مشاهد دامية من قلب الحدث في رواية (مدن بطعم البارود) لـ “بشرى أبو شرار“

وليدة محمد عنتابي | شاعرة وناقدة سورية

في رصد حي ومؤثر لأحداث أدمت العين وأعشت الحواس وباتت مجرياتها أنهار دم ونيران تجري في عروق كل عروبي شريف، لتصبح في الضمير الكوني العام مستشرفة صورا لا تبارح الذاكرة ولا تغادر المخيلة.
رواية توثيقية هامة لزمن الحرب الكونية على سورية، تلك الحرب التي افتعلتها أفاعي الغدر والجشع وقد تلبست بلبوس الحق الذي يراد به الباطل .


اعتمدت الأديبة في روايتها لأحداث حقيقة جلها في سورية وبعضها في فلسطين وصبرا وشاتيلا بيروت واليمن والعراق والجزائر وسواها من البلدان العربية التي أتشحت بالحزن وتلوثت بهباب البارود ؛ منكفئة على أصالتها وعروبتها متجذرة من خلال مقاومتها
وصمودها بكينونتها ووجودها وكل ثوابتها .
الرواية الفائزة بالمركز الثاني/ جائزة دمشق للرواية العربية .
من منشورات وزارة الثقافة في دمشق المدينة التي اكتست بشواظ العدوان وما انحنت لها هامة أو اهتز منها كيان .
رواية اعتمدت في معمارها السردي على مقتطفات من تداعيات الذاكرة لمراحل زمنية من حياة الأديبة، وقد أخذت صورة الأب منها مكانا قدسيا لايبارح ولا يحول بتوصياته ونبوءته بزوال الكيان الغريب المفتعل من قلب الوطن ليستعيد عافيته واسترداد كرامته .
أسماء شهداء وأبطال ضحوا بأرواحهم وأبرياء طالتهم يد الغدر والعدوان الآثمة .
ثكالى وفاقدات وأرامل ويتيمات منتشرات على أديم مازال رطبا بروح البطولة وعبير الشهادة، ليهيب بضمير العالم أن الأرض وأبناءها (وحدة حال) لا ينفصلان .
تجري أحداث المروية المستقطعة من بانوراما كبرى لمأساة تتكرر على مستوى الساحة العربية في كل بلد ومدينة وقرية ، لتشهد الإنسانية إن بقيت ثمة إنسانية بعد كل ذلك الخراب والدمار بأن الشر لا يدفع إلا بالمقاومة دون المساومة ، وأن الحق يعلو ولا يعلى عليه .
من خلال لغة سلسة وعبارات شاعرية منحت أجواء الرواية لمسة تأملية ؛ أخذتنا معها إلى عوالم الأديبة الرهيفة
بكل ماحفلت به من إيحاءات وما فعلت من عواطف وأججت من أحاسيس ، عشنا مع أحداثها المريرة مجددا متسائلين سؤال العارف : يا الله ! كيف تحملنا كل ذلك الكم الهائل من الرعب والبؤس والشتات، ومازلنا على قيد الصمود والتصدي و(يا جبل مايهزك ريح) و(يا أرض احفظي من عليك ) . ويا رب انصر الحق واهزم كل بطلان وعدوان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى