رواية “الخريف الأخير” قراءة وتحليل

 د. محمد إبراهيم طه| كاتب روائى وناقد مصري
يدور الخط الرئيسي في رواية “الخريف الأخير” لرأفت الخولي حول محاولة إحياء علاقة حب قديمة بين مدحت وسمر بعد أكثر من عقدين على انتهائها حين كانا طالببين بالسنة الأولى في كلية الطب، وقد وُئدت لأسباب خارجة عن إرادتهما، وتمر الحياة بكليهما ليتزوج كل منهما زواجا تقليديا ينتابه الفشل بعد إنجاب ولد وبنت, ينتهي عند كليهما بالانفصال والعزلة ورعاية الأبناء، وفيما تلوح بعد عقدين من الزمان بادرة الالتقاء، يعود الأمل إلى التوهج، ويعود الماضي مضيئاً وبريئاً، ويبدو الطرفان قاب قوسين من استعادة ما كان بينهما بعد أن بدتْ الطريق خالية وممهدة أمام عودة الحب القديم، فينتشي مدحت، ويعود مقبلاً على الحياة ومستعيداً رونق الماضي، ثم تطفو على السطح مشاكل وعقبات كثيرة خاصة من جهة سمر التي تبدو خائفة من تكرار التجربة مرة أخرى، ويداخلها شك في عودة الذى كان مرة أخرى، لذا ترفض معاودة اللقاء, ليعود الراوي ليلملم أحزانه وينطوي عليها ويجلس في غرفته القديمة.
في الرواية محاولة جادة ورومانسية للنهوض واستعادة الماضي بوهجه ونضارته، لكن قسوة الحياة والشروخ التي أحدثتها في الجسد والروح تقف حائلا دون ذلك، لينطفئ الأمل ويظل الماضي غير قابل للاستعادة، وإن ظل بداخلنا يناوشنا كحلم.
لغة الرواية عذبة ومخملية وناعمة، والسرد ينساب بهدوء واقعياً أحياناً ورومانسيا أحيانا اخرى، متقدماً بالأحداث تارة للأمام لاستكشاف أجواء الحب الجديد، وتارة للخلف مسلطاً الضوء على ماضي الشخصيتين الرئيسيتين في هذا العمل، وتتقدم بنا ونحن على أمل بالتئام ما انكسر، لكن الأحداث تسير كأنما مجبرة نحو طريق واحد هو عدم التحقق, لتخلف لنا حالة من اللوعة والأسى على مصير الإنسان المعاصر.
“الخريف الأخير” صادرة عن دار النسيم 2017، وبالرغم من أنها الرواية الأولى للكاتب، فقد جاء البناء الفني فيها متماسكاً، واللغة نظيفة وراقية ومصفاة وعذبة وشعرية, ربما لأنَّ الكاتب ظل يحلق لسنوات طويلة في سماء الشعر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى