مَنْ يستحق لقب “الشهيد” في الإسلام؟

د. خضر محجز | فلسطين

الشهيد في المعنى الاصطلاحي الديني: هو المسلم الذي يقاتل الكفار، دفاعاً عن الحق، فيقتلونه. فالحق هو كلمة الله العليا.

ويقول أقوام بأن «كلمة شهيد» ــ بهذا المعنى ــ لم ترد في الإسلام. ثم يزيدون قائلين بأنها لم ترد في القرآن مطلقاً، وربما زاد بعضهم بأنها لم ترد في السنة الصحيحة كذلك.

ولعمرى إن ذلك لمن القول على الله، بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. إذ يبدو أن الدين قد غدا بالفعل مطية لكل راغب، حتى لو لم يكن قادراً على الركوب.

ووالله لأن أخر من السماء، أو تتخطفني الطير، أَحَبُّ إليّ من أن أقول على الله بغير علم.

إذ كيف يمكن الافتئات على الله بهذه الصورة، وبكل هذا التسرع؟، وقد علم أدنى مطالع للقرآن والسنة بأن كلمة «شهيد» قد وردت ــ بهذا المعنى الديني الاصطلاحي ــ في القرآن الكريم:

1ـ في قوله تعالى: «وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً» النساء/72

2ـ وفي قوله تعالى: «وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِين» النساء/69

3ـ وفي قوله تعالى: «وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُون» الزمر/69

أما في الحديث الصحيح، فقد أجرينا البحث في سبعة كتب من أهم كتب الصحاح، وهي: (البخاري، ومسلم، والترمذي، والموطأ، والنسائي، وأبي داود، وابن ماجه) وأعرضنا عما سواها، فخرجنا بالنتائج الآتية:

4ـ وردت كلمة «شهيد» ــ بهذا المعنى الاصطلاحي الديني ــ في هذه الصحاح، ستين مرة.

5ـ وفي نفس هذه الكتب وردت كلمة «شهداء» ــ بهذا المعنى الديني الاصطلاحي ــ ثلاثاً وثلاثين مرة.

وسأضرب أمثلة بالبعض، لأشير إلى الكل، مما ورد فقط في أحد الصحيحين، أو كليهما:

1ـ قال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله: «ما نَعلَمُ حيّا من أحياء العرب أكثرَ شهيدا وأعزّ يوم القيامة من الأنصار. قال: وقال أنس، رضي الله عنه: قُتِلَ منهم يوم أُحُد سبعون، ويوم بئر مَعونةَ سبعون، ويوم اليمامة على عهد أبي بكر سبعون» صحيح البخاري.

2ــ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أحدٌ يَدْخل الجنة يُحِبُّ أن يرجعَ إلى الدنيا، وله ما على الأرض من شيء، إلا الشهيدُ؛ يَتَمنَّى أن يرجعَ إلى الدنيا فَيُقْتَلَ عشر مرات، لما يَرى من الكرامة» وفي رواية « لما يَرى من فضل الشهادة». أخرجه البخاري ومسلم.

3ــ وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ، لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِلَّا الشَّهِيدَ، لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ: فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى». أخرجه البخاري ومسلم.

4ــ وعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: «اصْطَبَحَ نَاسٌ الْخَمْرَ، يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ» صحيح البخاريِ.

5ـ وأخبر جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ أَبَاهُ [عبد الله بن عمرو بن حرام] قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِم…» صحيح البخاري

6ــ وعن أمنا عائشة رضي الله عنها، في جزء من حديث الإفك، أنها قالت عن الرجل البريء الذي رُميت به، «فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّه» أخرجه البخاري ومسلم.

7ــ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه» صحيح مسلم.

8ــ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله عز وجل». أخرجه البخاري ومسلم.

9ــ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من قتل في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في سبيل الله فهو شهيد. ومن مات في الطاعون فهو شهيد. ومن مات في البطن فهو شهيد». أخرجه البخاري ومسلم.

10ــ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الجيش الذي يفتح القسطنطينية: «ويُقتل ثلثهم، أفضل الشهداء عند الله». صحيح مسلم.

اللهم إني أعوذ بك أن أقول ما لا أعلم، فعلمني مما تعلم، ولا أعلم. واهد قلبي، وتب عليّ لأتوب، وصل على سيدي وتاج رأسي ومحبوب قلبي: محمد وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى