البنية الرمزية في رواية منى ياسين (رقصة الخذلان)

بقلم: طارق عبد الفضيل | أديب وناقد مصري

يعد الرمز – كما يقرر كريم عاتي – في النص الأدبي ، سواء أكان ذلك النص نثريا أم شعريا ، مرتكزا أساسيا يقود القراءة إلى تأويلات تتصل بمرجعيته من جانب ، وتتصل بطبيعة استثماره وحضوره في النص من جانب آخر ، عن طريق الإشارات المبثوثة في المتن وتقوم بمهمة بنائه . وتحيل إلى خارج النص إحالة صريحة بالإشارات ذات السمة الوظيفية التي تتصل بتلك المرجعيات أو تقترب منها أو إلى الأشياء المجاورة لها .( ص٨ الرمز في الخطاب الأدبي – كريم حسن عاتي – الروسم للصحافة والنشر والتوزيع – بغداد ٢٠١٥ ) وسوف نعرض بعض رموز منى ياسين التي ارتكز عليها بناء رواية رقصة الخذلان

الرقص
من الرموز التي وظفتها منى ياسين في الرواية . وله دور مهم في نسيجها من البداية حتى النهاية .
الرقص في المعجم الوسيط يعني تأدية حركات بجزء أو أكثر من أجزار الجسم على إيقاع ما ، للتعبير عن شعور أو معان معينة ، وهو أنواع .
ليس غريبا أن يكون عنوان / اسم رواية منى ياسين ” رقصة الخذلان ” فقد وظفت الرقص في الرواية توظيفا رمزيا دالا . فالشخصية الرئيسة ” ندى” تحب الرقص و تمارسه دون علم أبيها ؛ لدرجة أنها التحقت بمعهد للرقص كي تتقنه و تمارسه عن علم . و هي تجد فيه راحة و لذة . و إذا أردنا ان نتعرف أسبابها فعلينا أن نطالع ما يراه الأطباء بشأن الرقص و ضرورته .
فقد قالت الدكتورة رضوى العطار، استشاري الطب النفسي ومتخصصة العلاج بالحركة والرقص، إن جلسات الرقص يتم تنظيمها وتفيد في وعى الشخص بجسمه وتحقيق التوازن.
وأضافت العطار، أن فوائد الرقص في فهم المشاعر تكون في مدى الربط بين الجسم والنفسية الخاصة بالشخص، فيتم ملاحظة أنه إذا كان شخص يعاني من مستويات عالية من الحزن، فيظهر ذلك على حركته التي تتسم بالصعوبة والتباطؤ، أما لو كان الشخص متفائلاً ستكون حركته سلسة وسريعة وأكثر انفتاحًا.
وفى ذات السياق، قالت الدكتورة شيرين دحروج، أخصائي التأهيل النفسي بمستشفى العباسية للأمراض العقلية والنفسية، إن العلاج النفسي بالحركة أو الرقص، يستخدم لدعم المهام الفكرية والعاطفية والحركية للجسم، كشكل من أشكال العلاج التعبيري، ويرتبط بالعلاقة بين الحركة والعاطفة.
وأوضحت دحروج، أن العلاج بالرقص يعمل على تفريغ الطاقة السلبية من خلال استجابة العضلات للمؤثرات، ويعتمد على إدراك الإنسان لحركة جسمه وليس على حركات الرقص نفسها، ليكتشف الإنسان نفسه من خلال الرقص، ويعبر عن مشاعره، في دقائق قليلة، بالإضافة إلى وقت مخصص للحوار عن المشاعر والانفعالات.

الرقص في ثقافات الشعوب

في عدد ٢٩ أبريل ٢٠١٨ من جريدة الدستور كتب محمد عبد الرحمن: الرقص نوع من أنواع فنون الأداء، حيث يتحرك الجسم في حركات انسيابية، وهو أحد أهم الفنون وأشهرها وأكثرها انتشارا بين الشعوب وبجانب اعتبار الرقص فنا، فهو طقس ديني وروحي عند بعض الديانات والثقافات المختلفة في كثير من البلاد، ليبقى أحد طرق التعبد والتقرب إلى الرب، وأحد الطقوس الروحية السامية.و يتم الاحتفال باليوم العالمي للرقص الذى يحتف به العالم في 29 أبريل من كل عام،
والهندوس من أكثر الطوائف الدينية في العالم استخداما للطقوس الراقصة ولديهم عدة مهرجانات دينية (حج)، مرتبطة بالرقص، ويعتقد بعض الهندوس أن تلك الطقوس من التعبد، ستمحى ذنوبهم ويساعدهم في التغلب على “الظلم والجهل” في الحياة والعالم .
وتكون مناسك الحج لدى معتنقي ديانة السيخ بزيارة “المعبد الذهبي” وفيه يقام مهرجان رقص وأهازيج يسافر إليه آلاف السيخ كل عام،
في اليابان تنتشر الديانة البوذية، ورغم أن الأخيرة لا تعتبر الرقص أحد الطقوس الدينية المهمة، إلا هناك تقليدا اجتماعيا يابانيا قديما يحمل عدة طقوس راقصة، منها مهرجان القناديل.
الهنود الحمر هم السكان الأصليون للقارة الأمريكية، قبل غزو الأوروبيون لها والاستيلاء عليها، وهم أصحاب عادات وتقاليد مختلفة، كما أنهم لهم معتقداتهم الدينية الخاصة، فهم يعبدون مظاهر الطبيعة كالرياح والبرق والرعد، كما كانوا يُقدسون الكواكب والنجوم، خاصة الشمس، ويُقيمون لها الاحتفالات الصاخبة ويؤدون لها الرقصات العنيفة، حتى تُمنح لهم الحياة الطويلة والسعادة.
و في مجلة سيدتي العدد ٣١ أكتوبر ٢٠١٥ كتبت منى باشطح من جدة تحت عنوان ثقافة الرقص عبر التاريخ وقصص الرقصات
و تحت شعار الرقص لغة عالمية لا تحتاج لترجمة ،كتب “الرقص” ثقافة وفن وتعبير عن انسجام وحالة تربط المشاعر والجسد بالكون في منظومة ونوتة موسيقية يجهل أسرارها الكثيرون، فليست وليداً عصرياً بل وجد بوجود الإنسان الأول وتطورت بتطور الحضارات، واختلف بمهامه وأداءه حسب اختلاف أنماط الحياة وأساليبها ومتطلباتها.
و قدمت زينب محمد عبد الرحيم ملخصا لكتاب الرقص المصري القديم للكاتبة إيران لكسوفا في الحوار المتمدن :
يُقدم كتاب الرقص المصري القديم للقارئ مادة مُركزة حول فن الرقص يُمكننا أنْ نُلخصها في إنَّ مشروع إيرينا لكسوفا حول الرقص المصري القديم كان يهدف إلى تصنيف الرقصات المتنوعة الموجودة على جدران المقابر والمعابد التي وثقها لنا المصري القديم على الجدران ,
وفي نهاية الكتاب تستنتج وتُشير إلى ملاحظة غاية في الأهمية عن طريق طرحها لتساؤل: من أين إذن اشتقت الرقصات في عصرنا الحالي تلك الحركات الأوضاع العديمة الذوق والتي يدعون أنها مصرية ؟

وفي قاموس الكتاب المقدس
رقص : يمارس الرقص في المناسبات المفرحة . كانت النساء العبرانيات يمارسنه إما أفرادا أو جماعات سيما في استقبال الجيش المنتصر. كان لبعض العادات اليونانية خطرها الأدبي على اليهود. ولعل الرقص الخليع الذي رقصته سالومي ابنه هيروديا أمام هيرودس كان إحدى تلك العادات . ويبدو أن الرقص كجزء من الاحتفالات الدينية، كان شائعا بين العبرانيين . وكانت النساء تمارسنه بصفة خاصة ، وفي بعض الأحيان كان يمارسه الرجال كما نرى في الحادثة المعروفة ساعة رقص داود أمام التابوت . وكان الرقص أمام التماثيل شائعا بين عبدة الأوثان .
كان الرقص عند الإسرائيليين واسطة كما في أيامنا للتعبير عن أحاسيس الفرح والشكر والتكريم . وكان الرقص أحيانا جزءا من الشعائر الدينية . وكان يرافق رقص الراقصات بصوت الدفوق . وقد رقص داود أمام الرب عند نقله التابوت إلى مدينته ومع أن الرقص كان من ألعاب الأولاد و البنات أيضا منذ العصور القديمة . لم يخالط الرجال النساء فيه كدأب بعض المحدثين . وكان أكثر الرقص مختصا بالنساء . ( قاموس الكتاب المقدس ـ جورج بوست ـ بيروت 1894 ص 488-٤٨٩) الرقص في ” معجم الخرافات والمعتقدات الشعبية في أوروبا ”
إن أماكن الرقص سحرية . فينبغي التصليب (رسم صليب ، بالإشارة ) لدى دخولها ؛ فذلك يخيف الشيطان الذي يتجسد غالبا بصوت الكمان أو الشبابة . وثمة سبعة أنواع من الرقصات : رقصة الحب ، ورقصة الموت ، ورقصة الزفاف ، ورقصة الفصول ، ورقصة الحصاد ، ورقصة الكرنفال (عيد المرفع) ، ورقصة الحرب . ص115 .
وإذا شيطت فتاة تنورتها الداخلية فصهبتها ( فقاربت الاحتراق وغدت ذات لون أصفر ضارب إلى شيء من الحمرة والبياض ، وهي تقفز قوق نار عيد القديس يومنا ، عند منتصف الليل ، كانت قليلة الحظ في التزوج، قبل نهاية العام . وإذا أردنا تخليص إنسان من ” الرقص الزنجي ” ، وهو مرض عصبي يتميز باختلاجات تشنجية ، جعلناه يحمل :ـ عقدا تنتظم فيه سبعة جذور من عشب ” عود الصليب ” المقطوف لدى تناقص القمر . إكليلا من دبق البلوط ( وهو نبات طفيلي يعيش على الأغصان .ـ أو ثلاثة خواتم سحرية متشابكة. ص 116 ( معجم الخرافات ـ بيار كانافاجيو ـ ترجمة أحمد الطبال ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ـ بيروت 1993)
الرقص في الرواية
تشاهد ندي الفتيات يرقصن للمرة الأولى فيفتنها الرقص و تقرر أن تمارسه. ” مجموعة فتيات في نفس العمر ، يرتدين فساتين بيضاء قصيرة ، يرقصن في تناغم كزنبقات بيضاء تحركها الرياح – ص9 “و مثل لها الرقص نشاطا روحانيا تجد فيه الخلاص من الكبت الذي لازمها طول حياتها ” أحلم برقصتي الروحانية التي شعرت بها أثناء مشاهدتي للعرض، وتمنيت أن يعزف جسدي أرقى الألحان ، فأخبرت والدي أنني أردت الالتحاق بالمعهد العالي للباليه ” ص10
وعندما رفض والدها قالت :” راقصة باليه يا أبي وليس راقصة بالمعنى المتعارف عليه ” ص8 . لكن لا فرق بالنسبة له . وهي تدافع :” ولكن الراقصة ليست فتاة ليل ” ص11
وفي مركز تعليم الباليه ” أبهرني في البداية الغرفة الواسعة ذات المرايا الكبيرة والقضيب على الجدران ، ورشاقة المعلمة وهي تثني جسدها بعفوية وليونة .” ص24
ولا يخفي المدلول الجنسي الذي يحمله لفظ القضيب (استخدمت الكاتبة السيف كبديل في مواطن أخرى من الرواية) ؛ مقترنا في صورة واحدة بالمعلمة وهي تنثني ! مما سنجد له صدى كبيرا في الرواية .
ويتطور عشق الرقص عند ندى ” كنت شغوفة بالرقص منذ صغري ولكن الآن لن أمارسه كهواية فقط “. ص25
إن ما تسعى ندى إليه يبدو جليا في قولها :” أول ما تعلمته في دروس الباليه هو التركيز التام حتى انفصالي عن العالم الخارجي ؛ وغوصي في اللحن المذاع ، ليس جسدي وحده ما ينفعل بما يسمعه ، بل كل خلاياي تعيش اللحظة ، وتحلق في سماء الخيال بحركات انسيابية .” ص25
إنها تشعر بلذة لا تجدها في شيء آخر ” أرسم بجسدي على المسرح ، كما أرسم بفرشاتي على لوحة المشروع . أرقص للذة الرقص .” ص26
يقول الدكتور مازن لندى : ” قرأت يوما في أحد كتب باولو كويلو جملة تقول :” إن الرقص هو أحد أكثر الأشكال كمالا للاتصال بالروح اللامتناهية ، أي بالله .” ثم يسألها : هل تجيدين رقص التانجو؟ وبعد أن تحدث نفسها بفلسفة الرقص وتفرق بين التانجو والباليه تجيب : في الواقع لم يسبق لي أن فعلتها مع أحد ويرد : يسعدني أن أكون الأول .” ص97
ثم تقول ندى :” استمتعت بأكثر شيء يفصلني عن العالم ( الرقص ) ومع أغلى شخص لدى ( مازن ) ” ص99و تقول عندما رقصت رقصة زومبا ص129 :” أسلمت نفسي لموهبتي التي تنبض بعروقي ، ظللت أرقص كأني أنتحر . تتصلب رؤوس أصابعي مع كل حركة ، ويتسمر ذراعاي على صليب الإيقاع ” ص 129

رقصة الخذلان

تهرب ندى إلى الرقص من وحدتها ؛ من الضغوط النفسية التي تتعرض لها نتيجة وفاة والدتها و ابتعاد أبيها عنها . تلجأ ندى إلى الرقص إذن كعلاج كما تبين لنا كن الدراسات التي أوردنا جوانب منها . تلجأ ندى إلى الرقص لتكون إيجابية و فاعلة . و لأنها رقصت رقصات عديدة مع البشر و خاصة مع الدكتور مازن وكلها رقصات باءت بالفشل و الخذلان ؛ فقد جاءت رقصتها الاخيرة مع حمزة الأسد رقصة النصر التي دبرتها و أعدت لها .

ثانيا :الأسد / اللبؤة
الرمز الثاني الذي نتوقف عنده هو الأسد
كانت الأسود هي الحيوانات الملكية في مصر القديمة . ظهرت الأسود في عالم الأساطير بعدة أشكال ، واشتقت منها صورة أبي الهول . ويبدو أحيانا أن المصريين نجحوا في استئناس هذه الحيوانات المتوحشة . ٠فاستخدموها في الحرب. غير أن الأسد يظهر عادة في موطنه الطبيعي ، عند حدود الصحاري والأراضي الزراعية . وتهوى الأسود سكينة فتحات الوادي حيث تخرج بتشرب وتصيد فريسة من قطعان الماشية التي ترعى في المستنقعات المنخفضة عند سفح الهضبة الجافة . كانت أقدم المعابد عند ” أفواه الوادي ” هذه ، في كل من الشمال والجنوب ، وكرست إلى الربو اللبؤة التي عبدوها بأسماء شتى ” باستت ” في تل بسطة و ” باخت” في بني حسن ، و ” حتحور ” في الجبلين و ” سخمت ” في منف وفي معظم المعابد المكرسة للربة اللبؤة .
يكاد العنصر الأسدي أن يكون قديما قدم الدنيا نفسها . وتبعا لأسطورة الخليقة التي نشأت بمدينة هليوبوليس ، كان أول إلهين أتيا من عمل الشمس ، في صورة شبلين، إذ وضع الإله أتوم ” شو ” و ” تيفنوت ” في هليوبوليس ؛ فما كان واحدا صار ثلاثة . وهكذا أضاء الخالق ، الذي كان في وقت واحد ” الأسد والأسدين ” ، وتألق بنوره ليبعث الحياة في الزوج الأسدي . وقد نشأت فكرة الأسد كحيوان مدمر كاللهب وحارق كعين الشمس ، وأنه ملك الوحوش ؛ من طبيعة الشمس النارية .
يتعذر تعداد جميع الصور الرمزية الأسطورية للأسد واللبؤة. فكانت هذه الأخيرة حيوانا مدمرا ، وتجسدت فيها عين رع لكي تقمع أعداءه من البشر اللذين تمردوا عليه . أما الأسد الذكر ، ذلك الحامي القابع على سقوف المعابد، فكان يلتهم أتباع ست ، وأعداء الآلهة الآخرين . هذه هي نشأة الميازيب التي على صورة أسد ، التي يتساقط منها ماء المطر من سقوف المعابد المصرية .(ص٢٨- ٢٩ معجم الحضارة المصرية القديمة – الهيئة المصرية العامة للكتاب ١٩٩٦ ).

الأسد في معجم الخرافات الأوروبية
إذا شد الحزام المصنوع من جلد الأسد ، على الوسط ، ملامسا الجسد أكسب الشجاعة من يفتقر إليها . ومن أكل لحم الأسد شفى من حمى الربع ، ( وهي تعرض للمريض يوما وتدعه يومين ، ثم تعود إليه في اليوم الرابع ، ومن شاء التخلص ، نهائيا ؛ من خوفه من الحيوانات ، كان عليه أن يضع عين ملك الوحوش ، تحت إبطه الأيسر ، داخل جراب صغير مصنوع من جلد الأسد . وقد شوهدت في إفريقيا لبؤات أحبت رجالا حبا غراميا .( معجم الخرافات ص16 )

الأسد / اللبؤة في الرواية

يظهر الأسد في الرواية من البداية حتى النهاية و يستمر توظيفه كرمز بالتوازي مع الرقص . و نقرأ ” أسود تهجم على مدربها بعد سقوطه أمامها قدرا ” ص7

و عندما ” ( جومانة ) اللبؤة تضع أول إنتاجها من الأشبال لم يكن هذا المشهد يفوتني وأنا المولعة بالحيوانات ” ص9″ جال في خاطري أن آخذ أحدهما معي ، صغر حجمهما جعلني أطرح رغبتي أمام الجميع . ص10 ” ثم سمح لي باختيار اسم له فسميته ” حمزة ” ص10 ” فقد صرت أحلم بكيفية جعل ” حمزة ” يرتبط بي ” ص10
” كانت رائحة الحيوانات دائما تصيبني بالغثيان ، رغم ذلك كنت أداوم على حمام ( حمزة ) الأسبوعي ؛ أراه مختلفا عنها .. كما أرى وجوده في السيرك إهانة له ؛ فالأسد ذلك القوي ذو الصوت الجهوري ، الذي يخشى الجميع الاقتراب منه ؛ لا يحق لأحد أن يجعل وظيفته في الحياة أن يقوم بالقفز ؛ ثم يحبس داخل قفص كالمتهم في جريمة . تمنيت أن تتاح لي الفرصة بأن أتنزه معه في غابة واسعة كثيفة الظلال ؛ فذاك موطنه الأصلي ، وأنا أريد أن أراه على طبيعته في مملكته وعلى أرضه ، وليس في أرضي . أريد أن يمتد لهوي معه لأكثر من مجرد استحمام ، وإطعام وثرثرة بيننا لا تنتهي ، أرغب في التنزه معه بلا قيود ، نرتاد معا أماكن مختلفة .” ص17 ثم تقول ندى :” فضلت أن يكون لي حياة سرية معه بعيدا عن تطفل الآخرين ” ص17 ” الجميع أدرك مدى علاقتي به وتأثيري عليه ، وارتباطه بي وإخلاصه لي ” ص19″ كم وددت أن يكون لي رقصة خاصة معه كما كنت أفعل وهو صغير، ما زلت أفكر أنني جلبته معي ذات مرة للمنزل دون علم والدي ـ وكثيرا ما كنت أفعل ـ حملته كالهر الكبير ، وأدرت اللحن الخلاب ” أنت عمري ” وتمايلت معه ، وكانت قفزاتي ودوراني وأنا أحمله ” ص 20 وعندما قالت لها عمتها ” ويراك أمه ” ردت عليها ندى : ولم لا يراني حبيبته ؟ فردت عمتها :” الرجل لا يغدر بأمه ، قد تجعله ظروف ما يتصرف بصخب مؤذ لحبيبته ، ولكنه لا يفعلها أبدا مع أمه ” ص 20 ” فالصحبة هناك ـ أي في السيرك ـ ـ عوضتني عن كم الفراغ العاطفي، والحرمان العائلي الذي أشعر به ” ص27 في رحلة السفاري تقول ندي : ” تأملت رقصة اللهب وتذكرت حمزة وابتسمت . ليتك معي ، كنا سنرقص معا ثم أنام في هذا العراء ، واضعة رأسي على لبدتك الكثيفة ، وأنت تزأر لحمايتي ، وأنا أضحك لإغرائك .” ص96
تقول غيداء ـ في مذكراتها ـ مخاطبة فارس :” أراك كالأسد في هيبته ، وكسله وكبريائه ، ومعرفته قدر نفسه ، وكالجواد يرمح كيف يشاء فيتعدى كل الحواجز والحدود بثقة مرشد غير آبه لوعورة الطريق ” ( ص 72 ) الأسد إذن بديل أو معادل موضوعي للرجل المثال الذي تفتقده ندى في حياتها .

الحصان/ المهرة

الحصان في معجم الخرافات
من رأى حصانا وسمع وقع حافر قدمه اليسرى ، ثلاث مرات ، أمكنه أن يتمنى ، فلديه كل الفرص التي تكفل استجابة طلبه إذا صادفت راعية مائة حصان أبيض فإنها ستتزوج الفارس الذي يمتطي الحصان الواحد بعد المائة ن وسيكون هذا ابن الملك ( معجم الخرافات ص79 ).

الحصان عند الفراعنة :
عرف المصريون الخيول مع الهكسوس وسمي الحصان الحيوان الجميل . و استخدموها لجر العربات الحربية ، و قيلت فيها الأناشيد والأشعار .وعومل الحصان دائما على أنه مخلوق نبيل ثمين .(معجم الحضارة المصرية ص١٣٦- ١٣٧ ).
الحصان / المهرة في الرواية
تقول غيداء ـ في مذكراتها ـ مخاطبة فارس:” أراك كالأسد في هيبته، وكسله وكبريائه ، ومعرفته قدر نفسه، وكالجواد يرمح كيف يشاء فيتعدى كل الحواجز والحدود بثقة مرشد غير آبه لوعورة الطريق ” ( ص 72 ) وتقول :” اقترح على يوما الذهاب لنزلة السمان حين علم عشقي للخيل ، كان يوما خياليا لم أشهد مثله ، في البداية جعلني ألمس وجه الحصان وأطعمه بيدي ” ص75 ” كان يناديني ب ” مهرتي ” وأناديه ب ” فارسي ” يتغزل في همجيتي التي يزينها رداء الرصانة ” ص77 ” فهو محرر خصلات ضفائري ، ومن فتح النافذة للهواء ليعبث بين جدائل شعري لأول مرة منذ ميلادي “ص78 ” راقصني في البيداء على صوت صهيل الخيل ” ص79 ” يقابل دلالي بتحد قائلا : يا فرستي الحرون الجامحة ستخضعين لي لا محالة ” ص79

تلك هي المسألة؛ المهرة الجامحة التي تنتظر فرسا / فارسا يروضها و يكبح جماحها. و هي بذلك أيضا تبحث عن رجل يلبي طموحاتها و يشبع رغباتها .” كانت دقات قلبي قد أخذت في التصاعد، كالحصان الجامح يرسل ركلاته في كل اتجاه ” ص136
لجأت منى ياسين إلى توظيف رموزها توظيفا بنائيا نقلت من خلاله مكنونات شخصياتها. وأضفت على الحيوان بعدا بشريا وجعلته مشاركا رئيسا في الحدث الذي طورته ببراعة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى