برايل.

بيّن لنا الكاتب أنّ  جدَّ رشا الكفيف يعتمد على نفسه، ويعتني بنفسه ولا يطلب مساعدة من أحد. وهذه إشارة من الكاتب إلى أهميّة الإيمان بقدرات الأكفّاء، وإعطائهم الثقة والتشجيع والدعم المعنويّ.

موضوع آخر هامّ هو أهميّة التغذية السليمة: وقد تحدّثت ندى عن أسباب تفضيلها للماء وعدم شربها العصائر، التي تباع في الحوانيت، فهي ليست طبيعيّة وتحتوي على الكثير من السكر والمواد الحافظة المضرّة بالصحة.

القيم التي وردت في القصّة:

العلاقة الجميلة بين الجد وحفيدته رشا، وأهميّة الجدّ في حياة الأحفاد.

الحفاظ على الهديّة، فهذا من شيم الأوفياء المخلصين. يقول الجدّ:” علينا أن نقدّر كلّ هدية تُقدّم لنا، مهما كانت متواضعة، فمن يقدّمها لنا يعبّر بذلك عن حبّه وتقديره لنا”

قيمة العطاء والتبرّع بالأعضاء من أجل إنقاذ حياة المرضى. وهذه فكرة جديدة  لم يتطرّق إليها الأدباء في أدب الأطفال. من هنا أحيّي الكاتب على هذه الفكرة  الهامّة التي راقت لي جدّا.

قيمة الصداقة: فقد كانت ندى صديقة حقيقيّة لرشا، وقفت معها وقت الضيق، وتبرّعت بعين دميتها القديمة، وأعطتها الكثير من الأمل والحبّ.

قيمة التفاؤل والأمل: فبدون الأمل والتفاؤل لا يستطيع الإنسان تحقيق أحلامه وطموحاته.

لغة القصّة:

اللغة سهلة قريبة من الطفل تكاد تخلو من المحسّنات البلاغية.

استخدم الكاتب مثلًا شعبيّا:” الصحة تاج على رؤوس الأصحّاء لا يراه إلا المرضى” (صفحة11).

كما تميّزت اللغة بالحوارت العديدة بين الجد ورشا وبين رشا وصديقتها ندى ووالدتها الطبيبة نور.

في النهاية

القصة جميلة بفكرتها الجديدة وهي التبرّع بالأعضاء، كتبت بأسلوب شائق وبلغة بسيطة سهلة. تزخر القصة بعدّة قيم، وتسلّط الضوء على العلاقات الجميلة بين الجد وحفيدته.

تنتهي القصة بأمنية الجد بأن يجد متبرّعا لقرنيّة عينه حتى يتمكن من رؤية رشا ورؤية الشمس والسماء والمطر، ويقرأ ما يصله من رسائل.

كنت أتمنّى أن تشارك رشا جدّها في أمنياته، وتشحنه بالأمل والانتظار حتى يجد  متبرّعًا لقرنيّة عينيه.

وقالت رائدة أبو الصوي:

قصة عميقة بفكرتها الرئيسية، فكرة غير مستهلكة، ما احوجنا هذه الايام الى زرع بذور المحبة والعطاء في الاجيال القادمة، مع تغلغل الأنانية والطمع والجشع الى قلوب الكثيرين . في القصة

استطاع الكاتب سهيل كيوان تسجيل هدف في مرمى أدب الأطفال، الفكرة التي أراد الكاتب توصيلها للطفل وصلت.

حبذا لو أطلق الكاتب اسما معينا على دمية رشا.

الدمية تعني الكثير لرشا، في دنيا وعالم الأطفال هناك دوما نوع من التعلق بشيء معين كدمية أو شخص معين أو حيوان أليف.. إلخ.

في قصة نور العين تطرق الكاتب إلى أهم أعضاء الإنسان، من خلال استعراض قصة الجد سميح وفقدانه لبصره، وانتظار متبرع له بقرنية، في القصة وضع للطفل في حالة انتظار عند اجراء عملية زراعة العين في الدمية، وكيف أن العين المزروعة أخذت من دمية مهترئة.

لا ضرر ولا ضرار  . انفع اخاك بشيء لا يضرك بالعكس عمل طيب يحسب لك .

بالنسبة لاخراج العمل الأدبي القصة تفتقر للرسومات، حبذا لو رافقت القصة رسومات ناطقة مثيرة للأطفال .

صورة الغلاف واحتضان رشا لدميتها وقنينة الغراء والشاش فيه دلالة واضحة إلى محتوى القصة.

برزت في القصة علاقة الطفلة رشا مع الآخرين،علاقتها الطيبة مع جدّها، علاقتها مع صديقتها، علاقتها الجميلة مع دميتها، علاقتها مع المدرسة.

برزت شخصية ندى الصبورة، الذكية، الواعية، هوي التي تنصح صديقتها رشا وتفيدها بالمعلومات.

مرّر الكاتب معلومة علمية طبية حول زراعة العين، وكذلك مصطلحات متعلقة بالقرنية. وذكر الأدوات الطبية المستخدمة في المشفى بصورة تصويرية.

استخدم الكاتب في سرده الشفاف المقنع  الوصف، حيث وصف الدمية، وصف مشاعر الجدّ في انتظاره لإيجاد المتبرع، وصف شخصية رشا الذكية والمثقفة والواعية، وصف حالة التوتر والقلق عند رشا في انتظار انتهاء العملية للدمية. أمّا الحوار فقد جاء باللغة الفصحى، وكشف عن عمق العلاقة بين الجد وحفيدته رشا.

 وقد استشهد بالمثل المتعلق بالصحة”الصحة تاج على رؤوس الأصحاء،لا يراه إلا المرضى”.

اختار الأسماء رشا وندى وفيهما موسيقى، كما احتوى السّرد على روح الدّعابة. وانتهت القصة بالسعادة والأمل ممّا يبعث في نفوس الأطفال الراحة.

وكتبت دولت الجنيدي:
قصة نور العين للاديب سهيل كيوان قصة تعليمية تثقيفية تطرح قضية زرع الأعضاء للمرضى المحتاجين لها بأسلوب سلس سهل يفهمه الاطفال.

تبدأ القصة مع رشا وجدها سميح الذي أهداها لعبة أحبتها كثيرا. ولكنها أثناء الصاق قبعة فصلتها لها من الورق سقطت نقطة غراء على عين اللعبة، ورغم محاولتها اصلاحها بعدة طرق لم تفلح ذهبت لتشكو لجدها الكفيف الذي يعتمد على نفسه في كل شيء. يتحسس طريقه بعصاه، يمشي بثقة كبيرة، ويستمع الى القصص والروايات الصوتية من مكتبة المنارة العالمية التي تبث برامجها من خلال الانترنت. ويعرف الكتاب والصحفيين والمدرسين، كثيرا ما يتصل بالاذاعات ليشارك برأيه في موضوع ما في برامج الحوار، يخدم نفسه بنفسه دون مساعدة أحد ولكن عند الاضطرار ينادي على رشا لتساعده، وفي هذا كله دروس وعبر.

وندما سألت رشا جدها اخبرها انه يحتاج لزراعة قرنية وينتظر متبرع ليحصل عليها فهّمها أن من يتبرع بالقرنية هم أناس كرماء شرفاء، لايتوقعون شفاء من مرضهم يتبرعون بأعضائهم بعد موتهم، وأن هناك أناسا يتبرعون بأعضاء عزيزعليهم فارق الحياة لانقاذ مريض. وأفهمها أن علم زراعة الأعضاء علم قديم. وبعد عدة تجارب فاشلة انتشرت زراعة الأعضاء للمرضى في مجالات مختلفة في عدة دول ذكرها لها. وعندما دخلت ندى صديقة رشا ووالدتها الطبيبة نور ورأت ماذا حصل لعين لعبة رشا، أحضرت لعبتها المهترئة، ولكن فيها عين سليمة نقلتها والدتها الطبيبة لعين لعبة رشا بعملية أعدت لها كل شيء ضروري للعملية كما تعمل مع البشر، ولم تترك معها في غرفة العملية سوى الممرضة المساعدة جمانة. والآخرون ينتظرون في الخارج كما يفعل أهالي المرضى ينتظرون بقلق أثناء عمليات اأبائهم حتى نهاية العمليات. ودون ازعاج الطاقم الطبي.

يتعلم الاطفال من هذه القصة اشياء كثيرة:

أولها أهمية التبرع بالأعضاء وفائدتها للمرضى. زأن من شيم الأوفياء احترام الهدية كما أحبت رشا اللعبة هدية جدها.

محاولة الطفل أن يكتشف بنفسه ويحاول مساعدة نفسه كما فعلت رشا مع اللعبة.

التعريفبأنه يوجد مكتبة صوتية تبث برامج من خلال الانترنت للأكفاء.

كون الانسان كفيف يجب أن لا يعيقه شيء عن القيام بواجبه وسميح جد رشا مثال على ذلك.

أن أعضاء الإنسان لا تقدر بثمن ولا تشترى من أي مكان لذلك يجب أن نصونها ونحافظ عليها. وانه لا يمكن لأحد ان يتخلى عن قرنيته أو أعضائه لأحد آخر لأن المتبرعين عادة هم المرضى الميؤوس شفاؤهم يتبرعون بها بعد الموت. وأن هناك أناسا يتبرعون بأعضاء أحبائهم اذا فارق أحدهم الحياة، وذلك لإنقاذ حياة مريض. يتعلم الأطفال أجزاء العين من قرنية وشبكية وقزحية وغيرها.

 لا يعمل العمليات إلا الأطباء المختصون.الطبيب المختص والممرضة المساعدة في غرف عمليات خاصة لا يدخلها أهالي المرضى الذين عادة ينتظرون في الخارج متوترين قلقين. وانه يجب أن لا يزعج أهل المريض الطاقم الطبي..وأن يجلسون بهدوء يدعون بالنجاح. وأن  الوقت يمر بطيئا عند الانتظار بقلق وتوتر ويمر سريعا في حالات الفرح والسرور.إن تشجيع الأهل لهوايات أطفالهم يشجعهم ويسعدهم كما أثنى الجد على هواية رشا لتصميم الأزياء. إن الماء ضروري للإنسان عكس العصائر الصناعية، ولكن العصير الطبيعي مفيد، كما أخبرت الطبيبة رشا عندما طلبت منها الماء. أن لا يُفتح باب أحد حتى يأذن بذلك مثلما فعلت رشا حينما أذن لها جدها بالدخول.ايتعلم الأطفال الكلام الجميل والوصف الجميل مثلما وصف الجد حفيدته رشا ووصف الطريق والأزهار ورائحتها.

وكتبت فاطمة كيوان:

أعشق الأدب عامة وخاصة قصص الأطفال، وكم كنت أفرح وأنا أقلب صفحات القصص، وأقرأ النصوص قبل تدوينها وحفظها في الحاسوب، ولكن هناك قصص تستوقفك من حيث النص والمضمون والرسالة والرسوم وتأخذك معها.

هاذا هو الحال مع قصة نور العين لسهيل كيوان، فالعنوان ملفت جدا ونحن نستعمله بالمحكية للإطراء على أحد أبنائنا أنه بمثابة “نور العين لنا” لمكانته  في القلب. لكن  النور في القصة جاء بمعنى الضوء. والنور هنا اسم للطبيبة التي أعادت لدمية الطفلة رشا العين وهو بمثابة النور.

القصة تتحدث عن طفلة أفسدت إحدى عيني دميتها وهي تحاول صناعة قبعة لها، فوقعت نقطة غراء على عين الدمية وأقفلتها. ومن شدة حبها للدمية التي أهداها إياها جدها حاولت انقاذها باستبدال العين المصابة.

جاء  ذلك بحبكة وسرد للأحداث بسلاسة وبساطة وترابط بالأفكار والصور، ليدخل لعالم  الطفل فكرة جديدة في الأدب وهي “زراعة الاعضاء”. وهي الفكرة المركزية في القصة.

في القصة إشارات عديدة ذكية من الكاتب منها المعلوماتية البحتة، ومنها العاطفية الوجدانية التي بحثت موضوع السلوك وموضوع القيم .

من الإضاءات المعلوماتية التي وردت في النص:

معلومات حول سنوات وتواريخ بداية عمليات زراعة الأعضاء وفي أيّ بلدان، 1905 بتشيكيا أول زراعة قرنية.

1954 في أمريكا زراعة كلية وفي 1964 أول عملية لزراعة قلب في افربقيا.

كذالك معلومات حول أجزاء وتركيب العين من “شبكية، قرنية، قزحية،حدقه.”

أيضا معلومات بأن الطبيب المختص والجراح  فقط هو المخول بعمليات النقل والزراعه للأعضاء.

معلومات حول استعمال الأجهزة والأدوات الطبية، وضرورة وجودها بالمنزل مثل المعقم  الكمامات، شاش أبيض.

ذكر عيد المرأة العالمي في 8 آذار الذي تصادف مع عيد رشا.

جاء في القصة بعض القيم والسلوك والمشاعر منها:

احترام الكبير خصوصا الجد . ومساعدته كونه ضرير وبحاجة للمساعدة.

الهدية المختلفه ذات شعر أسود أجعد ، بشرة قمحية، توصيف للاختلاف”جميلة رغم ان عينها تلفت” احترام المختلف.

قضية قيمة الهدية( اللعبة)، والمحافظة عليها كونها من الجد وهذا تعليم للأطفال قيمة الاخلاص والوفاء.

قيمة الشكر وأهميته وأنه واجب وحق لفاعل الخير ولمن يقدم المساعدة .

قيمة العطاء تبقى أهم شئ بحياتنا حتى ونحن على فراش الموت نستطيع انقاذ آخرين بمنحهم أعضاء من أجسادنا.

أمّا النواحي النفسية فالكاتب رمز لموضوعين هامين التفاؤل والتشاؤم والخوف والتوتر من خلال توصيف جميل لوقت العمليةن وما ينتاب المعالج والطبيب من توتر وخوف والأهل في قاعة الانتظار معا.

نهاية القصة سعيدة . بوجود الكنافة وتحمل الأمل الممزوج بالألم فيها تذكير لوضع الجد الذي يأمل إيجاد متبرع له  بقرنية، ليعود إليه بصره، ويرى السماء والشمس والمطر والغابات ووجه الحفيدة وقراءة الرسائل.

وكتبت رفيقة عثمان:

هدفت القصّة إلى إعادة واستحضار التاريخ، وأمجاد المكان والزّمان، كذلك أهميّة برتقال يافا وتميّزه عن باقي البرتقال بجودة نوعيّته، وتعريف الأطفال على أنواعه المختلفة؛ خاصّةً البرتقال الشّمّوطي. تعتبر قصّة “برتقال يافا” قصّة ذات أفكار قيّمة؛ لكنّها مكثّفة في أحداثها وازدحام معلوماتها وصعوبة لغتها؛ لتقديمها للأطفال ما دون العاشرة، من الرّسومات تبدو بأنّ هذه القصّة مُقدّمة للأطفال. في هذه القراءة تناولت إبراز عنصر العاطفة بالقصّة، وتأثيرها على نفسيّة الأطفال؛ حيث طغت العاطفة الحزينة على القصّة في عدّة مواقف: اوّلا عندما هدمت أمواج البحر، القصر الرّملي الّذي بنته الطّفلة رانية بمعيّة جدّها سليم، بعد أن استمتعت كثيرًا في بنائه بصحبة جدّها. برأيي هذه الفكرة كانت غير مُوفّقة؛ نظرًا لإكساب الشعور بالإحباط والغضب عند الأطفال عندما تمّ هدم القصرالرّملي بسهولة بواسطة موج البحر؛ ممّا كان له الأثر النفسي السّلبي على نفسيّة الطّفلة رانية. كما نعلم بأنّ الأطفال يتماهون مع شخصيّة البطلة، ممّا يعكس الشعور بالحزن لديهم.

من الممكن الاستفادة من حدث الهدم باستغلال الفرصة، من قِبل الجد بالشرح حول هدم البيوت الفلسطينيّة التي تمّ تدميرها بعد النّكبة، وأن يبعث الأمل في نفوسهم بالبناء من جديد، عند الهدم تزداد العزيمة بالبناء وعدم الاستسلام. ( هذا لو كانت القصّة مُوجّهة لليافعين). الحدث الثّاني المؤلم وله الأثر النفسي غير المُرضي، عندما روى الجد عن وفاة أبيه بعد العودة إلى يافا بالتّسلّل، وتمّت مصادرة بيّاراته وسفنه بعد التّهجير ووفاته بنوبة قلبيّة جرّاء ذلك؛ بينما الحدث الآخر المُحبِط أيضًا، وله الأثر النفسي وتسبّب الحزن في نفسيّة الأطفال، هو سرقة اللّصوص للدّبّوس الذّهبي الّذي يحمل شعار ماركة البرتقال الشّمّوطي الّذي ورثه الجد سليم عن أبيه، والّذي احتفظ به في صندوق مقتنياته؛ والحدث الأخير الّذي بعث الحزن أيضًا في نفسيّة الطّفلين رانية وتامر، عند وقوع الجد سليم مغشيًا عليه وأخذه للمستشفى للعلاج؛ بسبب فقدانه للدّبوس الذّهبي بعد سرقة اللّصوص له.

 ظهرت عاطفة الفرج لفترات قصيرة، عندما بنت رانية القصر الرّملي، ولكن تلاشت الفرحة سريعًا بعد أن هدمها الموج؛ كذلك بدت الفرحة والسّعادة من علاقة الجد للأحفاد، ولكن هذه الفرحة لم تدُم؛ بسبب إغمائه ونقله إلى المستشفى، فرح الأطفال عندما عرفوا عن الدّبوس الذّهبي الّذي حفظه الجد، لكن هذه الفرحة اختفت، عندما سرق اللّصوص هذا الدّبّوس. ممّا سبق، نلاحظ بأنّ العاطفة الحزينة هي الغالبة، ومن أهم عناصر القصّة هي إدخال الفرح على قلوب الأطفال، وعدم إثقال همومهم وما لا تحتمله قدراتهم النفسيّة والعقليّة.

   على الرّغم من النوايا السّليمة للكاتبة؛ بعرض الأهداف المنشودة من تمجيد القديم، واستحضار التّاريخ للرّواية الفلسطينيّة؛ إلّا أنّها تناولت عدّة أحداث مكثّفة بعيدة عن مدارك الأطفال دون سن العاشرة، ومن الأفضل تناول حدث أو قضيّة واحدة، في قصّة واحدة والتركيز عليها؛ بدلا من إقحام عدّة أحداث دراميّة في قصّة واحدة.

برأيي تلائم هذه القصّة الأبناء اليافعين، بعد إجراء التعديلات اللّازمة، من التركيز على محور واحد فقط والتوسّع به، مع الاهتمام في إدخال عنصري التشويق والخيال. تبدو اللّغة مناسبة لفئة اليافعين، من سلاستها وإثرائها بالقاموس اللّغوي. إنّ تناول موضوع الهجرة أثناء النّكبة، والرّواية الفلسطينيّة، هامّ جدّا، هذا الحدث يحتاج لقصة منفردة؛ لتعطيه الكاتبة حقّه من السّرد والتفصيل.عنوان القصّة “برتقال يافا” يحمل في طيّاته أهميّة برتقال يافا قبل النّكبة، وهو رمز يشير إلى الرّواية الفلسطينيّة، وأمجاد يافا وعظمة تجارتها، وتصديرها للبرتقال إلى بعض الدّول الأوروبيّة. من الممكن تأليف ثلاث قصص من هذه القصّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى