قصَّة الوزير المعزول وخليفته الجديد

توفيق أبو شومر | فلسطين

إليكم كيفية استلام وتسليم الوزارات، من وزيرٍ سابقٍ معزول، لوزير جديدٍ لاحقٍ، في الدول النامية أو ( النائمة) وأشباهها:

أولا، يُحضر الوزيرُ الجديدُ، إلى مقر الوزارة ، في اليوم الأول لاستلام منصبه، ومعه أربعة أو أكثر من حُرَّاسه الجدد، طبعا، من أبنائه وعشيرته وأنصاره، في جولة هجومية، أكثر منها جولة استلام وتسليم، ثم يقوم الفريق بعملية تمشيط داخلها ليستطلعوا بقايا نفوذ الوزير السابق، ويُجهز طاقمُ الوزير الجديد ومستشاروه ملفاتهم الجديدة، إما بطرد المنافسين، أو بنقلهم إلى مكان آخر، وإن لم يجدوا مبررا، فإنهم يتركون الباقين، ويُجلسونهم على نوافذ الوزارة، يشربون الشاي والقهوة، ويُفطرون إفطارا جماعيا كل يوم، مع ختم ملفاتهم الوظيفية بالشمع الأحمر، وعدم تلبية مستحقاتهم الوظيفية، حتى بمرور سنوات من استحقاقها!

ثانيا، يُغيِّر الوزيرُ الجديدُ ليس طاقم مكتبه، وسكرتاريته فقط، ولكن ديكورات المكتب، أو المكتب كله، حتى يتخلص من كل أثر للوزير السابق، بغض النظر عن الموازنة المرصودة.

ثالثا، عندما يشعر الوزير (المعزول) بقرب نهايته، وأفول عصره، فإنه يحملُ ملفات الوزارة الرئيسة، وخططها، ومكاتباتها، وأنشطتها في سيارته الخاصة، قبل انتهاء فترة ولايته بأيامٍ قليلة، وغالبا ما يتم ذلك بعد غروب الشمس وانصراف الموظفين، إلى مدفنها الأزلي في إحدى غرف قصره العامر، لتظل طُعما سائغا للرطوبة والعفونة والأرضة، ليس لهدف الاستفادة منها، بل لحجبها عن الوزير الجديد، حتى لا يستفيد منها ويُكمل مسيرته!، مع العلم بأن ملفات الوزارة، وتقارير وتوقيعات ومكاتبات الوزير، ملفات رسمية حكومية، تملكها الدولة، وليس الوزير، حتى وإن كانت في أدراج مكتبه!!

رابعا، ينشغل الوزير الجديد، سنة أو أكثر بالبحث عن متابعات الملفات والأنشطة، حتى يبدأ العمل والنشاط، ويتركز نشاطُهُ -في الغالب الأعم- في تعيين مقربيه، بدءا من أبنائه وأحفاده وعشيرته، وانتهاء بأنصاره، ومنسوبي حزبه، ثم أصدقائه المخلصين، وتتضخم حقيبته الخاصة بالأوراق الوظيفية، ويُصبح عملُه الرئيس، إيفاد مختصين إلى شؤون الموظفين لإنجاز معاملات أقاربه، وتصبح وظيفة الوزارة ثانوية بالقياس إلى مهماته الرئيسة السابقة!

خامسا، يشرع الوزير السابق( المعزول) في نسج الحكايات، في مجلسه الخاص،بعد أن يستعيد أصدقاءه الذين أهملهم، عندما كان وزيرا، فيسرد عليهم قصصَ بطولاته ونزاهته عندما كان في الوزارة، ويترك للمستمعين الفرصة للاستنتاج بأن عصره، كان عصر الشفافية والأمانة والنزاهة والصرامة والإنجاز، أما خليفته الراهن فهو مرتَزَقٌ وفاسدٌ، وقليلُ الخبرة!

سادسا، يفتح حزبُ الوزير الحالي، أو تنظيمُه السياسي ملفا جديدا بعنوان: الوظائف والترقيات الجديدة التي نفذها الوزير الجديد لمنتسبي حزبه وحركته وتياره السياسي، ويشرع في رصد الحالات التي قصَّر الوزيرُ في إنجازها في مجال التعيين والترقية لأبناء الحزب، وليس في تنفيذ مبادئ وأفكار الحزب،  ويبدأ الصراع بين الوزير من جهة، وبين المسؤول الأول في الحزب من جهة أخرى، وفي الغالب، يصل مسؤول الحزب إلى قناعةٍ مفادها: “كنَّا مخطئين في ترشيحه لتولي الوزارة، فهو لم ينفع الحزب”، أما ملف الوطنُ وخدمتُهُ فهو ملف ثانويٌ، عند الوزير المعزول، وعند الوزير الجديد، ذي الحزب القوي العتيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى