أدب

الله أكبر

من وحي زلزال سوريّا وتركيّا

شعر: د. وجيهة السطل

 

اللهُ أكبرُ زُلزلَت. زلزالها
والله ربُّ العَرشِ قد أوحى لها

***

وتناقلوا تفسيرهم في رهبةٍ
هذا حديثُ الأرضِ فلتُصغوا لها

***

كَثُرتْ معاصيكم ألا فَلْتَرعَوُوا
زلزالُها يحكي لكم أهوالَها
***
صَدَحَ الذي يهوى العلومَ مغرِّدًا
سرُّ الطبيعَةِ، فاسمعوا أقوالها

***
هذا الذي غشيَ البلادَ مُزلْزلًا
لا تحسبوا رجزًا، عقابًا، نالها

***

لكنّه علمُ الطبيعة فاسمعوا
يهتزّ جوفُ الأرضِ تشكو حالها

***

إنَّ الطبيعةَ للخلائقِ أسفَرتْ
عن وجهِها،كيما يرَوْا أفعالَها

***

أثقلتموها بالمعاصي زُلزلتْ
عانَتْ ضغوطًا، أخرجتْ أثقالَها

***

يا أيها البشرُ الشنيعُ فعالُكم
وبها عبثتُمْ، فاحصُدوا إعلالَها

***

فالأرضُ سخّرَها الإلهُ لخلقِه
ورأيتُمُ ردَّ العطا إهمالَها!!

***

ويقولُ مَنْ إيمانُه كلماتُه
اُنظرْ عظيمَ فعالِه وجَلالَها
***
هذا الحوارُ غريبةٌ أفكارُه
فالأرض تبكي لا تريدُ سؤالها

***

العلمُ نورٌ والعقولُ شواهدٌ
ومن التفكُّر أنْ ترى إذهالَها

***

والعلمُ أدركَ حينَ لاحظَ مُخلصًا
أنَّ الطبيعةَ لنْ تغيّرَ حالَها

***

والعلمُ لم يَضَعِ السماتِ لما يرى
بل راحَ يشرحُ، مُفهِمًا جُهّالَها

***

تلك الطبيعةُ نعمةٌ لكَ أُوْجِدَتْ
جزءًا من التسخيرِ ربُّكَ قالَها

***

ويشاءَ ربُّكَ حينَ سخّرَها لنا
جَعْلَ المياهَ حياتَها وجمالَها

***

خلقَ البحورَ كثيرةً ولحكمةٍ
فالشمسُ تشربُها، ترومُ وِصالَها

***

فتصيرُ غيْمًا بل ركامًا مثقلًا
بالماءِ،حدّدَ ربُّنا تهطالَها

***

فسَقى العبادَ، سقى البلادَ وزانَها
والغيثُ وافى سهلَها وتلالَها

***

فتفَتَّحتْ أزهارُها غَزَتِ الربا
وغدتْ ثمارًا أتقنتْ أعمالَها

***

والنحلُ في دَأَبٍ رحيقًا تجتني
وبِوَحيِ ربِّكَ قدَّمَتُ أعسالها

***

والنارُ سخّرَّها وتحرقُ من دنا
دفءٌ ونورٌ، إنْ تُرِدْ إشعالَها

***

لمّا أرادَ اللهُ ألجمَ نارَهم
أن تحرقَ الداني صفاتٌ زالَها

***

ما أحرقَتْه ولم تُعذِّب جسمَه
بردًا سلامًا للنبيِّ أحالَها
***
هذي الخَلائقُ كلُّها بغريزةٍ
تحيا، وتقضي في رضًا آجالَها

***

لو شاءَ ربُّك لاختفتْ خيراتُه
ورأى الجَحُودُ عقابَه وزوالَها

***

فالله أكرمَ عبدَه في وضعِه
هذا التوازَنَ بين ما أعطى لها

***

لكنّما الإنسانُ عربَدَ وافترى
عبثَتْ أصابعُه بها فاغتالَها

***

فتلوّثَتْ أنفاسُنا منْ جهله
صفعَ الطبيعةَ ناويًا إذلالَها.
***
عُودوا لهُ، واستغفروا لذنوبكم
تجدُوا الطبيعةَ خفَّفت أهوالَها

***

واللهُ يقبلُ من أنابَ بتوبةٍ
والنفسَ عن دربِ الحرامِ أمالَها

***

زلزالُ تركيّا وسوريّا معًا
أضحى دروسًا لا نرى إغفالَها

***

ناموا، وعانقتِ الظلامَ جفونُهم
في ليلةٍ كانَ الأنيسُ هلالَها

***

وصَحَوا فأصبحتِ الحجارةُ فرشَهم
والموتُ فوقَهمُ يُري أطلالَها

***

أُسَرٌ وأطفالٌ قضَوا في لحظةٍ
والأمّ ثكلى فارقتْ أنجالَها

***

صوتُ الأنينِ يذوبُ في نبَضَاتِهم
والكلٌّ يرقبُ مُستغيثًا والِها

***

والمنقِذون يُتابِعون بلهفةٍ
صمَتَ الأنينُ، فتلك لا منجى لها

***

ياربُّ ضاقَتْ في الحياةِ نفوسُنا
هذي المصائبُ، وزعتْ أنفالَها

***

إنّ النفوسَ ببابِ عفوِك ترتجي
ربّاهُ حقِّقْ بالرضا آمالَها

***

ربّاه وارحمْ كلّ من وارى الثرى
واجعلْ إلهي للجنان مآلها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى