في وداع مظفر النواب

د. خضر محجز  | فلسطين

منذ الصباح أحاول اقتناص كلمات تستطيع أن تعبر عن عمق حزني لرحيل مظفر النواب، فلا أستطيع.
والآن لا أجد في وصفه إلا أنه صِدَّيْقُ الكلمات المعبرة عن عمق النار تشتعل في الصدور.
ليس الشعر إلا ما يخرج صادقا فجا من عمق المشاعر قبل التنميق.
إن أصدق ما يُقال في وصف شعر مظفر، أنه تيارُ وعيٍ يخرج في مرحلته الفَطير، قبل المرور بمرحلة الكلام المنظم، فيُخرج ما في أعماقنا الذي نخشاه، وربما تعالى عليه المنمقون الكاذبون منا.
لطالما تحاورتُ ـ في جلسات خاصة ـ مع شعراء كبار، لا يذكرونه بحرف في العلن، ثم يُدًروِشون بشعره في جلسات خاصة، بما يشبه هلوسات الصوفيين في عبارات شيوخهم.
الشعراء الكيوت، كالبنات المايصات لدينا: هم يدروشون بشعره وينكرونه، كما تتعشى مايصة من طبقتنا المسحوقة الكرشة، ثم تأتي الجامعة لتجيب عل سؤال الدكتور بصوت خفيض، يخفي العجز وراء نعومة، تفوح منها رائحة شخاتير وقوادم كرشة المساء.
مظفر النواب، ليرحمك الله بقدر صدق لهجتك، وبعمق عروبة العراق.
يا عبد الله الإرهابي
سدد جيدا
وأطلق.
أليسن هذه كلماتك يا مظفر، يا حبيبي؟
فإلى رحمة رحمن السماوات والأرض، حيث العدل المطلق، يا من رجوتَ لنا العدل النسبي، فنلت منا الإنكار الكيوت.
يا مظفر أنت لم تكن كيوت، ونحن شعب كيوت. فاغفر لنا خيانة الفقراء لرواد الثورة.
وداعا مظفر ولروحك مني الفاتحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى