سياسة

نتنياهو.. انثولوجيا الأخطاء والتلفيقات والأكاذيب

نتنياهو كراهية عنصرية حاقدة ضد شعب فلسطين

سعيد مضيه | فلسطين

نتنياهو كراهية عنصرية حاقدة ضد شعب فلسطين.. تحت هذا العنوان سجل البروفيسور أسعد أبو خليل في 3آذار الجاري بمجلة كونسورتيوم نيوز الإليكترونية انطباعاته عن كتاب نتنياهو الجديد، ناقدا،” إن لم تزعجك انتهاكات حقوق الإنسان، وإذا كنت بطل جرائم الحرب فكتاب نتنياهو الأخير “بيبي: قصتي” موجه اليك. يضيف أبو خليل: كان نتنياهو ضيفا منتظما ومرغوبا على البرامج الإخبارية الأميركية ؛ يقول لقرائه ان فرق التصوير” كانوا يرفعون الإبهام بعد الظهور على برنامج ’نايتلاين‘ بمحطة إيه بي سي… لمقدم البرنامج ، تيد كوبيل، الفضل الى حد كبير في ترقية نتنياهو”.
و”اعتاد شولتز ، وزير خارجية الولايات المتحدة ذلك الحين، دعوة هذا الموظف البسيط بالسفارة الإسرائيلية لأخذ رأيه بصدد سياسة أميركا الخارجية.
“اما اي سفير عربي فعليه الانتظار أشهرا قبل الفوز بمقابلة وزير الخارجية لبضع دقائق. غير أن شولتز شارك تبصرات هامة مع نتنياهو ؛ أبلغه في اللقاء الأول عن الفلسطينيين: هؤلاء الإرهابيون ليسوا بشرا ؛ إنهم حيوانات”(153). … “بينما كان ريغان يقرأ كتاب نتنياهو حول الإرهاب ويسلمه لمساعديه”.
أسعد أبو خليل بروفيسور اميركي من أصول لبنانية، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا. مؤلف القاموس التاريخي للبنان عام 1998، بن لادن/الإسلام والحرب الأميركية الجديدة ضد الإرهاب (2002 ) .
أورد ابو خليل في مقالته النقدية: بنيامين نتنياهو ، رئيس وزراء إسرائيل أصدر كتابه الجديد “بيبي : قصتي” ، وهو كتاب ممتع ومسلي لكل من هو مرتاح بعنصريته، رجلا او امرأة، ولشيطنة الجموع المضطهَدة باعتبارها الأدنى عرقيا .
نحن حيال قائد إسرائيلي فخور بانتهاكاته لقوانين الحرب وللقيود العنصرية ضد المهاجرين الأفارقة، فهم، في نظره، اكثر من الآ خرين نزوعا للجريمة.
هذا الكتاب، شأن كتب نتنياهو السابقة ، سوف يطالعه الصحفيون وصناع السياسة الأميركيون، سواء بسواء. كان نتنياهو دبلوماسيا مبتدئا حين وجه وزير خارجية الولايات المتحدة ، جورج شولتز، دعوة له لزيارته وإجراء أحاديث مطولة حول السياسة الخارجية وعن أفضل طريقة لإخضاع العرب.
الكتاب مفيد لتفسير كيف تصنع السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ وإذا قيض لعربي ان يكتب عن أصول السياسات الشرق أوسطية للولايات المتحدة وكيف يصوغ قادة إسرائيل، بصورة جوهرية، الخطط والسياسات الأميركية تجاه إسرائيل ، فإن هذا الكاتب سوف يتهم باللاسامية.
أصدّق نتياهو حين يدعي مرارا في الكتاب أن رؤيته الاحتلالية اليمينية قد تبنتها الإدارات الأميركية. [في هذا السياق يكذب فمن المحافظين الجدد تلقى نتنياهو خطة عدم الانسحاب وتنشيط الاستيطان بالضفة-س]. في الكتاب نتعلم ان اتفاقات أبراهام التي فرضها الرئيس الأميركي السابق ، دونالد ترمب، قد بدات بمبادرة من نتنياهو.
نتنيا هو مشهور ( في إسرائيل وبلدان الغرب المؤيدة لإسرائيل) بولعه في حرف الحقائق : اكاذيب ، تشويه ، اختلاق تنساق بسهولة معه.
راقبْه في كتابه يؤكد ان حرب 1967 كانت محتمة نظرا لأن ” العرب سيمضون بها “(ص38)، حين كانت إسرائيل هي التي شنت الحرب[ صرح زعيمه بيغن وكان وزيرا في حكومة الحرب، اننا –إسرائيل – ادركنا ان ناصر لا يريد الحرب، وشاركه الرأي رابين، رئيس الأركان آنذاك، وصرح بذلك لصحيفة فرنسية].( في الساعات الأولى للنزاع حاولت حكومة إسرائيل أولا خداع إدارة جونسون الأميركية بالادعاء كذبا ان مصر بدأت الحرب بالطلقات الأولى[ والرئيس جونسون وجه برقية لحكومة إسرائيل اورد فيها ان المبعوث الإسرائيلي عندنا ، بمعنى تباحثنا معه مؤيدين].

مستمتع بلهيب الحرائق

تفاخر نتنياهو ب” المبعوث” الموجه ل “تفجير” الطائرات المدنية اللبنانية عام 1968( أسطول شركة طيران الشرق الأوسط بكامله في ذلك الحين) لدرجة أنه يختلق تفتيشا عانيا للطائرات في منتصف الليل، بينما الطائرات جاثمةعلى الأرض والمطار مغلق، وذلك لضمان عدم وجود مدنيين على متن الطائرات قبل أن تبدا العملية(56)
يرش على جرائمه الحربية مقبلات إنسانية . كان نتنياهو مبتهجا وهو يشاهد ” المطار…يتوهج بلهيب الحريق؛ أشبه بمشهد في سينما”(56).
بين فينة وأخرى يردد ان أخاه كان ضمن الفريق الذي شن غارة على بيروت عام 1973 ( يخطئ في التاريخ ، والصحيح 1972) وقتل قادة فلسطينيين ، مدنيين وعسكريين. يزعم أن أولئك القادة كانوا يخططون لهجمات ضد إسرائيل(93)، بينما أحد الضحايا، الشاعر كمال ناصر، لم يحمل بندقية في حياته.
هكذا بدأ ت حرب نتنياهو على الإرهاب
يركز نتنياهو على صلة اليهود بفلسطين( بما في ذلك اليهود الأوروبيون الذين لم يروا الأرض المقدسة من قبل) لكنه لا يستطيع أن يفهم صلة الفلسطينيين ، السكان الأصليين، بوطنهم. هذه عقدة عنصرية الصهيونية التي تظل الدعامة للعدوان الإسرائيلي المتواصل ضد الشعب الفلسطيني. بسيط هو تحليل نتنياهو للعلاقات الأميركية – الإسرائيلية: بغض النظر عما تفعله إسرائيل ، وبغض النظر عن عدد الحروب والغزوات التي تشنها ، فإن ” التحالف مع الولايات المتحدة سوف يعتني بنفسه”. مصيب إذ عبر عن الثقة بان رؤساء الولايات المتحدة سوف يقفون بجانب إسرائيل بغض النظر عن موقفها ، نظرا لأن ” الكل يحب المنتصر ” (84).
غير ان إسرائيل لا تكسب الحرب بجهدها الخاص ؛ تقاتل – مثل أكرانيا- وعالم الغرب بأجمعه يقف خلفها. ونتنياهو مصيب بالقول انه منذ العام 1948 وقف كل رئيس أميركي بجانب إسرائيل بغض النظر عما تفعل ، ورغم غضب الرأي العام العالمي.
بلوغ القمة
يكشف الكتاب المدى حيث يستطيع الصهاينة الأميركيون المتنفذون ان يصلوا الى اعلى هياكل حكومة الولايات المتحدة. والد نتنياهو ، بروفيسور في الدراسات اليهودية بجامعة كورنيل آنذاك، قرر انه لا يحب سياسة الولايات المتحدة الخارجية تجاه إسرائيل عام 1974. لذا اصطحب ولده لمقابلة يوجين روستو، وكان حينئذ نائب وزير خارجية للشئون السياسية في إدارة الرئيس ليندون جونسون.
رتب روستو للاثنين مقابلة مع باول نيتزه والأدميرال إلمو زوموالت. لنتصور لو ان هذه المقابلة حظي بها بروفيسور عربي وولده؟ حتى هذا اليوم الأبواب مغلقة بوجه الأميركيين العرب ممن يخالفون سياسة الولايات المتحدة الخارجية . فقط الأميركيون العرب الراغبون بالترحيب بحروب الولايات المتحدة يلقون الترحيب في ردهات السلطة.[ أسعد أو خليل : فؤاد عجمي-عرب بيت الغرب].
والد نتنياهو قابل حتى الجنرال دوايت أيزنهاور عام 1947، كي يطلب منه مناصرة قضية إسرائيل اليمينية. كان ايزنهاور “معجبا بما فيه الكفاية”، فدعاه ل” تكرار كامل العرض الذي قدمه للجنرال امام اجتماع كامل لهيئة الجيش العامة”(107).
تدخل

يأتي نتنياهو على ذكر إسحق رابين ، وكان سفير إسرائيل بواشنطون، حين اتهمه المؤرخ آرثور شليزنغر، بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 1972 لصالح ريتشارد نيكسون.
لكن تدخل رابين لم يكن، بأي صورة، صارخا وثقيلا بقدر تدخل نتنياهو لصالح المرشحين الجمهوريين . لحسن الحظ عكر هذا التدخل مواقف الديمقراطيين خارج الكونغرس تجاه إسرائيل ومسح البريق عن الاسم إسرائيل.
كانت إسرائيل منتجا سياسيا أستطاع التماهي معه الديمقراطيون والجمهوريون، الليبراليون والمحافظون؛ وفي النشاط السياسي الأميركي اليوم بات المشروع السياسي الإسرائيلي – خاصة برئاسة نتنياهو- إحدى قضايا اليمين، ولمصلحة اليمين- في الولايات المتحدة وإسرائيل.
وعلى الضد من نوايا بن غوريون، مؤسس الدولة،غدت إسرائيل شيئا فشيئا قضية سياسية متحزبة بالولايات المتحدة ، حتى رغم أن قيادة الحزب الديمقراطي تعزف عن عكس مشاعر جمهور الديمقراطيين نجاه الموضوع الإسرائيلي. القيادة غير معنية بالتصدي للوبي الإسرائيلي.
البدايات بالولايات المتحدة
في ثمانينات القرن الماضي بدأ نتنياهو العمل بالسفارة الإسرائيلية بواشنطون. طبيعي كان بمقدوره الوصول الى أعلى هياكل السلطة الأميركية.اعترف بتجنيد أفراد لطرح انتقادات تافهة لإسرائيل تعود بالنفع على إسرائيل(149).
كان نتنياهو ضيفا منتظما ومرغوبا على البرامج الإخبارية الأميركية ؛ يقول لقرائه ان ” فرق التصوير” كانوا يرفعون الإبهام بعد الظهور على برنامج ’نايتلاين‘ بمحطة إيه بي سي. لمضيف البرنامج ، تيد كوبيل، الفضل الى حد كبير في ترقية نتنياهو.
واعتاد شولتز ، وزير خارجية الولايات المتحدة ذلك الحين، دعوة هذا الموظف البسيط بالسفارة الإسرائيلية لأخذ رأيه بصدد سياسة أميركا الخارجية.
اما اي سفير عربي فعليه الانتظار أشهرا قبل الفوز بمقابلة وزير الخارجية لبضع دقائق. غير أن شولتز شارك تبصرات هامة مع نتنياهو ؛ أبلغه في اللقاء الأول عن الفلسطينيين: هؤلاء الإرهابيون ليسوا بشرا ؛ إنهم حيوانات”(153). بينما كان ريغان يقرأ كتاب نتنياهو حول الإرهاب ويسلمه لمساعديه.

بيبي المتغطرس

يود نتنياهو من القارئ ان يعلم انه بطل عسكري، وانه مثقف عظيم؛ وانه صاحب نكتة وبمقدوره التنبؤ. يقول ، على سبيل المثال انه تنبأ بانهيار المنظومة السوفييتية ، رغم ان أحدا لم يبد الاستعداد لتأييد النبوءة.
من جملة التلفيقات الواردة في الكتاب ثرثراته حول مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، وكيف جمع المراسلين العرب و استمتع بأسئلتهم ، داحضا كل حججهم بصدد النزاع.
لم يحدث على الإطلاق مؤتمر صحفي كهذا ، ويتذكر المشاركون ان المراسلين العرب قاطعوا المؤتمرات الصحفية للقادة والديبلوماسيين الإسرائيليين في ذلك الحين.
يزعم نتياهو ان جميع الدبلوماسيين العرب بالأمم المتحدة ( حيث كان هو السفير لإسرائيل هناك) يجهلون حقائق الشرق الأوسط- وكتابه مرصع بالأخطاء والاكاذيب وانصاف الحقائق. على سبيل المثال يزعم ان قبيلة النبي محمد كانت “قبيلة يهودية مهيوبة في(شبع الجزيرة) العربية” وانه ، النبي محمد دمر قبيلته. لم يأت المؤرخ نتنياهو على ذكر كيف ان محمدا دمر قبيلته.
عنصريته مكشوفة بلا ستر حين يتحدث عن السكان المواطنين الفلسطينيين بالأرض المقدسة مجرد ” عرب تدفقوا تيارا متواصلا من الكولنياليين” (186). ويؤكد بتهوران ” العرب هم الذين
اغتصبوا الأرض من أيدي اليهود ، وليس اليهود هم المغتصبون. اليهود هم المواطنون الأصليون والعرب هم الكولنياليون “.
ينقل نتنياهو هذه الأفكار المتوحشة ، مثلا ، عن كتاب ” من الأزمنة الغابرة ” لمؤلفه جون بيترز، وهو كتاب فاقد للمصداقية على صعيد العالم؛ وبالطبع يورد عن مارك توين ، الذي زار الأرض المقدسة ، انه لم يفكر في تلك الأثناء ان الفلاحين العرب جديرون بالذكر.
اكتب إلى جميل السلحوت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى