مقال

كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه

بدرية بنت حمد السيابية

عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه))- متفق عليه.
اجلسوا مع أبنائكم، حدثوهم فهم بحاجة إليكم وخاصة في فترة البلوغ أو ما تسمى فترة المراهقة وخاصه هذا الجيل، ففترة المراهقة تتميز عن غيرها من فترات العمر بكثرة ما تمتلئ به من مشكلات، وأن هذه المشكلات تعتبر ذاتها خاصية مميزة لهذه المرحلة من مراحل العمر. ومن بين مشكلات المراهق التي تواجهه في حياته اليومية مشكلة علاقته مع الكبار وخصوصا الآباء، ومحاولة التخلص من السلطة والشعور بالاستقلال. وعلاقته بالكبار هي مشكلة تتطلب تقبل القيود التي تفرض على رغباته وشهواته قدرا من التقبل لإخضاع نفسه للآخرين، ورغبة المراهق في الاستقلال أمر طبيعي ومظهر عادي من مظاهر النمو، وتعتبر عملية الاستقلال سمة من سمات المراهقة، وفي الوقت نفسه مشكلة من مشكلاته.

فتجد المراهق في هذه الفترة لا يتحمل من يتآمر عليه أو لا يتقبل النصيحة؛ يبرمج عقله على التحكم في الاستقلال، وأنه قادر على اتخاذ قرارات تستحوذ على علاقته مع الآخرين؛ فهو سيد نفسه يتحكم وينفذ في أي وقت يريده، ولا يعلم خطورة ما يلجأ إليه
من اتخاذ القرارات الخاطئة؛ فهنا، فإن هذا المراهق يحتاج إلى من يتحدث إليه، ومن يرشده للطريق الصحيح والجلوس معه والخروج إلى أماكن يستطيع البوح بما يكنه قلبه من مشاعر- بمعنى أنه يفضفض عن ما في جعبته- سواء للوالدين أو لأحد الأقارب من الدرجة الأولى، واحتواء هذا المراهق في جوف لمة الأسرة حتى لا يلجأ للعالم الخارجى المخيف.

نعم، أصبح هذا العصر عصر السرعة، انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي بأشكالها وأنواعها؛ فهناك النافع وهناك الضار؛ لذلك جميل جدًا أن تكسب وجود ابنك وأن يكون قريبا منك ومن محيطك، ولا تجعله فريسة لأصدقاء السوء أو لمن يتربصون بالوقوع بهؤلاء الشباب المراهقين في شباك الضياع والحرمان؛ فالمواقف تشهد على ذلك؛ فالأبناء يكتسبون صداقات عن طريق المدرسة أو البيئة المحيطة أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي إذا أصبح الأب أو الأم في انشغال دائمًا عن أبنائهم وعدم الالتفات إليهم؛ فستكون هناك ثغرة يستطيع هذا الابن أو الابنة الخروج منها وبالتالي ستترتب عليها عواقب أنت كولي أمر في استغناء عنها.

مؤخراً انتشرت بعض الظواهر، وبعض الزملاء الكتّاب تتطرقوا إليها؛ سواء عن طريق كتابة مقال أو عمل محاضرات أو نشر منشورات توعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي من تلفاز أو إذاعة أو واتساب وغيرها من الوسائل، ولكن ما زلنا بحاجة إلى توعية وتثقيف هذه الفئة، والتكثيف والاهتمام الجاد للأخذ بأيديهم نحو طريق سليم معافى من العراقيل والمشاكلات التي تواجههم، فشبابنا هم ثروة وطنية ينتجون آثارا إيجابية إذا وجدت الرعاية والاهتمام؛ فكونوا الجليس الصالح لهم وأسكنوا في أنفسهم الطمأنينة، ولا تهملوهم حتى لا ينحدروا نحو طريق الهلاك.

اللهم وفق أبناء هذا الوطن واجعلهم في حمايتك، ونوّر طريقهم يا رب العالمين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى