مرحبا.. يا شام

شعر : هلال السيابي | دمشق الفيحاء

٧ ربيع الثاني ١٤٤٤ هـ – ١ نوفمبر ٢٠٢٢ م

بيني وبينكِ من هوى وتَصاب
زُمَرٌ مُعتَّقةٌ من الأنخاب

===

فلقد هوَيتُكِ قبلَ معرفةِ الهوى
وعشقتُ عزَّكِ يا لباةَ الغاب

===

ومشيتُ تحتَ سماءِ كلِّ قصيدةٍ
من جانبيكِ، وخلفَ كلِّ شهاب

===

وملأتُ من “بردى”كؤوسَ يَراعتي
فعرفتُ معنى الزهوِ والإعجاب

===

فإذا أتيتُ فإنني بكِ مُغرَمٌ
صَبٌّ، وليس بسائحٍ جَوَّاب

===

أو غِبتُ عنكِ،فأنت بين جوانحي
فلتغفري لي يا دمشقُ غيابي!

===

ها قد أتيتُكِ والهوى بركابي
فيحاءُ، والتاريخُ من أسبابي

===

والشهبُ في أفقِ السماءِ شواخصٌ
ترنو إليَّ، و”عبدُ شمسِ” صحابي

===

وبأضلعي من”آلِ جفنةَ” هَزةٌ
خفَّاقةٌ، ملأت عليَّ إهابي

===

لا تمتري بي الذكرياتُ عن الألى
رسموا العُلا بكتائبٍ وكتاب

===

فالشمسُ في سوريةٍ ليست سوى
ما سطَّرته أسنَّةُ الأصحاب!

===

والشهبُ بالفيحاءِ ليست غيرَ ما
رسمت أميةُ من هوىً مُنساب!

===

إني أكادُ أشمُّ ريحَ محمدٍ
في جانبيكِ تضوعُ بالأطياب

===

وأرى الصحابةَ حوله في وِقفةٍ
عزت على الإطناب و الإسهاب

===

فيحاءُ يا قلبَ العروبةِ والعلى
يا خيرَ أرضٍ للعلا وروابي

===

ما حاولَ الرومانُ مسَّ جبينَكِ الوضاءَ،

إلا كنتِ ليثَ الغاب!

===

قد جاشت الأحداثُ نحوَكِ بالردى
فلقيتِها بعزائمِ الوثَّاب

===

وأبَيتِ إلا أن تكوني مثلما
قد كنتِهِ أفقًا بغيرِ ضباب!!

===

فلأنتِ أنتِ دمشقُ من نبضِ الألى
جعلوكِ نبضَ أسنَّةٍ الكُتَّاب

===
ما زلتِ تتخذينَ من أفقِ السما
لك منزلًا يزهو بكلِّ شِهاب

===

وتُراوحينَ الأرضَ منك بفِتيةٍ
من كلِّ بدرِ دُجىً وكلِّ مُهاب

===

أكبَرتُ فيكِ العبقريةَ  تنثني
كالحورِ قد برزت بدونِ نقاب

===

وكأنما قال الجلالُ لك: انشُري
ما شئتِ من ألقٍ ومن إعجاب

===

فلأنتِ مهدُ العبقريةِ ما لها
إلَّاكِ من حَرسٍ ومن أرباب

===

فبنيتِ للتاريخِ أعظمَ ما بنى
غُرٌّ من الأعجامِ والأعراب

===

ورسمتِ ما زانَ السماءَ وشُهبَها
وأعدتِ للعلياءِ بُردَ شباب!

===

وكتبتِها غَرَّاءَ من قصصِ العلى
ستظَلُّ تُروى طيلةَ الأحقاب

===

ويظلُّ يرويها الحداةُ، فإن همُ
سكِروا بخمرتِها ، فما من عاب!

===

أبناءَ سوريا، وأُسدَ عرينِها
عذرًا، إذا ما جئتُكم بعتابي!

===

هذي الديارُ النابتاتُ على الضحى
والنائفاتُ بكم من الأقطاب!

===

أنتم فوارسُها وشُهبُ سمائها
وحماةُ بَيضتِها بيومٍ نابي

===

ما بالُها باتت تئنُّ مروعةً
ما بينَ ظِفرٍ منكمُ أو ناب

===

“ابنُ الوليدِ” يئنُّ في حمصٍ أسىً
و”أبو عبيدةَ” منكمُ بمُصاب!

===

يستصرخانِ الخيلَ، وهي كئيبةٌ
ويناديان فيالقَ “الأصحاب”

===

أما “أبو حفصٍ” فيشربُ همَّه
أحسِنْ عزاءك يا “فتى الخطاب”!

===

و”صلاحُ” يندبُ خيلَه وسيوفَه
أوّاهُ أين أسنَّتي وحرابي!

===

هذي ديارُ أميةٍ، ماذا جرى
يا شمسُ هل لي منكمُ بجواب!

===

أولَمْ يكن”مروانُ”شيخُ ديارِكم
ما بالُه أمسى على الأبواب

===

يا أمتي  طمَّ العبابُ،  وكلُّنا
تحت اللظى في المعركِ الغلاب

===

ياليت شعري أين آسادُ الشرى
من كلِّ ذي  لِبَدٍ وذي قرضاب!

===

أين الفوارسُ من أهلَّةِ يَعربٍ
أين الأشاوسُ أين أسدُ الغاب

===

أين الذين إذا سرت راياتُهم
ريع العدوُّ لها، بكلِّ تَباب!

===

“القدسُ” تَشرقُ بالدموعِ ذليلةً
تحت السنابكِ يا له  من عاب!

===

تبكي مآذنُها و يندبُ صرحُها
ويولولُ المحرابُ للمحراب!

===

والرافدانِ ولا أزيدُكمُ أسىً
كم يشكوانِ بمدمعٍ سَكَّاب

===

وبنو العروبةِ في جميعِ ديارِهم
لاهُونَ بين مُطبِّعٍ ومُحابي!

===

بَرِحَ الخفا، قد أعلنوها للملا
حربًا بكلِّ أسنَّةٍ وحِراب

===

دوَّى بها “بوشٌ” وقال بأنها:
حربُ الصليبِ وليس ذا بعجاب

===

خططٌ مُحددةٌ، وحربٌ فظةٌ
خيضت بكلِّ شمائلِ الأذناب!

===

لا تَعرفُ الوحشُ الكواسرُ غيرَ ما
خُلقَت له من سيِّءِ الأوصاب

===

فإذا رمى خيرَ الديارِ بلؤمِهِ
وسقى سنابَلها بكلِّ الصَّاب!

===

فالحقُّ ذلك من طباعِ خِلالِهِ
فاحذر لظفرٍ من سُطاه وناب!

===

فيحاءُ يا بنتَ المراوينَ الأُلى
عُذرًا اذا ما طالَ عهدُ غيابي!

===

بي من هواكِ أواصرٌ  لمَّا تزلْ
من عهدٍ غسانٍ ترِنُّ ببابي!

===

مَلكتْ عليَّ مسالكي وممالكي
وسرت بروحي كالضيا وجنابي

===

فلتقبلي عُذري وروحَ تنسكي
فيحاءُ لو أدمى الجبين عتابي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى