الاقتدار “القوة” الأخلاقي Moral Potency: ماهيته وأبعاده

د. محمد السعيد أبو حلاوة | أستاذ الصحة النفسية المشارك، كلية التربية، جامعة دمنهور

لأخلاقيات المهنة أو الأخلاقيات المهنية Professional ethics بشكل عام طابعًا إلزاميًا على كل الأفراد الذين يشغلون دورًا مهنيًا في سياقات بيئات العمل، ولكل مهنة آدابها وأخلاقياتها النوعية الخاصة، فضلاً عن الآداب والأخلاقيات العامة التي يفترض أن يتمتع بها كل إنسان بغض النظر عن وضعه الوظيفي أو الحياتي.

وأفاد جانوف ـ بولمان (2009)  أن لكل إنسان عتبة أخلاقيًا تمثل الحد الأدنى الذي لا يمكن التناول عنه فيما يتعلق بطبيعة الفعل الأخلاقي وضوابطه وحدوده، وأوضح أن المساومة على هذه العتبة الأخلاقية أو الرضا بما هو دونها مساومة على النزاهة الأخلاقية أو الكرامة الشخصية للفرد (Janoff-Bulman, Sheikh & Hepp, 2009).

وأظهرت دراسة حديثة أجريت سنة (2007) في الولايات المتحدة أن (77%) من المشاركين في الدراسة وافقوا بشدة على أنه “يوجد نقص في الثقة في القيادات الأمريكية” (Rosenthal, Pittinsky, Purvin & Montoya, 2007). ورأى سين تي هاناه وبروس جى آفوليو (2010) أنه يوجد عنصرًا غائب في القيادة الأخلاقية هو عنصر “الاقتدار والقوة الأخلاقية moral potency ” وأسس سين تي هاناه وبروس جى آفوليو (2010) وشاوبروك (2010) أعمالهما البحثية في هذا المجال على سؤال عام مفاده: لماذا يخفق القادة الذين يعرفون القرار الصائب أخلاقيًا في القيام بفعل يترجم هذا القرار حتى وإن بدا هذا الفعل واضحًا وضروريًا؟ (Hannah & Avolio, 2010; Schaubroeck, Hannah & Avolio,  2010).

ولا يتأثر السلوك الأخلاقي بمجرد الحكم والتقييم الخلقي قدر تأثره بالفعل القائم على هذا الحكم الأخلاقي أو الفعل الذي ينفذ هذه الحكم الأخلاقي سلوكيًا في الواقع، وتأسيسًا على هذا التصور عرف سين تي هاناه وبروس جى آفوليو (2011) “القوة والفاعلية الأخلاقية” بأنها “القدرة على توليد المسئولية والدافعية التي تمكن الشخص من القيام بالفعل الأخلاقي في مواجهة الشدائد والمثابرة أثناء التحديات” (Hannah, Avolio, & May, 2011).

وتبعًا لذلك فإن “الفاعلية الأخلاقية” ترتكز على ثلاثة محددات تتمثل فيما يلي:

  • الملكية الأخلاقية أو “امتلاك زمام الذات الأخلاقية” moral ownership: وتتضمن الشعور بالمسئولية عن اتخاذ فعل أخلاقي عندما مواجهة قضايا أو مآزق أخلاقية.
  • الفاعلية الأخلاقية moral efficacy: أو فاعلية الذات الأخلاقية وتتضمن اعتقادات الأفراد بقدرتهم على تنظيم المصادر وحشدها للقيام بعمل أخلاقي.
  • الشجاعة الأخلاقية moral courage: وتعني امتلاك الأفراد للجسارة في مواجهة التهديدات والتغلب على المخاوف المتعلقة بالفعل أو العمل الأخلاقي (Hannah, Avolio, & Walumbwa, 2011; Hannah et al., 2009; Goud, 2005).

وتبعًا لهذه الرؤية ناقش سين تي هاناه وبروس جى آفوليو (2010) فكرة ” الاقتدار القوة الأخلاقية” في تجسيدها لامتلاك الشخص لزمام الجوانب الأخلاقية لذاته في بيئته، مع تعزيز ذلك باعتقادات الفاعلية في قدراته على القيام بفعل يحقق الغرض الأخلاقي، وتمتعه بدرجة مرتفعة من الجسارة والشجاعة لأداء هذا الفعل والتصميم والإصرار والمثابرة في مواجهة التحديات والمآزق (Hannah & Avolio, 2010: 293). وبناء عليه فالقوة والاقتدار الأخلاقي وفقًا لتصوراتهما يتضمن القدرة على التحرك والانتقال من الغرض الأخلاقي إلى الفعل الأخلاقي، وأن القوة والاقتدار الأخلاقي دالة للتفاعل بين الملكية الأخلاقية × الفاعلية الأخلاقية × الشجاعة.

وأكدت بيزانا وتونا (2012) على هذا المعنى من خلال الإشارة إلى أن “الاقتدار والقوة الأخلاقية” هو العامل الوسيط في العلاقة بين “الغرض الأخلاقي moral purpose“، والفعل الأخلاقي moral action“، إذ أن الفعل الأخلاقي يتطلب ما هو أكثر من الملكية الأخلاقية كونه يتطلب الجسارة والشعور بالفاعلية والاستعداد للتصرف بطريقة أخلاقية وتحويل الغرض الأخلاقي إلى فعل أخلاقي (Bezzina & Tuana, 2012: 11).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى