المجلس المركزي الفلسطيني.. إبريق الزيت وذئب الراعي 

عدنان الصباح 

لا أحد في فلسطين لا يعرف حكاية إبريق الزيت التي تكرر نفسها بلا معنى ولا مضمون وإن كان البعض قد نسيها أو أن الأجيال الجديدة لم تسمع بها في زمن عولمة زيت الإنترنت والثورة الرقمية فإن من لا زال يصر على تذكيرنا بها وهو المجلس المركزي الفلسطيني الذي يواصل تكرار قراراته نفسها في كل دورة وبنفس المضامين دون أن يسعى لتنفيذ هذه القرارات على الأرض ولا بأي حال من الأحوال. 

فقط تلك القرارات الإدارية المتعلقة بالمناصب والتعديلات والحقائب والتقاسم هي التي ترى النور وما عداها يتحول الى الارشيف وقد لا يجد من يتعب نفسه بالعودة اليه او محاولة فحص امكانية تطبيقه او حتى التلويح بتطبيقه حتى باتت البيانات الختامية كليشيهات جاهزة سياتي اليوم التي لن يقرأها احد ولن يلتفت اليها احد وباتت حكاية وقف التنسيق الامني او عدم الاعتراف بدولة الاحتلال ودعوات المجتمع الدولي المختلفة والحديث عن مؤتمرات السلام حكايات ممجوجة لا تغني ولا تسمن من جوع ولن يكون هناك احد ليسمع صرخة الراعي عن الذئب حين تكون حقيقية فلقد اعتاد العالم على اقوالنا حتى لم نعد نحن معنيون بالاستماع لها وفيما عدا الحديث والنقاش حول الاسماء الجديدة التي شغلت مناصب مختلفة في المجلس الوطني واللجنة التنفيذية فان احد لم يقرا بنود البيان الختامي حتى اعضاء المجلس الذين قد يكونوا ذهبوا في سبات وهم يتلون البيان الختامي المعد سلفا والذي يشبه القص واللصق عن البيانات السابقة لنفس المجلس. 

ابريق الزيت الذي لا يحمل اية مضامين ولا اية معاني في التكرار الممل لنفس الكليشة بلا نتيجة هي نفسها حكاية الراعي الكذاب الذي جرب الصراخ ودعوة الناس لحماية قطيعه من الذئب كذبا فاستجاب الناس مرة واخرى حتى توقفوا عن الاستجابة لنداءاته حين اصبحت صادقة وجاء الذئب فعلا واكل اغنام الراعي دون ان يجد احدا في مقاومته هذه المرة فجنى الراعي ليس على نفسه فقط وانما على غيره فاحد لن يصدق راعيا صادقا بعد ان كرر الراعي الكذاب فعلته كثيرا. 

افراغ القضية من محتواها وصدقها والغاء مكانة المقاومة وتحويل شعاراتها الى يافطات داخل اروقة المؤتمرات فقط والامتناع عن القيام باي فعل مقاوم على الارض أيا كانت اشكال المقاومة هذه ومن أي جهة جاءت وترك الاحتلال يمارس كل اشكال التهويد والسطو على الارض الفلسطينية في كل الساحات هي النتيجة العملية لكل القرارات الورقية التي اعتادت عليها القيادة الفلسطينية. 

الاخطر في المجلس المركزي في دورته ال 31 انه انعقد في ظل غياب قوى رئيسية ومهمة كحماس والجبهة الشعبية والجهاد والصاعقة والمبادرة الوطنية والقيادة العامة وهي جهات اما مؤسسة للمنظمة وذات دور ريادي فيها واما انها جهات وازنة في الشعب والثورة لا يجوز لاحد انكار الاهمية القصوى لوجودها ومشاركتها. 

جاءت صيغ القرارات التي اصدرها المجلس في دورته ال 31 تراجعا عن نفس القرارات التي صدرت في الدورة 30 قبل اربع سنوات وما يهمنا هنا هي القرارات التي تخص البند الاول المتعلق بالاحتلال ونورد هنا نصيهما ففي الدورة 30 جاء النص على النحو التالي ”  يؤكد المجلس المركزي الفلسطيني ان علاقة شعبنا ودولته مع حكومة اسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال, علاقة قائمة على الصراع بين شعبنا ودولته الواقعة تحت الاحتلال وبين قوة الاحتلال والعنصرية اسرائيل ” اما باقي النص المتعلق مع دولة الاحتلال فهو تكرار كامل تقريبا لكني اورت النص الافتتاحي للقرار بالدورة 30 واورد هنا كامل النص في الدورة 31 لنجد غياب الفقرة الاولى المنسوخة اعلاه نهائيا من نص الدورة 31 الذي يقول بالحرف ” نظراً لإستمرار تنكر دولة الاحتلال الإسرائيلي للإتفاقيات الموقعة، و إمعانها في الإستيلاء المتسارع على أرض دولة فلسطين في محاولة لعرقلة انجاز الإستقلال و السيادة للشعب الفلسطيني على أرضه وفق قرارات الشرعية الدولية، و تأكيداً لقراره السابق، بأن المرحلة الإنتقالية التي نصت عليها الإتفاقات الموقعة بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة فإن المجلس يقرر:إنهاء التزامات م.ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية بكافة الاتفاقات مع دولة الاحتلال (إسرائيل) وفي مقدمتها: 

تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 بعاصمتها القدس الشرقية ووقف الاستيطان. 

وقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة. 

تحديد ركائز عملية للإستمرار في عملية الانتقال من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة ذات السيادة.
رفض مشروع السلام الاقتصادي و خطة تقليص الصراع وإجراءات بناء الثقة التي تطرحها إسرائيل كبديل عن السلام الدائم و العادل بإقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية و وقف الإستيطان الإستعماري وابتلاع ارض الدولة الفلسطينية ” وهنا يمكن الملاحظة ان النص الجديد غيب كلمة ان العلاقة القائمة مع دولة الاحتلال هي علاقة قائمة على ” الصراع بين شعبنا ودولته الواقعة تحت الاحتلال وبين قوة الاحتلال والعنصرية اسرائيل ” ولا يدري احد لماذا ازيلت هذه الفقرة ام ان العلاقة بيننا وبين دولة الاحتلال لم تعد علاقة صراع وان دولة اسرائيل لم تعد دولة عنصرية ومن جانب اخر الا يدري من كتب هذه القرارات ان ايا منها لم ينفذ على الارض وخصوصا قطع كافة اشكال العلاقة مع سلطة الاحتلال وخصوصا التنسيق الامني. 

المطلوب اليوم كسر تابو منظمة التحرير وهيئاتها والعودة بشعبنا الى اتفاقيات اعادة بناء المنظمة وهيكلتها على اسس وطنية ديمقراطية واستعادة دور المنظمة الاساسي كاداة الشعب للمقاومة ومواصلة الكفاح بكل اشكاله ضد الاحتلال العنصري الذي يواصل جريمته ضد شعبنا منذ عقود وعقود والتوقف عن التعاطي مع الامبريالية العالمية كوسيط نزيه بيننا وبين الاحتلال والانفكاك الوطني التام اولا وقبل كل شيء من جريمة الانقسام والصراعات الداخلية والالتحام معا في بيت فلسطيني ديمقراطي مقاوم تصبح فيه منظمة التحرير الفلسطينية بيت الكل الفلسطيني على قاعدة وحدة المقاومة واهدافها ومخرجاتها مهما اختلفت ادواتها ومدخلاتها الملتزمة بقاعدة المقاومة بهدف الخلاص من الاحتلال وانجاز التحرير والحرية والاستقلال والتحلل من أي اتفاقيات مع الاحتلال ووقف اشكال التواصل معه بدون اجماع وطني فلسطيني وقاوم. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى