إلى ياسر عرفات

سائد أبو عبيد | فلسطين

يَرانا انتصارًا على سورها ذاتَ يومٍ

وراياتِنا المُشرعاتِ إلى الشَّمسِ جهرًا

وليس يرد ُّالخُطى نحو قدسي رصاصاتُهم أو وَجَلْ

رأيناكَ بالقلبِ حتى عشِقنا خُطاكَ

إلى ما اكتنزتَ من الغضَبِ الوطنيِّ انتبهنا

وسرنا إليكَ إلينا

فمَنْ سارَ في حبِّهِ قد وصلْ

كأَنَّكَ أَجودُ مِنْ غَيمةٍ أيُّها الحُزنُ في صدرِنا

كثيفًا تظلُّ على محجرِ العَينِ

تُبدي مجازِعَنا والرَّحيلَ

ومأتمَ مَنْ رحلوا حاملينَ مَآثرَنا في السَّبيلِ الطَّويلِ

بنادقَنا حينَ تبكي القتيلَ على أرضِنا

لأَنَّكَ أَجودُ مِنْ غَيمةٍ تملأُ النَّهرَ نزفَ الحكايةِ

كركرةَ الحُبِّ في قلبِنا

أنت أَصداؤنا في العصافيرِ

بالنَّورسِ الحيفويِّ

بفوحِ النَّسيمِ على صدرِ يافا

وأَنتُ ابتهالُ العواسجِ للماءِ

والماءُ أنتَ

تدفَّقتَ فينا

رسمتَ البلادَ بعينيكَ

لا شيءَ يسرقُها منكَ

كنتَ تخبئُها كي تَراها

وتمعِنُها في خيالِكَ خيلًا يسافرُ مِنْ كلئٍ في روابي الجليلْ

بلاديَ فيكَ

بِسُمرتِها

بالنَّخيلِ الذي يطعمُ العاشقاتِ اصطبارًا على جرحِهِنَّ

ويرسُمنَ شمسًا على المعتماتِ ببردِ المخيمْ

خسرناكَ

حتى رأينا بجيبِ العَواطفِ نكبتَنا من جديدْ

نُكبنا بقتلِكَ حتى انصهرنا على آهةِ الحزنِ

وانبثقتْ نبعةُ الشَّوقِ للظِّلِّ فيكَ

فلنْ يسرقَ الحبَّ مِنَّا الرَّحيلُ

فأنتَ بِنا

هاهُنا في العيونِ

بكلسِ العظامِ

بنبضِ الوريدْ

سأتركُ صوتي بندهِكَ يسمو

لأسأَلَني عنكَ في الدَّربِ

أين الذي أوجد العاصفة؟

أَليستْ لك الريحُ والطلقةُ الخالدةْ؟

أليسَ لكَ النَّهرُ؟

ما عثَّرَ النَّهرُ يومًا خُطاكَ إلى الضفَّةِ الصَّابرةْ

شَغِفتُ بياسرَ حتى رأيتُ المقاتلَ فيه أخَ الأَنبياءْ

شَغِفتُ بياسرَ حينَ يصوِّبُنا للحقولِ التي نشتهيها

فكلُّ المنافي توجِّعُنا بالعَذابِ

ويلدغُ أنفاسَنا يا حبيبي الغيابْ

سنطوي التُّرابَ

ونمشي إِلى ياسرِ الأوَّلينَ

إِلى ياسرِ الصَّادقينَ

إِلى ياسرِ المؤمنينَ بأنَّ لنا للصَّباحاتِ بابْ

رأيناكَ تنفضُ عن وجهِنا رملَ نكستِنا

والرَّمادَ

وأهديتَنا ضَوءَ مصباحِ صوتِكَ

حتى اتبعناكَ إِلى حيثُ تَهوى

إِلى المُشتهى في الحَدائقِ

حيثُ النَّدى في يديكَ سيسقي الفَراشَ

وتعصرُ من مُزنِ اللهِ كفَّاكَ سقيا لكلِّ الطيورِ التي في الغباشْ

لأنَّكَ أجودُ من غيمةٍ تغسلُ اللَّيلَ عنَّا

لتسمو الرُّؤى في المصابيحِ فجرًا

على لمعةٍ في المُقلْ

فما غبتَ

ما غبتَ

أَنتَ الحضورُ الغريبُ العجيبُ

وأَنتَ الذي كنتَ ضِدَّ التَّفيءِ بالصَّمتِ

ضِدَّ الخياناتِ

ضِدَّ الذين رؤوا في القعودِ مكانًا

سمعناكَ حين صدحتَ شهيدًا

وأوسعتَ صوتَكَ ملءَ السَّماءِ

وزينتَها بالنَّشيدِ الأَجَلْ

سيرفعُكِ العاشقونَ هلالًا تبسمَ في حزنِهمْ

وترفعُكَ العاشقاتُ وشاحًا من الضَّوءِ في رأسِهنْ

ويذكركُ الربُّ بالخُلدِ يا ياسرَ الشُّهداءِ

فكنْ هانئًا بالأَرائكِ

عِشْ سيدًا للأَبدْ

فأنت حكايتُنا مِنْ أَزلْ

وأنتَ منارتُنا مِنْ أزلْ

فيا سيدي سوفَ تنهَزِمُ الريحُ

تنأى بعيدًا بعيدًا

ويبقى  على حالِهِ في الشُّموخِ الجبلْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى