الحكمة ضالتنا المفقودة المنشودة

د. ماهر خضر | رئيس منظمة الأمم الحكيمة

www.wisdomnations.org

الحكمة بما هي ”ضالة المؤمن “ تمثل الهدف والـمُبْتغَى وراء كل سَعْيٍ إنساني نحو التطوير والإصلاح بعد الفهم والوعي والإدراك. ولئن إقتصر المدلول اللغوي لكلمة ضالة على إيجاد الشيء بعد طول بحث والفرح بلقائه، فإن الحكمة، بما فيها من خَيْرِيّةٍ أنبأ عنها الله عز وجل في قوله: ”يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا “، تأخذ الصبغة الإنسانية الكونية. 

فالخير هدف إنساني، والسلم مَسْعى بشري قبل أن يرتبط بدين أو مدرسة سلوكية. لذلك فإن المؤمن حين يُوَفّقُ في إيجاد ضالته، تنشأ لديه مسؤولية جديدة تتحول من السعي إلى التبليغ في محاولة لنشر ”خَيْرِ “ الحكمة ليَعُمّ السّلمُ والعَدْلُ والرّخاءُ كل العالم دون تمييز.

هذا المسعى الكوني تأكّد بشكل ملحّ بعد أزمة كورونا الأخيرة، والتي كشفت عن حجم الترابط والتشابك الذي أصبح عليه عالمنا اليوم، والذي يتطلب الكثير من الحكمة والرشاد لإدارة هذا المُشترك الآخذ في التنامي والتشعُّب.

للإجابة على هذا المطلب، ولتهيئة ظروف النجاح فيما يُسمّى بالـمُعْتَادِ الجديدِ The New Normal، وقع تأسيس منظمة الأمم الحكيمة Wisdom Nations ومقرها لندن وذلك بهدف تركيز مفهوم الحكمة التطبيقية العملية التي نلمس آثارها في حياتنا اليومية وفي حلولنا الإقتصادية. وتعمل منظمة الأمم الحكيمة Wisdom Nations على ثلاثة محاور رئيسية وهي:

  • أولا، تكوين قاعدة عريضة من سفراء الحكمة على مستوى العالم، يحملون فكر ورسالة الحكمة بين الناس، وتكون لهم أولوية الإستفادة من المشاريع الإقتصادية للحكمة.
  • ثانيا، العمل على بناء دليل الحكمة المؤسسية Organizational Wisdom Guide والذي يُؤسس للممارسات الحكيمة Wise Practices داخل الشركات والمؤسسات وفق مؤشرات الحكمة Wisdom Indexes ونماذج نضج الحكمة Wisdom Maturity Models. والتي من خلالها يقع تصنيف الشركات والمؤسسات حسب إلتزامها بمؤشرات الحكمة. 
  • ثالثا، الحكمة المجتمعية والتي تستهدف المجتمعات المحلية كالبلديات من أجل الإرتقاء بالعلاقة بين البلدية والمواطن إلى درجات عُليا من الحكمة والتعاون. وتسمّى حكمة الجوار Wisdom at Neighborhood. 

 

هكذا نؤسس لمجتمع الحكمة Wisdom Society والذي يأتي على أعقاب مجتمع المعرفة Knowledge Society. هذا المجتمع الجديد الذي يتراءى للوجود بعد أزمة كورونا وتشكل الـمُعتاد الجديد The New Normal، سوف تحكمه بروتوكولات الحكمة Wisdom Protocols، والتي سنأتي عليها بالشرح والتفصيل في المقالة القادمة بإذن الله.  

 ومن باب أولوية العناية بالإنسان فإن أول خطواتنا نحو الحكمة نبدؤها مع برنامج لتدريب وتكوين أعداد كبيرة من سفراء الحكمة حول العالم. والأكيد أن لقب ”سفير للحكمة “ هو لقب كبير ومقام عالي، لذلك كان الجدل في منظمة الأمم الحكيمة Wisdom Nations حول خيارين:

الأول، هو أن يكون مُسمّى ”سفير الحكمة “ تتويجا لمسيرة طويلة من التدريب والتكوين والعمل الميداني في إطار برامج ومشاريع المنظمة.

الثاني، وهو أن يكون اللقب بوابة المشارك للدخول إلى عالم الحكمة بما فيه من فرص لتحقيق الذات عبر جملة من المسارات الإدارية والإستشارية والإقتصادية. 

وبعد نقاش مستفيض، إستقر الرأي على الخيار الثاني حتى نفتح الباب لأكبر عدد ممكن من الأفراد المتحمسين للحكمة حول العالم، ووضعت الهيئة العلمية للمنظمة جدول دورات تدريبية لسفراء الحكمة باللغة العربية أولا. تكون أول دورة يوم 14/ 07 / 2020 والأولوية فيها للتسجيل المبكر. 

كما حددت الهيئة العلمية شهر مارس 2021 مبدئيا لإقامة مؤتمر كبير حول الحكمة المؤسسية Organizational Wisdom في مدينة لندن، تحضره كبرى الشركات العالمية لتدارس الممارسات الحكيمة Wise Practices والعمل على إرساء مفهوم إقتصاد الحكمة Wisdom Economy. 

وتبقى القمة العالمية للحكمة Global Wisdom Summit، هي تتويج مشاريع الحكمة. وقد قررت الهيئة العلمية تنظيمها في شهر سبتمبر 2021، على أن تتلقى منظمة الأمم الحكيمة ملفات ترشحات الدول التي ترغب في إستضافتها في أجل أقصاه 15 أبريل 2021 ويُصرح بالملف الفائز يوم 15 مايو 2021. 

هذه لمحة أولى عن الحكمة ومنظمة الأمم الحكيمة وبرنامج سفراء الحكمة، وسيكون موضوع المقالة القادمة حول مفهوم بروتوكولات الحكمة Wisdom Protocols. فإلى لقاء قريب إن شاء الله. 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى