الصحافة الغربية: بَعْدَ الأَخْلاقِيَّاتِ قَوْلِاً أَوْ بَعْدَ اللاأخلاقيَّاتِ فِعْلاً! (2)

د. آصال أبسال | كوبنهاغن (الدنمارك)

كما جاء في القسم الأول من هذا المقال، وبمناسبةِ إعلانِ ذلك الإفكِ المُسَمَّى تستُّرا بـ«الاتحاد الدولي لكرة القدم» FIFA، عن الترشيحِ النهائي للفوز بجائزةِ «أفضل لاعب في العالم للعام (الكوروني) 2021» (وقد ضمَّ الإعلانُ كلا من اللاعبين الثلاثة، العربي «المصري» محمد صلاح والأرجنتيني ليونيل ميسي والبولندي روبرت ليفاندوفسكي، حسب الترتيب التبجُّحي «القدساوي» المأجور)، بات الآنَ لزاما أن يُعَادَ فحواءُ مقالٍ صحافي نقديٍّ آنفٍ عن مَاجَرَيَاتِ مشهدٍ شبيهٍ – للتذكيرِ، أولا، بحقيقةِ ما يؤدِّيهِ هكذا لاعبٌ عربي «مصري» وأمثالُهُ من أداءٍ خَدُومٍ لمصالحِ دولةِ ذاتِ المستعمِرِ الذي لم تزلْ جرائمُهُ الفظيعةُ حَيَّةً بإيلامِهَا المُرِّ في الذاكرةِ الجمعيةِ العربيةِ الرَّثِيمَةِ – وٍللتذكيرِ، ثانيا، بحقيقةِ ما تساهمُ به الصحائفُ الغربيةُ من ترويجٍ دنيءٍ لحقائقَ شُوِّهت تشويهًا تقبيحيًّا و/أو تجميليًّا خدمةً لمآربِ هاتِهِ المؤسسةِ أو تيك الحكومةِ (فضلا عمَّا تساهمُ به الصحائفُ العربيةُ المُقَلِّدَاتُ من ترويج أَدْنَأَ بكثيرٍ) – وللتذكيرِ، ثالثا والأهمَّ، بحقيقةِ ما يعيثُ به ذاك الإفكُ المُسَمَّى تَخَفِّيًا بـ«الاتحاد الدولي لكرة القدم» من فسادٍ وعهرٍ رَسُوخَيْن قد كشفَ جُلَّهُمَا عينُ المراسلِ الصحافيِّ الاستقصائيِّ البريطانيِّ، آندرو جَنِينْغْز، في كتابِهِ الشهيرِ، «يَا لَلْبَشَعِ! العَالَمُ الخَفِيُّ وَرَاءَ الاتِّحَادِ الدُّوَلِيِّ لِكُرَةِ القَدَمِ: من الرَّشَاوِي إلى تَزْوِيرِ الأَصْوَاتِ إلى فَضَائِحِ التَّذَاكِرِ» (يُنظر التوثيق المدوَّن في القسم الأول).. وسواءً فازَ اللاعبُ العربيُّ «المصريُّ»، محمد صلاح، بالجائزةِ المعنيةِ أم لم يَفُزْ، سيبقى نموذجًا مصنَّعًا تصنيعًا وضيعًا من نماذج مَنْ سُمُّوا بـ«الخادمين للقوة» Servants to Power، هؤلاءِ الخَدَمِ العبيدِ الزاحفين على بطونهم نحوَ منابعِ المال الوفيرِ كي يخدموا راكعينَ ساجدينَ عن وعيٍ، أو حتى عن لاوعيٍ، «دولةً استعماريةً (إمبرياليةً) قويةً»، كمثل إنكلترا، لكيما تصبحَ أكثرَ قوةً من أيِّ وقتٍ مضى (إذ لا يختلفُ هؤلاءِ الخَدَمُ العبيدُ، مبدئيًّا، عن أي من أولئك الأكاديميين والطبابيين والتقنيين العرب الذين يعملون في الغرب بالمثابةِ ذاتِها).. وكما أشارت إحدى المعلقاتِ الفطيناتِ، فإن هذه اللعبةَ المُسَمَّاةَ بـ«كرة القدم» لا تعدو أن تكون لعبةً استعماريةً (إمبرياليةً) كان الجنودُ الإنكليزُ يلعبونها في المستعمَراتِ الإنكليزيةِ في قارَّةِ آسيا، كبلادِ الهندِ، تمضيةً للوقتِ، أو قتلا للملل، بعد استئناسهم بتقنينِ قواعدها «السَّنَنِيِّ» في عددٍ من المدارس الرياضيةِ الإنكليزيةِ في بداياتِ القرنِ التاسعَ عشرَ.. أما الآن، فقد صارت هكذا لعبةٌ ذريعةً إغرائيةً بخسةً لإدراج أسماءِ هؤلاءِ اللاعبينَ الخَدَمِ العبيدِ في قائمةِ الترشيحِ النهائيِّ للفوز الزيفيِّ بجائزةِ «أفضل لاعب في العالمِ» من كلِّ عامٍ – فليهنأ، إذن، هؤلاءِ اللاعبونَ الخَدَمُ العبيدُ من أمثال هذا اللاعب العربيِّ «المصريِّ»، محمد صلاح، فليهنأوا بهذا الإنجاز التاريخي الكبير مقدَّمًا بالهناءِ والشفاءِ لبلدِهم «الحبيبِ»، بلادِ مصرَ «الحبيبةِ»!!..

مرةً أخرى، على ضوء هذِهِ المَاجَرَيَاتِ الواقعيةِ والمستجدَّاتِ «الثالوثيةِ» العتيدةِ، وكما نشرتْ بشديدِ حَمِيَّةٍ صفحاتُ جُلِّ الممثِّلاتِ من جرائدِ الصحافةِ الغربيةِ في دولةِ إنكلترا، هذه «الدولةِ الاستعماريةِ (الإمبرياليةِ) القويةِ»، وكما سارعتْ بحَمِيَّةٍ أشدَّ إلى النشرِ إتباعًا صفحاتُ جُلِّ المثيلاتِ من جرائدِ الصحافةِ العربية (وفي مقدمتها صحيفة «القدس العربي» المأجورة، كعهدها في مدى الاِنتهاز والنفاق والازدواج، وحتى في العبث الشائن والمُخزي والمُهين بتعليقاتِ القُرَّاءِ والقارئات، باستنفارِ ذلك المقصِّ المأجورِ مقترنًا بالاسمِ الذكريِّ قلبًا و«الأنثويِّ» قالبًا والمُدَوَّنِ بالرَّسْمِ اللاتينيِّ مصغَّرًا، كحال عقلها بالعين، nada، لا بالرَّسْمِ العربيِّ «ندى» تعيينًا).. فقد عثرَ أخيرًا رجالُ الشرطة البريطانية، البادونَ بظاهرِهِم «الأخلاقيِّ» كرجالٍ «حَضَاريِّين مُحْتَرَمِين»، على ذلك المواطن الإنكليزي المُشْتَبَهِ بشخصِهِ الذميمِ في «تغريدِهِ» العنصريِّ السافرِ والمُتَعَمَّدِ ضدَّ عينِ اللاعبِ العربيِّ «المصريِّ»، محمد صلاح (معروفا، كذاك، باللغة الإنكليزية الشعبية الرياضية، LFC’s Mo Salah) – هذا اللاعبِ العربيِّ «المصريِّ» الذي يستأجرُه فريقُ ليفربول الإنكليزيُّ المشهورُ بوصفهِ لاعبًا «خَدَميًّا» مرتزقًا حقيرًا في أرقى أحوالهِ، والذي يدرُّ من ورائه أرباحًا طائلةً بعَدِّ الجنيهات البريطانية قبل عَدِّ الجنيهات المصرية (إن كانت لهذه الأخيرةِ أيةُ قيمةٍ فعليةٍ تُذكر).. وهكذا، عثرَ رجالُ الشرطة البريطانية على المواطن الإنكليزي المشتَبَهِ بشخصِهِ المارق بالباطن «اللاأخلاقيِّ» في مقاطعة ميرسيسايد، وقاموا بالظاهر «الأخلاقيِّ» باعتقاله على أثر استجوابه «المُحِقِّ» في قضية «تغريدِهِ» العنصريِّ المعنيِّ، بعد التبيُّن من كونه مُنَاصِرًا مشجِّعًا «جِدَّ حماسيٍّ» من مُنَاصِرِي فريق إيفرتون الإنكليزي، وهو الفريقُ الشهيرُ أيضًا بصفتِهِ الخصمَ اللدودَ لجاره فريق ليفربول في المقاطعة نفسها.. ومن تداعياتِ هذه الواقعةِ العنصريةِ، بالفعلِ اللاأخلاقيِّ، التي أحدثتْ صدمةً «ضميريةً وجدانيةً» كبيرةً في الرأي العام في بلاد الإنكليز «ذوي الاستقامةِ والنزاهةِ» عن أيِّما موقفٍ عنصريٍّ ضدَّ المقيمين من العرب ومن غير العرب أيضًا، من تداعياتها أن جُلَّ أعضاءِ الهيئة الإدارية لفريق إيفرتون (الخصمِ اللدودِ لفريق ليفربول نفسِهِ) كانوا قد انتقدوا بشدَّةٍ عَيْنَ هذا «التغريدِ» العنصريِّ المعنيِّ، بعَيْنِ ذاك الفعلِ اللاأخلاقيِّ الدَّنِيِّ، وكانوا قد أعلنوا إدانتَهم بشدَّةٍ أكبرَ لهذا النوع من النزعةِ العنصريةِ، أو النعرةِ اللاأخلاقيةِ، أو حتى أيِّ نوعٍ آخرَ من أيٍّ منهما دونما استثناءٍ.. وفي نهايةِ المطافِ، كردِّ فعلٍ «ضميري وجداني» متَّصِفٍ بـ«الاستقامةِ والنزاهةِ» من بلاد الإنكليز ذواتِهم، أو هكذا يتبدَّى في ظاهرِ الأمرِ، لم يكنْ على الإدارةِ العامةِ للشرطةِ البريطانيةِ في مقاطعة ميرسيسايد إلا القيامُ بإصدارِ بيانٍ «تنديديٍّ تذكيريٍّ» بائنٍ للعيانِ، ومعروضٍ قدَّام الناسِ في الداخلِ والخارج في ذلك الزمانِ – بيانٍ كان قد وردَ فيه ما يلي وُرُودًا بكلِّيَّتِهِ، بما معناه:

/نحن، أعضاءَ إدارةِ الشرطةِ البريطانيةِ المعنيةِ قادةً ومَقُودين، نُقِرُّ جميعا بأننا على درايةٍ تامَّةٍ بتلك «التغريدةِ» العنصريةِ (اللاأخلاقيةِ فعليًّا) التي نُشرت، هنا وهناك، بحقِّ لاعبِ كرةِ القدم المصري في فريق ليفربول، المدعوِّ محمد صلاح، تلك «التغريدةِ» العنصريةِ التي تضمَّنتْ، من بين ما تضمَّتْ، عددا لا بأسَ بهِ من الصُّوَرِ التي تسخرُ سخريةً وتستهزئُ استهزاءً بهذا اللاعب بالذات، والتي كان قد شاركها الكثيرُ من المتابعين وغير المتابعين الآخرين، إضافة إلى ذلك.. وليس علينا الآن، كجهةٍ رسميةٍ مسؤولةٍ، إلاَّ أن نحقِّقَ في الأمرِ ذلك التحقيقَ اللازمَ (بالعدلِ والإنصافِ اللازمين ضميريًّا ووجدانيًّا)، ولن يتمَّ التسامحُ بالمطلقِ، ها هنا، مع أيٍّ ممَّن يرتكبون جريمةَ «العنصرية»، أو حتى جريمةَ «اللاأخلاقية»، أو حتى جريمةَ ما يُسَمَّى الآن اصطلاحًا بـ«رُهاب الأجانب» Xenophobia، ولن يتمَّ التسامحُ بالمطلقِ، كذاك، مع أيٍّ ممَّن يستخدمون الشبكة الدولية (الإنترنت) استخداما اعتياديًّا متعمَّدا من أجل استهدافِ الآخرين بنفس الطرائق الذميمةِ، كذلك.. ومَنْ يرتكبْ بالعَمْدِ أيَّةَ جريمةٍ جنائيةٍ من هذا النوع الذميم حقًّا (أو ما شابه) يَحْتَجْ أمسَّ الاحتياج إلى إدراكِ واستيعابِ حقيقةِ أنهُ ليس خارجَ نطاقِ القانون الذي يعاقبُ عليها أشدَّ العقابِ بأيِّ شكلٍ من الأشكالِ/..

ما علينا من كلِّ هذه الإجراءاتِ الرسميةِ والقانونيةِ فيما تظهر، هنا أو هناك، على السطح بصفتها «الضميرية والوجدانية» التشديدية التي تمَّ بثُّها، كذاك، بثًّا في طول البلاد وعرضها، والتي تمَّ بثُّها من ثمَّ حتى في بلدان أخرى تمتدُّ إلى ما وراء البحار، بغية الترويج «الضميري والوجداني» التشديدي الذي تمَّ اصطنَاعُهُ وتصنيعُهُ لأسبابٍ بيِّنةٍ بذاتِها.. فإن كلَّ هذا التركيزِ الصحافي و/أو الإعلامي الغربي (الإنكليزي، تحديدا) على هكذا خبر عنصري (لاأخلاقي) جدِّ طارئٍ، وخاصَّةً عندما يتعلق الأمرُ بعنصرٍ عربي «متفوِّق» على العديدِ من غيره من العناصر «غير العربية» بالتعيين، فيما يتبدَّى على السطح أيضا، عنصرٍ عربي إن هو بالنفسِ بهذا التعيين، في أحسن الأحوال، إلا «خادمٌ للقوَّةِ» Servant to Power في الغرب تعيينا، كما ذُكر (ومحمد صلاح هذا بنجوميَّته الرياضية بالذاتِ على تفرُّدِها بـ«التألُّقِ» كلِّه ليس، في حقيقة الأمر (لكي نعيدَ)، أكثرَ من «خادمٍ للقوَّةِ» في إنكلترا، هذه «الدولةِ الغربيةِ الاستعماريةِ (الإمبرياليةِ) القويةِ»، ليس أكثرَ من «خادمٍ» ذلولٍ عربيٍّ «مسلمٍ مسالمٍ» خذولٍ لا يني يقرأُ سورةَ «الفاتحةِ» في البدءِ من كلِّ مباراةٍ فعليةٍ، يقرأُها داعيًا إلى اللهِ بكلِّ «خشوعٍ» و«ابتهالٍ» من أجلِ نصرةِ فريقهِ الإنكليزيِّ، ولا يني، والأنكى من هذا كلِّهِ، يركعُ ويسجدُ على الأرضِ مع كلِّ هدفٍ يسجِّلُهُ في مرمى «عدوِّ» فريقهِ الإنكليزيِّ هذا) – فإن كلَّ هذا التركيزِ الصحافي و/أو الإعلامي الغربي المفتعَلِ إنما هو مجرَّدُ ترويجٍ دعائيٍّ غوغائيٍّ طنَّانٍ وأجوفَ غايتُهُ الأولى والأخيرةُ هي إظهارُ الحكومةِ الإنكليزيةِ ذاتِها أمامَ العالم بأسرهِ بصورةٍ «إنسانيةٍ وأخلاقيةٍ» تقتضي، في جملةِ ما تقتضيه على الصعيدِ «الضميريِّ الوجدانيِّ»، بأن هذه الحكومة لا تتهاونُ بتًّا بأية صورةٍ كانتْ في معاقبة العنصريين واللاأخلاقيين من مواطنيها ضدَّ العرب، أو حتى ضدَّ غير العرب، المقيمين في هذه الـ«بريطانيا العظمى»!!..

ولكن، في الطرفِ النقيضِ المقابلِ من كلِّ ما نراهُ بالقولِ من مشهدٍ «إنسانيٍّ وأخلاقيٍّ» مسرحيٍّ مُفَبْرَكٍ عن أدَاءِ هذا «التَّطَبُّعِ اللاعنصريِّ» بالعَيْنِ، ماذا، إذا لم يقتصرِ الأمرُ على هكذا واقعةٍ عنصريةٍ (لاأخلاقيةٍ) دونَ غيرِها حَسْمًا، ماذا عن دَاءِ ذلك «الطَّبْع العنصريِّ» بعَيْنِ العَيْنِ الذي تُشْتَفُّ أعراضُهُ اشتفافا جليًّا من خلالِ تلك الممارساتِ العنصرية (اللاأخلاقية) اليومية التي تحصلُ فعليًّا وعلى الملأيْنِ الأدنى والأعلى في المجتمع الإنكليزي ضدَّ العرب وضدَّ غير العرب (وبالأخصِّ ضدَّ أولئك الأناسِ المتحدِّرين من قارَّتي آسيا وأفريقيا)، ماذا عن كلِّ تلك الممارسات العنصرية (اللاأخلاقية) اليومية التي تحصلُ فعليًّا بالفعلِ دونَ تحريكِ أيِّ ساكنٍ إعلامي غربي تأنيبي، أو أيِّ صامتٍ حكومي (رسميٍّ) إنكليزي تنديدي، سواءً كانت هذه الممارساتُ العنصرية (اللاأخلاقية) تحصلُ فعليًّا بهذا الفعلِ على مستوى المواطنين الإنكليز أو على مستوى رجالِ الشرطة الإنكليزية أنفسهم أو حتى على مستوى أعضاءِ الحكومة الإنكليزية أعينهم: وأوَّلهم، ولا شكَّ، ذلك المعتوهُ المهرِّجُ المزهوُّ بنفسِهِ، بوريس جونسون، قبلَ وبعدَ مَسَاخِرِ ذلك «الانتصار التاريخي» المشكوك في أمره أساسًا، وذلك في أثناءِ عمليةِ انتخابهِ «التشريعي»، لا بلِ انتخابهِ «التشنيعي»، الأخيرِ الذي تتوَّج مَدًّا من الزمان في عزلهِ الذاتِيِّ بمكتب سرِّيٍّ بسببٍ من إصابته «الكورونية»، وهو يديرُ شؤونَ الحُكْمِ عن طريق «التحكُّم عن بعدٍ» Remote Control، والذي تتوَّج أيضا مَدًّا من الزمان آخرَ في عزلهِ الآخَرِيِّ في حجرةٍ من حجراتِ المستشفى حينذاك بسببٍ من إصابته «الكورونية» تلك التي لم يزلْ يُعاني من أعراضِها الجانبيةِ حتى هذا اليوم بالذاتِ – وإلى حدِّ المطالبةِ، مرَّةً فمرَّةً، بعزلهِ الذاتِيِّ «المجازيِّ» من جديدٍ، وكذاك بتنحِّيهِ الوظيفيِّ الحقيقيِّ والفعليِّ من دورهِ «القياديِّ التليدِ»، وعلى الأخصِّ بعد فضيحةِ ذلك «الحفلِ العشائيِّ الربَّانيِّ» الأخيرِ بادِيًا من بعيدٍ؟؟..

حتى الصحافةُ العربيةُ «المُتَرَوْسِمَةُ» ذاتُها (أو، بالأحرى، تلك الصحافةُ التي تدَّعي «تَرَوْسُمًا» بأنها «صحافة عربية» في أرجاءِ الغرب)، حتى هذه الصحافةُ لا تخلو من هكذا ترويج دعائيٍّ غوغائيٍّ طنَّانٍ وأجوفَ، حين يتمُّ النظرُ، مثلاً لا حصرًا، إلى محرِّر صحيفةٍ جاهلٍ فِسْلٍ، كمثلِ محرِّر صحيفة «المثقف»، ماجد الغرباوي، ذلك المحرِّر الدعيِّ المائن الذي لا يفتأ يطبِّل ويزمِّر عن نفسه، في كلِّ مكانٍ مُتَاحٍ مُبَانٍ، بأنه (باحثٌ أسترالي «رهيبٌ» متحدِّرٌ من أصلٍ عراقي «أرهبَ»، باحثٌ عراقيٌّ «مُؤَسْتْرَلٌ» يبحث في الفكر الديني ليلَ نهارٍ، ويدعو إلى موضوعاتٍ شتَّى، من مثل: التسامح واللاعنف والإصلاح والتجديد وحتى التنوير الثقافي والوعي الحضاري، وغير ذلك كثيرٌ وكثير).. في حين أنه أثبتَ، ولم يزلْ يثبتُ، بالدليل القاطع والساطع، على النقيض من كلِّ ذلك وعلى أكثرَ من صعيدٍ، بأنه لا يفقهُ أيَّ شيءٍ من معنى التعامل الإنساني أو الحضاري أو حتى الأخلاقي مع الكاتب، أو الكاتبة، بأيةِ صفةٍ كانتْ.. إذ أنه من آداب التعامل مع الكاتب المساهِم، أو الكاتبة المساهِمة، في هكذا «صحيفةٍ» دعيَّةٍ أن يقوم المحرِّرُ بإعلامه، أو بإعلامها، قبل أن (يقرِّرَ قرارًا أوتوقراطيًّا نهائيًّا) حذفَ المساهَمةِ المعنيةِ المنشورةِ في ذاتِ «الصحيفةِ» قبلا، حتى لو استقبلتها قبلئذٍ، ورغمَ أنفِهِ، الكثيراتُ من الصَّحَائِفِ والمواقع الإعلامية العربية التي تحترمُ نفسَها، بكلِّ رحابةِ صدرٍ: فقط المحررون الجهلاءُ الفسلاءُ المتخلفون واللاإنسانيون واللاحضاريون واللاأخلاقيون، من أمثالِ هذا الدعيِّ المائنِ الجاهلِ الغرباوي، لَهُمُ الذين يتصرَّفون اعتباطًا بغير احترامٍ للذاتِ على أهوائهم الحقيرة، تماما كما يتصرَّف أنجاسُ الدرافيلِ وأرجاسُ الدباكيلِ وهم يحذفون بكلِّ حقارةٍ هذه المساهَماتِ حذفًا «أوتوقراطيًّا قطعيًّا»، وخاصَّةً تلك المساهَمات الجادَّة كلَّ الجدِّ منها، دون أيِّ سابقِ إعلامٍ للكاتب، أو للكاتبة، ولا حتى أيِّ آنِفِ احترامٍ، أو تقديرٍ، للجهد الملحوظ الذي بذلَهُ الكاتبُ المعنيُّ، أو بذلَتْهُ الكاتبةُ المعنيَّةُ، في هذه المساهَمات الجادَّة!!..

والأفظعُ والأشنعُ من ذلك كلِّهِ حتى هو أن الكاتبةَ المساهِمةَ المعنيَّةَ بالأمرِ، حينما تدافع عن حقِّها (وهي صاحبةُ الحقِّ بامتيازٍ في كلِّ هذا، ورغمًا عن أنفِ هذا الدعيِّ المائنِ الجاهلِ الغرباوي، مرَّةً أخرى)، تصبحُ فجأةً هي «صاحبةُ الباطلِ» بامتيازٍ، على النقيضِ الكاملِ، وتصيرُ من ثمَّ تُهدَّدُ من طرفِ هذا الدعيِّ المائنِ الجاهلِ الفِسْلِ الغرباوي نفسِهِ وتُخاطَبُ باللسانِ الأصليِّ واللسانِ الفرعيِّ بلغة «التهديدِ والوعيدِ» بإغلاقِ الأرشيفِ كليًّا وبقطع الرؤوسِ على الطريقةِ الظلاميةِ التكفيريةِ «الداعشية»، في الأدنى منها (أي من الكاتبة المساهِمة المعنيَّة بالأمرِ) وحتى مِنْ كلِّ مَنْ يمتُّ لها من الكُتَّابِ المساهِمينَ الآخرين، من قريبٍ أو من بعيدٍ، بأيَّةِ صِلَةٍ كانتْ، فوق كلِّ ذلك – تمامًا كما تفعلُ كافَّةُ أنظمةِ الاستبدادِ والطغيانِ والإجرامِ الهمجيةِ والحوشيةِ والوحشيةِ في أنحاءِ هذا العالمِ العربيِّ الجريحِ من المحيطِ إلى الخليجِ.. وفي ذاتِ الآنِ، مع ذلك، نرى هذا الدعيَّ المائنَ الجاهلَ الفِسْلَ الزَّرِيَّ الغرباويَّ يروِّجُ عن نفسِهِ بكلِّ حميَّةٍ دَنِيَّةٍ بأنه (يدعو إلى التسامح واللاعنف والإصلاح والتجديد والتنوير) وما إلى ذلك من الترويج الدعائيِّ الغوغائيِّ الطنَّانِ والأجوفِ والكاذبِ في كلِّ ما يدعو إليه، بأيَّةِ هيئةٍ دَعَوِيَّةٍ كانتْ، كذلك!!..

———–

تعريف بالكاتبة

ولدتُ في مدينة باجة بتونس من أب تونسي وأم دنماركية.. وحصلتُ على الليسانس والماجستير في علوم وآداب اللغة الفرنسية من جامعة قرطاج بتونس.. وحصلتُ بعدها على الدكتوراه في الدراسات الإعلامية من جامعة كوبنهاغن بالدنمارك.. وتتمحور أطروحة الدكتوراه التي قدمتُها حول موضوع «بلاغيات التعمية والتضليل في الصحافة الغربية» بشكل عام.. ومنذ ذلك الحين وأنا مهتمة أيضا بموضوع «بلاغيات التعمية والتضليل في الصحافة العربية» بشكل خاص..

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. مرة ثانية بوركت يا أخت آصال أبسال على هذا التألق في الكتابة في النقد الإعلامي اللاذع والجريئ
    وكما قلت أيضا تألق ليس بعده تألق في كشف الجانب المظلم والذميم حقا لعالم الرياضة وبالأخص سياسات الارتشاء والتلاعب بالتصويت وافتضاح كل أشكال العهر والفساد – وكذلك تألق فريد من نوعه في فضح مستنقعات الانتهاز والنفاق والازدواج التي تخوض فيها في الخفاء معظم إدارات الجرائد الغربية ونظيراتها العربية

  2. كتابات صحافية نقدية متميزة ومتألقة حقا وتميط اللثام عن ما هو مخبوء وراء الكواليس
    وهذا المخبوء غالبا ما يكون من عالم الفساد والشرور وقذارات السياسيين والبيروقراطيين
    أحيي الأخت الدكتورة آصال أبسال على هذا المستوى الراقي في الشكل والمضمون

  3. كتابات صحافية نقدية متميزة ومتألقة حقا وتميط اللثام عن ما هو مخبوء وراء الكواليس
    وهذا المخبوء غالبا ما يكون من عالم الفساد والشرور وقذارات السياسيين والبيروقراطيين
    أحيي الأخت الدكتورة آصال أبسال على هذا المستوى الراقي في الشكل والمضمون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى