حياتنا في العشر الأوائل من ذي الحجة

د. إسلام إسماعيل أبو زيد | عضو اتحاد المؤرخين العرب
ما أحلم الله! جعل للبشر نفحات إيمانية يتعرضون لها، ومناهل موسمية يتزودن منها، وأيامًا مباركة للمسابقة فيها، وجعل – سبحانه – ليلة القدر أعظم ليلة وهي خير من ألف شهر، وجعل ليالي رمضان أعظم الليالي، وأعظم يوم عرفة، وأعظم الأيام العشر الأُوَل من ذي الحجة، كما جعل أفضل ساعات اليوم ساعات السحر، وأفضل ساعات الأسبوع ساعة الإجابة يوم الجمعة، وجعل أفضل أيام الأسبوع يوم الجمعة، وجعل رمضان أفضل شهور السنة، وهكذا، نفحات تلو نفحات تلو نفحات.
وقد ورد الكثير في فضل العشر الأوائل من شهر ذي الحجة،حيث قال تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ ^ وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن هذه الليالي هي العشر من ذي الحجة،والتي يتعلق بها العديد من الأحكام والآداب والفضائل،وحددتها دار الافتاء المصرية ومنها :
أولًا: فضل العشر الأُوَل من ذي الحجة : أيام عشر ذي الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة،يضاعف العمل فيها،ويستحب فيها الاجتهاد في العبادة،وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه،فالعمل الصالح في هذه الأيام أفضل من العمل الصالح فيما سواها من باقي أيام السنة،فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ،قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ،وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما.

ثانيًا: حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة: يستحب صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة ليس لأن صومها سنة،ولكن لاستحباب العمل الصالح بصفة عامة في هذه الأيام،والصوم من الأعمال الصالحة،وإن كان لم يرد عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – صوم هذه الأيام بخصوصها، ولا الحث على الصيام بخصوصه في هذه الأيام،وإنما هو من جملة العمل الصالح الذي حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فعله في هذه الأيام كما مر في حديث ابن عباس.

ثالثًا: حكم صوم يوم عرفة: صوم يوم عرفة سنة فعلية فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم،وقولية حث عليها في كلامه الصحيح المرفوع؛فقد روى أبو قتادة – رضي الله تعالى عنه – أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ،أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مسلم،فيسن صوم يوم عرفة لغير الحاج،وهو: اليوم التاسع من ذي الحجة،وصومه يكفر سنتين:سنة ماضية،وسنة مستقبلة كما ورد بالحديث.

رابعًا: حكم صيام يوم العاشر:يحرم باتفاقٍ صيام يوم العاشر من ذي الحجة؛لأنه يوم عيد الأضحى،فيحرم صوم يوم عيد الفطر،ويوم عيد الأضحى،وأيام التشريق،وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر؛وذلك لأن هذه الأيام منع صومها؛لحديث أبي سعيد ر- ضي الله عنه -:”أن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ؛ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ” رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
وتعد العشر الأوائل من ذي الحجة من الأيام المباركة التي يتضاعف فيها الأجر وتغفر فيها السيئات،وقد شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها خير أيام الدنيا،وقال تعالى : (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (البقرة 203).
ويعد الذكر والدعاء من أفضل الأعمال في العشرة الأوائل من ذي الحجة، وقد ورد في هذه العشرة العديد من الأذكار المسنونة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -،كما قد أمرنا بالإكثار منها،قال صلى الله عليه وسلم: “ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر،فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.
في نهاية مقالنا تعرفنا على العشر الأوائل من ذي الحجة،لذا يجب الإكثار من العبادات والطاعات والمداومة عليها،وتعرفنا على العبادات والأعمال المشروعة في العشر من ذي الحجة ومنها الصيام والصلاة والصدقات والتكبير والدعاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى