أحزاب الإسلام السياسي تترنح أمام التطبيع!

عصري فياض | فلسطين

 

أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي الإسلامي الإخواني سعد الدين العثماني يوقع بنفسه و”بيديه المتوضئتين” اتفاقية التطبيع مع ” إسرائيل”…..حركة النهضة التونسية الإسلامية الاخوانية أيضا والتي يتزعمها راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي  تمتنع عن تمرير قانون في البرلمان يجرم التطبيع… أوردغان زعيم حزب العدالة والتنمية التركي لا يمانع في تعزيز العلاقات وتقويتها مع ” إسرائيل” ويقول العلاقات الاستخبارية معها قائمة ومتواصلة، ويتعامل بإيجابية مع مبادرة الرئيس الأذربيجاني علييف والتي تتمحور حول إعادة العلاقات كاملة بين تركيا و” اسرائيل”، والذي يهدف علييف من خلالها تحسين العلاقة بين حليفيه “إسرائيل” وتركيا.

ثلاثة أحداث في زاوية متباعدة من الخارطة الإسلام السياسي في الخارطة العربية والشرق أوسطية، يصدر عنها مواقف تطبيعية أو متماشية أو مجانبة للتطبيع مع ” إسرائيل” وهي التي هاجمت تطبيع الإمارات والبحرين بأشد العبارات والوصف، وهذا بحد ذاته أحدث صدمه في جمهور هذه الحركات التي تعتبر حائط عقائدي أمام إقامة أي علاقات مع “إسرائيل”، بصفتها أحزاب عقائدية تستمد أدبياتها من تراث فكري رافض للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين رفضا مطلقا لا يحتمل التأويل، والتي حصدت شعبيتها من جماهيرها تحت عنوان تلك الشعارات التي رفعتها عقودا وتميزت بها عن الطرح القومي أو الماركسي أو حتى الوطني، هذه الأحداث التي صدمت الجميع، أبرزت بما لا يدعو للشك أن هناك ترنحا واضحا من قبل هذه الحركات أمام الهجوم التطبيعي الإسرائيلي والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة ترامب لصالح إسرائيل من أجل دمجها في المنطقة بعد سبعين سنة من الرفض، وهذه الظاهرة ألمقلقة والصادمة، تأخذ  بالمراقب العربي والإسلامي وأيضا المواطن العربي والإسلامي إلى أبعد من حدود التعامل السياسي، تأخذه للنظر إلى ما يقف عليه من مواقف راسخة راهن عليها سنوات وعقود بل قرون، فيكف يكون ذلك وما هي مبرراته؟ وهل التحكم برقاب تلك الحركات من قبل قيادات تلك الدول أو ضغط الواقع الاقتصادي أو ما يحاول البعض ترويجه وتبريره بمصطلح “ضرورة المصلحة” أو ” مصلحة الضرورة ” أقوى وأعمق من اعمدة البناء العقائدي الأساسي؟ وكيف يمكن أن تثق هذه القواعد الجماهيرية بقياداتها لاحقا في أية مسألة من المسائل؟ بل كيف لهذه المدارس الفكرية أن تحافظ على نظرتها ووحدتها وقد رأينا موقف حماس مما فعلته العدالة التنمية في المغرب، وموقف حركة مجتمع السلم حماس الجزائرية اللاذع تجاه شقيقتها العدالة والتنمية المغربية لنفس الموقف، وصمت حزب النهضة التونسي إزاء الموقف نفسه، وجميعهم أشقاء في الفكر الإسلام السياسي بل أبناء لنفس الفكر الإخواني الواحد؟

إن هذه المواقف، وهذه التصرفات، تعتبر مواقف مفصلية وتاريخية سلبية، ومشينة، ستفقد وتحرج هذه الحركات الكثير من أنصارها ومؤيدوها، وتدفع بهم نحو الجماعات المتطرفة أو بقايا الجماعات القومية، أو حتى الافكار العلمانية عن لم نقل الأفكار ألشيطانية وستكون مثلبة في تاريخ هذه الحركات التي تناقض أبرز أدبياتها بشكل فاضح و صارخ، وستجعل من هذه الحركات صاحبة وجه خجل ومتوارٍ أمام الحركات القومية التي ذاب معظمها في الأنا ألقطرية وبقي بعضها متمسكا بشعارات لا ذكر لها في واقع وحياة العروبة، كما انها ستساهم في إثارة الجدل حول اهلية الاسلام السياسي في تحقيق أحلام  الجماهير والأمة في القيادة والريادة، وستعزز مكانة ووجهة نظر المد الشيعي الذي يعتبر المنتمون إليه من دول وأحزاب وحركات أكثر انسجاما مع أنفسهم ومع طرحهم السياسي والنضالي، وبالتالي تفقد تلك الحركات ” السنية ” إن جاز التعبير سلاحا لطالما حملته وبارزت به ما ينافسها من مد وتأثير شيعي في العالم العربي، وبناء عليه كان من الأفضل لسعد الدين العثماني الاستقالة أن يوقع اتفاقية التطبيع، وكان من الأفضل على أوردوغان التمسك بموقفه السابق الذي تلى الاعتداء على السفينة التركية مرمرة والذي مكنه من خطف قلوب الملايين من المسلمين السنة من فقدان هذه القلوب المتعطشة لرؤية زعيم إسلامي حر،  ولامس فيهم حلمهم المسلوب في العثور على خليفة منتظر، وكان من الأفضل لحركة النهضة في تونس والتي تتعرض لضغوط داخلية وخارجية شديدة أن تبادر هي لوضع وتمرير قوانين تجرم التطبيع ليكون لها قوة وسلاح أمام منافسيها الداخليين والخارجيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى