أيها المحتلون … هذا زرعكم

عدنان الصباح

على صانع القرار في اسرائيل ان يقرأ جيدا ما قاله المفكر الصهيوني إ. ب. يهوشع عن منفذي العمليات الاستشهادية حين كتب يقول ” ماذا تريدون من رجل لم تتركوا اماه خيارا فإما ان يختار ان يختلط دمه بدم خمسمائة من اهلة او خمسمائة من اعدائه… ترى ماذا سيختار؟ فماذا سيجد الفلسطيني وحكومة بينيت التي تجمع اليمين وما يسمى باليسار وحتى المتعاونين من العرب وهي تغلق في وجهه كل السبل فلا حلول سياسية ولا افق لأمل ابدا لا في السياسة ولا في الاقتصاد فالاحتلال يعلن رسميا ن لا دولة للفلسطينيين ولا انهاء للحصار عن غزة ولا بحبوحة في العيش فالاحتلال واعوانه يمنعون الخبز عن الفلسطيني واسرته فماذا يمكن ان تتوقعون منه

مرة اخرى واخرى يعزي المحتلون انفسهم بان المنفذين افرادا معزولين ولا علاقة لهم بالفصائل والتنظيمات الفلسطينية جميعها وحتى لو كان ذلك حقيقيا فان المخرجات التي يجب على الاحتلال ان يقرأها جيدا ان الامر سيكون اخطر بكثير مما لو كان الفاعلين اعضاء بتلك الفصائل ذلك ان اختراق الفصائل ممكن لكن الامر مستحيل من اختراق عقول وقلوب الفلسطينيين.

على المحتلين ان يعلموا خطورة دفن راسهم بالرمال ذلك ان الاعمال الفردية الفلسطينية تتم صناعتها في مقرات صانعي القرار في اسرائيل فالفلسطيني الذي يصر الاحتلال الذهاب به الى ضرب راسه بالجدار الاخير فلا خيار له ابدا حين تغلق كل السبل في وجهه فلا عمل ولا سفر ولا علاج ولا راتب يكفي لسد الرمق والامر يطال مئات الالاف من الشباب الفلسطيني.

كيف يعيش فلسطيني جنين ويوميا تقتل قوات الاحتلال صبيانه في ربيع العمر ومهما حاول الفلسطينيون تصوير الشهداء كأبطال ونشر صورهم مع السلاح فان الجميع يعلم انهم ضحايا بطش الاحتلال وكيف يعيش الفلسطيني في رفح والحصار يمنع حتى الحليب عن اطفاله وكيف يعيش الفلسطيني في ام الفحم وجرائم القتل مباحة بلا رادع وكيف يعيش الفلسطيني في القدس والصلاة براي المحتلين حرام والمسافات صفر بين رفح وجنين وام الفحم والقدس فكيف سيقبل الفلسطيني ان ينعم اليهودي ببحبوحة العيش بينما يفقد الموظف الصغير الفلسطيني قدرته على شراء حلوى رمضان بعد ان خصمت السلطة 20% من راتبه لان الاحتلال يصادر حقوق سلطته المنقوصة أصلا واخذ البنك 50% مقابل القرض وفي الطريق بين صراف البنك وبيته ينتظر الدائنون ليأخذوا ما تبقى من الراتب ولا يصل الى اطفاله الا بجيوب فارغة وبعض من دمع.

أيها المحتلون هذه هي حياة الفلسطيني التي زرعتم بأيديكم فماذا ستحصدون إذا سوى ما زرعتم خصوصا وان الفلسطيني يعرف جيدا كيف يعيش على بعد امتار منه المستوطن الذي يحتل أرضه بتامين صحي وتامين وطني وصندوق بطالة وضمان شيخوخة فكيف تريدون له لن يسلم لكم بسرقة وطنه وقوت اطفاله وسلام بيته وهو يرى العالم الاعمى ينتفض ضد روسيا دفاعا عن اوكرانيا ويتركنا لقمة سائغة لكم تمضغوننا كيف تشاؤون وتضعوننا في زاوية دون ان تتركوا لنا خيارا سوى ما قاله أ. ب. يهوشع.

أيها المحتلون لا خيار امامكم الا ان تزرعوا السلام لكم بسلامنا والا فان زرعكم هذا سيواصل الانبات اكثر فاكثر وأيا كانت الخطط الامنية والعقوبات التي ستتمخض عنها عقولكم المريضة فان النتيجة ستكون اقسى واقسى لان أعداد الفلسطينيين الراغبين باختلاط دمهم بدمكم ستزداد يوما بعد يوم وستختفي اعداد اولئك المستعدين لمقايضتكم امنهم الذليل بتنازلهم عن ارضهم خبزهم وكرامتهم وسلام اطفالهم فإما ان تعودا الى رشدكم او تواصلوا حصد زرعكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى