مواساة القلوب.. دواء إسلامي لعلل كثيرة

خالد رمضان | تربوي مصري – صلالة – سلطنة عمان
جُبل بنو آدمَ على الاجتماعيةِ، والتٱلفِ بين بعضهم البعض، فلسنا مُقوقعين، ولا عُبّادًا متنسكين، ولأن تخالطَ الناسَ وتصبرَ على أذاهم خيرٌ من هروبك إلى عالمٍ افتراضي يصوغُه لك عقلُك الباطنُ، ويسوّلُ لك أن فيه نجاتَك، وراحةَ بالك، وأنت لا تعلمُ أن هذي الوحدةَ كالسوس ينخرُ في جسدك حتى تروحَ ضحيةً بين مخالبِ الفكرِ، وأنيابِ الأوهام. قال تعالى “فلا اقتحم العقبة“. فاخرج من عزلتك، وواجه شبحَ اليأس بسيف العقل والإيمان، ولا تركننّ إلى مخاوفِ النفسِ، وسموم الظنون.
الحياة مزيجٌ بين اليأسِ والأمل، بين الأفراحِ، والأتراح، مفاخراتٌ، ومنافراتٌ، ومداهناتٌ، ومسالماتٌ، والكيِّس من عرف كيف يسير. وفي خِضمّ هذه الأمواجِ المتلاطمةِ من الهمومِ والغمومِ تجدُ قلبًا صافيًا يقاسمك روحك، ويمحو ٱثارَ الحزن التي داهمت قلبك. تقول السيدة عائشةُ – رضي الله عنها – بعد زوال غمتها جراء حادثةِ الإفك تحكي عن امرأة من الأنصار فتقول: (كانت تأتي وتجلس بجواري وتبكي، والله لا أنساها لها أبدا). لا تنسى بكاء امرأة لحالها، لم تتنبث ببنت شفة إنما فقط تبكي، وفي هذا ما فيه من الود والحب والإخلاص، فعرفت لها أمُّنا ذلك.
وكذلك ما حدث مع كعب بن مالك حينما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقاطعتهم لتخلفهم عن الغزوة، فبعد زوال الغمةِ يقول كعب: (دخلتُ المسجدَ فقام طلحةُ يهرولُ إليّ، ويحتضنني، والله لا أنساها لطلحةَ أبدا). وكذلك مشهد عكرمةَ الفياضِ مع خزيمةَ بن بشر، ولا أروع، ولا أجمل!

إنّ تاريخنا حافلٌ بالكثير والكثير من تلك القصصِ، والرواياتِ، ونحن لا نقصُّها للتسلية، ولا للترفيه، ولكن للعظة والتنبيه. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا“، وفي حالات الوفاة قد لا يذهبُ رجلٌ لمواساة أخيه، ويقول وما يفعلُ العزاء، ولا يعلم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “من عزى أخاه ألبسه الله من حُللِ الكرامة يوم القيامة
أخوك يحتاجك في السراء قبل الضراء، فهو يريد أن يرى فرحتك لفرحه في عينيك، فكونوا عباد الله إخوانا، لا تترك مجالا للشيطان ليوقع بينك وبين من تحبُّ، فهو عدوٌّ لدود “إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوّا“.وكلنا إخوة أبناء أب واحد وأم واحدة، ألا فلنعد كما كنا، ولا نترك بابا مفتوحا يدخل منه الشيطان.
اللهم احفظ بلادنا، وأهلنا، وإخواننا، وأدم علينا السترَ، والأمن والأمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى