حكايا من القرايا.. من وحي موسم الزيتون

عمر عبد الرحمن نمر | فلسطين

الزيت الأخضر اللاذع، يفتح أبواباً في تشكيل الوجبات الغذائية، كما يفتح شهية النفوس في تناول الغذاءفالأخضر اللاذع، يدهن الناس به أرغفتهم، ويأكلونها حتى وهم يمشون إلى أعمالهم وأسفارهم، وقد يرشون الأرغفة بالزعتر وقد لا يرشونها… فالزعتر توأم الزيت، ولا يسوّق يدونه… أما الزيت فيمكن أن يغمّس مستقلاًفي الموسم، توفر الأسرة أرغفتها الطابونية، وتغمرها بالزيت الأصفر أو المخضر، وترى طبقة من البصل المسلوق المحمر المصفر قد اعتلاها، ومما يزيد اللوحة بهجة ولذة السمّاق الخمريّ… والصيصان المقمّرة التي كانت بلدية يوماً ما، وتحولت إلى زراعية… وفي ذلك فليتنافس الآكلون… والشراهة في الميدان مغنماً… ولكن خذ احتياطاتك أن لا تبرد في الليلة التي تلي الوجبة… فالبرد والمسخن لا يلتقيانوعلى الفطور كانت الحجّات، يخبزن طرحة (4-5) أرغفة، وتكون هذه الأرغفة عويصاً (ليست خامرة)… ويقطعنها في لجن، أو دبسية كبيرة أو (الباطية قديماً) ويصبون عليها الزيت صبّا، ويدعكونها حتى إذا نعمت، وكادت ترجع سيرتها العجينية الأولى، رشوا عليها السكر، وتناولوها بالملاعق، أو بالأيدي دون الملاعق… وكانت فطوراً دسماًكان الجميع يمتلك مهارة إعداد صحن البسيسة… صغاراً وكباراً… رجالاً ونساءً… صحن من طحين الخابية، وتلخّه بالزيت، ولك الخيار في تحليته بالسكر، أو الإبقاء عليه دون تسكيره (دون سكر)، والغريب أننا كنا نغمّس الصحن بالخبز، أو نغمّسه بالقطّين (إن توفر)… وتكون الوجبة السريعة اللذيذة التي تملأ المعدة، وتقيت الجسد… ومن هذا البسيسة ما كان يخبز في الطابون، ويصبح أقراصاً تفتّ فتّاً… تؤكل بمرافقة الشاي أو بدونه… وقد تتحول الأقراص المخبوزة إلى قراقيش، وذلك بإضافة السمسم لها… وقد تكون مسكرة أو دون سكرفي الطابون كانوا يضعون طُبّةً من العجين في طنجرة، ولما تستوي وتتقمّر (تنضج)، يصبون عليها الزيت… والشاي… ويقطعونها، فتستحيل إلى وجبة غذائية (عادة ما تكون فطوراً) وقد تكون تحلاية رائعة المذاقوهنا أستحضر شاعرنا محمود درويش في قوله: إن أعادوا لك المقاهي القديمة… من يعيد لك الرفاق…؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى