منار حسن فتح الباب في آخر حوار لها: تسرد ذكرياتها مع والدها الشاعر الدكتور حسن فتح الباب

حاورها: أبو الحسن الجمال | كاتب ومؤرخ مصري

فجعنا برحيل الأستاذة منار حسن فتح الباب، وتأثر الجميع بهذا الرحيل؛ لما كانت تتمتع به من سمو الأخلاق قبل تميزها في في مجالات عدة وأهمها عملها كإعلامية متميزة في قناة النيل الثقافية، إضافة إلى ممارستها للرسم وكتابة الشعر والنقد والسرد. وترجع علاقتها بالسرد إلى أكثر من من ثلاثة عقود حينما كانت تدرس في كلية الآداب جامعة وهران بالجزائر بعد أن مكثت سنة في كلية الطب بنفس الجامعة ولكنها فضلت دراسة الأدب على دراسة الطب، حينما كانت ترافق أبيها في منفاه الاختياري بالجزائر احتجاجاً على زيارة السادات للقدس سنة 1977، وبدء مفاوضات السلام مع العدو الصهيوني.

وقد تتلمذت منار فتح الباب على مؤلفات المدرسة الفرنسية الخاصة بالسرد بلغتها، ثم تبناها كلا من الأستاذ الدكتور صلاح فضل، والأستاذ الدكتور محمد عبد المطلب، وفي خصوصاً في أطروحتها للماجستير التي بعنوان “الخطاب الروائي عند غسان كنفاني ..دراسة أسلوبية”، وقد طبعت في كتاب عن سلسلة “كتابات نقدية” التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة، كما تخصصت منار في التطبيقات النقدية والتحليلية الاسلوبية تخصصاً دقيقاً، ومارست الكتابة القصصية مع أبناء جيلي الثمانينات والتسعينيات، وحصلت على جائزة الدولة للإبداع عام 1996، وكان رئيس اللجنة الراحل الكبير فتحي غانم، وأعضاء اللجنة ابراهيم فتحي، وإدوار الخراط وأسماء عملاقة، وكان العمل اسمه “القطار لا يصل الى البحر”وهي مجموعة مجموعة قصصية بلغة الشعر.

درّست الرواية والنقد الأدبي والأسلوبية في الجامعات منها كلية التربية النوعية قسم الإعلام، وقسم التعليم المفتوح بالجامعة الأمريكية في التسعينات بنظام الساعات، كذلك ناقشت مجموعات وروايات في المنتديات الادبية، كما كانت تعنى بنشر أخبار القصة والرواية على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، كما كانت تتولى رئاسة تحرير “ليالي السرد” بقناة النيل الثقافية…

وقد تعرفت على منار فتح الباب منذ عشر سنوات، وزرت أبيها كثيراً في منزله بمصر الجديدة وخصوصاً أنه ينتمي إلى بلدتي “منسافيس” بمركز أبوقرقاص بمحافظة المنيا، والتقيتها أيضاً في مؤتمر أدباء مصر الذي عقد في مدينة المنيا في ديسمبر سنة 2016، وكان فرصة للاقتراب منها؛ حيث رافقتها في زيارة معالم المنيا الجميلة وكانت تعتز جداً بانتسابها إلى المنيا وإلى قرية أبيها ووعدتني بزيارتها ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، ثم لم تنقطع الاتصالات بيني وبينها حتى قبل أن تدخل في رحلة مرضها الأخير حيث مكثت بالمستشفى قرابة 45 يوماً وكنت أدوام الاتصال بأختها الدكتورة نجلاء للإطمئنان عليها..

وقد سجلت معها هذا الحوار وفتحت لي صندوق الذكريات، فحدثتني أكثر عن والدها الراحل ونشأته وتعلمه وذكرياتها معه وهو الذي شجعها على الولوج إلى عالم الإبداع وشجع فيها الموهبة الأدبية وكانت ترتبط به أكثر وسمى ديوانه الرابع “عيون منار”، ثم رافقته في منفاه في الجزائر الذي استمر عشر سنوات وسافرت معه إلى العديد من البلاد الأوربية والعربية، وفي كل المؤتمرات التي كانت تعقد داخل مصر، وفي رحلته الشهيرة في البحث عن جذوره بقرية منسافيس بالمنيا، وتطرقنا لموضوعات عدة سوف نطالعها في الحوار التالي:

 كيف كان للنشأة أثرها فى حياة الدكتور حسن فتح الباب الأدبية؟

– والدي الراحل الدكتور حسن فتح الباب من مواليد شبرا سنة 1923، كان بيته ملاصقا لبيت العالم الراحل جمال حمدان، وينتمي لأسرة من صعيد مصر في قرية منسافيس التي تتبع مركز أبو قرقاص بمحافظة المنيا، وقد تعرض لليتم مبكراً إذ رحل والده سنة 1930، وهو لم يكمل السابعة بعد، فتحمل المسئولية مبكراً حيث كان الابن الأكبر، وقد حفظ معظم آيات القرآن الكريم وكان نهما في القراءة وابتدأ يطالع وهو سن الطفولة والمراهقة وأحب الشعر وطالع روائعه، وحفظ الآلاف من أبيات الشعر العربي في كل عصوره، وكان دوما يردد أمامنا روائعه وخصوصا شعر المعلقات وأشعار صدر الإسلام والعصر الأموي والعباسي، وينتمي والده إلى الجيل الذي كان يسوده التسامح والمودة بين الناس وخصوصا في حي شبرا العريق، وقد فصل هذه العلاقة في كتابه “حارة المجدلي”، وكنت تحدثت بشأن هذا الكتاب مع عدد من الجامعيين الذي اكدوا أنها سيرة ذاتية عالمية لأنها مكتوبة بالشعر، كما تناولها أيضاً في مذكراته التي أسماها “أسمي الوجوه بأسمائها”، ومن الخصال اتذكرها عن والدي أنه كان يمتاز بذاكرة قوية فهو يتذكر طفولته ونشأته، واليتم الذي عانى منه ووالدته التي ترملت من أجل أولادها لذا نراها تطل علينا من أشعاره وذكرياته وأحاديث الكثيرة. باختصار حياته كلها نموذج للانصهار هو مثقف عروبي محب لمصر ومحب أيضاً لدائرته الصغرى التي نشأ فيها في صدر أيامه… وينتمي لجيل العمالقة، وهذا الانصهار الذي ضم المؤلفات النقدية وريادة الشعر الحر وتبني الشباب من خلال الفعاليات الثقافية في مصر حيث كان يطوف بكل المحافظات والقرى والنجوع يحاضر في أندية الأدب ويقدم الوجوه الجديدة.. هذا الشيء الذي ترك أثرا طيباً في نفوس محبيه وعاشقيه ومريديه.

ذكرياتك مع الوالد وأهم المواقف؟

– منذ طفولتي وقد لاحظ والدي غرامي بالرسم فشجعني وأراد أن ينمي هذه الهواية عندي، فيما بعد وبعد توقفي عن الرسم وبداية ممارستي للأدب وكتابة كان يتابعني باستمرار ويشجعني دوماً ويوفر لي الوسائل التي تنمي عشقي للأدب، وقد ساهم ذلك في أن يكون لي اسم في مجال السرد والشعر والنقد وأهم المواقف أنه قال لأمي خذي الأولاد ليشاهدوا جنازة الرئيس جمال عبد الناصر، وكنت في السادسة من عمره، وما زلت اتذكر هذه الجنازة الأسطورية التي حضرها الملايين، وكتبت من وحي هذه الجنازة قصص في أول مجموعة لي “لعبة التشابه” سنة 1993.. خرجت إلى الدنيا فوجدت البيانو يزين بيتنا، ووجدت أمي تلازم أبي طوال الوقت، تساعده في كل شيء نظراً لانشغال والدنا في عمله ضابطاً في جهاز الشرطة، وكانت في بعض الأحيان تبيض له مسودات أعماله، وكنت استمتع بالدفء الأسري في البيت وفي الرحلات الكثيرة التي كان يقوم بها أبي وكنا نذهب معه.

ذكرياتك معه عن المنفى في الجزائر؟

– وقد رافقته في الغربة في أيام المنفي في الجزائر التي فضلها مقاما في الفترة من 1977 إلى 1988، (وكان يسميها المنفى الاختياري لرفض والدي لزيارة السادات إلى القدس)، ومنها ذهبنا إلى بلاد عديدة مثل: إسبانيا والبرتغال والمغرب وفرنسا ومعظم الدول الأوربية والعربية، وكانت هذه الفترة، وقد كانت هذه الفترة خصبة في حياة الوالد بل هي أهم فترة في حياته وقد استعانت به دولة الجزائر في حركة التعريب كما ساهم في الحركة الأدبية هناك وتعرف إلى المئات من الأدباء والمفكرين وكانت لهم معه ذكريات عطرة، وتناولت أثار الشعراء والقصاص بالنقد والتحليل لأعمالهم من أمثال: عز الدين الميهوبي، وعبدالعال الباقي، وخص الشاعر الجزائري الكبير مفدي زكريا بكتاب كبير. وكانت الوالد يكتب بصفة يومية في الصحف الجزائرية، وكان يمد المجلات والصحف العربية بالدراسات النقدية والفكرية وكذلك قصائد الشعر.. ولقد جمعنا وحصرنا الدوريات والمجلات التي كتب بها فبلغت 30 صندوق على الأقل، وقد تفهمنا رسالته وكذلك والدتي التي وفرت له الهدوء وكانت لا تلزمه بالمسئوليات إلا في أضيق الحدود..

وقع هذه الرحلات على حياة الوالد الثقافية؟

كما ذكرت لك أن الوالد زار دولا كثيرة وخصوصا الدول التي تقترب من الجزائر مثل تونس والمغرب وفرنسا وجنوب إسبانيا حيث زار كل معالم الأندلس في المدن الشهيرة مثل قرطبة وإشبيلية وغرناطة وقادس ومالقة وغيرها كما زار فرنسا وزار معالمها الشهيرة وفي ايطاليا زار بيت دانتي كما زار سويسرا وبحيرة جنيف الشهيرة، وغيرها من الدول الأوربية واثناء خدمته في جهاز الشرطة زار أمريكا أكثر من مرة ووقع هذه الرحلات على والدي أنه صنف كتابه الأشهر “تنويعات على لحن سندباد” دون فيه وقائعها. وكنت أكتب لها مسودات هذا الرحلات أثناء حدوثها حيث رافقته فيها كظله وقام هو بتبييضها بعد ذلك . وقد تأثرت بالآثار الإسلامية في قرطبة وأوحت لي بأول بقصة وقد أساءني الخطوط الممسوحة على الجدران الباهتة وربما تعرض الإسبان لهذه الآثار بالترميم والتحسين لأنها تدر لهم عائداً جزيلاً..

تأثيره على تلامذته؟

له تلامذة كثيرون من أمثال: عبد المنعم عواد يوسف الذي كان ملازماً له على الدوام، وكذلك حزين عمر، وعبد العليم إسماعيل، ومجدي عبد الرحيم، وهالة فهمي، ومريم توفيق، وتغريد فياض وغيرهم كثيرون في مصر والدول العربية، أخذ بأيديهم الوالد وشجع الموهبة لديهم وكتب عنهم وعن أعمالهم مقالات عديدة كما كتب مقدمات لأعمالهم الأولى دون مقابل وكانت سعيدة أن يجد تلميذا له وقد احتل موقعا في خارجة الأدب. وابي كانت كتاباته تجمع بين الأكاديمية والانطباعية وقد ساعده على ذلك ثقافته الموسوعية وكان يقرأ في كل أنواع المعرفة.

تأثيره على أبنائه وأسرته وعصره؟

– أختي الكبرى نجلاء وتعمل طبيبة وتقرأ الأدب وذواقة له وقامت بعمل موقع عن والدي نشرت فيه كل المقالات وروابط كتبه وأشكرها على هذا المجهود وقد أمددتها بمادة الموقع وهي معنية بحفظ تراث والدي وكتبه وأوراقه يساعدها زوجها الكاتب الصحفي الأديب إيهاب الخضرجي، كما أن أخي المهندس شهاب قدم نسخ الكتب والمقالات ونشرها PDF وقد استفاد منه الباحثون ومنها باحثة دكتوراه بجامعة سوهاج تدعى دينار قدري، وقد وفرنا لها كل إنتاجه الإبداعي والنقدي ومنها كتابه الأهم “سمات الحداثة في الشعر العربي”،

للدكتور حسن فتح الباب إنجازات أدبية وفكرية فى كل مكان يحل به.. ما هى أهم الانجازات؟

– أهم انجاز استدعائه للتراث في أعماله وهذا ظهر في أعماله المسرحية كما أن الدكتور حسن فتح الباب كان ملماً جدا بالتراث العربي إلمام الخبير به يعرف شعرائه وقرأ أعمالهم وكذلك نقادهم ومؤرخيهم حتى أن مكتبته الكبرى كانت متخمة بكتبة التراث في كل أنواع المعارف وكل هذا رغم ضيق الوقت وظروف عمله في جهاز الشرطة إلا أنه كان شاعرا متميزاً مجددا اتجاهاته باستمرار.

كيف كانت طقوسه عندما يكتب، وعندما يحاضر، وعندما يبدع؟

– والدي كان إنسانا بسيطاً جداً، كان يتصف بالزهد والإخلاص لعالمه الشعري والنقدي وتسلح بالمعارف الكثيرة في كل صنوف العلم، وكان أكله بسيطاً جداً لأن كان مريضا بالسكر منذ كان عمره 25 عاماً، وقد صادق المرض وتأقلم معه ولم يتعرض لأضراره المهلكة، ولم يكن له طقوس معينة فمتى غزته ربة الشعر دون ما تجيد قريحته وكان متعته كتابة قصيدة شعر أو دراسة نقدية أو لقاء الشعراء والأدباء وعاش حياة غنية بالإبداع وترك اثراً يتناسب مع قيمته والحمد لله وأعدت عنه ست رائل جامعية عن إنتاجه الأدبي.

رافقت الدكتور حسن فتح الباب للبحث عن أصوله فى مسقط رأسه قرية منسافيس بالمنيا .. ذكرياتك عن هذه الرحلة وكيف أثرت فيه نفسيا وإبداعياً؟

– بعد عودة والدي من الجزائر في أواخر الثمانينات أخذ يعوض فترة المنفى، حيث كان نشيطاً جدا في حضور الفعاليات الثقافية في القاهرة وباقي المدن المصرية خاصة مع نوادي الأدب بهيئة قصور الثقافة، فدعينا لمؤتمر في مدينة المنيا، وبعد انتهاء المؤتمر رافق الكاتب الصحفي نبيل زكي في زيارته لأخته بمدينة أبو قرقاص وأثناء سيرهم لفت نظره لافتة قرية منسافيس فهاجت الأشواق في صدره وهتف قائلا هذه منسافيس بلدة أبي وأجدادي فقال له نبيل: أذهب يا دكتور حسن وابحث عن جذورك وبالفعل ذهبت معه لزيارة منسافيس وزيارة ضريح جدنا العارف بالله سيدي على الحافي بالجانب الغربي من القرية، حيث ينتسب والدي غليه وأسرته يطلقون عليهم بالبلدة (أولاد الشيخ)، واحتفى بنا أهالي القرية الطيبين وكان يوماً مشهوداً، وتأثر والدي بهذه الزيارة وكتب ملحمة شعر يتغزل فيها في بلدته وضمها ديوان “الخروج إلى الجنوب”، الذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ثم تحدث عن وقائع الرحلة في كتابه “تنويعات على لحن سندباد”، ونفس الديوان موجود به ملحمة “بيان الفتى الفلسطيني”.

صفي لنا إحساسه بالعودة إلى الجذور؟

– أحساس بالذهول والتأثر عندما رأى ضريح جده سيدي علي الحافي ابن عم سيدي إبراهيم الدسوقي، وعانقت نظراته مشاهد البلدة الوادعة التي تشقها الترعة الإبراهيمية إلى نصفين، البر الغربي والبر الشرقي، وندم اشد الندم لأنه لم يزرها في شبابه مرات ومرات!!!

مكانته فى خريطة الإبداع العربي والنقد والدراسات الأدبية؟

– في جيله كرائد من رواد الشعر الحر، نجده في البداية وقد ظلم لأنه لم يكن له شلة أو ينتمي إلى تيار سياسي معين، فعاش حراً لا ينتمي إلا إلى معشوقته مصر، وكان يؤمن بحرية الفنان، فظلم من عدة نقاد كانوا يتجاهلونه عمداً، تناولوا كل الشعراء إلا هو، رغم إنتاجه الزاخر وكان يكتب في كل المجلات المصرية والعربية التي ازدهرت في هذه الفترة.

 هل كان الدكتور حسن حائراً بين اليمين واليسار؟

– هو كان مؤمناً بالعدالة الاجتماعية ولم يكن ينتمي لأي تيار سياسي كما أسلفنا واستقلابيته هو تيار بذاته، وقد كلفته هذه المواقف وتعرض للتحقيق بتهمة انحيازه للفقراء، وهذا هو الطبيعي لدى أي .. الشاعر إذا لم ينتمي للفقراء فلمن ينتمي .. ولما كتب قصيدة عن “جاجارين” اتهم بالشيوعية مع أن الناس كلها كتبت عنه وقد تحدث باستفاضة عن هذا الموضوع في مذكراته المعنونة “اسمي الوجوه بأسمائها”، الذي كتبها في لوحات روائية شعرية.

كيف كان الدكتور حسن فتح الباب فى أيامه الأخيرة؟

– كان ينتظر على احر من الجمر صدور الأعمال الشعرية الكاملة والتي تبلغ 23 ديوان، عن هيئة قصور الثقافة، ولكن تعثرت صدورها أكثر من مرة، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فقد رحل أن تتحقق هذه الأمنية، وقد ظهر الأعمال في خمسة مجلدات عقب رحيله مباشرة في 28 سبتمبر 2015، وتشمل كل إنتاجه منذ الأربعينات وقصائد الحب التي كتبت في والدتي العظيمة مرورا بتفاعله مع الأحداث الوطنية الكبرى مثل ثورة 1952 ومدحه للرئيس جمال عبد الناصر مرورا بنكبات الوطن في 1967، ثم نصر أكتوبر، ثم ديوان “عيون منار”، ثم انتصاره للقضية الفلسطينية ومعارضته للصلح مع إسرائيل الذي كلفه كثيرا من المنفى عشر سنوات عن الوطن.. والحمد لله أدى رسالته كما ينبغي تاركاً 65 كتاباً بخلاف الكتب المخطوطة التي في حوزتي وهي تبلغ حوالي عشرة كتب.

هل من الممكن أن تفعلين صنيع كريمة زكي مبارك وتجمعين تراث والدك المتناثر طباعة كتبه المخطوطة؟

– (تضحك بشدة) ثم تقول: حظ كريمة زكي مبارك وقت تجميعها لتراث والده كانت هناك حركة نشر مزدهرة في هيئة الكتاب، وفي دار الشعب، وكانت دور النشر تتبارى فيما بينها وتتنافس، وهذا ساعدها في تجميع أكثر من 30 كتاباً عن والدها.. تصيبني الحيرة في التصرف تجاه تراث والدي المخطوط والكتب التي نفدت ونريد إعادة طباعتها.. والكتب المخطوطة تحوي دراسات عن الشعر الكويتي ودراسات عن شباب الشعراء ومقالاته المنشورة في المجلات بعضها جمعه في كتب والبعض الآخر ينتظر جمعه .. لعل الدولة تمد يديها إلى هذا الإنتاج الزاخر لوالدي في قابل الأيام..

هل عاشت منار فتح الباب في جلباب أبيها؟

– أبي هو أعز شخصية في حياتي وهو الذي شكلني أدبياً وعمليا وشجعني بداخلي موهبة الأديب، وأنا الذي عشت في جلبابه دون عن أخوتي وكان يحبني جدا وقد رافقته كما قلت في رحاله وترحاله وذهبت معه في كل مكان … وقد كتبت القصة وقصيدة النثر والدراسات الأدبية وأهمها رسالتي للماجستير عن الأديب غسان كنفاني.. ولي كتاب عن صديق والدي محمد جبريل وبلغت كتبي حوالي عشرة كتب في القصة والرواية القصيرة وأدب الأطفال وقصيدة النثر والنقد. وافتخر أنني نحيت المنحى الموسوعي أسوة بوالدي وكتبت في كافة أنماط الأدب وكله بفضل تشجيعه وهذا مجالي الممتع الذي استمتعت به عن أي مجال آخر عملت به.

سؤال كنت تتمنين سماعه ولم أساله؟

– ابنتي “لينا” وهي الحفيدة الوحيدة التي شاهد أبي ميلادها بمصر والأحفاد الاخرين ولدوا بالإمارات، وقد شجعها أبي على الرسم مثلما شجعني وأنا طفلة وكان يتابعها ويشجع فيها الموهبة باستمرار وهي تبلغ من العمر 20 عاماً.

منار فتح الباب في سطور:

– ولدت في مدينة القاهرة سنة 1964، والدها اللواء دكتور حسن فتح الباب الذي كان شاعراً وناقداً مجيداً.

– تخرجت من جامعة وهران بالجزائر، حيث أقامت هناك لمدة عشرة سنوات، وحصلت على الماجستير من كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة عين شمس 1994 “الخطاب الروائى عند غسان كنفانى.. دراسة أسلوبية”، بإشراف الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل.

– سافرت الى العديد من البلدان العربية خاصة بلدان المغرب العربي والخليج والبلدان الأوربية (فرنسا، سويسرا، ايطاليا، إسبانيا، انجلترا، المجر) حيث شاركت في فعاليات ثقافية وفنية.

– استهوتها كتابة القصة والرسم منذ طفولتها إذ رسمت لوحات الديوان الرابع لوالدها الشاعر الكبير الدكتور حسن فتح الباب “عيون منار” فاتخذت قصصها بعض سمات هذا الفن.

– في سن مبكرة قدمها الناقد الكبير الأستاذ الدكتور عبد القادر القط للحياة الثقافية والأدبية في مصر من خلال مجلة ابداع في الثمانينات.

– تبنى موهبتها المفكر الراحل: محمود أمين العالم، والمفكر إبراهيم فتحي، والدكتور صلاح فضل، والدكتور محمد حافظ دياب.

– مثلت قصتها “قصر البارون” نموذجاً للقصة المصرية فى أحد ملفات القصة العربية بمجلة العربي في عدد نوفمبر 1995.

– لها بحوث نقدية وعروض للكتب فى مختلف المجلات والصحف.

– وقد أمدت المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات التي تنوعت بين الإبداع والدراسات النقدية وكتابات الأطفال ومن كتبها نذكر: “لعبة التشابه”، مجموعة قصصية عام 1993 ( بها مقدمة نقدية للدكتور محمد حافظ دياب) عن سلسلة إشراقات أدبية التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، و”القطار لا يصل الى البحر”، مجموعة قصصية، عن سسلسلة “كتابات جديدة” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب أيضاً. وصدر لها كتاب “الخطاب الروائي عند غسان كنفاني – دراسة أسلوبية” في سلسلة كتابات نقدية بالهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2003، وكتاب “أحلام صغيرة”، قصص للأطفال عن سلسلة كتاب قطر الندى بالهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2005 رسمه الفنان الكبير عز الدين نجيب، كما صدر لها مجموعة ثالثة “ظلال وحيدة” على نفقتها الخاصة عام 2013، ورواية للناشئة و للطفل عن دار الهلال بعنوان “مملكة الفراشات”، سلسلة الهلال للأولاد والبنات في أبريل سنة 2014.

– وخلال مشوارها الأدبي حصلت على العديد من مظاهر التكريم، فقد حصلت على جائزتين في القصة القصيرة عن قصة قصيرة واحدة من مجموعة “لعبة التشابه” في مجلة الهلال، عن تحكيم للراحل الناقد الكبير الدكتور شكرى عياد، وحصلت على جائزة الدولة للإبداع عن مجموعتها “القطار لا يصل إلى البحر”، وفازت بجائزة المركز القومي لثقافة الطفل، المجلس الأعلى للثقافة عام 1997، وجائزة أدب الحرب في مجال أدب الطفل عام 2000.

– توفيت يوم الأثنين 14 ديسمبر سنة 2020 بعد صراع طويل مع المرض.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال جميل يوضح كيف أن ثمار غرس الأب هو أبناؤه، وكيف كانوا خير خلف لخير سلف، رحمها الله ورحم والدها القدير، ودام قلمكم مبدع سعادة الصحافي القدير أبو الحسن الجمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى