د. حسين شاويش يُصدر: أفكار حافة الهاوية..إعادة صناعة الطوائف

محمود أبو حامد | ألمانيا

    عن دار ابن رشد للطباعة والنشر صدر حديثاً كتاب (أفكار حافة الهاوية..إعادة صناعة الطوائف) للدكتور حسين شاويش، تحاول فصوله الستة الاجابة على أسئلة إشكالية ومهمة، وإثارة أسئلة جديدة في آن: لماذا أمكن إنشاء أنظمة محاصصة سياسية طائفية في القرن الواحد والعشرين؟ وهل نستطيع تتبّع الجذور الاجتماعية- التاريخيّة لعمليّات التديّن والتطيّف في منطقتنا، منذ خمسة قرون على الأقل، وعلى كلّ الأصعدة؟
ما هو دور فشل عملية التحديث اقتصاديّاً وثقافيّاً ومن ثمّة فشل بناء الهوية الوطنية-القومية الجامعة؟ وكيف نفهم دور “صانعي الأيديولوجيات الطائفية” في اختراع تواريخ ومظلوميّات تبرّر لصراع الهويّات الطائفية ومن ثمّة “لبننة” الساحة العربيةً؟وهل يكفي اتّهام القوى الكبرى قديماً وحديثاُ في زرع الطائفية في بلادنا، أم أنّ العامل الذاتي ليس أقلّ أهميّة؟
هذه الأسئلة وغيرها هي ما يحاول الكتاب الإجابة عليه عبر الكثير من الأمثلة الحديثة، مستعرضاً نماذج للسرديّات الطائفية، مستفيضاً في شرح المثال العراقي الحديث، لأنّه يوضّح دور العوامل المختلفة المحلّية والإقليمية والعالمية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأيديولوجية في الوقت نفسه.
ويقول الدكتور حسين شاويش: رغم أن هدف هذا الكتاب هو استعراض مجموعة من تلك السرد ّيات ومصادرها والخلفيات الذاتية والظروف الموضوعية التي أملتها أو جعلت صياغتها ممكنة بالشكل الذي هي عليه، وهذا كلّه يبدو كدراسة لا تطمح إلى أكثر من درجة معقولة من العلمية، فإن الكاتب لا يخفي تموضعه.

ويؤكد شاويش أنّ الكتاب يحاول بشكل مباشر أو غير مباشر أن يقرع الأجراس. فالكثير من فقرات هذا الكتاب تصف كيف يتّم اختراع سردية سياسية محضة لطائفة ما، وكأن ذلك جوهرها، بحيث يُحول بعضها إلى مجرد آلة حرب تستخدمها قوى ما ضد أخرى. وفي فقرات أخرى يستعرض الكتاب سردية مضادة تماماً من حيث المنهج والإبستمولوجيا، فتحول الطائفة المدروسة إلى ثيولوجيا محضة تقريباً.
ويضيف الدكتور شاويش أن من المقاربات التي لا تكاد تغيب عن أي من معالجات الكتاب لموضوع صناعة الطائفة -بالمعنى المقصود آنفاً- كشف البعد الخارجي في صراعات الطوائف الأيديولوجية والسياسية، بما في ذلك الدعم السياسي “لمؤسساتها الأيديولوجية”.

وليس هذا “الخارج” مجرد إمبرياليين يبحثون عن أسواق ومواد أولية وأيدي عاملة رخيصة، بل إنّه يحمل لنا سرديته الطائفية التي أنتجها الاستشراق على مدار أكثر من قرنين وحولها إلى ” ِعلم” شرقيات وإسلاميات تحكم نظرة سياسيي الغرب وتنتقل بألف طريقة وطريقة إلى أدمغة أحزابنا وسياسيينا أنفسهم.

كما أن ذلك “الخارج” يشمل القوى الإقليمية أيضاً التي تبنّى الكثير منها “طائفة الأكثرية” لديه واعتبر نفسه المرجع الإقليمي لرعايا تلك الطائفة في كل مكان. وهنا يصبح “الفكر الطائفي” هو نوع من “أيديولوجيا مد النفوذ الإقليمي”، كما رأينا في تجارب كل بلدان الهلال الخصيب.
وفيما يخص اللغة والأسلوب يشير الدكتور حسين إلى أن الكتاب اتّبع “أخوته” من كتبه السابقة. وهو أسلوب يقع في وسط الطريق ما بين البحث الأكاديمي والكتابة الفكرية المتأملة.

والهدف من ذلك جعل المادة مفهومة للقارئ غير المتخصص، دون التخلّي عن القدر الضروري من الدقّة في الرصد والتحليل العلمّيين. إنها محاولة للوصول إلى ذلك “القارئ العادي”، لأنّه وراء كل تغيير حقيقي في المجتمع. الوصول إليه هو الخطوة الأولى في إعادة صياغة السرديات الفاعلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى