رصيف الدهر

رضى كنزاوي | المغرب
يا سراحي المؤقت
في هذه الحياة
هرمون سعادتي
ونزوة بكائي كلما رأيت
زهرة أو يمامة أو امراة عابرة
ألم تتحدي الموت أمسا
وأنت تمسحين صحون المطبخ بكفن ؟
فلماذا اليوم
أراك طريحة الفراش
كشراع سفينة منكسة
أيتها السامقة كبرج ايفل
أتذكرين عندما
كنت أتسلق ضفائرك كالقرد
لأحظى بقبلة
وعندما كنت تزررين
أصداف قميصي حد الاختناق
كي لا يمسني زكام
أيتها المتمردة كالعاصفة
الثائرة
كالأعشاب الوحشية
عندما تندلع من رحم المعجزة
لتخترق الطرق والشوارع
منذرة بحلول الربيع
كيف بهت بريق المسدس في عينيك
هكذا فجأة
كيف امحت شامة النبوءة
على كتفيك
و شعرك الموالي لتجاعيد العنف
الذي لا يمكن أن تصففه
إلا عاصفة جوية أو مروحية اباتشي
في ساحة حرب..
أي خريف هذا الذي أبداه؟
من وارب العاطفة
ليتسرب الخوف إلى روحك
من اغتال عنت الخيزران فيك
لتصبحين هشة كعود ثقاب
مددي أظافرك على صدري
سطري ندوبي إلى الأبد ..
وسوسي لي بالجنون…
عالجيني من نبراس العادي في البشر
إني ملطخ بك كالذنب
كالوحل على عجلات حوذي
يخترق صفوف الفقراء بسوطه
ليقود عشيقة القصير ..
أيتها النزقة كسلوك السمكة
أنت العانة التي سترت عورتي
عندما اغتالني العراء…
فكنت ألوذ إلى حضنك
كما تلوذ القطط تحت محركات
السيارات الدافئة في ليالي البرد القارصة
انا شاعر انبثق من القيء
والقمامة و مجاري المياه
لذلك مازالت الحروف الرقيقة
تخاف أناملي المشوهة
وأظافري المتسخة كالمداخن
لكن لا تقلقي يا جميلتي
سأتدبر هذا
أستطيع أن أضع جوربا على رأسي
وأسرق لك قصيدة حب
من أقرب مكتبة اقتحم رفوفها كالشمس …
أو من أي شاعر أنيق أضع موسى
على عنقه عندما أنفرد به في زقاق مظلم
وأنا أهدده بأن أشوه مجازه
هل تَقْبَلي عيني ؟
لقد دربتهما من أجلك
على أن لا تريا إلا البحر والنجوم والأشياء الجميلة
خذي قدمي لقد روضتهما
على ألا يقتربا أبدا من حانة أو مبغى
أو من دائرة قتال…
فقط من البيت إلى المسجد ومن المسجد إلى البيت
خذي أذني لقد غسلتهما من صخب الحانات
وضوضاء الشوارع و الأزقة …
وعودتهما بدل ذلك على صفير البلابل
و تراتيل القرآن
سأحملك كما يحمل الجبين تجاعيده
و الفارس كبرياءه…..
والمفكر جيده إلى المقصلة
لكن لا ضير في أن تنتظري قليلا
لأننا سنذهب جميعا، نعم
لن أتهاون ولن أتسامح معك في ذلك
قدمي على قدمك….
بل سأشد معصمك الهزيل بعنف
كما كان يفعل والدي وهو يجرني
غصبا إلى المدرسة…
ألم نشرب من نفس الكأس
ونأكل من نفس الصحن ؟
وننم على نفس الحصير
ألم نسهر على نفس الجوع والحرمان
والسعال…
فكذلك قبر واحد يكفينا معا
نستقله كسيارة أجرة
بعد هذا الانتظار الطويل على رصيف الدهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى