زوجتك ليست دابة تمتطيها

سمية صالح الجعفري | كاتب مصرية

هل شعرتِ يوما بروحك تنشطر؟!

هل شعرتِ بإنك ممددة على فراش إسمنتي برودته مميتة، والمقصلة قابضة على أنفاسك، تُمزق أوتار أحبالك الصوتية فلا تقوين على الصراخ ؟! تبتلعين صرختك في صمت لتشعل داخل جوفك بركانا يحرق كل الأنحاء ؟! سيل من الأسئلة وقع على أُذني وقع المطرقة، من إحدى صديقاتي في جلسة الخميس المسائية التي نتجمع فيها كحال العديد من النساء.. نتبادل فيها همومنا وكل ما أثقل النفس، ولكن تلك الليلة كانت استثنائية بطريقة مرعبة..

تجمعنا كعادتنا وتبادلنا القبلات والأشواق ولكن مريم كان لونها شاحبا وعلى غير طبيعتها التي اعتدتها، وحين أردت أن أبدل تلك الحالة بنوع من الفكاهة المعتادة ما بين النساء، حولت وجهها صوبي ونظرت إلي بعينِ ميتة وأطلقت تلك التساؤلات، أطبق علي الجميع الصمت، وإذ بها تبكي بحرقة وتستمر في السرد، أنا أذبح كل يوم، حين أسمع صوت المفتاح في الباب أشعر بأنفاسي تتلاحق والخوف يمزقني، أتى وسيغتصب روحي دون رحمة ولا أملك من أمري شيئا، أتمدد كذبيحة حان وقتها ويأخذ مني مأخذه بمنتهى العنف والقسوة، ويتركني غارقه وسط دموع حارقة، أذهب مسرعة للاغتسال و أشعر بأنني أريد أن أمزق جلدي حتى يتلاشى أثر اغتصابه لروحي..

بوح مريم تبعه سيل من الخفايا التي حوتها صدور صديقاتي، وإذ بأمل تكشف عن ذراعيها وظهرها وساقيها، لترينا العلامات التى تركت بدل الأثر أثار، زوجها سادي يقيدها في الفراش، وينهال عليها بالضربات ليشبع غريزته الشاذة، ويطلب منها الصراخ إن ذرفت دموعها في صمت وقهر ويُردد، اصرخي أريد أن أتلذذ بضعفك وسيطرتي عليك..

وجدت فاطمة تكورت على نفسها في زاوية والخوف يسكن مُقلتيها، اقتربت منها الهوينى وإذ بصرخة تخرج من جوف يحترق، أبغضه أبغضه وأبغض تلك العلاقة الحميمة، في ليلة الزفاف مزق ثوبي بهمجية وألقي بي على الفراش و فعل ما فعل وتركني أنزف بشدة، ارتعب وتسمّر في مكانه ثم حملني إلى أقرب مستشفى، وحضر الأهل وإنهالوا عليه بسيل من السُباب، وأردت الإنفصال عنه ولكن في مجتمعاتنا يعايرون الزوجة التي يتم طلاقها في ليلة الزفاف ويظنون بها الظنون، أكملت معه أشهر عديدة لم أسمح له بالإقتراب مني، ولجأت إلى جلسات علاج نفسي خلالها، وانفصلت عنه ومنذ ذاك اليوم وأنا لا أقبل الإرتباط بأي شخص ..

أطلقت إنجي ضحكة مُدوية فالتفتنا جميعا” إليها، أنا لا شئ، أجل لا شئ، لا أشعر بأي متعة أو لذة ولا أبلغ النشوة التى سمعت عنها قط، علاقة روتينية مملة لأبعد حد، ولا أنكر إنه يقبلني بضع قبلات ثم يحملني إلى الفراش سريعا”، وإن طلبت منه الإطالة قليلا” في المداعبة، قال لا أحتمل ويصل إلى مراده ولا يهتم بي أو بمشاعري، يفرغ جعبته الشهوانية بداخلي ثم يدير لي ظهره مباشرة، وكأنني ساقطة أخذ منها مراده إلى أن اكتفى وألقاها مباشرة ..

اختتمت حنان ليلة الإعتراف بأقذر وأخس علاقة، شعرت بإنني أريد أن أتقيأ حرفيا”، زوجي ماهر في المداعبة وأبلغ معه كل مرادي وانتشي كثيرا”، ولكن بصُحبة زوجته الأخرى.. قاطعناها جميعا بصرخة ماااااذا، ضحكت ضحكة كسر وذل وقالت: أجل ذاك ما يحدث يعاشرنا سويا”، ويتنقل بيننا وكأننا جاريات ملكهم بعقد زواج، وحين استنكرت ذاك في أول مرة، إنهال علي بالسُباب والضرب، وأنا ليس لي أهل أو أحد ألجأ إليه فاستسلمت لذاك الوضع المخزي، أما الأخرى فهي تستمتع بذلك الوضع ولا يسبب لها أي ضيق.. تلك الحكايات أثارت حفيظتنا ودوى بيننا الكثير من اللعنات، ليقطعها صوت عائشة وهي طبيبة وتعد أكثرنا إلتزاما “دينيا”، لتكشف الغطاء عن الكثير مما نجهله..

عزيزاتي كل ما سبق لا يمت بصلة للعلاقات الحميمة المتزنة، لا من الناحية الدينية أو من الناحية العلمية، كل ذاك عبث؛ فقد جعل المولى – عزَّ وجلَّ – الزواج سكنا ومودة ورحمة، والعلاقة الحميمة توطد التقارب ما بين الأزواج وتبعث الدفء والسكينة والحب..

يتهيأ كلا الزوجين للعلاقة بالاستحمام والتعطر وارتداء ملابس محببة للإثنين، في البدء يجب أن نستعيذ من الشيطان، ويكون هناك الكثير من المُداعبة والمقدمات التي تجعل الزوجين راغبين في الجماع، وتلك المداعبة ليست بعبثية، بل تجعل الجسد يسترخي والرحم لدى المرأة يفرز مادة، تجعل الإيلاج بدون ألم، فلا يحدث نزيف أو أوجاع نتيجة الاحتكاك، بل تشعر المرأة بالارتخاء والاستمتاع، والإيلاج لا يكون بعنف وقسوة بل بلين، والوصول للنشوة يكون للزوجين معا”، وإن سبق الزوج في الوصول للنشوة يجب أن يجعل زوجته تصل للنشوة أيضا”، لأن عدم الوصول وإدارته لظهره عند الانتهاء يسبب آلام نفسية وجسدية، ويجب أن يضمها ما بين ذراعيه بدفء وذاك هو السكن، حيث تسُكن النفس وتهدأ وتكون العلاقة تمت على الوجه الأكمل، ومن لا يفعل ذلك ويدير ظهره لزوجته فهو حيوان لا أكثر ويسبب ذلك الوضع التباعد والتنافر بينهما..

ويبُاح للزوج أن يأتي زوجته بإي طريقة يريد وكيفما يشاء، ولكن من قُبُلْ فقط وحُرم الإتيان من الدُبُرْ، فذاك الإتيان يسبب أمراضا، فلا يحرم الله شئ إلأ لضرر قال تعالى (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) سورة البقرة، الإتيان يكون في مكان الحرث، أي المكان الذي ينبت فيه الزرع، وحرث الرجل والمرأة الوليد، لذا الإتيان يكون من قُبُلْ.. كما حُرم الجماع وقت الحيض لقوله تعالى (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) سورة البقرة، ويقول الدكتور محمد البار متحدثاً على الأذى الذي في المحيض فيقول: يُقذف الغشاء المبطّن للرحم بأكمله أثناء الحيض، ويكون الرحم متقرحاً نتيجة لذلك، كما يكون الجلد مسلوخاً فهو معرّض بسهولة لعدوان البكتيريا الكاسح، ويصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطراً داهماً على الرحم .. ويرى أن الأذى لا يقتصر على ذاك فقط بل يؤدي إلى :_

1. إمتداد الإلتهابات إلى قناتي الرحم فتسدها، مما قد يؤدي إلى العقم أو إلى الحمل خارج الرحم، وهو أخطر أنواع الحمل على الإطلاق..

2. إمتداد الإلتهاب إلى قناة مجرى البول، فالمثانة فالحالبين فالكلى، وأمراض الجهاز البولي خطيرة ومزمنة..

3. إزدياد الميكروبات في دم الحيض وخاصة ميكروب السيلان..

ولتعلمن يا عزيزاتي إن العلاقة الحميمة ليست فقط متعة و لذة ونشوة، بل لها فوائد نفسية وصحية كثيرة ومن الفوائد الصحية :_ الجنس هو تمرين هام لنشاط الشرايين التاجية للقلب، فزيادة النبض تحافظ على مرونة واستقرار هذه الشرايين.. ممارسة الجنس تقلل من مستوى الكولسترول العام في الدم، وترفع من مستوى الكولسترول “الجيد” على حساب الكولسترول “السيئ” (LDL- Low density lipoprotein).. فأثناء الجماع الجنسي تلاحظ زيادة كبيرة في تدفق الأكسجين إلى الأنسجة والأعضاء، مما يزيد من مستوى الطاقة العام، ويزيد من التفاؤل.. فممارسة الجنس والنشوة التي ترافقها ترفع مستوى هرمون التستوستيرون، والذي يعرف كمقوي للعظام والعضلات، وهو ضروري بالأخص لهشاشة العظام. كذلك فهو المسؤول عن الرغبة الجنسية لكلا الجنسين؛ فمجرد حدوث نشوة القذف لدى الرجال يساهم في صحة غدة البروستاتا ويسهم في تباطؤ تضخمها.. أما النشوة الجنسية لدى الإناث فترفع لديهن مستويات هرمون الاستروجين، الذي يحمي القلب من النوبات القلبية.. فممارسة الجنس تحافظ على مرونة الأنسجة في المهبل، وتحمي من الإلتصاقات الداخلية لجدران المهب،والعلاقة الجنسية الممتعة التي تصحبها النشوة تحافظ على مرونة ونضارة الجلد في جميع أنحاء الجسم وخاصة في الوجه..

أما التأثير النفسي للعلاقة الحميمة الأتي : فإن ممارسة الجنس الممتعة والتي تضم أيضا الشعور بالنشوة الجنسية، تزيد من الرغبة الجنسية والشهوة لدى الرجال والنساء، وذلك بسبب إفراز هرمون الدوبامين، نقص هذا الهرمون قد يساهم في تطور مرض الباركنسون في المستقبل، ووجوده قد يمنع المرض، كما إن ممارسة الجنس المنتظمة تزيد من مستوى الاندورفين في الدم، مثل السيروتونين وغيره، وهذه هي مسكنات طبيعية للألم، وهي تساعد على تخفيف حدة التوتر، تقلل من الصداع، وتخفف من الصداع النصفي، كما إنها تعطي شعورا” بالإسترخاء، الرضا، وشعور جيد بشكل عام؛ فهرمون الأوكسيتوسين، الذي يفرز أساسا لدى النساء خلال بلوغ النشوة الجنسية، هو المسؤول عن حدوث الإنقباضات التي تشعر بها النساء أثناء النشوة، وهو يدعى أيضا هرمون “الإرتباط” لإنه يخلق حاجة قوية للإتصال بالشخص الذي سبب إفرازه وهذا الهرمون يفرز ايضا” لدى النساء في أثناء الولادة، وهو مسئول عن تقلصات المخاض وبعبارة أخرى، فإن النساء اللاتي يبلغن النشوة الجنسية تكون لديهن أقل الآلام أثناء الولادة من النساء اللاتي لا يشعرن بالنشوة الجنسية. وقد وجدت علاقة ذات دلالة إحصائية بين الرضا عن الحياة الجنسية والحصول على علامات أعلى في الإختبارات النفسية في مجال الصحة النفسية، ووفقا للإحصاءات يتضح أن ممارسة الجنس، تشكل إلهاء من الدرجة الأولى عندما نكون متوترين لأي سبب من الأسباب في الحياة اليومية.. تلك هلى العلاقة الحميمة بصورة شاملة، ويجب أن يكون لدينا ثقافة دينية وعلمية لنتعامل مع العلاقة بطريقة سليمة، تجعلها تحقق الغرض منها، وإن كان أحد الزوجين يعاني من مشكلة يتابع طبيب متخصص وذاك لا يقلل منه شئ ..

ولكن اتعلمون المشكلة الحقيقية هنا هي الجهل المجتمعي ،ولا أستطيع أن أنكر دور المجتمع في ذاك الجهل بالعلاقة الحميمة، مجرد ذكر كلمة جنس أو علاقة خطأ كبير، ولا يُسمح بالتحدث عنه في مجتمعاتنا العربية، مع إنه فطرة بشرية، ويجب أن نتخذ خطوات حقيقية في ذاك الصدد، وتقام ندوات ثقافية للتوضيح وإلقاء الضوء على مفهوم العلاقة الحميمة الصحيح، من خلال الدين والعلم، ليستقر المجتمع و تصبح العلاقات سوية، فالعلاقة غير السوية تسبب الكثير من الأضرار النفسية وتمزق الأُسر، وتكثر حالات الإنفصال وإن لم يكن إنفصال تام، فيكون إنفصال جسدي وأخطاره كثيرة على الجميع، وأدي ذلك إلى الإنحلال الأخلاقي، الذى أصبح ظاهرة جلية في المجتمع من خلال العلاقات المُحرمة التي يذهب إليها الشريك لإشباع متعته الجسدية والنفسية، ووسائل التواصل الإجتماعي جعلت ذلك مُتاح بيُسر، وهذا أدى إلى تخلخل المجتمع وعدم إستقراره و إنتشر الشذوذ الأخلاقي..

أنتن لستن حالات فردية بل يوجد مثلكن الكثيرات، ولكن لا يُفصحن عن ذاك الأمر، ولنبدأ بأنفسنا وكلا”منكن ترفض وبشكل حاسم وقاطع تلك العلاقات غير السوية، وكلا”منا تنشر المعرفة السليمة للعلاقة الحميمة خلال نطاقها لتكون نواة لتصحيح الأفكار العقيمة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى