ومضات الصاحب الباهرة  في حضرة المتميزين والعباهرة (33)

محمد زحايكة | القدس – فلسطين

الفنان مصطفى الكرد.. سفير فوق العادة للأغنية الفلسطينية حول العالم

كان الصاحب من رواد مركز القدس للموسيقى العربية بإدارة الفنان المعروف  مصطفى الكرد في زاوية من  الساحة  الخلفية للمسرح الوطني الفلسطيني – الحكواتي ، حيث يتبادلان بعض الأحاديث السياسية والفنية وأحيانا  الحصول على بعض اخبار او مقابلات سريعة  ونشاطات وفعاليات هذا الفنان الجامح بحثا عن كل جديد من  التميز  والطرب الأصيل وإبداع نكهة خاصة ومذاق معين في الأغنية الفلسطينية الملتزمة  وذات الأبعاد الوطنية والإنسانية.

وكان أبو درويش أو كما يدلعه أصدقاؤه المقربون أبو الدرش يتخذ من مركزه بؤرة تجمع للمثقفين وهواة الموسيقى خاصة في أمسيات الصيف، مما حول المركز إلى مكان وفضاء للإشعاع الثقافي في قلب المدينة المستهدفة والمحاصرة.

ولاحظ الصاحب أن الفنان الكرد مهتم جدا بما يحدث من تطورات سياسية من خلال أسئلته التي كان الصاحب يجد صعوبة في الإجابة عليها كونه اي الصاحب “غايب فيلة ”  ولا يجيد  متابعة الشأن السياسي أو التحليل السياسي إلا أن الصاحب كان يدرك من خلال هذه النقاشات السريعة بعد النظر الذي يتحلى به هذا الفنان الأصيل وقراءته للوقائع على الأرض بعين ثاقبة وقبل ذلك استلهام كلمات أغانيه وألحانه من وجع  ومعاناة  الإنسان المقدسي  وهمومه اليومية والوطنية بصورة فيها محاكاة جميلة وإبداع وتميز .

ولاحظ الصاحب أن الفنان الكرد مرهف الحس ويغضب ويثور إذا  حاول أحد التطاول على الفن الفلسطيني الذي يعتبره بمثابة الكحل للعين في جماليته وانسيابه وتجسيده لحركة شعب كامل في كفاحه ونضاله للتحرر  من أشرس وآخر احتلال على وجه الكرة الأرضية. وخاصة عندما كان البعض يلمح إلى قصة قديمه باختياره الأبعاد الطوعي عن أرض الوطن بعد اعتقال ومضايقات بحجة التحريض على الاحتلال من خلال أغانيه المستمرة الثائرة والتي كانت أغنية “هات السكة.. عد المنجل” تشكل الذروة الدرويشية في العمق والانتشار في تلك المرحلة الكئيبة من الاحتلال.

كان الصاحب أحيانا يطلب من “أبو الدرش” بعض التقسيمات على العود، فيفاجئ به وهو يقول بما معناه على نافوخي أو”على راسي كزدرة ” ويبدأ بالعزف الجميل، فيحلق الصاحب مع أنغامه الساحرة إلى  فضاءات الكون وأنامله تنتقل بخفة ورشاقة على أوتار العود.

وربما من خلال قرينته الألمانية، ساح الفنان الكرد في بلاد الألمان والبلدان الأوروبية الأخرى، فأحيا  الفعاليات والإمسيات الغنائية واستطاع أن يكون سفيرا فوق العادة للفن والأغنية الفلسطينية .

الفنان مصطفى الكرد  حالة خاصة من الفن الفلسطيني الملتحم بقضية شعبه ونضاله من أجل نيل الحرية والاستقلال. له طريقته وفلسفته الخاصة في مداعبة أوتار عوده والتعامل مع موسيقاه وألحانه الشجية وكلماته المستقاه من أنفاس القدس وأزقتها وحواريها القديمة وناسها المتعبين الطيبين.

كل التحية للفنان الفلسطيني المدهش مصطفى الكرد.  وشفاه الله وعافاه من كل شر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى