شهامة بالقشطة الكدابة

مريم حميد | العراق

     بسبب المرض والملل أخذت أتصفح بعض الفيديوهات عبر اليوتيوب ولأني  ست بيت  منذ كنت في الحادية عشرة من عمري تعاملت مع الطباخ؛ فأحيانا تغريني فيديوهات ربات البيوت؛ فأتابع ربع الفيديو أو نصفه أو  أسرعه  حتى أصل للنهاية.
 ومن العناوين التي استوقفتني لأحد الفيديوهات (كنافة بالقشطة الكدابة) لسيدة مصرية قامت بإعداد القشطة(الكدابة حسب لهجهتها) (الكاذبة حسب اللغة العربية).
    تُصنع القشطة الكدابة من كوب حليب، ونصف ملعقة طحين، وملعقة شاي  من  النشا، ونصف ملعقة  سكر، ثم توضع، وترفع قبل أن تغلي فعلا طعمها جميل، وفيه خط شبه  من القشطة   لكن  لو بقيت على نار قليلا، أو حتى عند  رفعها  بعد  الغليان ستتحول إلى ما يشبه العجينة اللزجة، أو(المحلبي الثخين)، والذي لا أستسيغه  دائما.

   فطريقة صنع القشطة الكدابة ذكرتني بالشهامة الكدابة الكاذبة، وقد عرفت  العرب في  معاجمها الشهامة فقالت: شَهامة(اسم) الشَّهامةُ: عِزةُ النفس وحرصُها على مباشرةِ أمور عظيمة تستَتبِعُ الذكرَ الجميلَ، ومصدرها شهُمَ شَهَمَ: (فعل)، وشَهَمْتُ، وأَشْهَمُ، اِشْهَمْ، مصدر شَهْمٌ، شُهُومٌ، وشَهَمَ الدَّابَّةَ: زَجَرَهَا، وشَهَمَ الوَلَدَ: نَشَّطَهُ.
    وربما انتشرت الشهامة بمعنى الزجر أو نحن نحتاجها لنردع المتشاهمين(المتظاهرين بشهامة)، وشهامة الوعود  التي لايمكن أن يفي بها صاحبها مع تمكنه من ذلك، وشهامة(المعزب المضياف، أو صاحب البيت المرحب بضيوف)، الذي يرحب بضيف، ثم يستثقله ويأنف منه، وشهامة الدكتور ذي السمعة الطيبة والمتعالي على مرضاه، وطلبته، وشهامة سأساعدك، وأقف جنبك، ثم الاعتذار بأن ظروفي لاتسمح،بعد تعرية الآخر، وسماع مشكلته التي يصعب شرحها لأن نفسها تعز عليه وفيها ما يجرح كرامته، ويمس أسرته، وشهامة في أي  وقت اتصل، ثم يغلق الهاتف، وشهامة المقدرة على المساعدة والامتناع عن تقديمها، وشهامة ربط الشهامة بقدرالانتفاع من الآخر؛ أي أجر أجنيه آن قدمت المساعدة لفلان الصغير فأهده خيرا ثم أخلف، وشهامة الإهمال سأهتم  بك وأوفر لك كذا وكذا، ثم يلف حبل الخذلان حول رقبتك.
لذا أرى أن السكوت أكبر شهامة إذا كان  لايؤدي  إلى هذه  المواقف.   
     وهناك شهامات أُخَر نذكر منها: شهامة أن أعد المتوسط لفلان لتسهيل أمره خيرا، ثم أنتقم من المتوسط له، وشهامة اللهو عن تقديم  المساعدة في حين من طلبها يتأمل فيك خيرا، وشهامة الزيف والكلام هذه سرعان ما تتحول  إلى عجينة  لا تهضم ذات رائحة سيئة لم تحظ بها القشطة (الكدابة) يوما، وتقديم النفس على إنها سوبرمان،ثم الهروب كالقطط من حجارة اللوم والفشل.
ولعمري صدق القائل:(رحم الله إمرءًا عرف قدر نفسه فوقف عنده)؛ فلو  عرف المتشاهمون قدرهم لجبوا الغيبة، والخيبة،والفشل،والاستصفار في أعين  الناس عن  نفسهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى