نشيد الحياة

د. أحمد نسيم  برقاوي | مفكر وشاعر فلسطيني

توهموا طرقاً كي يصلوا الأرض

ونسوا بأن الطرق تعبدها الأرواح عليها

وهي في الرحلة إلى الأفق

دروب الحياة لا تحصى

دروب شقها الوادي

وأخرى على سفوح الجبال

البحور طرق والمستنقعات

والريح فضاء الأجنحة

كم سقطوا على الأرض ميتين

فالطرق المسدود تقود الطغاة إلى المقابر

والخائفين

وترمي بأحلامهم الصغيرة  إلى الهاوية

والمسافرون عبر السماء بلا أجنحة

وقوادم كالسهام

وحلم بالحرية

سقطوا

فالأحلام العظيمة لا تعيش في الكهوف المعتمة

ولا تنام في الوديان المهجورة

الحلم العظيم ليس توسلاً

ولا شكوى

ولا انتظاراً على أرصفة الفرج

سلوا الشاعر عن رحلته في الفضاء

سلوا الفيلسوف عن الطرق المفتوحة إلى الأبد

سلوا عازف القيثارة عن بوحه الذي لا ينتهي

سلوا صاحب الريشة كيف تنطق الألوان

سلوا النحات كيف يروض الحجر

سلوا المتمرد الكوني عن روح التأفف المطلقة

وأجيلوا النظر في الآفاق التي لم يصلها الساعون إليها

 العجز يسكن في الخوف من النهايات

والموت يسكن في الصغائر منها

الوهم والخوف قيود الخطى

نهاية واحدة في انتظارك فلا تنتظرها

ولا سكن في بيوت   السابتين

هو الروح السعيد ملاح مركب في بحر عاصف

 يمخر عباب  اليم  إلى حيث يدري ولا يدري

يرمي في سلة نفايات الوجود

 المراسي  و أصفاد الحياة التي صنعها حداد السجون  

وحرّاس القهر وراسمو الحدود،

وحفر الموت .

لا رحلة إلى إلا في قلب يم الحياة

والشواطئ البليدة ليست جهات للسفر

الأرض يم وبيت وفضاء

بيت للحي وبيت للميت وبيت للمحتضر

الأرض فضاء للحائرين والساخرين والغرباء

وقيد للخانعين القانطين

عبثاً يا صاح تُسمع القاتل أنين الأرض و من عليها

عبثاً يا صاح تبرأ أرواح الأسافل  من جرب الخنوع

فيا أحباء الريح وأصدقاءها

لا تنتظروا منّة من سكان الكهوف

الإنسان سماء هذا الوجود

تلك الأقوال التي ينطق بها الطغاة

ويصفق لها جمهور العبيد في صالات العرض

 بلا معنى

و الزواج الباطل بين الكلمات الميتة

التي لا ترى الحياة بلا بالمعنى

و الجمل الخائرة النائمة في معاجم الأقدمين

بلا معنى

وحدهم أبناء السماء المغتربون على ظهر البسيطة

كائنات  التأفف المطلق

صنّاع المعاني

أيها الشاعر  يا صاحب السفر الأبدي لا تمت

يا الفيلسوف يا حارس العقل الجموح لا تمت

أيها العازف نشيد الحياة لا تمت

يا مراكب الخلاص من بؤس الأرضين لا تتعبي

أيتها الأيادي  المتعبة لا تصفقي

للتلويحة و العناق والحفر في الأعماق هي الأيادي

فيا أمنا الأرض لا تصدقي النمل والخلد والأشباه

الغرباء وحدهم  على بساطك الرحب هم أبناؤك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى