طائرُ القَصَب

أياد أحمد هاشم | النمسا

 

يَدٌ فَوْقَها قَلْبٌ وَقَلْبٌ بِلا يَدِ
وَ فَوْقَهُما يَوْمٌ يَفِرُّ إلى غَدِ

///
وَبَيْنَهُما طيرٌ وعينٌ دَميعَةٌ
تُحِبُّ سَخاءَ الهَمِّ ،، قُلْتُ لها ارْقُدي

///
فَجاءَتْ بِطَيْرٍ قَدْ رَماهُ جَناحُهُ
عَلى قَصَبٍ في آخرِ الحَقْلِ ،، مُجْهَدِ

///
تُكَلِّمُهُ لَمْ يَنْتَبِهْ بَيْدَ أَنَّهُ
تَذَكَّرَ عُشّاً في المَكانِ المُخَلَّدِ

///
فَقالَ لَهَا يا عَيْنُ كانَ هُنَا أَبي
وَأُمّي هُنَا كانَتْ وَأُخْوَةُ مَوْلِدي

///
وَكُنْتُ أزورُ الحَقْلَ يَوْمَ بِذارِهِ
فَمَا هَشَّني الحُرّاسُ عَنْ نَيْلِ مَقْصَدي

//
كَأَنّي شَريكُ الزّارِعينَ بِأَرْضِهِمْ
وَلِي سُنْبُلٌ في الحَقْلِ غَيْرُ مُحَدَّدِ

///
هُنا في تُخومِ الحَيِّ دُكّانُ جَدَةٍ
نُشاكِسُها كُنَّا ،، فَتَعْفو وَنَعْتَدي

///
فَتُعْطي لَنا مِنْ طَيِّباتِ حَلاتِها
بِلا ثَمَنٍ ،، شَمْعَ الرَّحيقِ المُقَدَّدِ

///
وَلِي ظِلُّ نَخْلٍ كَمْ لَهَوْتُ بِظِلِّهِ
وَلِي بالسَّواقي مِنْ شَرابٍ مُنَضَّدِ

///
بِبَعْضِ حُبَيْباتٍ مِنَ القَمْحِ أَكْتَفي
وَزاهٍ عَلى جِلْدي مِنَ الرّيشِ أَرتَدي

///
عَلى مَسْجِدٍ لَوْ شِئْتُ أَغْفو لَكانَ لِيْ
وَلَوْ شِئْتُ صُلْبانَ الكَنائِسِ مَسْجِدي

///
وَقالَ لَها مُسْتَغْرِباً كَسْرَ جِنْحِهِ
يَلُمُّ بقايا الرّيشِ في صَحْنِها النَّدي

///
لِماذا رَمَتْني مِنْ حِجارَةِ أهلها
سِهامُهُمُ ،، مِنْ سالِفٍ وَمُجَدِّدِ

//
وَلَوْ أَدري دينَ النَّاس دينَ ملوكِهِم
لَكُنْتُ اتَّقَيْتُ السَّهْمَ بالرّيشِ واليَدِ

///
وَمَا عَتَبي يا عَيْنُ إِلّا عَلى دَمٍ
تَراخَصَ إرضاءً لغازٍ وَ مُعْتَدِ

///
فَكَيْفَ يُوالي أهلُ بَغْدادَ دونَها
طَواعِيَةً مُلْكاً ،، بِمُلْكٍ مُجَنَّدِ

///
رَصافَتُها تَسْعى إلى الكَرْخِ كُلَّما
تَمايَلَ فَرْعٌ كالجَناحِ المُمَيَّدِ

///
شوارِعُها ما رافَقَتْ غَيْرَ أَهْلها
وَهامَتْ بِكَعْبٍ ناهِدِ الطَّلْعِ أَغْيَدِ

///
وَكانَتْ دُروبُ الحَيِّ أَعْدَلَ مِنْ يَدٍ
نَسيرُ عَلَيْهَا في تُرابٍ مُعَبَدِ

///
أجَلْ كانَ لي يا عَيْنُ دارٌ أُشيدُها
أرى الْيَوْمَ لا داراً كَمَا لَمْ أُشَيِّدِ

///
دعيني أعيدُ الحقلَ شِرْعَةَ زَرْعِهِ
وَأَغْدو إلى عُشٍّ قَديمٍ مُغَرِّدِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى