كريم و ماهر 4 عقود من خلف الجدران وصفقات الفرج

أمير مخول | فلسطين

يدخل الأسير كريم يونس اليوم عامه الأربعين في السجن وبعد أسبوعين يدخل الأسير ماهر يونس العام الأربعين. إنه العام الأخير لكليهما بناء على القضاء الإسرائيلي الذي يستهدف القضاء على روح الشعب الفلسطيني. لقد صدر الحكم بحقيهما في حينه بالإعدام، ثم وبعد استئناف جرى “تخفيف” إلى المؤبد مدى الحياة، قبل أعوام تم تحديد حكم كل منهما بأربعين عاما خلال المفاوضات مع القيادة الفلسطينية.

لقد مرّت صفقات كثيرة لتبادل الاسرى كما ومرت صفقات سياسية للافراج عن الاف الاسرى خاصة ما تبع اتفاقات اوسلو. ثم جاءت الدفعات الاربع في العامين 2013 و2014 لتحرير مائة وإثني عشر اسيرا ممن تم اعتقالهم قبل اتفاقات اوسلو. في العام 2014 وبعد أن تمّ تنفيذ الدفعات الثلاث الاولى من الافراجات وتوقفت الرابعة التي كانت تشمل قدامى اسرى الداخل من فلسطينيي ال48. ففي العرف الاحتلالي الاسرائيلي هؤلاء فلسطينيين في كل شيء، لكن عند الافراجات يجري اعتبارهم اسرائيليين كونهم يحملون الهوية والجنسية الاسرائيليتين، فحسب اتفاقات اوسلو التي تم تثبيتها في اتفاقية باريس 1994 لا يحق للسطة الفلسطينية التدخل بالشأن الاسرئايلي الداخلي، وهؤلاء الاسرى هم “شأن اسرائيلي داخلي”. إنّ الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية مكلف بالمنظور الاسرائيلي وعلى الفلسطيني ان يدفع ثمنه كل يوم وفي كل مكان، وحمل الهوية المدنية الاسرائيلية مكلف اكثر للفلسطيني الذي بقي في وطنه، لانه في المنظور الاسرائيلي “خائن” لـ”دولته” لصالح “العدو”.

كريم وماهر كما زملائهما هم مرآة شعبهم في الصبر والثبات، ومرآة لحال الثورة وحركة التحرر الوطني الفلسطيني التي كلما تعثرت في الطريق الى الحلم، طال أمد السجون القسري، فتحرير الأوطان والاسرى هما سيان في نهاية المطاف، وكل تعثر يبطيء المسيرة.

للحقيقة لم اسمع يوما أيّا من ماهر او كريم يشكو حاله في السجن او يتذمر او يندب حظه. رغم الاحباطات فإنهما راسخان رسوخ جبال الوطن، وقناعتهما أنهما لم ينضما الى فتح في عصر نهضتها ونهضة مشروعها، من اجل أحد، بل من أجل قناعاتهما ومن أجل الشعب والحق المسلوب. وبهذه القناعة يشارفان على انهاء محكوميتهما في قضيهما المشتركة (مع المرحوم طيب الذكر سامي يونس (ابو نادر))، لم يبق سوى عام واحد في الأسر.

لا يعدّ الاسير السنين والاسهر والايام كي لا تطول، لكن حين يقترب الصبر من خط الفرج، تطفوا هذه المسافات الزمنية. حسب النظرية النسبية الأسيرة فإن العام الاخير من مجموع اربعين هو لحظة عابرة اذ يبدّد طوله الامل المتدفق ودعوات الوالدتين شريكتا الانتظار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى