أجمل الكلام عن تحقيق الأحلام

أ.د. / رأفت عبد الباسط محمد قابيل أستاذ علم النفس الاكلينيكي بكلية الآداب بجامعة سوهاج – مصر

   فقد ترسخ في أذهاننا وقلوبنا أن سعادتنا تتحقق من خلال ما نحققه من نجاحات، وأن تحقيق هذه النجاحات مرتبط فقط برغبتنا في تحقيقها والاستمتاع بثمرة هذه النجاحات، إلا أن الأمر أكبر من هذا فهو يتطلب أيضاً أن نمتلك القدرة على تحقيق تلك النجاحات، والقدرة على مواجهة الصراعات والمشكلات والصعاب التي قد نصادفها ونحن نسير في طريق تحقيقها، وخاصة أن هذا الطريق ليس دائما مفروشاً بالورود ولكنه في العادة يكون مملوء بالأشواك، ومحفوفاً بالمخاطر والتهديدات.

   لاشك أننا جميعاً نريد أن نكون سعداء، وأن نحقق نجاحات في الحياة ولكن القليل منا القادر على تحمل تكلفة هذه النجاحات من جهد يجب أن يبذل، ومن مال يجب أن ينفق، وقدرة على تحمل ما قد يحدث من إخفاقات، ومحاولات فشل، وأزمات مادية، وما ينتج عنها من ضغوط وتوترات وقلق واكتئاب .. وإلخ الأمر الذي يدفعنا إلى أن نسأل أنفسنا هل جميعنا لدينا القدرة على تحمل تبعات وآلام تحقيق النجاح؟ إن الإجابة على هذا التساؤل هو الذي سوف يحدد الفرق بينك وبين غيرك، الفرق بين شخص سلبي يفضل الهروب تجنباً للشعور والإحساس بالألم والمعاناة، وأخر إيجابي مغامر مقاتل قادر على مواجهة أي مشاكل أو صعوبات في سبيل تحقيق نجاحات في حياته.

  فالكثير منا كانت لديهم أحلام وأهداف ولكن القليل من استطاع تحقيقها لأن تحقيقها يحتاج إلى بذل مجهود، وتحمل مخاطرة إنفاق الأموال، وما قد ينتج عن هذا الإنفاق من إخفاقات أو محاولات فشل مكلفة ترهق صاحبها وتدعوه إلى التفكير في مصادر أخرى للتمويل .. وهكذاً الأمر ليس سهلاً ولكنه أقرب إلى المغامرة والسير في طريق مجهول قد نصل في نهايته إلى نتيجة قد تسعدنا أو تشقنا.

   فمعظمنا يريد النجاح والحصول على الثمرة ولكن لا نريد أن نتحمل الصراعات والألام والمعاناة للحصول على تلك الثمرة، فالطالب على سبيل المثال يريد تحصيل درجات مرتفعة تؤهله للالتحاق بكليات القمة دون أن يضع في ذهنه ضرورة أن يبذل مجهودا متمثلاً في زيادة ساعات المذاكرة، والاستماع الجيد لتعليمات معلميه، والاعتماد على نفسه أولاً في تحصيل معلوماته ومعارفه … وإلخ.

   فنحن فقط للأسف نركز أعيوننا على ما حققه الأخرون من نجاحات دون أن نسأل أنفسنا كم من جهد بذله هؤلاء للوصول إلى تلك النجاحات، وكيف وصلوا إليها، أسمحوا لي أن أضرب مثالاً أخر قريب من أحلام شبابنا يوضح ما أقول، وبطل هذا المثال هو اللاعب المسلم العربي المصري المشهور الأن عالمياً “محمد صلاح” الذي لقب بألقاب عديدة ولعل أشهرها هو اللقب الذي اشتهر به بين الجماهير في ليفربول على وجه الخصوص هو لقب “الملك المصري” والذي يظهر في الهتاف الشهير “مو صلاح الملك المصري” الذي يُصاحب كل تألق له، فجميع شبابنا المهتمون بالمجال الرياضي، ولديهم “موهبة كروية” يتطلعون فقط لما حققه هذا اللاعب من تفوق رياضي ملحوظ دون محاولة معرفة كم من الصعاب والصراعات والمشكلات التي مازال “محمد صلاح” يواجها ويعاني منها.

   وختاماً أود أن أذكركم بحقيقة يجب ألا تغيب عن الأذهان وهى أنه لا نجاح بدون مجهود يجب أن يبذل، وبدون مشقة وتعب وألم، فبقدر قدرتك على تحمله بقدر تحقيقك لأحلامك ونجاحاتك، فإن رغبة الفرد وقدرته على تحمل مواجهة صراعاته ومشكلاته ومعاناته وهو في طريق تحقيق نجاحاته هي الفيصل والمحدد لتلك النجاحات والحصول على الثمرة والنتيجة المرجوة، وكما قال شاعرنا أحمد شوقي “وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا”، فإن الأماني لا تأتي إلى الإنسان أو تتحقق بمجرد أن يتمناها، ولكن عليه أن يسعى لها وينتزعها من مكانها ليفوز بها، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى شجاعة وبذل مجهود، وما يصاحب هذا من قدرة على تحمل الصراعات والصعوبات والمشكلات التي قد تواجه هذا الإنسان وهو في سعيه لتحقيق أحلامه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى