شرود

محمد القاضي | شاعر مصري

قالت سمعت بأن حرفك ساحر
يهب القصيد تألقا ورشادا

وأنا أحب الساحرات حروفهم
من شد صلب بيانه وأجادا

من أيقظ الليل الرقود نداؤه
ومضى يبث على الوجود سهادا

أنشد عليّ من القريض فإنني
أهوى القصيد وأعشق الإنشادا

أطعمتها سحر البيان فأسقطت
رأسا على كتفي يحك زنادا

وسقيتها من مسكرات قصائدي
لعب الهوى بفؤادها وتمادى

فكأنها والاندهاش يلفها
ما دق حرف بابها أو نادى

قالت لأنت اليوم مني سيد
ولكم رفضت على المدى أسيادا

لكن حرفك ليس يرفض مثله
أمسى له كل الكيان فؤادا

فاملأ كياني من حروفك إنني
ما غير حرفك أرتضي لي زادا

أطلقت فيها ساحرات قصائدي
ما بات حرف يسكن الأغمادا

ومنحتها كأسا وأخر ضده
عجبا لحرف يجمع الأضدادا

حتى تورد بالجمال جبينها
فاقت بحسن عزة وسعادا

وتقول أمسك من مخافة حاسد
فأقول حرفي جاوز الحسادا

مرت سنين لست أذكر عدها
هل من محب يحسن التعدادا

ما لي وعمر إن تفلت كله
حرفي سيطوي خلفي الآمادا

وغفوت فوق نهودها فتنهدت
من وقتها قلبي مضى ما عادا

لما أفقت وجدت نفسي مفردا
من قال أني أقبل الإفرادا

يا نسمة سلب الفؤاد عبيرها
هل سوف نكمل في الطريق فرادى

هل حان ميعاد الرحيل فأطرقت
تبكي السطور الناقصات مدادا

ما بال حرفي قد تناءى ظله
وأنا الذي أوردته الأمجادا

عاف التألق أم لطول شروقه
قد راح يسأل للجفون رقادا

أم أنه من حر عشق بيننا
قبل الفراق ليرضي النقادا

ما كنت أحسب عائذات أناملي
تختار بعد الانحياز حيادا

نسيت بأني قد أقلت عثارها
والوهن قوض عزمها أو كادا

نسيت بأني قد أضأت طريقها
من بعد ما كانت تمور سوادا

كيف استطاعت أن تبوح بهجرها
وأنا الذي أحييت يداه الضادا

كيف استطاعت أن تهد فرائدي
وتقيم فوق رفاتهن حدادا

يا أحرفي أين الروائع هل لها
بعد اندماج أن تحل بعادا

هل كل هذا البعد لا يكفي لها
كي تستفيق ولا تطيل عنادا

قالت وليت لقولها من رجعة
يا حائرا فلتفهم الأبعادا

لا تنتظر مني مزيدا إنه
قد طال إنصاتي إليك وزادا

وهنا ألوف يرقبون إشارتي
ويقدمون بريقهم لي زادا

وأنا الكريمة لا ترد موائدي
يرضيك ألا أكرم القصادا

فلتهنئي يا أحرفي وتنقلي
عبر السراب ومزعي الأوتادا

وتذكري عند انكشافات الرؤى
أو إن شكوت لغربتي إخمادا

أني وهبتك من نفيس فرائدي
فأبيت ثم قد ارتضيت رمادا

طوفي فإن ضل الطريق مقطعا
خيط الرجاء وفي الشتات تمادى

لا تخجلي أن تستفيقي لحظة
لا تخجلي أن تعلني الإجهادا

كل العناء إذا أتيت إلى هنا
ألقى السهام مسلما وتهادى

هذا كتابي قد بعثت مرجيا
لك في الختام هداية ورشادا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى