همسات: مع الرسالة العشرين لقمر عبد الرحمن

زياد جيوسي


في رسالتها التي حملت رقم 20 من سلسلة رسائلها المعنونة: رسالة إلى.. والتي تبحث في أفكار مختلفة وموجهة إلى عينات مختلفة من المجتمع، نجد أنها في هذه الرسالة توجهها إلى أبناء الوطن بقولها: “يا إنسان.. يا ابن عيني” حيث نلاحظ انها خاطبت المخلصين من أبناء الوطن المحتل بصفة الانسان وهذه صفة تحمل العمومية على أبناء الأرض، وتكمل القول بكلمة يا ابن عيني وهذه دلالة على المعزة والمحبة الكبيرة، فهل أغلى من العين حتى ينسب لها الأحبة بكلمة إبن؟
في هذه الرسالة سنجد أسلوب اختلف قليلا عما سبقها من رسائل، فإضافة أنها تخاطب الإنسان نجد أن النص تكررت فيه خلال المخاطبة عبارة “كن حذرا ما استطعت”، فهي تحدد للمخاطب/ الإنسان ما يمكن أن يشاهده كالوطن النازف وأم الأسير والشجر والشعب والفكرة الأنثى ومصادقة الكرمة الحاملة للعنب، وفي كل هذه الحالات سيكون هناك ألم يشعر به الإنسان فالوطن “ينزف.. فله جرح ندي”، وأم الأسير “لها وجع الحرمان” والشجرة لها “عُزوة الطبيعة” والشعب “لهم أرواح قادمة” والفكرة الأنثى “لها تفرد الحروف” والكرمة “لها سطوع العنب”.
فماذا ارادت قمر أن تحذرنا منه؟ ففي حالة الوطن سيكون لنا “عافية الاحتمال”، ومع أم الأسير لنا “وجع السؤال” ومع الشجرة لنا “خطر الشلال” ومع الشعب لنا “شهادة الأجيال” ومع الفكرة الأنثى لنا “نعنع الدلال”، فهل أجمل من هذه التحذيرات بروح انسانية تمازج الوجع مع الجمال؟
لتنهي قمر النص بصيغة الأمر والتوجيه فتقول ضمن عبارات متتالية: اعشق، تمرد، احزن، ابتسم، قاوم، ابق، وتوضح لنا طلبها بالقول: “العشق حياة سعيدة”، التمرد عين جديدة”، الحزن رؤية سديدة”، الابتسامة امرأة عنيدة”، المقاومة صفحة شهيدة”، البقاء أرض وليدة”، “القراءة طلقة أكيدة”، لتكون خاتمة النص الموجه لنا/ للإنسان: “أكتب ما استطعت؛ فالكتابة رصاصة وحيدة”.
وهكذا نجد فكرة جميلة صيغت بأسلوب جديد بنص مكثف بدون اطالة معتمد على عبارات مختصرة لكنها حافلة بالمعنى، لم تترك فراغا بين الفقرات فكانت مرسومة كما لوحات بأسلوب متوازن ومنظور انساني بلغة سلسة بمكان مفتوح وزمان غير محدد.

رسالة إلى..
يا إنسان.. يا ابن عيني
كن حذرًا ما استطعت
إن شاهدت وطنًا ينزف.. فله جرحٌ نديّ، ولك عافيةُ الاحتمال
كن حذرًا ما استطعت
إن سألت زيتونةً عن ابنها الأسير.. فلها وجعُ الحرمان، ولك وجعُ السّؤال
كن حذرًا ما استطعت
إن تحدّثت مع شجرةٍ تحت جبل.. فلها عُزوةُ الطّبيعة، ولك خطرُ الشّلال
.
يا إنسان.. يا ابن عيني
كن حذرًا ما استطعت
إن خاطبت شعبًا باسم قدّيس.. فلهم أرواحٌ قادمة، ولك شهادةُ الأجيال
كن حذرًا ما استطعت
إن اختليت بالفكرة الأنثى.. فلها تفرّدُ الحرف، ولك نعنعُ الدّلال
كن حذرًا ما استطعت
إن صادقت كرمةً سخيّة.. فلها سطوعُ العنب، ولك راحةُ الظّلال
.
.
.
يا إنسان.. يا ابن عيني
اعشق ما استطعت؛ فالعشقُ حياةٌ سعيدة
تمرّد ما استطعت؛ فالتّمردُ عينٌ جديدة
احزن ما استطعت؛ فالحزنُ رؤيةٌ سديدة
ابتسم ما استطعت؛ فالابتسامةُ امرأةٌ عنيدة
.
يا إنسان.. يا ابن عيني
قاوم ما استطعت؛ فالمقاومةُ صفحةٌ شهيدة
ابق ما استطعت؛ فالبقاءُ أرضٌ وليدة
اقرأ ما استطعت؛ فالقراءةُ طلقةٌ أكيدة
اكتب ما استطعت؛ فالكتابةُ رصاصةٌ وحيدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى