التواصل الاجتماعي أم الدمار الاجتماعي

د. طارق حامد | أكاديمي مصري

      جرائم القتل والإنتحار والشقاق الأسري والجرائم الأخلاقية التي تفشت في مجتمعاتنا العربية لا شك أن من أهم أسبابها ؛

١- تجفيف منابع الدين: بإغلاق المساجد كمؤسسة إسلامية  أمام تعليم وتعلم الدين والأخلاق كما كان في السابق وذلك بدعوي القضاء على الإرهاب كما لو أن الإرهاب قد ارتبط ارتباطا وثيقاً بالدين الإسلامي وكأن الإسلام هو الذي يفرخ الإرهاب و يصدره للعالم ولا يوجد تطرف و لا إرهاب في الدول الغربية، ولكننا ندفن روؤسنا في الرمال كالنعام حينما يهاجمنا الغرب ويصمنا بالتطرف والإرهاب ونقف في موقف المدافع و لا نرفع رأسا بهذا الدين العظيم و أخلاقه و تعاليمه السمحة،

      ولا نبحث في جذور و أسباب التطرف والإرهاب الذي مما لا شك فيه له أسباب عديدة منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتربوي والتعليمي وغير ذلك من هذه الأسباب التي تدفع بقطاع من الشباب إلي الإنسياق المحموم خلف دعاة الٱرهاب والتطرف والذي ليس له علاقة بالدين الإسلامي السمح ولا ينفي هذا أن نعترف بأن هناك تشدد في الدين والأديان السماوية الأخري كذلك من أسباب هذه الذريعة والشماعة التي نعلق عليها كل شيء.

و الحل يكمن في تفعيل دور العبادة في تعليم الدين والأخلاق وسماحة الدين وعلاقة العباد برب العباد ومراقبة الله عز وجل في كل حركة وسكنة، كذلك الدور الأسري والمدرسي والمؤسسات التربوية والتعليمية والتي من شأنها القيام بدور إصلاحي للمجتمع .

٢-اليأس السياسي والاقتصادي والاجتماعي كذلك: مما يؤدي بالشعوب والمجتمع بأسره إلي انتحاء سلوك المتفرج و حزب الكنبة كما يطلق عليه فيقومون بدور المتفرج في كل شيء ، يرون كل قبيح في المجتمع وكل انهيار علي جميع الأصعدة و لا يحركون ساكنا ولا يسكنون متحركا ومنها الجرائم الأخلاقية مثل التحرش و القتل و الإنتحار بحجة اليأس السياسي والاقتصادي و مما يقال بأن هذه البلد بلدهم و ليست بلدنا فأدي ذلك إلي تنحية النهج الإصلاحي و رجاله من المجتمع و تهميش أدوار الأزهر الشريف و رجاله ومؤسسات المجتمع المدني و الأحزاب ، فبيعت حصة مصر من الغاز الطبيعي و تيران و صنافير و تم التفريط في حصة مصر من مياه النيل المقررة بمعاهدات تاريخية  دولية معتبرة كل هذا و نحن نقوم بدور المتفرج و ليس الفاعل .

٣- إهدار القيم المعتبرة و المستقرة في المجتمعات العربية مثل قيمة الأسرة و المعلم والمدرسة والمسجد وما تقوم به هذه المؤسسات من غرس القيم والأخلاق في نفوس الأطفال و الشباب و إحلال القيم الدونية محلها مثل تعظيم أدوار الفن والفنانين و الإعلام المغرض وما يبثون من خلاله في نفوس القوم من وضع قدوات لهم ليسوا بقدوة مثل الممثلين الذين يبرزون للناس الجوانب السلبية في المجتمعات مثل عبده موته فيقوم بدورهم في السينما ممثلين نجوم الفن محبوبين  يتخذهم الشباب قدوات فيعيدون تمثيل ما فعلوه ليس في عالم السينما الإفتراضي ولكن علي أرض الواقع ومنها قتل فتاة جامعة المنصورة ويأس الشاب و انتحاره من أعلي كوبري الجامعة بها و وصيته بألا يمشي أبوه في جنازته وٱلقاء الشاب نفسه منتحرا من أعلي برج القاهرة وقتل ثلاثة يمارسون الرذيلة الجماعية لبنت من بناتهم و إلقائها جثة في الرياح  لئلا يفتضح أمرهم ، كل هذه الجرائم الأخلاقية أساسها تنحية الدين والمؤسسات التربوية و التعليمية والإصلاحية ورجالها ومن يقوم بها من المجتمع ، واتخاذ قدوات إمعات يشخصون الجريمة وسيء الأخلاق وهذه نتيجة حتمية لذلك الإنهيار علي جميع الأصعدة في المجتمع العربي

و الإعلام كما قال شوقي في مصرع كليوباترا :

اسمع الشعب ديون كيف يوحون إليه 

ملأ الجو هتافا بحياتي قاتليه

يا له من ببغاء عقله في أذنيه

أثر البهتان فيه وانطوي الزور عليه.

٤- مواقع التواصل الاجتماعي وما جرته علينا من وبال وأوحال حيث بات المستور مفتضحا والبيوت المصانة علي المشاع و بسببها ساءت الأخلاق ، فيها حيث كل الخلق علماء و ذوي أخلاق عالية و في الواقع نسبة كبيرة منهم مصابة بداء الإنفصام ما بين العالم الواقعي والإفتراضي وبات من سعل سعلة أو ذهب لقضاء حاجته أو أصيب بتقلص في باطن قدمه الأيسر ينشر معاناته مع هذا المرض العضال وصورت الجرائم الأخلاقية صوتا وصورة فأخذ يقلدها الكثير والكثير وغفلوا عن رقابة الله الواحد القهار وتعطلت الضمائر و انتشرت جرائم الابتزاز مما أدي إلي انتحار كثير من الفتيات وانهيار كثير من الأسر مما يؤذن بإنهيار المجتمع بأسره و السؤال هنا:  هل هي مواقع التواصل الاجتماعي أم مواقع الدمار الإجتماعي؟! .

والحل من وجهة نظري العودة إلى الدين و القيم والأخلاق والإيجابية في كل حياتنا و مراقبة الله عز وجل في كل شيء وإقامة  الضمائر قبل العمائر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى