كسرة خبز

حسن إبراهيمي / المغرب 

الإهداء
إلى روحي أبي و أمي
إلى رفيقة دربي فتيحة أم طفليّ
فاطمة ويوسف
إلى رشيد ابن أخي
عرفانا لهم بالجميل
وإلى أرواح شهداء القضية بكل الدول العربية أهدي هذا العمل المتواضع.

شبق نصوص صدحت لثمالة أفواه
على الرصيف
حـــــــ دــــ ماــــرء ية
شذرات نسجت أغاني العزة لدماء الشهداء

لست سواك يا وطني عانقتك في أفواه المعتوهين, والفقراء…
عانقتك في كل كسرة خبز تصدح في الشارع.. في وجه القمع.. في وجه كل المتاريس التي تمنع المارة من اقتطاف وردة في كل حقل يسقى بدماء الشهداء… لست سواك يا وطني, وباسمك أقول لا للتجول في كل حقل يسقى بالغدير، ولكل من يلتف حوله ليحول زرعه بطانة تتملق لتحول الحياة إلى رماد, بعد كل انتصاب لجمر في قلعة الشرفاء.

يستّف الموت إسفلت التاريخ، وبكل أزقة الهزيمة تعوي أشلاء الموتى.. وتتراقص دماء الشهداء.. وبعدما تصرخ تدير الحياة وجهها لبزوغ الفجر.

في شوارع الرصاص انتحرت الأرض رفضا لإنجاب مدن جديدة
للعدو.

في دماء الشهداء احتشد الوطن.. بجبين كل قطرة تتصبب أحزانا.. كاغتراب الناي بين أنامل التاريخ، كآخر قطرة تصرخ في وجه الجلاد.. تفتك كل كسرة خبز.. تعاقر دروب الانعتاق.. تعانق الشظايا في أنفاس السنابل، وفي كل نصل يرهج صراخا.

أسمو كشمعة.. أظل أسكب وجعي في كل ليل صرصار.. أتنهده كخريف نائم لا يأبه السير في الاشتهاء.. أبدد الضوء في كل عنقود حزن تدلى ذات مساء.. أشكو عنفوانا دامسا لكل وجع يلملم الانتظار .

حين يغمرها الضـوء تتسـاقط في قعر اللعب كعربون حبر تبدى في
أغلال السجان… كمومس يعبر دفتر الذكريات.. بدون كبرياء
وقفت تهمس لصيف وراء القضبان.. نامت ونام الصيف في عين ضوء انفلت للسجان .

بدون حارس للقضية يتجول الذئب في كل أطراف الخدعة كل يوم.

إن أردت أن أضيف لعينيك عمري فامتدي في محراب الزمان…
سأتناول حبوب صياغتك في أمشاج الأحداث… في عرق ظل
ينبض في وهج السر… في سفر تقاطر كالشمس بدون عزف
الألوان… أوفي ينابيع الولع بالقرب من الذكريات… سأظل أنتظر ولادتك في كل أواني السنين.. وسوف أعانقها مرتين, نعم سأنتصر للموت لكن إياك والخيانة مرتين .

في قعر الظـلام أنجبت عينها الأولى… اتخذتها الملحمة عينة للصفاء.
لكن وجه السماء التي غادرتها الآلهة أمطرت سرابا يشق الرؤية في منتصف الطريق.

من سيضيء هذا الصباح… فطيف المرود أرهقه السفر بدون انتصاب… وعري الهزيمة تدلى في سنين استوطنتها العِمامة… مجت عيون سقي صغار العلق في جراح الزمان… وأثقلتك اللاءات يا وطني… أثقلتك في مطبخ لا يضيء شبرا في الظلام.

بين قضبان الريح وقف التاريخ بدون قضية… فوق أسرٌة طفولية, نامت أحداثه بدون أسئلة…. نامت بدون سلم للأسوار… بدون كشف لعيون الأسر… و بدون قداسة بطانة مكثت تغرد للجراح.

ربما لم تمتلك المسافة التي بيننا الجرأة الكافية للسير بنا فوق رشات الجمر… قد تكون الحرارة لازالت لم تكتمل في تفاصيل سلامي عليها … وقد يكون السلام صغيرا في سننه المشتعلة في الانحناء لمعركة ستندلع بين شفتينا… وقد يعود السبب إلى سقوط ما أحلحله في ما بين المعصمين, أو لشرطي انهال على نظرة اكتوت بالمنع, وهي في طريقها إلى ابتسامتك التي تخلد عيدها بباقة من القهر أو ما فاح به عصيان خدوش السنين من القمع, أو بالابتعاد عن سحر المكان .

استعنت بشمس الزوال… كالشعاع تسافحت… انشطرت في العدم…
للحصول على بطاقة أقدٌمها للموت.. وأختفي في الصمت كنكهة للانتظار.

اتخذت الشمس من الأشجار مظلات لها… لمنع الظلال من معرفة كيفية انتشار ضوئها في ميزاب السماء .

لا يرقد الموت في عيون الشهداء… فالانتصار يساوق مجرى التاريخ… وحين يبعث في أمشاج الأحداث تزهر لتعطل سهاد الخريف .

لا تكفكفوا دموع الخريف… فالحزن من لم يستأصله يترعرع في عيون الأشجار.

نساء استيقظن في قاع القمر… كأوراق نقدية وقفن في رائحة الحليب… يغزلن بالزمان قطعة بياض… يغسلن وجه السماء… يطاردن خيط دخان… بأطلال تغزل دموع الذكريات… تحتسي كؤوس الخراب… وتفتح عيون الناي… لإجلاء جرس يرن بدون ألحان.

يختفي الليل ليفسح المجال للشمس كي تكنس عار اختفاء بزوغ الفجر في الظلام.

تقتفي الظلمة أثر ضوء بعد عدم قدرتها على الضياء.

انتشر الماء في أناملي لإطفاء نار رتق يرتجف في عنق خَطْبِ هذا الزمان.

استوفت الطلقة عامها الأول… لكن وجه الضحية تدلى بدون قطرة ماء… كأنه قاطرة مجد بدون شيب.

أول السحابة عندما يصحو المطر, أو عندما تزلزل السماء غيم غم تكلس في عيني بريق أمل انفجر في فجر لف في المحن .

يرتدي صمتي غمدا… كلما أزلته يلمع الموت في حضن اللسان .

في السماء تحلق الطيور بحثا على أثداء الطائرات.

بعد إصابة الموت بمرض ناولته أقراص نوم للشفاء بدون حمله إلى المستعجلات .

بدون وسائد تنام الأرصفة عارية في عيني الناي تماما كأخدود المساء.

كزفرة للعتّالين نمت في عنق تحلل الأحداث… اتكأت على وسادة ظلم لم تنج من فوات الأوان… تماما كذيل مشيئة تركن في ساق الفراغ .

أعارك النوم لأتجنب حلما يرحب به الانتظار.

لما ترهلت الحرية اختفت أمام باب المستحيل…استنشقت أنياب السماء…استنارت بذكريات غيابها في الفراغ.. كم تحتاج من عيون للسباحة في وجه الأسد ؟

خدوش الزمان العصيب ببلادي موحشة… تماما كنوم الأفاعي في أحلام الرَثة… أو كاصطفاف العرق حين يختبر جباه المقهورين .

اعتدت أن أتجاهل الموت لكن النوم حين يأتيني أتجاهل نفسي
وأنام.

في عنفوان الانتظار أتكسر في التوق… في بصيص الزمان… أتسلل من ميلاد حزن انبسط صراطا…ألملم عنف الشوق في رجس الذكريات….وأساق مثنى كأزيز مختل يتفقد زوابع الأحداث.

قادني النوم إلى حيث لا أدري ,وحين استفقت أيضا أخذني إلى حيث لا ادري ,رفاقي لم أكمل السير وانتهى الأصيل.

كل ما من حولي استشرى في صغري…ما عدت أكترث لتحلل السر في كف سقمي… ولا في عُنة الزمان… كعمق اللهب تصفعني الأحداث.. وما اكتوائي إلا انبعاثا لملكوت كالفولاذ .

تتساقط لوجود ثقب بكف يفصل اليد عن فم يذرف دموعا تخفي ألم الكف الذي احرقه الرغيف.

لا نحلق كالأحجار خوفا من أن تطاردنا طيور طاردتها أطواء
الأمكنة .

بشارع عصيب لم تكترث لصراخ كسرة خبز…ولما استخفت بجبهة الشقاء.. شحذت الشجون سواعدها لاستقبال الدماء.

تصد الأرض أبوابها أمام الماء, حفاظا على عذريتها لكونها عارية .

لا شيء هنا سوى رزمة من أقراص صمت.. وعنقود سحب لرفات الغيم… غيرت الأماكن لأقفاص الذكريات .

بأعشاش اللوائح فقس الافتراس… واصطفت فراخه من وراء السلم تتغذى برحاب التصفيق لأنياب ملونة لم تنته من غسل أواني الضحك.

اكتسحت أمطار النوم شرفة طيفي ,فتبللت عيناي بتعب الذكريات.

أخد إبليس مكانه وسط منصة… بدأ يستعد للغناء… جاب يمينا,
ويسارا, حين بدأ الحفل.. أطرب حاشية الجميع.. انجذب الكل للرقص… فاشتعلت أضواء الحلبة… وحين استفاق حراس الجنة تم رجمهم حتى الثمالة…. فرجعوا له ساجدين.

وسط صراط عنيد لملم الماء بزوغ الإعصار… بزند يتيم للناي عزف علامة نهي لإضاءة وجهه ….فبزغ زغرودة شرسة زلزلت تماثيل وقفت كمتارس حجبت باب الصباح .

كرزمة رماد يطاردها لهيب بيد الريح… أنجبتني نار في حضن السماء… ما فتئت تهشم الليل… تنهشه لتهيب الحياة رمادا تمدد فوق سرير محنة تحررت من شره العراك .

بين السر والعلن ارتشفت ابتسامتي سحر عينيك لمحة في منتصف العدم .

تتحاشى الشمس المرور منفردة في الظل تجنبا لاصا بتها بالسواد.

ما تبقى من العرق وإن مضى لا يتق بمتاحف الجباه… فالشراسة اخشوشنت تماما كأنصاف الأحزان… والمناجل ابيضت كأوراق
يفوح منها حبر المحار .

يمتنع الماء عن سقي مساحة شوق زهرة في عيني مشتل يحتال على الربيع.

تحاشيت الدخول إلى الحمام لأتجنب غسل الماء.

ضحكت الشمس ولم تغلق بابا يأمر بموت الظلام… لم ترتدِ ثياب موسيقى كسؤال الغياب… ولم تجْنح لمشاعر الليل… ولا لبحر تحلل في حسام أغنية تستشرف ميلاد الوطن .

بأريحية اختارت النجوم أن تضيء أحلاما اختارت الاختفاء في وجوه النساء.

تحلق الطيور حاملة قدسا عربيا لسلم أمريكي لن يتحقق إلا في السماء.

بضجيج فوق البحر أسيج احتفالا… أطهو عضلات السواد …
أرتب لهيبه في رفات… وفي كل نافذة يفتحها البخار… وأقدمها موائد لعيني الرتابة… لأصفع برقا ظل يجرب الضوء في السماء .

تناولت كأس شمس لأتنسم أريج نسيم بعدما زاغ السبيل عن صغار فصل في عش ببهو الصباح .

بين الذهاب والإياب أسكب سفري بصنبور عاقر, غرسه الهذيان في ذاكرة الطريق .

استعصى على الأفاعي معرفة أقمشتها ,فأمرت بغسلها بالدماء .

في أكياس الهجرة يحمل البحر أشلاء وطن جريح… وبتموجات المخفر يحمل تعبه… ويحمل انكسار الكلمة… وامتداد العبور فوق أشلاء يتقاذفها النسيان… لا شيء هنا يتراءى في فلق القفل سوى انسداد البحر.

ببريق هواء أفتح قلب الثلج …. ألهوه بأثداء مبعثرة لابتسامات النساء… وبموسيقى رعد أطربه… لأفتح شهية النوم له بأعلى الجبل .

صاح الماء في وجه ليل رفض الإياب في ضوء القمر.

انتشرت الزرقة في غيوم غاب عنها المطر.

تغلق النجوم أبوابها أمام شمس عادت بعد يوم من الغياب بدون انتصار .

لن يستسلم اغترابي… مهما ابتعدت في منفاي… لن يستسلم لانتصاب المنعرجات… أو لضغط أي انحناء اتقد في كل طريق اتخذته لأنشد حكاية عن اغتراب شمس بلدي لكل طفل يحمل حقيبة مسَد وهو في الطريق إلى ما تشتعل به ذاكرة وطن ليحرر أهله من الطغيان .

برحيق السواد ارتوى حزني… احتل كل ما نقشته الشمس من خطوط بقلعته… وانحنى لأكف يروي لها شرود الروح في الجسد.

تمتنع الشمس عن الشروق, كي لا تطل على صبح لا زال يغازل
الظلام.

لا تستحم الفراشة في الظلام, حفاظا على ما تبقى من رحيق
ضوء القمر.

كذب الماء كسهوه :
الأول يغرر الملح للسطو على ما تبقى من البياض… كظل ضوء حين يستلقي على رقبة الضياع .
والثاني :
كعين قفل حين ينشد الاغتراب حينما نطلي أفواه الجدران بصغار ملك بعدما تصحوا ظلالهم لتعود للانتشار.

لا تلين عيون الأفاعي إلا عندما تتساقط المسافات في جحر الانتهاء .

بعد كل تعب أرقب لمحة حياة… تخبو… تعانق طيفك في أساور حلم طرزه الهيام… بممرات لم تهتد إليها, وتاه عنها السبيل .

نقر الديك على وجه الخدعة ليلتقط برقا يضيء مسلك الصباح.

كيف افتح زر جرح المسافة ,لأسكب تموج الضوء في صنبور عانق الزمان ؟

اختفيت في ظلي… واختفى ظلي في الظلام… واختفينا في الأرض… لم تشرق الشمس بعد… لكنني في الأرض بزغت… في انتظار أن تشرق شمس هودج علقت بأفواه المعزين .

ارتأيت أن اروي قصة امرأة تصرخ أمام الصخر… فصرخت وإياها أمام أذن صماء.

ارتفعت درجة حرارة الأسئلة… ولما احترقت الأحداث طها التاريخ علقا في إناء فتوِر الزمان.

لا يَنُوش الكتمان إلا أنفاس الضجة… وحين يمتص دماءها يرتوي في بهو المعركة.

سألت ابني عن السبب في وقوف الأشجار… فأجاب لأنها لا تميز بين الليل والنهار… ثم أضاف أيضا لأنها لا تصاب بالتعب… أيضا أضاف لمنع ثمارها من السقوط .

وإن اجتاح الظلام أرجاء المجرى… لن يمنع الماء من أن يسلم من كل كدر يغدر صفاء الأرض… لن يمنع المجرى من الثبات… ومن استقباله غداء لكل مرحى… ولكل نقاء يفطم حليب الخدعة… مسترشدا بسيل من الأسرار التي تقبع في جحر الزمان… إن الظلام قاعة انتظار لصبح ينشد أغان ستبهر من تخلفوا عن السير خارج الطريق.

انشطر الماء فوق وجه الخدعة…. أحكم القبضة على الاتساخ …ولا شيء يبكته كمجرى الجبين .

لم يستطع نبض السر أن يضيء اختفاء سيره في الظلام …لكن المسار من يسلكه لن تسقمه إلا جراح الطريق .

أعلن الملح رفض انتشاره في شرايين المرارة… حفاظا على خفقان البياض الذي لايعقد صفقة إلا مع ماء يهزأ بالربح في سوق الألوان.

تاهت الأرض في رتق… فأعلنت انبساطها بدون علم السماء…
فازرقّ وجهها لاختبار لون البحر أثناء ظهور الألوان .

بين أناملي تاهت الفوضى… استعرضت دمع قبر الهذيان..
استدرجته للتيه.. ولحزن ضوء يشكو الم النسيان .

بعدما فض الماء بكارتها… انتفخ بطنها… انكشفت قصتها…
فانهمرت دمعا أمام سلطة الزواج .

يسترد الظل مكانته بعد كل هزيمة لأشعة الشمس… وباستعمال سلاح الغصون… تشرق الشمس خلف صبح يدب بين الأشجار .

استسلمت للموت لأراه, ولأختبره وهو في ريعان شبابه.

ستبقى النجوم عارية مادامت تخصص الليل للسباحة في مسبح
بالسماء.

يمحو النوم عار خدعة انتصبت بالنهار .

تلاحق الطائرات زرقة البحر بحتا عن السماء… لكن الموتى في كل زرقة للمجد يرقدون .

أتاني النوم فخلته موتا جسره انشطر.

نسيت وجهي بالمرآة… امتلأتْ ولم تستطع أن تعكس وجوها أخرى… وانتظرت الصبح بعدما بح الليل فمات .

يحتسي الشبق نظرة الاشتياق, ليقضي صبحا في عين الحبيب.

استفاق الحلم في عيادة الصباح, بعدما قضى سقما في حضن الهذيان .

أحيانا يجب الرجوع إلى الماضي, للبحت عن قربان نقدمه لكل لحظة تنتصب بحثا عن عرين تجهم بالزمان.

تقتات المعركة بالإشاعة, وبأنياب الخدعة التي تفترس ركام
الصمت.

بدون اعتذار اتقد السوط.. انتشرت شراسته… فانتصب احتراق
الأغلال بالمعصمين… وبعزة تعارك هجوم الجلاد.

تاهت الأرض في انبساطها ,لتعلن طاعتها لجبروت القمم .

اكتسحت أمطار النوم شرفة طيفي, فتبللت عيناي بتعب
الذكريات .

تتحاشى الشمس المرور منفردة في الظل, تحسبا لخطط الأعداء,
من اعتادوا الحروب في الظلام.

انكسر الحلم في بصيص الأمل.. وانكشفت عورة صليل نصل
الربيع.. ولم يبق للشمس من ترقص لهم في آخر الشعاع… انتهت المعركة ولم يبق فوق حصير الرماح سوى كسرة حزن وماض عج
بالجياع .

أتناء كل زيارة نوم لي يجدني كثيرا ما أرتاد أزيز الحلم أعلمه كيف
أن صغاره لا يفترون .

بعدما نام الموت بدون ملابس لامست أصابعه صدرا عاريا يمد
يديه لعشق الحياة .

لما أشرقت الشمس لم تجد ما يكفي من حجر لإخماد اغتراب شب
في لعب المطر… انتابته الشيخوخة كالجنون, أسود كعنق الزمان..
ومع ذلك انهال, وصاح وسط ليل ارتدى سمّ الأفعى بدون خجل .

ترنحت أوتار عشق الساهرين فوق منصة ليل يدغدغ الحواس.

ترفض الأرض السير في الظلام لترتل للورى تباشير الصباح .

بعد عودتها بدون عذرية, نامت السماء وما عادت تستحملها
النجوم.

يحتاج البحر إلى من يطفئ الشمس لتنسحب السماء من ظلال
المعجزات.

أشتهي نسيم البحر لما يهسهس كحبات فولاذ… تفرغت لمقاومة
اللكز… لفتح غسق ليبزغ الصباح من حبة شمس لم تندمل .

هطلت زرقة السماء, بعدما رفضت الأمطار اتخاذ أي لون .

اعتلت الجبال لتخيط بياض السماء, وتجعلها غطاء للبحر بعد سفره في فصل بدون نجوم.

رقصة الأفعى غير كافية لإطعام صغار الموت!.

كسر غريق يناجي تجهمي تفاصيل الموت في أكفان أقلام الفقهاء… كأقفال تسيل في مجاري أعمارهم… كضوء ماكر ترنح في مسالك الضباب… ليستشرف عناء انتشار الفناء في رياض رحابهم .

تقتفي الهزيمة ميادين الصمت ما دام يخشى الكلام.

لا تستيقظ المدارس في أفواه المتعلمين إلا بعد ما يزول الغطاء على السنين .

تشرق الشمس بعد ما تستفيق الأشجار, وبعد انتفاضات الظلال ترفض أن تستعبد بعد كل شروق لليم.

انطفأت زوابع الحمل… واشتدت عيون الدسائس… وانتصبت القضية تصرخ في وجه الظلام.

بعدما تقفل الشموع نظراتها… يمنع الضوء فتح أبوابه… ويرتد الانتشار في أروقة الضياء .

تماما كظهور ذئب مفترس وسط غابة, يظهر الافتراس في عنق
الإنعتاق.

لا تكثرث أنثى الماء لسقوط الظل، كل ما تريده أن تدب في شمس فتحت ينبوعا للقمر.

بدون توقف يدهس الزمان أحلامنا كقطار زاغ عن السكة بدون علم السائق ,وبدون إشعار الركاب .

أستنشق راحة الماء, بدون قطفه من المصرف خوفا من سؤال الرمال .

أسيج البحر للزج بأمواجه في السجون .

بدون اعتذار يأتي الموت دائما لفتح باب الغياب .

كزئبق تتقد النار احتراما لرغبتها في استعجال العدم.

بدون حواس يقطن الليل صنما كالبكاء.

في منتزه الليل تتجول النجوم عارية بدون إذن من القمر.. كجند يتجنب الألغام, يحتاط كحمام أثناء مروره بتراب مستلق على كمين للجوار .

في عمق التاريخ, وفي أقواع أحداثه, يخفي السيف رغبته في
انشطار السلم بصليله وبلدغ السلام.

اسود وجه السماء, وعمت حلكة المفاتيح أرجاء العيون, فانفجرت
ينابيع الحياة بمجاري أقواس قزحت باقات الحريات.

كصنبور أعمى يتصبب منه الضوء استبسلت أشلائي… لا أكثرت لسواي… إلا حينما تزدحم اللعنة بأفواه صغار المارة… أو عندما تتهاوى المغسلة على طيف الأرجوحة… لترفع هوايتها بعدما تلتقطها من كل مجاري اللكز، وفي دماء الأطفال .

على ضفة النار يصادر الحطب لوضع حد لارتواء اللهيب .

حين اكتوينا في بطن الليل حسبنا الموت نوما فزلزل الخيط الأسود, وتبددنا في خيط الصباح .

في قبو الأحداث عرجت بالعلياء حين خلت أنني حبة قمح
فانتفضت ضد مناقير الزمان .

خضع الرعد لعملية جراحية ,فأبرقت السماء .

أصيب عكاز ظلي بكسور، كلما ناشد الشمس يرجمه عبور العابرين.

كل يوم أغسل وجهي بتفاصيل شمس نابعة من السؤال… أرنو، وأجتر ينابيعه في كل حدث احتضنته الهجرة في كل لحظة أدارت وجهها للفولاذ.

لا تبحث الرصاصة إلا عن أنفاس الضحية وحين تنأش دماءها تستوفي ميلاد الشهادة …. فتفرق سياج الهول في ساحة العويل .

تصبحون على خير يا من لازلتم أحياء, أتكتفون بموتي أم أنه حتى الموت لا يليق بي .

لا تلين أصابع الأغيار إلا حينما تبَح حناجر الأنقاض! كالليل نام المطر في حجر الشمس, ولما ارتطمت بهما أتيت زخات ضوء .

حين تقفل الشموع نظراتها تقفل العيون أبواب الانتشار .

كإبرة وسط التبن يظهر جرحي وسط سواد الزمان .

تناول عرق الظل..كشمس تدب في الذكريات.. تسافر في نبض الزمان.. في أرجاء كل قطر يستظل بالانتظار.. ولما صدحت حناجر الينابيع.. تحررت أطلال سيجت خيما بأوتاد الهزائم, فوق أحزاننا وقفت بدون اشتهاء.. فزغرد عربون الحرية مهللا لطيف الانتصار.

اصفرت أعشاش الظل ظلت تفقس نكث المنتهى في سلا سل السلم… نامت وهي تشتهي أن تستحم في مياه الطٌرر لتغدي عيون الأحداث بمزيد من الطلاسم التي تمطر طرودا بدون أرواح… نامت ولم تكنس أي موعد يتحين ميلاد التاريخ, لتقطف فواكه الغدر في حقول الافتراس .

بدون وقود اشتعلنا, كأن أجسادنا حطب أممته النار.

تألق النوم بعدما انشطر…فصاخ الموت, واهتدى الصبح للبياض .

لن أستسلم للطوى, وإن أتناول قصعة ممتلئة باللعب .

كعكاز أعمى أتعبتني أيادي الآخرين .

حين أدك وجه الظلام يتطاير المساء فتاتا كموت صغير !

خلت أنني عين قمر, فانطفأت أضواء الآخرين .

انتهت علامة الاستفهام… غير أن السؤال لم ينته بعد… فانتصبت البداية وكأن النهاية مصابة بالجنون… دائما تنجب مولودا مشوها تماما كعسر السؤال .

فوق الصقيع جرح, تماما كالمختون حين تحمله الأشجار لتجوب به شوارع المكر.

حين تطارد الأمكنة الأشجار, تغادرها متأبطة جميع فصول الزمان.

لا تفتح الأفاعي جيوبها للمدامسة, وهي ترقص إلى جانب الضباب.

احترس من السقوط, إذا تسلقت قلب امرأة جرداء .

كالمصل لا يهطل الغسق بدون سيقان .

لشدة الم الصوف انتفض ضد المغزل, وانتشر قطعا متجهمة في أطراف السماء.

كدف بدون نقرة انقر نصلا بَهْما في عرس دم للطرشان .

واهم من يعتقد أن النصر سيفتح أبوابا بدون نساء، فالحرية علق ما لم تكنسه النساء في بقايا المتحف بدماء الشهداء.

وسط أكوام من الجراح استبسلت أناملي… سقطت كالشمس رشات فولاذ, زلزلت غصون الخيانات… استبصرت المحو في
ريعان شبابه.. فرفضت رسائله أن تسرّج الشُّهب لاتقاد الهزائم .

اختلطت الأشلاء أمام الوفد فأمر بإعادة المعركة.

غمر صوت الأفاعي الأشلاء فاختفت الساحة .

اغتسل البدو بالرمال, فسقطوا فوق أشعارهم جوار الموت .

لما استو الأخدود ارتد التيه… جلدته الفضائح… ولما اختف في أقواع النسيان… صرخ في كسرة خبز فهطل الحجر .

رفض البدو السقوط, فامسكوا بأفواههم ذاكرة الرمل… صدحت الأرض… واشتد الفجر لكن بدون انتصار .

سافرت في الحلم, وبعدما استفقت أصبت بالتعب .

انتصب مهماز الكف… واندلعت معركة الأصابع .

جرعة السم أقوى من أدوية الوفد… فالمكان مقفر… ورصد الأفاعي ابد الدهر ينتهي بالفشل… من يعوض الوفد ؟ .

استدرج رفيقي لحمل صخر سيزيف… فصرخ بأعلى الجبل… ولما فات الأوان استفاق الصخر .

يصادر الماء كدر الحياة ليحافظ على صفاء الانتظار .

امتلأت أفواه المارقين بهتافات بدون نصـر… فنكست الأعلام… بعدما تم نكث المقاعد .

انسحبت الحروف من كانون المفردات… وانسحبت المفردات من بناها… فجرد المكان من اختبار لأي لهيب… ومن نجاح لرماد ينسج وشما عاري الصدر في سفر المدار .

تجرعنا خبرة الوكيل… فانتصبت المعركة.

في عيني القلعة يحتسي الصمود أنفاس الجلاد…كاله امسك الألف بثغر الهاء… أو كإله أعمى أتعبه الحلف, فسقط من ثقب الهاء في واحة عارية من الامتثال…كشيطان تدرجت شيخوخته في سفر اللاءات .

انشطرت ساحة اللغة… ولم يصعد اليها إلا الحركات… فصمتت الكلمات .

تسلل الفشل إلى الحلم, فهتف مسرعا لحلم شديد.

لا أرى أصابعي حين ترقص بين المعصمين, لكن حين تصرخ أرى مشتل أظافري يقدم الفوضى باقة سواد للحواس .

حق الموت هنا والآن نافذ… وقتل الأفاعي يهدد بتشريح القرار … ولا مجال لطرد الموتى, لاستقبال صليل الأرض.

لا تستقيم الصلاة في جحر الظلام, إلا بعد الوضوء بماء المكر.

حين يصاب وجه المرآة بشقوق، تنشطر الرؤية خوفا من الجراح.

لاشيء يفتح باب العزة غير سحب تمطر في جبهة للشهامة, لما تضيء وجه السجن… أو حين تدك صولجان الهزيمة بصليل الفولاذ

لما انطفأت أنوار الأقواس… انهال الظلام كمشيئة نافذة… كعيون المساء… هطلت عيون السماء تدب في حبات رمل… تسوق الشمس فبزغ الصباح .

إذا كان الستار ناقصا فلنستتر بالعرض, فالعري عري العرض .

سنة سجنا وكلماتك تتناول الدواء… ولما برئت لم تسافر في عيون الجلاد.

اكفهرت همهمات أتراب المحن… عزفت أنامل جوف الظل… بدون ألحان… وفي قدر ترن… في خيمة للعبيد احتست دموع المعزين… لتحتفي بوطن عُنجهيته ثملت كابن عنيد بباب الضباب .

بأي أكتاف سيبزغ الصبح, وبأي أكف سيلف.

فتق بطن الأرض, وخيط بنظرات عاقرة , حتى أصيبت الأشجار بالهوس.
وإن أزهرت شموع الضحك.. ستتساقط أوراق الزمان الذي لا يناجي الربيع .

انفتحت أبواب الجنة أمامي… فامتلأت أكف النساء بعيني… فامتعض التفاح, وأصيب بالهذيان .

خسئت نار نقذف فيها الأطفال, ولم تنجب أرضا يتدفأ بها الكادحون.

كضوء القمر انتشر لساني بالبحر… فصاح الماء بكلمات ترفض أن تمخر وليمتها عباب الموت .

افتتحت أبناك النهب في جيوبنا….وانتفضت الفتوحات معلنة دخولها في معركة بأسواق المقبلة.

حين تبكي الحروف في دموعي… ينشد الليل جراحه… تسيل الكلمات في أواخر اغترابي… .تتكئ أحزاني على الأفول… تنام الأشجار عارية… ويبيت الصبح في مصرف حرقة السؤال .

أتناول الليل… أصحو كل صباح… كخمارة يعقرني الزمان… لكنني حين أرفض النوم أملأ عيني في كل الكؤوس .

فتحت العتمة جيوب أحزاني… وانتشرت في بياض غمر أرجاء جوف الكلمات .

بعد طول انتظار عانقت طيفك… ولم أنم كأريج عاد من معركة بعد انتصار.

أنتظر حدثا خارج الزمان… قد لا يحمل علقما يمتص دم التاريخ.

لا يخلو السوق من أي شهية, غير أن ما تشتهيه العين تدور المعركة حوله باقتدار .

اختلطت أبواب الجنة أمامي… فطفقت أبحث عن باب أفتحه للخروج من مصحة الهذيان.

أنتظر قطارا خارج دائرة الزمان… أستقله لأن التاريخ خربت عرباته في محطات الأحداث .

تكفكف الأطلال دموع الذكريات, وترشها بأسئلة سامقات .

لا تشرعوا أبواب مشيئتكم… فالمصائب ليست إلا قصصا في السماء… ولا تحتاج إلا لآلهة في الأرض تشق لها الطريق .

لا تدُرٌوا الريح… إن الخطى لم تثبت بعد… والمسافة بين الأقدام والأرض أوراق خريف .

تستدير الكلمات بلساني… كأنها تلتفت إلى رقيب… يخطو خطوات من ورائها في ظلام دامس… فترتعش الحروف خوفا من محنة اصطدام السواد بالبياض فيدحى ميلاد وشم في جبهة التاريخ.

اجتمعت الأقذاء بجفون العين… فانحنى النوم … وجز لتسليعه في العيون.

وان تعددت النجوم… لانت ظلالها… وانتشر ضوء القمر قويا متعددا .

كعكاز أعمى يتحدى الظلام, تبدو تقاسيم وجهك لا تعير أي اهتمام
لتموجات الزمان .

بئس حدث أيتها المعركة… فالسيوف تضاءلت أغمدتها… انهمرت دموعا… وتراجع صهيل الخيل… فارتدى الفرسان عِمامات الهزيمة.

لم يبق أمام النار إلا الحطب الذي ارتدى وجه الماء .

كقطعة سواد بحصير الذكريات تلتهم أظافر حزني لمحة احتراس طفت فوق سطح الجراح.

اعتادت الشمس الفوز في كل سباق, لتحرر صِباحا قيدته الليالي بأغلال الظلام .

فتحت الباب لأحدق في سيف العرب, فوجدته يرقص في مرفإ الظلام .

بدون مقاومة لمياه في نظراتها غرقت في فيضانات أحلام امرأة لم ترعد .

نصف حصان لكل امرأة… وحلْف القصف… وهراء صغار الفقهاء… والحرية, والندى يفقأ عيني كل صباح يرتل تهالك الزمان… في ظلال كل صيف ينفُل نصلا ارتد في سمح الأفق.

بأفواه الموتى ختر حليب صغار الموت… ببهوه احترفوا الانتصار وهم يرقدون… كثدي مكلوم أجهضه علق مسن بعدما امتص في عينيه اخر الذكريات .

عجبا لكل من ارتدى جبلا وينتظر سقوط الشمس!.

بعدما تبدت لنا حفر في لجام الأحداث, ركض وجه التاريخ ولم يخلف من ورائه إلا شيب الزمان .

لي مالي من سكون… أخفيه في غليان نهش الخلاء… أجفف ولعي بالعدم… لأجرب الموت بيسر في زئير صبح أتعبه الظلام.

لا لحن يسجد خلف الحان المعركة… اجتاحت الموسيقى المعبد, فزلزلت الترانيم, فر الجنود واصفرت المعركة .

في كل عروة تصرخ القلعة للدخان… لتصافح عربون الحياة في ينابيع الاختفاء كخلية للماء… تفتح أبوابها لمجانين الطرقات… لتنتصب فوق الرصيف كرهج يشق جسور الحياة .

يذكرني الزمان بكل مقلة عشق, كي استعيد هيام الانتشار .

تمسكت القمم برفض مصافحة السفوح, لتحافظ على مساحة للسمع .

بوعد هلامي أهلهل الفراغ, وأرتبه بحبل مملوء بالدقيق .

يكتبني الزمان في قارورة شمس، كي استعيد الانتشار.

حين اكتوينا في بطن الليل حسبنا الموت نوما… فزلزل الخيط الأسود, وتبددنا في خيط الصباح.

أشرق البحر ومنع الأمواج من السفر إلى ظلمة الغياب .

. بمعاول السر يفتح الموت بابا لبلبل النوم في كل تعب باقتدار.

عذرا أيها الليل لم يكف النجوم ارتداء العري في شط السماء .

ترفض الأرض السير في الظلام, لترتل للورى تباشير الصباح .

بحزام قوس قزح وكأنثى الطٌلِ تطل علينا الشمس… كأنها رقصات حبر بين الضباب… تحت إيقاعات رعدية… وكأضواء ساحرة تضيء اليراع, وتشق مساء علق بجدار الصباح .

انبسطت الأرض لتجرب الجلوس في فغر قبل انتهائه .

لا تقف كالمرآة أمام الشمس… فالماء الذي تعكسه يتبخر قربانا لآلهة في السماء .

أكلما أتعبتك الدروب يا وطني تعود لتمتطي صراخ الفقهاء… باسم الله نهبتم كل شيء… لكن أبدا لن تفلحوا في نهب النوم في عيون الأبرياء… باسم الله نهبتم خيراتنا… وباسمه لم يبق للأرجوحة أي مكان في أحلام أطفالنا… وباسمه تعب هو إياه في عليائه… فحيثما تمطر تقصوا شعبا ظل يتدحرج خلف فرس امتطاه الله .

تأخر سكان المدينة في فضح مدينة حملت, وأنجبت كوابيس بدون ملح .

فحص الطبيب الأحداث فمات… فالتاريخ لا يقبل أي حدث مصاب بمرض خبيث… كما لا يقبل العلاج بأنصاف الحلول .

تبني الطيور أعشاشا فوق الأشجار كي لا تصاب هده الأخيرة بالهذيان .

حين يأتيني الظلام أتناول رشة ضوء فيبزغ بين أقدامي الصباح .

تتساقط الثلوج لوقوع شقوق في مبردات سماوات هدهدها العتالون فأصيبت بالعياء.

يلاحق الموت النوم ليعلمه كيف يرقد في كل أطراف الإنسان .

كليل ضرير متارسه تصرخ تجاعيد الموت بين الأنقاض .

حين يخترق الرعب أمل الضحية, يستلقي فوق نبضه ويلين .

استأصل البياض سواد أهداب النَّخِّ, كي تتمكن نجوم الورى من السباحة في عيون المارقين .

على مقربة من المرفإ شاخ البحر… وبغثاء طفولي أطفأ شمسا حين كانت ظلا تمدد فوق السواد .

بدون قطرة دم انتحر الحق… حين ارتدى الباطل لباسه بدون عياء… وبدون حياء في الاختفاء.

على بعد كل ليلة من دماء العدو يرقص الوطن عاريا كوقوف الأشجار… يدِبّ في وجوه قصص الأطفال… وفي كل فرات يشحذ ألحانا.. في أغاني المناجل… وفي مجرات المحرومين.

بعدما ينام الحلم بدون وسادة في سقيفة الانتظار… يشيخ الشيطان بعد انتصاره لاستعجال الوصول .

ارتدّ البحر لمنع أمواجه من تناول حبوب الرمل .

في زاوية حلم صغير, وبأفق مرتعش نبضت أحاسيسه, اشتعلت الحرب في صالونات نظرات المستسلمين .

بعد معركة دارت بين الماء والنار أصيب الحطب بالذهول…
واختفى الطريق أمام الوقود.

تتنقل الطيور بين خيوط الأكف… لعدم انحنائها لكل زوبعة يحملها القناص في كل فصل يم.

سقط التاريخ العربي وسط خيمة, أعمدتها تنهك الانتصاب بين
الشعاب.

حينما بدأ قميص عثمان يعوي فوق النعش سكب أعرابي ماء ليستظل القميص لكن لا وجود لأثر المعركة .

وجها الموت: وجه يقذف بالسـرعة في ثقوب اللحظات.
ووجه يفتح باب الغياب ليعجل بالعدم .

حين سألتك يا وطني…لم تجب متى ينتهي المسير.

كمرود يصارع البياض… انسل إصبع ظلي من باقة شمس… لف بكف حزن… نقش أمشاج حرارة الحان غردت للربيع… عزف رفات وطن لم تتبد لدخان ببيدر تحت الأنقاض.

يطرق الصباح باب الشمس… حينها أمرٌ بجانب أصابعي… أعفي صنوها من التمام… أعفيه أيضا من السفر في رحلة الاتهام… ومن الإشارة إلى فجر أغلقت الشمس بابه… وأخفت مفتاحه في السير بين ثنايا الظلام .

بدون أحدات عاد التاريخ إلى ثكنته ليلون رسوم نصر تهذي في عيون الأطفال .

يكفي البحر نتفة عشق كي تتمكن السماء من الإنجاب .

يذم الحليب عشب المرعى, حين يسقى بماء الغير .

ترفض الجدران شقوقا لا تبتسم للرياح.

سكب الفغر الأرض في إبريق الأسطورة… فعانقت الحرارة
البرودة… وابتسمت لهما الحياة .

ترتعش يد الزمان مخافة ألا يقابل إبريق مأساته كأس محني .

بنصل مسن امسك الهوس شيخ الإعصار… شحذ ينبوع عينيه, فانتصبت الدماء كالحديد, والنار فاصطفت ببهو العويل .

تنقل الأشجار حرارة عدم انحنائها لظلالها في كل فصل صيف لا ينحني أمام الربيع .

بعد انتصار كل هزيمة, تنتصب التمارين مطالبة التاريخ بإعادة الاختبار.

كن كالسفر لا تبتعد عن احد… فالطريق لاترفض استقبال المارة…
والحرية مغتالة بالسكون.

ترفض الرسالة حمل خبر لا يطرح السؤال .

يبتسم النوم لليل ليرافق سفره في عيون الساهرين .

تحت غصن شجرة عانق الظل رقعة ماء، فلاذت الشمس بالفرار.

بعد كل تعب أرقب لمحة الحياة… عندما تخبو, تعانق طيفك في
أساور حلم طرزه الهيام بممررات لم تهتد إليها.. وتاه عنها السبيل .

في ظلي اقترب الضياع من الكمال… غرف نبوغه… تاه في أروقة الفراغ… ارتوى برحيق السواد… واحتل كل ما نقشته الشمس بقلعته من خطوط انحنت لأكف تروي للروح شرود الجسد .

الحياة لعبة أرجوحة… لا توازن بين اللاعبين… فتارة تصاحب عيوننا من يتهيئون للصعود, وتارة نأسف لنزولهم إلى الحضيض… دون استحضار من قفزت بهم الأرجوحة إلى أسفل اللعب .

سنة عمر هذا الليل الطويل, ولم ينزو للبوح ولو بنصف بحر لقبر الضحية .

نامت الأحداث بعدما أقفلت أزرار التاريخ… نامت في أقفال غابت عن أدوار الاستبصار… تاهت في أسوار تسجد بعد كل فضيحة لهزائم الاصطفاف .

كجلسة للطوفان… وكمن يرضع أسوار السجن.. يرضع النوم أجفان الساهرين… وفي كل ليل يسدل الحزن بهيمه في عيون كل لحظة تأبه النوم خارج الجراح .

بين كثبان الكذب تهت… فتبدى الصدق رشة في نخاع الزمان بدون وجه.

تماما كتاريخ عقيم تصطف أفواه المغارات لقذف أقلام خِنات كلمات ملكزات في أرحام أوراق عاقرات .

حينما يأتيني الموت أحيطه بصغار النوم… فيستلقي على دهر النقالة لإبراز أثدائه للصغار.

يسقط الثلج بلون أبيض, احتراما لرغبته في عدم الاحتراق.

بدون إشعار لأحلامنا يدهس النفاق مصائرنا أشلاء موزعة بسكك الزمان .

شاخت أنامل عرسي في ساحة الانتظار… وامتدت لتخيط محنة رقص في قصعة ظلام… غير أن الشمس استبسلت وأفرغت جعبة الظل بما يحويه من ظلام .

اشتد الصراخ… واشتعل العويل في خيوط اللعب… وبقبق اللهب حاملا هشيما لوأد هشاشة الأغلال… أما ما تبقى من الحر في ماض عريق لم يتبق في متحف الضحك… فانهارت الخشبة… لقوة في ضوء الأحزان .

لا ينام الماء سيرا على الأخدود.. أوفي حجرة يصرخ منها السكون… أوفي جُحر طفولي… دماؤه شطبت على لعبها السفلي… كسَفر بدون هوية… أو كأيام حطمت شمسا لم تغلق بابا تفوح منه رائحة السجان .

لما أنشد التيه مواويل الاغتراب… التهمت الشمس أثداء مملوءة بالإصرار.. فاشتد الولع بسقوط خيوط أصنام… نسجت مظلات بالأحزان… فأينعت ساحات بزغت بزقاق العنفوان .

بترانيم النار عارك الملح سؤدد رغيفي.. بماء الحنظل حنطه… وفي قاع السواد قذفه في مسافة لا تنام .

كعلو ليل يشكو جناح الضوء, تحمل الندى خيانة الماء بعدما تعافى صليله من دندنة السقوط.. واختفى وجهه في نون السكون… كملحمة متدربة.. كوريد متجبر… كعطر مدينة تهذي بعدما تفحم وجهها وهي تتسلى بالرماد .

لم يبق إلا ما فاحت به الأرض من باقة ظل ضرير… لم ينج من أظافري, ومما استشعرته من بصيص ليل تبدى في الصراخ… بمفرده قاد ثرثرة السليل بعناية… متح ولم يزف لي ببريق سحابة اغتيلت في السماء… حين جالت كل أرجاء الأنثى, لم تكتمل ككنوز صافحت مسلخا يئن متيما ولا رائحة للوئام .

بسوط من الطود.. وفي سوق النخاسة يسلخ دهماء الأنام جلد الماء… يرتشفون حطبا في كؤوس من الرماد… يشرعون أبواب الريح بأروقة الهذيان… لاحتضان ابن قيل انه أنجبته النار .

في كل دائرة لعب تتدحرج أوراق الخريف في شوارع الحكايات… تشيخ في عطر لمشنقة كل هلوسة بالسلم… تدب في أقانيم العبث… ترتدي أوسمة الهزيمة في ساحة الغليان… وتستنهض لُعب وطن ثمل في أحضان السفر بالهتاف .

ببهو الولع بالحرية اعتق منفاي… بدروب ينابيعه أكنسه …أعاقر كل محرر حين يسيل في شقوق الشمس… ليصلى سلاما لعار وطن وزعته خرائط الأطفال بجدران المذكرات .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى