جوّعْ نفسك وأعطِ غيرك يرضَ ربُّك ونبيُّك

منى النجم | العراق

مع كل طلّة لشهر الخير والبركة ستصلني عدّة دعوات لحضور حفلات إفطار بحجة الثواب للموتى واول الداعين هي خالتي التي تدأب على أقامة تلك المأدبة سنويا.

وكنت حقيقة ألبّي دعوتها خجلا…في السنين العشرة الماضية

الأ انني بعد ذلك..صارحتها قائلة: خالتي .. هنالك ضعاف من الناس لاتجد ما تأكل…أقترح عليك أن تبحثي عنهم في منطقتك فهم أفضل مني ومن غيري لذا أنا أعتذر عن حضور هذا الطقس الرمضاني ولا تزعلي إذا لم ألبِّ الدعوة.

بالنسبة لي في شهر رمضان خاصة  ولتقوية إحساسي بالزهد أمتنع من الجلوس على الموائد الزاخرة بما لذّ وطاب من الأطعمة لدواعٍ صحية وروحية.

 وفي أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه وسّع من دائرة الصدقة، لتشمل الغني فضلاً عن الفقير، ولكن ليس بمعناها المادي بالضرورة، فهو يعتبر كل معروف صدقة، فيكون المعروف كالواحة الوارفة الظلال لمبدأ التكافل، وفي هذا الجانب يقول: « كلّ معروف صدقة إلى غنيّ أو فقير، فتصدّقوا ولو بشقّ تمرة»[1].

والصدقة قد تكون معنوية، ككف الأذى عن الغير، بدليل قول الرسول (صلى الله عليه وآله) لأبي ذرّ الغفاري رضي‌الله‌عنه: «تكفّ أذاك عن الناس، فإنه صدقة تصدّق بها عن نفسك»[2].

وعمّقت الشريعة مسألة الصدقة بربطها مع الإنسان منذ ولادته، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه لما حلق شَعْرَ ريحانتيه الحسن والحسين عليهما‌ السلام بعد ولادتهما، تصدق بزنة أشعارهما فضة[3].

هذا، ومن الآيات المشيدة بصدقة ولي الله الأعظم وخليفة الرسول الأكرم، قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)[4].

فقد أجمعت الأمة على أنّ هذه الآية نزلت في حقّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، لما تصدق بخاتمه في المسجد على أعرابي وهو راكع. فأين نحن من علي وباقي صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله.

فهذا عليّ الذي يكنس بيت المال حتى يعطي المسلم وغيره ولا يختص لنفسه بشئ. ضرب لنا أروع الأمثلة زهدا وإيثارا حتى نزلت:- “ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا” .

لقد كتبت إحدى الصديقات اليمانيات يوم أمس سطورا أفقدتني الاستقرار النفسي وأصابتني بالهلع والسهر.. (شعب يجوع بأكمله بسبب سياسات باطلة لحكام طغوا وبغوا)

ولزاما على شعوب المعمورة أن تتحد مع أخوتها في كل بقاع الأرض من أجل رفع العوز والجوع والنصب والوصب بسبب تلك السياسات التي جعلت من اليمن الحبيب مرتعا للبؤس والأمراض.

ها هو شهر الخير على الأبواب وستمتلأ سفرات الشهر الفضيل بما لذ وطاب وسنتهادى الأطباق الملئى بالطيبات بيننا وبين الجيرة، وسنغفل كالعادة  الجوعى بين ظهرانينا وننساهم من نصيب يسير.

لا تتحقق المنفعة من الشهر إذا ما جعنا نهارا وأكلنا حد التخمة ليلا.

بل إذا ما اقتسمنا لقيمات فطورنا مع أحبة لنا على امتداد المعمورة. اتقوا الله بتمرة بل بشق تمرة… حديث نبوي يؤكد عليه نبي الرحمة ولا أجدُ له مصداقا إلا في شهر رمضان على نحو الخصوص.

فاذا كنا نصوم لنشعر بالفقير ومعاناته ونصوم لنجوع ونتذكره ونصوم لنخسر أرطالا من اللحم  اكتسبناها جراء الأكل طيلة عام.

فسيصوم الفقير ليكسب شعورا طيبا بالألفة وهو يرى جاره يتذكره يوميا بإفطار وتحفة تهدى إليه والغاية مرضاة الله.

لا تتبعوا صدقاتكم منا ولا أذى… تعالوا لندفع بشقّ تمرة أهوال جوع وعطش يوم القيامة. وهذا ما كتبته صديقة يمانية على متصفحها وبسببه أرقتُ البارحة وتخلخل نومي وساء يومي وكرهت أن آكل طيب طعامي، واعترتني كآبة منذ يوم أمس، وقال لي أحدهم إن مأ ألمّ بك حالة نفسية.

فيا من تأكل عدة وجبات – وجارك جائع – ثم يسمن جسمك/ها ثم ينتهي رمضان وتريد إنقاص وزنك بالريجيم والمشي والرياضة.. جوّعْ نفسك. والحل الأسهل هو الوقاية خير من العلاج وإهداء الوجبات الزائدة أو قيمتها للجار، وللعلم فوائد الجوع للجسم والعقل والجوارح والتنفس أكثر وأفضل من فوائد الشبع .)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى