أضعنا الطريق، وانحرف مسارنا

جمال عبد الناصر  | اليمن
ولم نعد نشكل أي خطر على إسرائيل، ولا نملك أي خيار لوقف عداوتها؛ لقد صارت الكيان الأقل عدداً والأوسع أرضاً، والأكثر دموية وإجرماً؛ بينما أصحاب الأرض وشعوب وحكام العالم العربي والإسلامي لا تقوى أياديهم لمجابهة تصرفاتها ووحشيتها وإيقاف عناصرها عن اقتحام الأماكن المقدسة؛ لأننا أصبحنا نرى فلسطين قضية هامشية، وجعلناها شماعة لمشاريع توسعية، وحجة لصراعات طائفية، وسبب لقتل بعضنا البعض، وقزمنا القضية وجعلناها صراع بين اليهود والمسلمين، ولا يحق لأحد في الدفاع والحديث عنها إلا دعاة الخلافة والولاية برايتهم وعمائمهم السوداء،وبرغم التضامن العالمي والعربي لنصرة فلسطين، الإ أننا اليوم مبتلين بمن يدعي الدفاع عنها ونصرتها.
فلسطين تثبت اليوم أننا أشد ضعفاً و أوهن شعوباً، والأكثر عدداً، والأقل شجاعاً، والأكثر أرضاً وتاريخاً، والأصغر عروباً وهيببة، ولم يُعد لدينا فارس مثل الخليفة عمر بن الخطاب “الفاروق” لكي يفتح الأقصى، ويعيد مجد أمتنا وعروبتنا، ولا نملك قائداً كصلاح الدين الأيوبي يتصدى للحملات الصليبية ويحاصر الغزاة ليرغمهم على الاستسلام، رافعاً راية النصر، وعائداً بالقدس للحضن العربي والاسلامي، ولم تُعد لدينا الجيوش التي تتحرك إذا نادت امرأة “وامعتصماه”.

ما لا نتوقعه من إسرائيل، وقع. بعد أن أضعنا شجاعة ياسر عرفات، وعروبة جمال عبد الناصر، ودهاء أنور السادات، وجرأة الفيصل، وذكاء الأسد. فقدنا بحر عكا، وزيتون القدس، وماتت النخوة العربية، وتلاشت القضية الفلسطينية، وضاعت الهيبة والفروسية، ولم تعد الجيوش تهتم الإ بترتيب الوجبات الثلاث. افتقرنا اليوم لزعامة عبد الناصر وخطره على إسرائيل، بعد انسحابه هو وثلثي أعضاء دول العالم من الأمم المتحدة إثر حديث المندوب الإسرائيلي، معلناً قادة الأمريكان بأن عبد الناصر يحكم ثلثي الأرض.
أين أيام المجد العربي، والتحرك الشعبي، وقلق وخوف إسرائيل، وزرع الرهبة والضعف مما سيأتيهم من رد عند قتلهم أبناءنا أو ارتكابهم المجازر بحق أطفال ونساء فلسطين .

غاب الزخم العربي، والغضب الشعبي، وقصيدة “بلاد العرب أوطاني”، و أنشودة “وين الملايين، الغضب العربي وين”.، ونسينا ملاحم الجيش المصري وجيوش الأمة العربية، في الخمسينيات والسبعينيات من القرن العشرين أثناء كسر شوكة إسرائيل، وموقف عدم تصدير بترول السعودية إلى أمريكا، حتى توقف إسرائيل زحفها وتدميرها للشعب والأرض الفلسطينية.

اليوم أصبحنا مقيدين بلا قيد، مسجونيين بلا سجن، وأحرار بلا حرية، ولا يوجد لدينا وسيلة الإ إعادة أمجاد الأمة والنخوه العربية؛ فالقضية الفلسطينية كبيرة، ومن يصغرها هم أدواتها. علينا أن نغير الأدوات، ونتمسك بالقضية؛ لأن القضية هي القاعدة الصُّلبة التي تجمع شمل العرب، لإيجاد حل عادل بالعقل والمنطق، وليش بالشعارات والاوهام وعقدة الكراهية. والإ فلنحني الرؤوس ولنتودد رضاء إسرائيل ونطلب رحمتها في قتلنا وتدمير أراضينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى