عامر خليل مدير المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) مع وحيد تاجا (وجها لوجه)

 خاص| جريدة عالم الثقافة

مسرح الحكواتي هو المسرح الأكثر شهرة في فلسطين وفي العالم

تحدث مدير عام المسرح الوطني الفلسطيني بالقدس الفنان المسرحي عامر خليل عن الصعوبات التي تعترض الحركة المسرحية هناك والتي تتمحور بشكل رئيسي حول تامين الدعم اللازم للعمل المسرحي، مشيرا إلى وجود دعم غربي غالبا ما يكون مشروطا بان يصب في دعم عملية السلام او في إبراز الثقافة الغربية. واستعرض خليل في لقائنا معه مراحل إنشاء المسرح الوطني الفلسطيني ونشاطاته ودوره في لم شمل المسرحيين في فلسطين.. وعلاقته مع المسرحيين في الضفة الغربية وقطاع غزة او مع العرب في أراضي الـ 48.  

ويذكر أن الفنان عامر خليل مواليد عام 1964،انضم لفرقة مسرح الحكواتي عام 1983. ودرس المسرح في فرنسا، عمل مع العديد من المؤسسات الفنية والثقافية في فلسطين وشارك في العشرات من الجولات المسرحية في أوروبا كممثل ومخرج. شارك في بعض الافلام السينمائية المحلية والعالمية.وهو مؤسس مشروع «مسرح الجيب في فلسطين» – وهو مشروع ثقافي متنقل بين المدن والقرى الفلسطينية. وتجاوزت اعماله 30 عملا مسرحيا.

بداية هل يمكن الحديث نشأة المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) وتأسيسه؟

أقيم المسرح الوطني الفلسطيني في مدينة القدس وتم تشيده على أنقاض مبنى سينما كانت محروقة، بعد إعادة ترميمه من قبل فرقة الحكواتي المسرحية، التي كانت تبحث عن بيت لإقامة هذه الفرقة، وفرقة الحكواتي هي واحدة من أهم الفرق المسرحية في تاريخ المسرح الفلسطيني، وتم تأسيسها على يد المرحوم الفنان فرانسوا ابو سالم.وتم افتتاح المسرح في 9/5/1984 وسميباسم(مسرح النزهة الحكواتي حتى العام 1991) حيث تم تغير الاسم إلى “المسرح الوطني الفلسطيني- الحكواتي. وأصبح بمثابة بيت للمسرحيين الفلسطينيين، وكما هو معروف أنه بعد احتلال مدينة القدس في عام /1967/ تم فرض القانون المدني عليها، وبالمقابل تم فرض القانون العسكري على الضفة الغربية، وقطاع غزة، بمعنى أن التجمع كان ممنوعا في الضفة والقطاع.. بينما هو مسموح في القدس نتيجة الضم الغير قانوني للمدينة باعتبارها جزء من دولة ” إسرائيل”، المرفوض من كل الدول العربية حتى الآن، لكن هذا القانون أعطى مساحة لإمكانية التجمع وإقامة بعض النشاطات، فكان المسرح هو أول مكان فلسطيني تعرض فيه كل النشاطات، إذا كانت من غزة أو الضفة الغربية وحتى من داخل الخط الأخضر. ووصل الأمر في ذلك الوقت أن أصبح العرض على خشبة مسرح الحكواتي هو مقياس أهمية العمل.. فالمسرحية التي لا تعرض هناك لا تعتبر أنها عرضت أبدا..

كم عمل مسرحي يقدم على خشبة مسرح الحكواتي في القدس حاليا، ومن أين يأتي بالتمويل اللازم؟

يتكون نشاط المسرح من عروض وانتاجات المسرح، ومن نشاطات وفعاليات لمؤسسات ثقافية وفرق مسرحية تعمل في مدينة القدس، الأعمال التي ينتجها المسرح سنوياً هي 4-5 أعمال مسرحية للكبار وللأطفال، تعرض على مدار العام قرابة 100 عرض داخل المسرح وأيضا في جولات محلية وعالمية. أما العروض الفنية والمسرحية الخاصة بفرق ومؤسسات اخرى فهي حوالي 150 عرض سنوياً.  جميع التمويل الذي يحصل عليه المسرح هو تمويل أجنبي وبعض التمويل العربي ومن دخل القاعات والعروض المسرحية.

التمويل الخارجي للمسرح أو السينما يتطلب عادة شروط معينة لصالح هذا الممول أو ذاك..كيف تتعاملون مع هذا الواقع؟

للأسف معظم التمويل هو تمويل أوروبي ويشكل نسبة 65% ، وغالبا ما يكون فرنسيا أو ايطاليا، التمويل الفلسطيني او العربي للفن والثقافة والمسرح لا يكاد يذكر، وان وجد فهو مشروط أكثر من التمويل الأجنبي، ليس المقصود انه مشروط سياسياً بل ان المنح التي تقدم من المؤسسات العربية والفلسطينية تمر من بيروقراطية معقدة جدا، أما المنح الأجنبية يوجد منح مشروطة ونحن بالطبع بغنى عن هذه المنح، مسرح الحكواتي لا يتعاقد مع اي منحة مشروطة اي كان نوعها، حيث ان مسرح الحكواتي يعتمد بالأساس على التفاف الجمهور والالتفاف الفنانين حوله، وهذا بالأساس هو رأس المال الحقيقي.

ما طبيعة النصوص والمواضيع التي تقدم.. وهل هي محصورة في الجانب الوطني تحديداً؟

في بداية الأمر كانت فرقة الحكواتي تعتمد على التأليف الجماعي، وكانت المواضيع شاملة الجانب السياسي والاجتماعي الفلسطيني، علماً ان جميع أعمال فرقة الحكواتي تطرقت إلى الموضوع السياسي والوطني بطرق مختلفة وفنية ومهنية ولكن بطريقة غير مباشرة. يتم أيضاإنتاج الكثير من المسرح العالمي المترجم مثل تشيخوف وشكسبير وبريختوبيكت، اعتقد ان المسرح الفلسطيني من أنشط الحركات المسرحية في المنطقة العربية وقد تم إنتاج أعداد كبيرة من الأعمال العربية والعامية.

وما مدى جماهيرية مسرح الحكواتي في فلسطين الآن؟

يعتبر مسرح الحكواتي الأكثر شهرة فلسطينيا محلياًوعالمياً، فعلى الصعيد العالمي خلال سنوات الثمانينات كانت فرقة الحكواتي واحدة من أشهر عشر فرق مسرح في أوروبا، أما على الصعيد المحلي فهي من أوائل الفرق التي قدمت عروض مسرحية بمستوى عالي جداً في معظم المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في فلسطين التاريخية. في العشر سنوات الأخيرة يعاني الفن المسرحي كغيره من الفنون الأدائية صعوبة إرضاء الجمهور ، إن التحدي الذي يواجهه الفن المسرحي الان هو اكبر بكثير من سنوات البداية ، علماً ان الفن المسرحي الان يواجه عملقة السينما وبرامج التلفزيون وعالم الإبهار والوجود بتناول اليد من خلال أجهزة محمولة، أصبح التحدي عند الفنان المسرحي كبير جداً فعليه أن يضع على المسرح ما يضاهي هذا العالم المتطور من خلال قصة مسرحية وعمل مسرحي ، ومن هنا نرى أهمية مسرح الحكواتي الذي يختار دائماً أعمال مسرحية تخص المشاهد بشكل مباشر وتمس قضيته الوطنية والوجودية نستطيع القولأن مسرح الحكواتي استطاع الحفاظ على جمهوره من خلال تميزه باختيار أعماله المميزة

هل هناك مسارح أخرى موجودة في القدس غير مسرح الحكواتي، وماطبيعة العلاقة معها؟

الحركة المسرحية الفلسطينية الحديثة بدأت بعد نكسة عام 67 , كردة فعل على الاحتلال، وكان مسرح سياسي ملتزم من مثقفين وسياسيين وطلاب جامعات ومدرسين، لم يكن هناك فنانين محترفين، تكونت العديد من الفرق المجموعات المسرحية والفنية ، وكان العرض المسرحي في حينه يتكون من مشاهد تمثيلية رقص تعبيري ودبكة وغناء ملتزم ، وهنا مهم ان نذكر بعض الاسماء مثل ( مصطفى الكرد – فرانسوا ابو سالم – خليل شاهبن – زكريا شاهبن – أميل عشراوي – سامح عبوشي – عادل ترتير – على حجاوي – ناديا ميخائيل – محمد انيس البرغوثي – ماجد ألماني – وآخرين). لدى عودة المخرج فرانسوا ابو سالم، من الخارج، اشتغل مع فرقة هواة، سُميت “فرقة بَلالين”، وفي العام 1977 أسس فرنسوا أبو سالم فرقة الحكواتي، وفي العام 1983 تأسس المسرح الوطني الفلسطيني. بعد وجود المسرح الوطني تم تأسيس العديد من الفرق المسرحية، ومن هنا نستطلع القول ان وجود مسرح الحكواتي كان بداية انطلاقة الحركة الفنية الثقافية التي نشهدها اليوم في فلسطين، وما زال المسرح هو البيت الأول والحاضنة الأم للحركة المسرحية،وهنالك العديد من الفرق المسرحية في القدس وضواحيها تتخذ من المسرح بيتا لها.

ما مدى علاقتكم بالمسرح في الضفة الغربية وقطاع غزة…؟

كانت العلاقة مع مسارح الضفة وغزة قوية جدا من خلال تبادل العروض وإشراك ممثلين ومخرجين في أعمال في المسرح، الا ان الوضع السياسي قضى على كل شيء، أصبحنا نعيش بعزلة تامة عن بعضنا البعض، نستطيع نحن الفرق المقدسية الذهاب إلى الضفة لتقديم عروض، الا ان المسارح في الضفة محرومة تمام من الدخول إلى القدس، اما غزة فهي خارج الخارطة الثقافية حالياً للأسف، بعد ان كانت فعاله بشكل كبير.

كيف هي طبيعة المسرح ضمن أراضي الـ 48 … وهل هناك مسرحيات مشتركة؟

يوجد في أراضي 48 حركة مسرحية نشيطة من مخرجين ممثلين ومصممين ، تتمركز في حيفا والناصرة وبعض القرى والمدن المحيطة ، نستطيع القول ان الحركة المسرحية هناك اتخذت بشكل سريع طريق المهنية والاحتراف وذلك بسبب وجود الجامعات المختصة بالفنون والمسرح ، وإقبال الشباب الفلسطيني على هذه الجامعيات والمعاهد ، وبشكل عام ان الأغلبية العظمى من العاملين في المجال الفني هم خريجين جامعات وحاصلين على شهادة علمية في المجالات المختلفة من التمثيل الإخراج والتصميم ، إلاأن الداخل الفلسطيني يعاني من توفر قاعات مسرحية مجهزة للعروض ، المسرح الوحيد الذي كان يستوعب معظم الأعمال في الداخل كان ” مسرح الميدان ” وقد تم إغلاقه نهائياً بقرار محكمة بذريعة انه يحرض على العنف ضد دولة الاحتلال، يعمل المسرح الوطني الفلسطيني – الحكواتي منذ تأسيسه على فتح جميع القنوات مع الفنانين في الداخل ومع المؤسسات الفنية ، لقد ضمت فرقة الحكواتي عدد كبير من الفنانين من الداخل في سنوات التأسيس ، وما زلنا حتى اليوم نفتح أبوابنا لجميع الفنانين من الداخل لاكتساب الخبرات الفنية والإنتاجية منهم.

من هم أهم رموز المسرح في فلسطين.. (مخرجين وكتاب وممثلين) سواء في القدس أو أراضي الـ 48 أو في الضفة والقطاع…؟

مخرجين: فرانسوا ابو سالم – نزار زعبي – فواد عوض- جورج ابراهيم – محمد الظاهر -مازن غطاس- يعقوب اسماعيل- سامح حجازي- رياض مصاروة- انطوان صالح- ايهاب زاهدة- كامل الباشا- رائدة غزالة.

ممثلين: يوسف ابو وردة – مكرم خوري- محمد بكري- سليم ضو- سلوى نقارة- بشرى قرمان- هنري اندراوس- صالح بكري- عامر حليحل – خليفة ناطور- عامر خليل- ادوارد معلم- ايمان عون – ريم تلحمي-

كتاب: احمد رفيق عوض – محمود شقير – رياض مصاروة- سلمان ناطور – طارق السيد-

 عامر حليلحل – نزار زعبي- محمد الظاهر- جاكي لوبيك- ميرنا سخلة- خالد خماش.

وما علاقتكم مع المسرح الفلسطيني الموجود في الشتات؟

لم نكن نعرف الكثير عن المسرح الفلسطيني في الشتات، ولا حتى المسرح العربي، وذلك بسبب انقطاع التواصل بين فلسطين والدول العربية المجاورة، اذكر اننا التقيناللمرة الاولى بفنانين عرب من لبنان في باريس (في معهد ثقافات العالم) وحدثونا عن مسرح الحكواتي اللبناني في لبنان والذي كان قد اسسه المسرحي المعروف روجيه عساف. أما المسرح الفلسطيني، لم نعرف عنه شيئا حتى خروج منظمة التحرير من بيروت، وبدئنا نتعرف ونسمع عن الفرق المسرحية والاعمال المسرحية، كان اشهر الاسماء في حينه المخرج العراقي جواد الاسدي، و كان من الاشخاص الذين ساهموا في تأسيس فرقة مسرح فلسطينية في الخارج.

وكيف هي حركة النقد المسرحي في فلسطين بشكل عام.. هل تسير بموازاة العروض المسرحية؟

حركة النقد المسرحي متواضعة جداً وفقيرة، ممكن في بعض الأحيان نقول انها معدومة، يوجد الكثير من مقالات الراي حول عمل فني او مسرحي من اشخاص صحفيين او جمهور مميز، ولكن لا يوجد نقد فني مسرحي مهني يستطيع ان يضخ روح جديدة للعمل الفني، او يطرح اسئلة جوهرية او نقدية اتجاه العمل المسرحي.

هل يحضر إسرائيليين العروض المسرحية الفلسطينية؟

في فلسطين الداخل الوضع يختلف عن القدس والضفة الغربية، في فلسطين الداخل 48 وخاصة المدن الكبيرة المختلطة تجد عدد لا بأس به من الجمهور الإسرائيلي اليساري طبعاً، وخاصة الفنانين في معظم العروض المسرحية التي تقدم في حيفا – يافا-، اما المدن الصغيرة والقرى العربية فلا وجود للجمهور الإسرائيلي. في القدس في بعض الأحيان تجد صديق فنان او مخرج مقرب جداً جدأ يحضر عرض هنا وهناك، في الضفة الغربية طبعاً لا يوجد اي حضور من اي نوع لأي اسرائيلي.

الحركة المسرحية الإسرائيلية هل هي نشطة.. وهل هناك أعمال مشتركة معهم؟

اعتقد ان الحركة المسرحية الإسرائيلية نشطة جداً، ليس لدي اي معلومات دقيقة عن حجم نشاطها، ولكن نسمع دائماً عن نجاحات او انتقادات لأعمال وعن مخرجين وفنانين مهمين في المسرح العبري، انا شخصيا لا أجيد اللغة العبرية وليس لي أصدقاء إسرائيليين،  لا يوجد أعمال مشتركة بين مسارح إسرائيلية وفلسطينية في القدس والضفة، يوجد شراكات بين مؤسسات فنية ومسرحية في الداخل 48، طبعاً هذا لا ينطبق على الجميع، مؤسسات قليلة جداً هي التي تقوم بشراكات عربية إسرائيلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى