كن أثرا لتبق

ياسمين كنعان
لم أقل لك في فاتحة الكلام هل كنت أنت.. ولا أتذكر كيف اتصل الكلام، وهل انقطع كي يتصل..؟!
لم أفرغ ما في نفسي دفعة واحدة، ولم تنصت لتسمع بقية ما تبقى، كنا نتداخل مثل روافد صغيرة لمجرى نهر، وكان الكلام يسير بنا إلى تلال وأودية، مثل إيقاع يعلو ويهبط، أو مثل نوتة موسيقة، أو ربما مثل متوالية هندسية، قلنا أشياء وسكتنا عن الكثير، قلت لك أشياء بلغة ركيكة وعندما أعدت القراءة ضحكت منا..!
لا يهم؛ ما يهم فعلا أن يتصل الحديث بيننا ولو قليلا، وكم من صباح الخير تحميل قصة أو تفضي إلى حكاية..!
صباح الخير اذا لكل من يجيد فعل الصباح،صباح الخير لك لأنك استطعت بشفافية روحك أن تغير المشهد لا الواقع قليلا..!
لا أعرف كيف أخذتني من حيث لا أدري إلى شواطئك، ولا كيف أدخلتك من حيث لا أقصد إلى متاهاتي، ومثل كشاف متمرس استطعت أن تزيح ما تراكم على الروح من ضباب، ومثل تائه استطعت أن أبصر أصابع يدي في الظلام، لم أر وجهي حتما، لكنني رأيت أصابعي؛ رأيتها بما يكفي كي أكتب لك ما أكتب لك..!
قلت لي” القصة تافهة على الأغلب، لكن الأثر باق..كن أثرا لتبقى ..!”
اعرف اننا نتشابه في مكان ما ولا أسأل نفسي أين، أليس الأجمل أن نتشابك من حيث لا ندري مثل تائهة وتائه..مثل أغصان ورد، أو عروق دالية، مثل قصص العشاق ربما، أو مثل روافد نهر كثيرة..!
صباح الخير لك وأنت تريني أصابعي بعد أن تهت عنها، وأنت تجعلني أبصرها للمرة الأولى منذ زمن غياب وجفاف، وأنت ترفعها أمام عيني لتكون مرآة نفسي؛ ألست أنت القائل” كل ما لا يقبله القلب ولا يسلم به العقل باطل؛ يمكنك أن ترتدي قناعك كل صباح، وهذا شيء يحدث، أما الطامة أن يصير مع الأيام وجهك..!”
قلت لك” ليس وجهي ما أطل به على العالم وليست ملامحي؛ لكنها ضرورة الاستمرار حتى حين، و “حتى حين” هذه فضفاضة؛ وأنتظرها بفارغ الصبر كي تحين..!
صباح الخير لمن يقلم أغصاننا اليابسة كي يقوي عودنا الطري ونزهر، من يرى فينا رغم يباسنا بذرة تفتت الصخر باحثة بجذرها عن حياة..!
حتى لو لم تكن أنت الذي تهت عن ملامحه منذ زمن بعيد..الآن صرته دون أدنى شك..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى