رسالة إلى كل معلّم

خالد رمضان | تربوي مصري
قديمًا قال شوقي: قم للمعلّم وفّهِ التبجيلا..كاد المعلم أن يكونَ رسولاً.. حقًّا صدق شوقي في وصفِه الرائع، وكفى المعلّم قوله صلى الله عليه وسلم: إنما بُعثتُ معلمًا .
فيا خليفةَ المرسلين، ويا رُبّانَ سفينة العلمِ، والمتعلمين، أيُّها الأبُ الحاني، والراعي الشفيقُ على فِلْذاتِ أكبادِنا، يا مَن أفنيتَ عمرَك مع أبنائنا تنمّي عقولَهم، وتقوّمُ سلوكَهم، تحنو على ضعيفِهم، وتعفو، وتعفو عن مسيئهم.
عزيزي المعلم في كل مكان؛ في البيت والمصنع والمزرعة والمدرسة والمسجد.. إلخ: أهمسُ في أذنيكَ، طامعًا في دماثةِ خُلقِكَ، وكريمِ طبعِكَ، هاهو ذا موسمُ الحصادِ قد ٱن، وموعِدُ الاصطفاءِ، والارتقاءِ قد حان، فرفقًا بهذي الأبدانِ الضعيفةِ، وتلك القلوبِ الرجيفةِ التي تملّكَها الخوفُ، والفزعُ، فارتعدت أجسامُها، واضطربت عقولُها، فباتت مهزوزةً مهزومةً تخشى أن تبوءَ بالشقاءِ، والخسرانِ .
إنّ هذا الطالبَ وهو يجلسُ أمامَكَ أضعفُ من فرخِ الحمامِ، لا يرجو منك إلا أن تكونَ عاملاً بنّاءً له، لا مِعولَ هدمٍ وتبديد، فلا صخبَ، ولا غضبَ، ولا نَصَبَ، فينشبَ جوٌّ من القلقِ يُشتّتُ شملَه، ويفرّقُ علمَه، فلا يجِدُ للسؤالِ جوابًا ، ولا يعرف للجوابِ صوابًا .
كن له مِظلّةً تحميه حرّ المكانِ، وبَرَدًا يُثلِجُ قلبَه الخائفَ العجمانَ، ولتضعْ في قرارةِ نفسك أن هذا الطالبَ يحملُ بين جنبيه همًّا ثقيلا تنوء به العصبةُ أولو القوة، فلكم أضناه السهرُ، وأجهدَه الاستيقاظُ حتى السّحَرِ، وهذان الهرمانِ اللذانِ تقرّحت مُقلُهم ، وقُضّت مضاجعُهم رغبةً، ورهبةً، أملاً، وفزعًا على أبنائهم، وفِلْذاتِ أكبادِهم.
كلُّنا في سفينةٍ واحدةٍ تمخرُ بنا ذلك الخِضمَ الهائلَ من أمواج الحياةِ، وعقباتِها، فلا نحن نضعُ قيودًا في يديك، ولا أثقالًا على كاهليك ، إنما نذكّرُ فإنّ الذكرى تنفعُ المؤمنين .
أعانك الله ، ووفقك لكلّ ما فيه صلاحٌ ، وفلاحٌ لنا ، ولأبنائنا ، ولأوطاننا ، وجُزيتَ خيرا عظيما .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى