مسرحية: كهرمانة

عبد الرزاق الربيعي | شاعر ومسرحي وكاتب صحفي

المشهد الأول:

“بيت فقير ..كهرمانة ..تنتظر علي بابا”

كهرمانة –  تأخر علي بابا كثيرا اليوم …ليس من عادته ذلك لقد أعتاد أن يذهب كلّ صباحٍ إلى الغابة، فيقطع الأخشاب ثمّ يحملها على حماره ويعود إلى المدينة فيبيع الحطب ويشتري بثمنه طعامًا لأولاده.

“يدخل علي بابا”

كهرمانة : علي بابا ! لقد قلقت عليك كثيرا .. لماذا تأخرت ؟

– علي بابا : دعيني ارتاح قليلا ..أنها حكاية طويلة مر بي مالم يمر ببشر

كهرمانة: ماذا جرى؟ قل ماذا جرى بالضبط ثم ماهذا الذي تحمله معك؟(تمسك بالكيس وتتحسس مابداخله وتحزر ( حصى ) ؟

منذ الصباح ننتظرك لتجلب لنا الطعام يارجل وأنت تقضي وقتك بلعب الحصى؟ الأطفال يتضورون جوعا والقدر يغلي بانتظار طعامك المنتظر الذي لم نتوقعه يوما أن يكون (حصى) ؟ (تنادي الأولاد) هاقد حضر الطعام يا أولاد سنأكله ونحن نشم رائحة الشواء في بيت قاسم .. سنطحن الحصى برائحة الشواء ولتذهب أسناننا إلى الجحيم .. (تطلق ضحكتها وهي تنهض لتغادر فيمسك بها علي بابا :

–         تمهلي أيتها المجنونة .. (كمن يهمس سرّا ) هذه ليست حصى .. إنها كنز .. كنززززززززز

–   تتأمله ( برهة وتتلمس جبهته لتطمأن عليه ) ايها المسكين حرارتك مرتفعة قليلا .. لكنه ليس هذيان الحمى .. الحصى كنز الفقراء دوما .. به نلعب وبه نبني بيوتنا .. وهاهو

أخيرا يتحول الى طعااااااااام لأولادنا 

– علي بابا: من حقك ان تتهميني بالجنون .. فباب الحظ لايفتح  كل يوم .. بل ان العمر يمضي ولا يفتح  .. لكنه  (يصرخ وسط المسرح) فتح لي أخيرااااااا وهاهي المجوهرات تتقافز بين أصابعك .. انظري .. انظري ..

كهرمانة: لا أصدق انك أصبحت لصا ؟

علي بابا: قلت لك لم أسرق شيئا تعالي لأروي لك الحكاية كعادتي  كلّ صباحٍ، ذهبت ومعي  حماري  لأحتطب في الغابة. فإذا بي أسمع ضجّةً شديدةً آتيةً من بعيدٍ. ثمّ أخذت الأصوات تقترب وتعلو، فخفت  وارتبكت  فتسلّقت  شجرةً كثيفةً واختبأت  بين أغصانها وأوراقها بعد أن خبّأت  الحمار في حفرةٍ مجاورةٍ  التفتت إلى مصدر الأصوات، فشاهدت غبارًا يتصاعد إلى عنان السّماء، ثم انجلى هذا الغبار عن اربعة رجال  

كهرمانة – رجال ؟

علي بابا – اعني اربعة فرسان

كهرمانة – فرسان! ؟

علي بابا : نعم نعم كانوا يرتدون الثّياب الزّاهية الملوّنة ويمتطون خيولاً قويةً ، وفي أيديهم رماحٌ لامعةٌ في أشعة الشّمس، وعلى خصورهم سيوفهم في أغمادها. وكان يبدو على هذه الجماعة مظاهر البَأسِ والقوّة (يصفهم بحركات تمثيلية ).

عندما وصل الفرسان إلى صخرةٍ كبيرةٍ وسط الغابة، قُربَ شجرةٍ من أشجار جوز الهند، ترجّلوا عن خيولهم وتقدّم قائدهم وصاح بأعلى صوته مُخاطبا الصّخرة: “افتح يـااااا سمسم”

كهرمانة هههههههههههههههههههههههههههههههه  سمسم ؟

علي بابا: نعم  !

كهرمانة:سمسم ؟

علي بابا : نعم , سمسم  ويا لهول المفاجأة! لقد زلزلت الأرض وانشقت الصّخرة وثار غبارٌ في الجوّ. وعندما انجلى الغبار، ظهر مكان الصّخرة كهفٌ كبيرٌ، له باب واسع، دخل إليه القائد وتبعه الفُرسان بعد أن ربطوا خيولهم بجذوع الأشجار المجاورة. وما لبث الباب أن انغلق وراءهم.

مكث الفرسان في الكهف بعض الوقت ثم خرجوا وركبوا خيولهم ومضوا من حيث أتوا، حتّى غابوا عن الأنظار

 

كهرمانة :الحمد لله تخلصت من سمسمهم .. أعني شرهم

 

علي بابا: كلا, لم أدعهم

كهرمانة  :ماذا؟

علي بابا :  نزلت  من أعلى الشّجرة والدّهشة تكاد تعقد لساني . وقفت  أمام الصّخرة اتأمّلها.واتساءل مع نفسي :هل من الممكن أن تتحرّك هذه الصّخرة الهائلة فور النّطق بهذه الجملة؟”افتح ياسمسم

فإذا بالصّخرة تنشقّ مرّةً ثانيةً عن كهفٍ كبيرٍ مُعتّم؛ فالتقطت  غُصنًا يابسًا وأشعلته ليُنيرَ به طريقي  داخل الكهف.

كهرمانة  – الكهف؟ ياويلي , تخلصنا من اللصوص فوقعنا في الكهف ومالذي جعلك تدخل الكهف ؟ الم تخش من الجن .. من الشياطين .. من ال .. ربما الوحوش … ؟ ولكن .. مالذي سيجده فيك الوحش .. مجموعة عظام لاتغري بالشبع … هيا اكمل حكايتك العجيبة التي لم ار فيها حتى الان عجب سواك

علي بابا – دعيني اكمل يا امراة لترين العجب الذي الذي رأيته

كهرمانة – ( بلهفة ) أكمل أكمل

علي بابا –   دخلت  الكهف والخوف يتملّكني ، فأخذت اتتنقل من قاعةٍ إلى أخرى داخل الكهف حتّى وصلت  إلى قاعةٍ فسيحةٍ، وَجَدت  فيها كميّات لا تُحصى من الذّهب والفضّة والأحجار الكريمة والثياب المُزركشة. فَرَكَت   عيني  لاوقظ نفسي  من الحلم الجميل، ولكنّ  تأكد أني لم  احلم، بل انا  في الحقيقة داخل كهف هؤلاء الفرسان الذين هُم لصوص أشدّاء يُخبّئون ما يسرقون داخل هذا الكهف السّحري الكبير.

كهرمانة – وماذا فعلت ؟

علي بابا –  لم اُضيّع  الفرصة، بل أخذت  أحشو جيوبي بما تصل إلي يداي من الذّهب والجواهر، ثم خرجت  وناديت بأعلى صوتي

 

كهرمانة :افتح ياسمسم

علي بابا: لاااااااااااااااا

كهرمانة : افتح يا بابا

علي بابا :لااااااااااااااا

كهرمانة: اذن ماذا قلت؟

علي بابا : “أغلق يا سمسم!”

كهرمانة  :ثم ماذا؟

علي بابا : أفرغت  جيوبي  من المجوهرات التّي استطعت  الحصول عليها من مخبأ اللّصوص، ووضعها فوق ظهر حماري ثم غطّيتها ببعض الحطب، وعدت  إلى منزلي لأخبئ كنزي في مكانٍ أمينٍ

كهرمانة  : هكذا إذن ؟

هذا عجب العجاب يا علي بابا … لا أستطيع أن أصدق ما اسمع لولا هذه الجواهر التي تتلألأ أمامي الآن ..

هل أصبحنا أغنياء ؟ (تدور على المسرح وهي تتلمس الأثاث الفقير ) هل سنبدل هذا الأثاث والمنزل ؟ هل نشتري ثيابا جديدة وزاهية .. بعد إن أعيت أجسادنا ملابس الفقر والحرمان ؟

هل سيمتليء قدرنا الخاوي بالطعام الشهي الذي لم يعرف الدرب إلى أفواهنا يوما ؟

هل هذا حلم ؟ ارجووووك لاتوقظني منه .. دعني احلم  واحلم واحلم (تدور في المسرح )

علي بابا – هذا ليس حلما ياجمانة …. سنشتري كل ماكنا نحلم به .. سنستبدل هذا البيت الفقير بقصر .. وسترتدين أبهى الثياب .. وستفوح من بيتنا روائح طعام لم نذقه يوما …

جمانة – وسأجلب خدما كالذين عند زوجة أخيك قاسم ..(تقلد زوجة قاسم ) وسأجلس مثلها واقول (تغير صوتها وهي تحرك ذراعيها) : علي بابا هذه الجواهر أصبحت قديمة أريد جواهر  جديدة  

علي بابا – هههههههههههههههههههههه (يجلس عند ركبتيها ) سمعا وطاعة يامولاتي

كهرمانة  – ههههههههههههههههههههههههههه (يدوران ويضحكان وسط المسرح )

كهرمانة  –  (تمسك بكيس المجوهرات وتقلبه بإعجاب ) علي بابا يجب أن نعرف وزن هذه المجوهرات ؟

علي بابا –  هذا أمر بسيط اذهبي إلى  بيت أخي “قاسم” واستعيري منه المِكيال لنزن به المجوهرات

كهرمانة  – هذه فكرة جيدة … وستموت زوجة اخيك من الفضول لتعرف مالذي سنزنه بالمكيال ..

وسأزداد سعادة حين آخذ المكيال وادعها تصارع فضولها .. بينما نسعد نحن بإحصاء ثروتنا

علي بابا – ثروتنا !!

كهرمانة  – ( بصوت عال مع علي بابا ) ثروتناااااااااااااااااااااا

  ********

 

المشهد الثاني:

المكان – (بيت قاسم شقيق علي بابا وهو بيت مرتب وفخم وبألوان زاهية )

كهرمانة  – ( تتطلع إلى فخامة البيت بإعجاب وهي تحدث نفسها ) : سأجعل علي بابا يؤثث بيتنا  بمثل هذا الأثاث تماما …( تمسك الوسائد الملونة وتتحسسها) انه الريش ..هي محشوة بالريش .. ايييييييه سنوات وأنا أنام على وسادتنا المحشوة ببقايا القماش .. أما وسادة علي بابا فمحشوة ببقايا الاحذية القديمة )

تدخل زوجة قاسم في هذه الأثناء ترتبك جمانة وتنهض وهي تحييها :

زوجة قاسم – اجلسي جمانة .. كيف حالك وكيف حال علي بابا لم نره منذ مدة ؟

كهرمانة  – كما تعلمين ياسيدتي هو يخرج منذ الصباح الباكر ويعود في وقت متأخر منهك من العمل 

زوجة قاسم – .. نعم .. عليه أن يعمل جيدا ليعيلكم .. الحياة غير عادلة ياعزيزتي .. اخبريني .. على أية حال قاسم ليس موجودا واذا كنتم بحاجة للنقود فلا امتلك شيئا حتى يعود

كهرمانة – كلا كلا وماحاجتنا بالنقود .. لم نعد بحاجة اليها .. ما احتاجه هو شيء بسيط ولن يكلفك شيئا

زوجة قاسم – ماهو ؟

كهرمانة – المكيال

زوجة قاسم (باستغراب) المكيال !

كهرمانة – أجل ولاشيء غيره

زوجة قاسم – وماحاجتكم به ؟ هل ستزنون الحطب (تقولها وتضحك باستهزاء)

كهرمانة  –  كلا كلا سنزن به …. ( ترتبك وتتلعثم ) نعم نعم .. نزن به الحطب .. فالحطب أصبح بضاعة ثمينة كما تعلمين ياسيدتي فهو يمنحنا الدفء ونطهو عليه الطعام ونبيعه لذا اصبح يكال كالذهب  .. الذهب .. هل قلت الذهب ..!

(تجلب زوجة قاسم المكيال بعد ان تضع العسل في قعره لتعرف سر كهرمانة بعد أن انتابها الشك ، أخذت كهرمانة  المكيال وهي تكاد تطر فرحا وعادت به الى بيتها )

  ***

 

المشهد الثالث:                                                                      

وَزَنَت كهرمانة  النّقود الذّهبية. ولشدّة سرورها لم تنتبه إلى العسل في قعر المكيال، ولم تنتبه إلى النقود الذهبية التي علِقَت في قعره أيضًا. 

كهرمانة وعلي بابا يزنان الغنيمة :

كهرمانة – مازال أمامنا الكثير … هذه النقود الذهبية  جمالها يأخذ العقول

علي بابا- ويملأ الجيوب الخاوية ..

كهرمانة  – (مستدركة في غمرة فرحها ) لاتذكر لي الخواء بعد الآن .. لقد سئمنا هذه الكلمة التي رافقتنا كإبهام سادسة (تنهض وسط المسرح في حوار داخلي ويتسلط الضوء عليها مع موسيقى حزينة ) أمي لقد تأخر الطعام .. إنه في القدر ياولدي .. سينضج بعد قليل .. أمي القدر خاوي .. خاوي .. اريد نقودا لأشتري بها الطعام يا أمي .. إنها في جيب والدك يا ولدي … لكن الجيب خاوي خاوييييييييي .. إياك أن تردد هذه الكلمة في بيتنا بعد اليوم ياعلي بابا .. دعنا نعش الإمتلاء .. إمتلاء بطوننا وجيوبنا وقلوبنا بالفرح والبهجة ودع الضحك يدخل بيتنا ( تستدير نحوه لتتسع رقعة الضوء عليهما وهو يكيل المجوهرات فتكمل كهرمانة )  والآن .. قل لي أين سنخبيء هذا الكنز ؟

–   (تنتابهما الحيرة معا ويفكران بأماكن كثيرة ينهض علي بابا لأحد اركان المنزل ويهمس لجمانة )هنا سنخبئها … تتجه جمانة نحوه وهي تحمل كيس المجوهرات ويحاولان ان يخبئا الكيس فلاينجحان ثم يقترح علي بابا  وجمانة مكانا اخر واخر واخر ويكررا محاولاتهما حتى يعضرا على احد الأمكنة )

 

كهرمانة  – ( بعد تعب ) الحمد لله هاقد وجدنا مكانا في هذا البيت المكشوف للشمس والهواء .. لم نفكر يوما بإخفاء شيء .. لأننا لم نكن نمتلك مانخشى عليه من السرقة .. لم يكن ثمة مايقلقنا لنخبئه عن العالم .. أما الآن  .. فلدينا هذه الثروة وبإمكاننا أن  نشتري بها كل شيء ..

علي بابا – كل ماحلمنا ان نمتلكه يوما … سأشتري لك أجمل الثياب ..وأغلاها

كهرمانة – سأطهو لك أشهى الطعام

علي بابا – لاتنسي اللحم ..

كهرمانة –  لن انساه.. لن نأكل شيئا عدا اللحم …

علي بابا – والحلوى أيضا

كهرمانة – والحلوى أيضا  

علي بابا – وال ..؟

كهرمانة  – (تتوقف عن الدوران مع علي بابا ) وماذا ؟

علي بابا – لا أدري  .. لابد أن الأغنياء يأكلون شيئا آخر عدا اللحوم .. فموائدهم عامرة بمأكولات ملونة لا أعرف حتى اسمها وطعمها ..

كهرمانة  – ( بعد تفكير قصير ) لا عليك .. حين أعيد المكيال لبيت أخيك قاسم سأذهب في وقت الغداء .. لأرى أصناف الطعام لديهم .. هل تذكر حين ذهبنا مرة وشاهدنا تلك المائدة الملونة … ؟

علي بابا – لاتذكريني ياكهرمانة  كاد لعابي أن يسيل كما سال الآن

كهرمانة – ( تصف المائدة بيديها  أمام الجمهور في حركات استعراضية )كانت هنالك أطباق كثيرة .. صغيرة وكبيرة …. اللحم كان في وسط المائدة .. في صحن كبييير وكان ثمة رز أصفر وأبيض  .. ورز أحمر  .. وأشياء تفوح منها رائحة زكية .. رائحة بهار وقرنفل ..

جمانة – وعلى الجانب الآخرهنالك العصائر الملونة .. عصير أصفر وعصير أحمر وعصير .. لا لون له ..

علي بابا –  لالون له ؟

كهرمانة  – اجل .. رأيته وكان بلا لون ..

علي بابا – بلا لون ؟  أيتها الحمقاء .. هذا ليس عصيرا .. انه ماء

كهرمانة  – ماء!! هههههههههههههههههههههههه

لايهم .. حتى ماؤهم نقي وخال من الشوائب 

قل وداعا للشوائب .. للفقر .. للقدور الخاوية والبطون الخاوية والاحلام الخاوية ..

دعنا نكتشف الوجه الاخر للعالم .. ونحلق بعيدا .. بعيدااااااا

(تمسك بيد علي بابا ويغيبان في أقصى  المسرح حتى يغيبا ويتلاشى الضوء  )

 ***

  المشهد الرابع:

(المكان في بيت قاسم شقيق علي بابا ويظهر قاسم وزوجته مجتمعان على مائدة طعام كبيرة

تدخل كهرمانة  عليهم وفي يدها المكيال )

كهرمانة – شكرا لك ياسيدتي على اعطائك المكيال .. ها أنا أعيده لك بعد أن  انتهينا من مكيال الحطب به

(تنهض زوجة قاسم من المائدة وهي تتطلع الى كهرمانة بارتياب وشك وتقترب منها لتأخذ المكيال )

زوجة قاسم وهي تتطلع الى المكيال وتلمح جوهرة ملتصقة بقعره  – المهم انكم وزنتم حطبكم الثمين

كهرمانة – (بارتباك ) شكرا لك سيدتي مرة اخرى استأذنك بالذهاب

قاسم – تعالي ياجمانة وتغدي معنا

كهرمانة – شكرا لك ياسيدي ولكن علي بابا ينتظرني

قاسم – تعالي تعالي لاعليك من هذا الشقي .. تعالي واجلسي وحدثيني عن أحوالكم وأخبار علي بابا

كهرمانة – تقترب بتردد وتجلس على المائدة وتحدث نفسها وهي تتطلع الى أصناف الطعام ) 

طبق اللحم وصحن الدجاج والسمك .. يا الهي كل الحيوانات تجتمع على المائدة .. وهذا عصير أحمر وأصفر ..و .. أبيض  

قاسم – هل تريدين ان تشربي شيئا ؟

كهرمانة  – كلا كلا ياسيدي شكرا لك

قاسم – من أي لون تريدين ان اصب لك العصير؟

كهرمانة – ( بعد تردد ) الشفاف ياسيدي

قاسم – الشفاف؟؟؟

كهرمانة  – تشير بيدها اليه ) اجل هذا هو

(قاسم وزوجته ينفجران بالضحك ..ويستمران لبرهة )

قاسم – هذا يسمى ماءً ياكهرمانة  

كهرمانة  – نعم نعم .. عذرا ياسيدي إنه الماء

قاسم – تليقين بعلي بابا كثيرا .. هو أيضا يحب المداعبات رغم عناده الذي خسره الكثير لطالما عرضت عليه أن يعمل عندي .. لكنه عنيد وجعلكم جميعا تدفعون ثمن عناده وثمن أفكاره الجوفاء

(في هذه الأثناء زوجة قاسم تتفحص الجوهرة التي في قعر المكيال )

 

كهرمانة  – ( تتفحص انواع الطعام وتعدها ) اطمئن لقد غير افكاره الان .. ولن ندفع الثمن بعد اليوم ..

قاسم – ماذا تعنين ؟

كهرمانة  – ( تستدرك ) أعني .. أعني  .. إنه  قرر أن يعمل عملا آخر  .. هو .. هو .. وجد عملا في أحد الحقول .. وصاحب الحقل رجل كريم أحب إخلاص علي بابا .. وأمانته (تدمدم مع نفسها ) أمانته … أمانته … و عرض عليه عملا مربحا

قاسم – سيكون خادما .. فلا فرق بين الفلاح والخادم .. لافائدة ترجى منكم .. اشربي .. اشربي وكلي فربما لم تأكلوا منذ أيام ..

كهرمانة – تشرب الماء بسرعة وتستأذن بالمغادرة وتغادر فيما تهرع زوجة قاسم نحوه بسرعة وهي تحمل الجوهرة :

زوجة قاسم – انظر يارجل تعال وانظر .. لا أصدق ماترى عيني .. هيا انهض وتعال قبل أن أجن  

قاسم ينهض من المائدة – ما الذي حدث لك .. منذ أن جاءت كهرمانة  وأنت تحدقين بالمكيال الذي جلبته جمانة .. هل جننت؟

زوجة قاسم – وكيف لا أجن .. كيف لا أجن تعال وانظر؟

قاسم –  (ممسكا بالجوهرة التي في يد زوجته ) ماهذه ؟ ومن أين  لك؟

زوجة قاسم – لقد وضعت العسل في قعر المكيال الذي أخذته جمانة لأن الشكل راودني في امرها … ولكي اعرف مالذي كانوا يكيلونه بمكيالنا … وهاهو المكيال يحمل لنا السر !

قاسم – أي سر؟

زوجة قاسم – هذا السر الذي تحمله بين يديك .. الا تصدق ..هذه جواهر حقيقية ونفيسة ..

قاسم – ومن أين  لعلي بابا وكهرمانة أن  يحصلوا على هذه الجواهر ؟

زوجته – ليس لها الا تفسير واحد .. لقد اصبح علي بابا لصا !

قاسم – مستحييييل

زوجته – المستحيل هو أن يحصلا على هذه الجواهر دون أن يكونا قد سرقوها .. المال الحرام ينمو بسرعة وحشية .. وبلا تعب .. إنه ينمو وينمو مثل الطحالب السحرية .. حتى يلتف على عنق صاحبه .. ليخنقه بها فيما  بعد  ( قاسم يمسك برقبته ويصيح بها )

قاسم – كفى .. توقفي .. لايمكن أن  يكون علي بابا لصا . ففي صغره كان يحلم أن يكون فارسا .. فيما كنت أحلم  أن أكون ملكا .. أو أميرا  .. أو تاجرا ثريا … وها قد حققت حلمي .. رغم أن الثمن كان باهضا … باهضا … (يكاد ينهار )

زوجته –  لقد جنينا كل هذا الثراء بأيدينا وتعبنا .. عشنا ليالي الخوف والرعب من أن يقبضوا علينا .. لكننا مضينا ولم نخش  شيئا … قررنا إما  أن  نحصل على كل مانريد في هذه الحياة ..  فنرتدي أجمل  الثياب ونسكن أفخم القصور .. لقد نسينا هذا الثمن الذي تتحدث عنه .. لو لم نصارع الحياة وندوس على الصعاب  قبل أن  تدوسنا,  لكنا نجمع الحطب الآن  مع علي بابا وزوجته المختلة … اصمد ياقاسم … ودعنا نكتشف سر علي بابا .. كأن باب الحظ  انفتح له  ونحن أحق به  .. نحن من أمسكنا بلجام هذه الحياة التي تحتاج الى مقاتل ليفوز بها وليس الى جبان يختبيء خلف أسوارها .. مثل أخيك  .. ( يتأثر قاسم بكلامها )

قاسم – وما الذي يجب أن نفعله الآن ؟

زوجة قاسم – يجب أن نعرف مصدر هذه الجواهر .. فنحن أحق بها من ذلك الحطاب وزوجته …

****

 

المشهد الخامس:

(محل لبيع الذهب في سوق ,أحد اللصوص بباب محل بائع الذهب )

اللص : السلام عليكم أيها الصائغ

“الصائغ بفزع” و…عليكم السلام ..ماذا تريد ؟ دعني أكسب رزقي , أما كفاك ماسرقتموه من أموالي

اللص ” يضحك” : إطمئن ..لم آت لهذا الغرض

الصائغ:إذن ماذا تريدون مني؟ لقد اعتدت أن أعطيكم كل ماتطلبونه  ,فكفوا عني

اللص: لم أجىء لهذا الأمر إنما

الصائغ:إنما ماذا؟

اللص: جئت لأوصل رسالة لك من شيخنا

الصائغ:ممممن؟شيخ اللصوص؟

اللص :اخرس أيها الوقح

الصائغ:عفوا … أأأقصد شيخنا ..وماذا يريد مني شيخكم؟

اللص:خدمة بسيطة

الصائغ :خدمة؟؟ وبماذا أستطيع أن أخدمه؟هل أعمل لصا؟

اللص:إخرس أيها الوقح

الصائغ :تحمّلني..إنها مجرد مزحة

اللص: دعك من هذا التهريج واسمع ما أقول

الصائغ: تفضل..كلي أذان صاغية

اللص:لقد تعرضنا لسرقة

الصائغ:ماذاااا؟ تعرضتم لسرقة؟؟ “يقهقه”

اللص:اخرس ياوقح

الصائغ:عفوا ..عفوا..إنه أمر يدعو للضحك …ومن يجرأ على سرقتكم ؟

اللص: هذا هو الذي جئت من أجله

الصائغ:ماذا تعني؟ هل تشكّون بي؟

اللص: لقد هزلت…وهل يجرؤ صعلوك مثلك على سرقتنا؟

الصائغ: إذن من ؟

اللص: السارق مجهول ونعتقد إنه غير محترف

الصائغ:كيف؟

اللص :لقد وضعنا جرة الذهب في حفرة ويبدو إن أحدهم عثرت قدمه بها فأخذها

الصائغ: ليت هذه القدم “يشير الى قدمه” عثرت بها وليس كما اعتادت أن تعثر بالحجر

اللص: لو عثرت هذه القدم بها لقطعناها إربا أربا

الصائغ: أعوذ بالله أعوذ بالله ,ولكن ماعلاقتي بموضوع السرقة؟

اللص: لأن السارق سيضطر الى بيعها للصاغة وعليه عليك أن تفتح عينيك جيدا

الصائغ : حااااضر

اللص : وأذنيك جيدااا

الصائغ :حااااضر

اللص : وما أن تشم رائحة قطعا ذهبية  تعرض  للبيع هذه الأيام ,تخبرنا

الصائغ : حااااضر,قطع ذهبية  

اللص: نعم قطع ذهبية , تخبرنا فورا والا علّقنا رأسك على واجهة المحل

الصائغ: حااااضر

“في هذه الأثناء تدخل المحل زوجة قاسم يتنحى اللص جانبا

زوجة قاسم:السلام عليكم

الصائغ :وعليكم السلام

زوجة قاسم:لديّ قطعة ذهب أريد أن أعرضها للبيع 

الصائغ:قطعة ذهب .. ؟ “يتحسس رأسه” أرنيها

زوجة قاسم:هذه …هه ؟ماذا قلت؟

الصائغ :وااااو يبدو إنها ثمينة ,بل  لاتقدّر بثمن , لذا الأفضل اذهبي الآن  وتعالي في الغد لأعطيك ثمنها ..أريد أن أعرضها على متخصصين بالقطع الثمينة والنادرة

“يهجم اللص على زوجة قاسم”

اللص:تمهلي ..تمهّلي… أنا من يستحق هذه القطعة الثمينة …ومستعد أن أشتريها

زوجة قاسم: حسنا سيدي …وأنا أبيعها لك

اللص:ولكن قبل ذلك لابد أن أعرف من أين حصلت عليها

زوجة قاسم”خائفة” :لقد ورثتها من الوالدة رحمها الله

اللص: دعك من هذا الهذر …وأخبريني من أين حصلت على هذه القطعة الثمينة

زوجة قاسم:دعني وشأني..

اللص:لن أدعك حتى تخبريني

الصائغ:لا فائدة ,من الرفض , اخبريه , فهؤلاء أناس أشرار

زوجة قاسم:حسنا , سأخبرك شرط أن تعطني ثمنها أولا

اللص:”يضع كيس نقود أمامها “كهذا كلّه لك , ولكن لكي تكتمل الصفقة أخبريني كيف حصلت عليها

“زوجة قاسم تنتحي به جانبا  وتتحدث معه”

الصائغ: اوووووف …لن نر خيرا مادام هؤلاء اللصوص في المدينة !

            إنهم وباء ..وباء مدمّر …يعيثون فسادا فيها ..وسط ضعف العسس  وخوفهم ..كل يوم يهجمون على محل …وترونهم يسرحون ويمرحون ولا أحد يحد من طغيانهم …إنهم يسيطرون على كل مفاصل المدينة وليس لنا الا الله

اللص:هههه إذن فعلها اللعين علي بابا ..لن نتركه ينام الليلة قرير العين

***

 

المشهد السادس:  

“باحة بيت علي بابا …توجد أربعون جرّة”

رئيس اللصوص: حان وقت خلع ثوب التاجر الذي تنكّرت به لخداع العسس حتى أصل بسلام مع هذه الجرار المليئة ب…ههه”يضحك” طبعا جعلت في واحدة منها زيتا لإنجاح الخطة خلال الطريق أما بقية الجرار التسع والثلاثين فهي مليئة بالأرواح والخناجر والأنفاس المهيئة لإستعادة قطع النقود الذهبية التي استولى عليها”علي بابا ”  “يخاطب اللصوص الذين داخلها” أيها المختبئون في هذه الجرار اصغوا لي ,ستكون هذه الليلة حاسمة , اسمعوني جيدا . نحن الآن بباب بيت “علي بابا” نعد ّ العدّة للهجوم على البيت الليلة ,لنسترجع كل القطع الذهبية منه , لابد أن تنفذوا الخطّة كما وضعتها , ليكن كل واحد منكم جاهزا وليضع خنجه بين أسنانه وعندما أعطيكم الإشارة تخرجون من مخابئكم وتهجمون على البيت ومن فيه   ومَن يكون عند”علي بابا ” ، وتفتكون بهم من غير شفقةٍ أو رحمةٍ

  “يطرق الباب”

علي بابا :من ؟

رئيس اللصوص: تاجر غريب  يبيع الزيت حال سدول الظلام دون مواصلة طريقه ويريد أن يبيت عندكم الليلة فلم يسبق لي زيارة هذه المدينة من قبل

علي بابا:حللت أهلا ونزلت سهلا أهلا

رئيس اللصوص: جزاك الله خيرا, ولكن أحتاج مساعدة لإدخال هذه الجرار داخل البيت

علي بابا :بكل سرور “يساعده في حملها” لكنها ثقيلة ..يبدو إنها مليئة بالزيت

رئيس اللصوص:نعم ,نعم, إنها مليئة للآخر

“يدخل”

علي بابا:كهرمانة ..كهرمانة

كهرمانة :نعم

علي بابا: سينام الضيف في بيتنا الليلة

كهرمانة:أهلا  به ولكن من يكون ؟

علي بابا:تاجر غريب يبيع الزيت داهمه الليل

كهرمانة: إذن لابد أن أعدّ له طعام العشاء

علي بابا : نعم, وبأسرع وقت لأنه كما يبدو يتضور جوعا

كهرمانة :ولكن …

علي بابا: ماذا؟

كهرمانة: لايوجد لدينا زيت

علي بابا : وهل ترين هذا وقتا مناسبا للخروج من البيت لشراء الزيت؟

كهرمانة:ولكن لابد من الزيت لطهي الطعام

علي بابا:تصرفي,فلن أستطيع ترك ضيفي والخروج لشراء قليل من الزيت

كما أن

“يتركها وحدها”

كهرمانة: ماالعمل الآن؟لابد من الزيت ,ولايوجد زيت بالبيت …وكيف لايوجد ؟ أكل هذا الزيت في بيتنا وأبحث عن زيت؟ سأفتح أحد الجرار وآستلف القليل منه ثم أخبر الضيف غدا بذلك

“تفتح إحدى الجرار وتعقد الدهشة لسانها فحينما فتحت إحدى الجرار صرخت

كهرمانة:رجل يحمل خنجرا بين أسنانه ؟؟؟ لابد إنه يضمر شرّا “أسرعت بإغلاق الجرّة”

كهرمانة:عليّ إغلاقها جيّدا لكي لايهرب , ولكن من يضمن عدم وجود رجال أخر في بقية الجرار ؟ إذن عليّ دق ّكل جرّة من الجرار “تبدأ بالدق, وكلما تدقّ جرّة تسمع همسا خفيفا فتعرف أن بداخلها رجلا وهكذا الى بقية الجرار حتى وصلت الى الجرّة الأربعين فلم تسمع همسا “

كهرمانة :هنا الزيت إذن , لأجلب وعاء وأملأه بالزيت ومن ثم أغليه ..لابد أن زوجتي وقع في فخّ ولكنني سأنقذه منه .. هاهو الزيت يغلي …وسيجعل رؤوس اللصوص تغلي ..”تفتح احدى الجرار وتصب الزيت المغلي فينطلق صراخا من داخل الجرّة ثم يخفت تدريجيا وتواصل عملها على بقية الجرار حتى قضت على جميع اللصوص  

  كهرمانة : لم ينته عملي بعد , أمامي عمل شاق , بقي رئيس اللصوص ولكن ينبغي أن أقضي عليه بطريقة ذكية

“تدخل غرفة الضيوف فجأة تعطي إشارة لعلي بابا “

كهرمانة :ضيفنا العزيز العشاء جاهز

رئيس اللصوص:شكرا لك

كهرمانة ,ولكن من عاداتنا أن نرقص قبل العشاء رقصة الختجر

رئيس اللصوص:رقصة الخنجر؟

كهرمانة :نعم, إنها رقصة مشهورة في هذا البلد ,نؤديها إكراما للضيوف

“تخرج خنجرا جادّا من مكان في الغرفة بالتمايل مع الخنجر حتى تقترب من رئيس اللصوص ثم تضع الخنجر على رقبته” فتهم عليه مع علي بابا

كهرمانة: أيها اللص القذر, هذه نهايتك

رئيس اللصوص:اتركيني ..اتركيني ..لم أت إلا لإسترداد قطع النقود الذهبية التي استولى عليها علي بابا

كهرمانة: ألم تجد طريقا آخر للعيش غير الإحتيال على الناس ؟ وليكن بعلمك إن قطع النقود التي جئت لاستردادها عادت الى أصحابها فقد أبلغنا العسس وقاموا بالبحث عنهم حتى وجدوهم

رئيس اللصوص: التوبة …التوبة

كهرمانة :سنسلمك للعسس وهم يعرفون كيف ينقذون الناس من شروركم

“يجتمع الناس ويقودونهالى الخارج”

 

علي بابا: لا أعرف كيف أشكرك  فبفضل ذكائك تخلصنا من اللصوص

كهرمانة: لاتشكرني بل أنا التي أشكر الكنز الذي عثرت عليه

علي بابا:أي كنز؟ لقد جلب لنا المتاعب والقلق وأفقدنا بهجة الحياة

كهرمانة: هذا صحيح ,لكن الكنز الذي عثرت عليه جعلني أرى أن حياتنا الفقيرة أكثر سعادة مادامت مقرونة بالأمانة والإخلاص  وراحة البال فهذه ثروة كبيرة

 

“يسدل الستار”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى