أبحاث علمية لمكافحة الكورونا

أ.د. عبد الناصر توفيق – جامعة النيل

لم يحدث أن أجبر ثلث البشر علي البقاء في بيوتهم لأسابيع متتالية كما يحدث الآن. وأيضا لم يحصل أن توحدت البشرية في المعاناة وأيضا في الرجاء – علي حد سواء – كما هي اليوم. كذلك لم يحدث أن اهتم البشر بعلم ما كما هم اليوم يتطلعون وبشغف إلي ما قد تجود به عقول الأطباء والمهندسين والعلماء لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد.

لأجل مكافحة انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، تتعاظم جهود الأطباء نحو اختراع أدوية جديدة أو لإعادة استعمال أدوية أخرى. وتتكامل معهم جهود المراكز البحثية الطبية لإيجاد لقاحات للوقاية من الإصابة بهذا المرض الخطير. وهذا هو الهدف الأهم وهو الأمل الأكبر للبشر حول العالم. ونحو ذات الهدف يعمل المهندسون والمبتكرون لإبداع أدوات وآلات وأجهزة تقلل أو تمنع الإصابات به، وقد تمكنا من التعامل معها إن حدثت لا قدر الله. لكن لن تكتمل جهود هذه الكوكبة من صفوة الصفوة من العقول البشرية إلا إذا إنضم إليهم الأفذاذ من العلماء، وخاصة المتخصصون في العلوم الأساسية وعلي رأسها الفيزياء. إذ لا تصلح العلوم – وفي حالتنا الطب – دون أن ترتكز علي الفيزياء وعلي الرياضيات.

والواقع هو أن العلماء لم يتأخروا عن مساندة الأطباء في مواجهة فيروس كورونا المستجد. وهناك عدة أمثلة يمكننا سردها لتوضيح الجهود الكبيرة والإسهامات المؤثرة التي سنراها قريبا.

أولا: أطلق الإتحاد الدولي للأكاديميات العلمية والذي يضم 140 (مائة وأربعين) أكاديمية وطنية وإقليمية ودولية للعلوم نداءا عاجلا إلي جموع العلماء حول العالم للتعاون فيما بينهم في أبحاث علمية لمكافحة جائحة كورونا.

ثانيا: يطور الباحثون في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربارا – قسم علوم الجوامد – مع عدد من الشركات الأخرى حاليا آلية ستمكننا من الكشف عن تواجد هذا الفيروس علي الأسطح – ومن المكن أيضا في الهواء وفي الماء – من خلال آلية الـ LED والتي ستمكن أي شخص من رؤية أضواء مميزة إذا كان السطح أو الهواء أو الماء أو غيرها ملوثة بهذا الفيروس. سيغني هذا الإبتكار عن التعقيم العشوائي، وبالتالي سيوفر الكثير من الموارد، كما أنه سينمنحنا طمأنينة نفتقدها الآن.

ثالثا: وافقت الهيئة الألمانية لأبحاث الأنوية الثقيلة علي تنفيذ أربعة مشروعات بحثية واعدة. المشروع الأول يهدف إلى تطوير لقاحات صيدلانية للوقاية من جائحة كورونا. المشروع الثاني مصمم لإبتكار علاجات إشعاعية لهذا الداء العضال، مع العلم أن هذه الهيئة لها سمعة دولية بارزة في العلاجات الطبية القائمة علي الإشعاعات وخاصة الإشعاع البروتوني. المشروع الثالث سيركز علي تطوير آليات سريعة ودقيقة للكشف عن الإصابة بهذا المرض اللعين. والمشروع الأخير سيخصص لإبتكار كمامات مزودة بفلاتر فائقة الدقة لحجب هذا الفيروس, والذي لا يزيد حجمه عن عشر المايكرومتر (أي حوالي واحد من الألف من حجم الشعرة). 

وبالطبع يمكننا المساهمة في بعض هذه الجهود العلمية حول العالم. فالعلاقة التي تربط فريقي العلمي في جامعة النيل مع الهيئة الألمانية لأبحاث الأنوية الثقيلة قديمة وإستراتيجية، وعليه نستطيع – إذا توفر لنا تمويل مناسب –  مشاركة الزملاء الألمان في عدد من تلك المشاريع. أيضا يستطيع الزملاء من العلماء المصريين استغلال الإمكانيات العلمية المتوفرة في مركز الضوء السنكروترون للعلوم وللتطبيقات التجريبية والموجود في مدينة العقبة الأردنية – مصر عضو مؤسس فيه – في عدد من الأبحاث العلمية التي تهدف الي مكافحة هذا الوباء العالمي.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى