سوالف حريم.. قطف الثمار

حلوة زحايكة | فلسطين

عندما كنت أمرّ بأزمة ما في مراحل عمري المختلفة، كنت أستنجد بأمّي رحمها الله وأسكنها فسيح جنّاته، فأقول كردّة فعل عفويّة “يمّه”، سواء كانت أمّي بجانبي أو بعيدة عنّي، أمّا بالأمس فقد تذكّرت أمّي التي شقيت وكدّت وتعبت من أجلنا طوال حياتها، تلك الأمّ الرائعة التي ترمّلت وهي في عزّ شبابها، في العشرينات من عمرها، عندما ارتقى أبي -رحمه الله- سلّم المجد شهيدا في حرب حزيران 1967 العدوانية، تذكرت ما كانت تقوله هذه الأمّ الرائعة لتعبّر عن مدى التعب الذي كانت تعبّر عنه بقولها “مثل جدّاد الزيتون” وجدّ الزيتون تعني قطف ثماره، والزّيتون –كما هو معروف- شجرة مباركة أقسم بها خالق الخلق بقوله “والتين والزيتون” وقوله تعالى:
“اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ”. والزيتون رمز للسلام، وقصّة نوح عليه السلام معروفة عندما جاءته الحمامة تحمل غصن زيتون كدليل على انتهاء الطوفان.
ففي اليومين الماضيين قمت “بِجَدِّ” شجرات الزيتون التي نملكها، والتي تؤمّن لنا مؤونة البيت السنوية من الزيتون “المكبوس” والزيت، شاركت بقطف الثمار من الصباح حتى المساء، وبنشاط ملحوظ، وهذا الصباح، نهضت من نومي “مهدودة الحيل” مزكومة، أعطس بشكل متواصل، وكأني أستخرج ما علق برئتيّ من غبار، فندمت لأنني لم أترك قطف الزيتون إلى ما بعد موجة الشتاء الأولى، التي تغسل أشجار الزيتون من الغبار، لكنني كنت سعيدة بعملي “كجَدّادَةٍ” للزيتون، فالتعب والزّكام لن يلبثا أن يزولا، لكن بركة الزّيتون تبقي حولا كاملا في بيتي لتتجدّد في موسم القطاف التالي بعد عام.

الزيتون إلى ما بعد موجة الشتاء الأولى، التي تغسل أشجار الزيتون من الغبار، لكنني كنت سعيدة بعملي “كجَدّادَةٍ” للزيتون، فالتعب والزّكام لن يلبثا أن يزولا، لكن بركة الزّيتون تبقي حولا كاملا في بيتي لتتجدّد في موسم القطاف التالي بعد عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى