شاهدْ صلاح فضل في حواره مع الشاعرين: وسام العاني وعبد الرزاق الربيعي

صلاح فضل يقول: “هذا ما جناه أدونيس على الشعر العربي”

حل الناقد الدكتور صلا فضل ضيفاً على برنامج كتاب مفتوح الثقافي الذي يعده ويقدمه الشاعران عبد الرزاق الربيعي ووسام العاني برعاية مركز حدائق الفكر للثقافة والخدمات في سلطنة عمان، وذلك يوم مساء الخميس 8/04/2021، في أمسية افتراضية بُثت على جميع منصات التواصل الاجتماعي، حيث قدم الناقد، الذي رفد الساحة النقدية بالعديد من المؤلفات والمقالات النقدية المهمة، طروحاته وأفكاره حول عدد من القضايا النقد المعاصر.

في البدء تحدث الدكتور صلاح فضل عن نموذج مكعب البنية النصية الذي عرض له في كتابه (بلاغة الخطاب النقدي وعلم النص) والذي وضع من خلاله شكلاً لتراتب مستويات المعرفة في النص الأدبي، حيث قال:
“أولاً أنا سعيد جداً لوقوفكم على هذا الكتاب تحديداً وأعتقد أني حاولت، وبتواضع، أن أبرز فيه جملة الخواص التي تصب فيها مناهج الحداثة النقدية المعاصرة، وأوضح للقراء والباحثين والدارسين حقيقة جوهرية وهي طبيعة التطور في الإطار المعرفي المتصل بالأدب والفن بصفة عامة، مثلاً التطور في نظريات اللغة ونظريات علم النفس ونظريات الجمال ونظريات الشعرية، وأن هذا التطور قد وضعنا في قلب عصر جديد، كل ما قبله يعتبر تراثاً قديماً يمكن أن نعتز به ونقبّله لكن لا ينبغي لنا على الإطلاق أن نقدسه أو نقتدي به، لأن العلوم الإنسانية التي تأخذ طريقها للتقدم المنهجي وتقترب شيئاً فشيئاً من العلوم الطبيعية لا تسمح بتقهقر الإنسان إلى العصور القديمة. ومن ثم أخذت أوجّهُ النقد في ضوء هذه المعارف إلى البلاغة القديمة لتأسيس وضع مختلف للبلاغة الحديثة ولتحليل النص ولدراسة الحِجاج ولدراسة مزج المذاهب والمناهج الفنية كلها في إطار متكامل عبّرتُ عنه بصرياً بمكعب البنية النصية وهو مكعب يستوعب كل مداخل الدراسة النصية، لكنه ليس بوسع الإنسان على الإطلاق أن يوظفه مرة واحدة، ولكنه مثل القصر العظيم ذي الأبواب المختلفة والنوافذ المشرعة والشرفات المطلة، تستطيع أن تقفز إلى النص من أية شرفة أو نافذة أو باب أو مدخل يحلو لك أن تجلو عبره أسرار هذا النص وتستبطنه وتتذوقه وتلقي عليه ضوءاً معرفياً بارزاً.

مكعب البنية النصية هو معادلة مرسومة بصرياً لكي توضح لنا مداخل الدراسات النصية ومداخل دراسات تحليل الخطاب وجماليات القراءة والتأويل والسيميولوجيا وكل هذه المداخل ليستطيع الباحث والدارس والناقد حسب طاقاته وإمكانياته وقدراته على القفز، بعضنا يدخل البيوت من أبوابها وبعضنا يتلصص عليها من نوافذها وبعضنا يقفز كما كان روميو يريد أن يقفز إلى جولييت من الشرفة مباشرة وبعضنا يهبط إليها من السطح بالباراشوت أو بالهليكوبتر. على أية حال وعلى طرافة هذه المداخل فإنني أعتقد أن النقد الحديث، وهذه هي الخاصية الجوهرية التي أريد أن ألفت النظر إليها، صار يتعامل مع النصوص الأدبية باعتبارها عملية تواصل بين مرسل ومتلقين في ظروف معينة تخضع لوظائف محددة ولمداخل متعددة وتعطي تأويلات خصبة، وأن النص كلما تعدد معناه وسمح للدارس أن يباشره ويغازله ويربط عليه من مناطقه الحساسة كان أحفل بالجمال وأعون على الفتنة وأكثر قدرة على التواصل الإبداعي مع القراء وعلى التأثير فيهم”.

وحول مسألة التأصيل لمناهج نقدية حديثة تواكب الإبداع الأدبي العربي الحديث تحث قائلاً: “هذه القضية شغلتني ولازالت تشغلني حتى اليوم، وكثيراً ما طُرح هذا السؤال (أنتم تجلبون لنا دائماً مناهج غربية وإبداعاتنا العربية بريئة منها ومجافية لها فمتى تنتجون نظرية عربية للنقد؟) وقد قدمت إجابات متعددة ولكنني أجيزها بأننا إذا اعتبرنا العمل الإبداعي فناً فالفنون لها مسالك وتواصل وعلاقات عميقة جداً، فن الشعر العربي مثلاً لم يتطور إلا بعلاقاته بالشعريات العصرية المعاصرة باللغات الأخرى، وابتكر عندنا فنون السرد من قصة ورواية وحتى مسرحية بعلاقاتها العميقة بالفنون السردية الغربية والمشرقية، وابتكر لدينا كل النظريات، فلكي تكون نظرية لابد أن تكون إنسانية فليست هناك نظرية فرنسية ولا أخرى إنكليزية ولا ثالثة أمريكية ولا رابعة تركية ولا خامسة عربية.

لكي يتحقق مفهوم النظرية في العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية لابد أن تكون ذات طابع إنساني، وليس هناك طب يمكن أن ينطبق على كائن بشري في مكان ولا ينطبق على كائن في مكان آخر، الأمراض يمكن أن تكون مستوطنة في مكان دون آخر لكن علم الطب يتصل بجسد الإنسان باعتباره إنساناً، فكورونا عندما اجتاحتنا جميعاً لم تميز عرقاً ولا لوناً ولا شكلاً بل أخافت العالم بأكمله واللقاحات التي تعطى الآن لا يكتب عليها جنسية من يُعطى اللقاح لأن هذا داخل في مفهوم العلم. الفن جزء من الثقافة ففيه خصوصية لكن دراسة الفن ودراسة الأدب هي علم بالفن وعلم بالأدب ولابد أن يتحقق فيها شرط العلم وهو الإنسانية، وبالتالي لا توجد نظرية عربية، لابد أن تكون نظرية إنسانية مثل العلاج يكون إنسانياً لأن الجسد البشري واحد. وحدة المعرفة الإنسانية تجعل المناهج والنظريات لا تأخذ طابعاً قومياً بل طابعاً إنسانياً وعالمياً. كبار مبدعينا ابتداءً من أحمد شوقي، الذي نصبناه أول أمير على الشعراء، لم يستطع أن يحيي الشعر العربي إلا بمعرفته بالشعرية الفرنسية والعالمية ولم يستطع أن يبدع المسرح الشعري إلا بقراءاته في المسارح الغربية، نجيب محفوظ كذلك لم يستطع أن يبدع في الرواية العربية إلا عندما كانت علاقته عميقة ومتواصلة ومتجددة مع الإبداع الروائي في الثقافات الإنسانية وفي الغربية منها خاصة. ومن الطريف الذي لا أنساه أنه كان يقول مثلاً، في الفترة التي كان يكتب فيها في المرحلة الواقعية عندما كتب الثلاثية وبداية ونهاية وزقاق المدق وخان الخليلي، أنه يكتب بأسلوب يقرأ نعيه كل يوم عند فرجينيا وولف وعند كتّاب الرواية الجديدة لأنهم فرغوا من تمثيل واقعهم المعاش في أعمالهم الإبداعية بينما لم نفعل نحن ذلك بعد. في تصوري، المبدع لا يكون حقيقياً إلا إذا تواصل مع تراثه القومي ومع الإبداع العالمي، كما أن الناقد لا يكون ناقداً حقيقياً إلا إذا فعل مثل ذلك”.

وعن فكرة وجود نموذج عالمي ثابت في النقد وأثر ذلك على التعددية الثقافية، تحدث قائلاً: “قانون العصر هو قانون التعددية فهي ليست عيباً بل هي مطلوبة في السياسة لأنها تعطينا الديموقراطية ومطلوبة في الأديان لأنها تعطينا التسامح وقبول الآخر والاعتراف به، وهي ضرورية في المناهج لأنها تفتح لنا الأبواب العديدة فهناك من يلج إلى النص من مدخل تاريخي وهناك من يلج من مدخل اجتماعي أو نفسي أو تفكيكي أو بنيوي أو من مدخل جماليات القراءة أو مدخل سيميولوجي أو مدخل نصي أو مدخل النقد الثقافي، وكل هذه المداخل ارتبطت بفترات تاريخية معينة وبالتالي تم تجاوزها نسبياً، مثلاً لو أردتُ الآن أن أدرس المتنبي أنه ولد في كذا وتوفي في كذا ومدح هذا وهجا ذاك كل هذه الأمور أشبعت دراسة، فقط عندما أجد وثيقة جديدة تقول من هو أبو المتنبي الذي نجهله حتى الآن ولم يشر إلى أسمه وهل كان علوياً كما يقال أو متخفياً أو شيئاً آخر، حينذاك فقط يجدر بي أن أعود إلى المنهج التاريخي، وبدون الحصول على الوثائق التاريخية التي تضيف إلى المعرفة التاريخية بالمتنبي سيصبح الكلام تكراراً لا جدوى منه. عندما أدرس أبا نواس أو ابن الرومي بمنهج نفسي كما فعل العقاد وعبد الرحمن صدقي، وحينما يعطيني علم النفس الحديث أدوات لعلم نفس اللغة سيجعلني هذا أشد وعياً بصور معينة تفتح لي مغاليق نفسية ابن الرومي أو أبي نواس وأوظف هذه المعارف الجديدة في علم النفس، ما لم أفعل ذلك فسأكون مكرراً لما قيل من قبل. عندنا الآن، وهذا مرتبط بعلم النص جداً، مجموعة من الدراسات الجديدة في فصوص المخ وفي وظائف كل فص وفي طبيعة الذاكرة وطبيعة الذاكرة القصيرة والطويلة وكيف ينسى الإنسان ما يقرأ وكيف يستدعي ما ينسى وما هي قوانين هذا الاستدعاء، لا شك أننا إذا وظفنا هذه المعارف الفسيولوجية، وهي تتقدم بإيقاع مذهل في العصر الحديث، لمعرفة كيفية تذكر النصوص الأدبية بعد أن نقرأها وبعد أن ننساها وفي أية لحظة وما الذي يبقى منها في ذهننا وما الذي يبدأ به المبدع عندما يكتب وما الذي يبقى في ذهن المتلقي عندما تمضي عليه الأيام، إذا استخدمنا تشريح المخ والمعارف الجديدة التي يضفيها على عمليات التفكير والتذكر في دراستنا للنصوص الأدبية فسوف نستطيع الإجابة على أسئلة بالغة الأهمية ونطرح أسئلة جديدة ونجيب عليها إجابات نقدية جديدة. ما أشير إليه هنا على وجه التحديد هي أن المناهج كلها ليست سواءً لأن بعضها يتقادم وبعضها يظل حياً وبعضها يتجدد وبعضها يستفيد من المكتشفات العلمية والإضافات الفنية الجميلة، لذا من واجبنا أن نكون على دراية وعلى علم بالتطورات في السينما والفنون التشكيلية والموسيقى والفنون اللغوية لأن ذلك كله مثل الأنابيب المستطرقة يؤثر بعضه في البعض الآخر. منذ مائة عام المبدع الذي لم يكن يرى التلفزيون ولا يستخدم الكومبيوتر ولا يتحدث بالموبايل ولا يدخل على الانترنيت ولم يشترك في ندوة عبر ألاف الأميال، ستكون تصوراته بالنسبة لنا الآن ساذجة ومحدودة مهما أبهرنا في بعض صياغاته اللغوية أو في بعض صوره. التطور الحاصل في عصرنا أعطانا طاقات جمالية وقدرات إبداعية ومساحات من التخيل لم يكن يحلم بها أجدادنا، لذلك لابد أن نكفكف قليلاً من تقديسنا للأسلاف، نحترمهم على العين والرأس، لكن نحن محظوظون ألاف المرات أكثر منهم وسينظر إلينا أحفادنا بنفس النظرة باعتبار أننا لم ندرك ما سيصلون إلى إدراكه”.

وفي مداخلة للناقد والأكاديمي العراقي الدكتور سعد التميمي أشار إلى أنه يوافق الدكتور صلاح فضل بأن النقد هو إنساني بالدرجة الأولى وأنه عبر التراث لم يكن محصوراً بالبيئة العربية فالأثر اليوناني واضح بشكل كبير لدى أبرز رموز النقد العربي القديم مثل حازم قرطاجني أو الجرجاني، وأن مسألة التأثر والتأثير لا تقلل من قيمة الإبداع سواء كان شعراً أو نقداً فالأصالة ستبقى واضحة. بعدها توجه التميمي بسؤال للدكتور صلاح فضل عن رؤيته لتحول النقد باتجاه العلم أكثر من الفلسفة وأثر ذلك على دراسة النصوص، فأجاب الدكتور صلاح فضل قائلاً:
“الناقد إن لم يكن أديباً بالدرجة الأولى فسيكون حديثه جافاً وغير ممتع وغير مؤثر وغير قادر على الغوص في أعماق النصوص وتذوقها وبالتالي لا يستطيع أن يذيقها للآخرين بنفس القوة والامتاع. هناك مقولة شائعة يعيبون بها النقاد وهي أن الناقد مبدع فاشل، وأنا أحسب أن النقد فرع من أهم فروع الإبداع وأن الشاعر المبدع والروائي المبدع لا يستطيعان كتابة نقد جيد إلا نادراً. مما لمسته من تجربتي الشعرية انني حاولت أن أكتب شعراً فلم يعجبني بمعنى مارست النقد على نفسي وبقسوة فنحيت الشعر جانباً، ومارست كتابة القصة فلم ترضني فنحيت القصة جانباً، ثم عشقت النقد والتميز وكيف أمتلك قدرة على التمييز الصحيح وأصبح كالجواهرجي مثلما يقول النقاد القدماء. الطاقة الشعرية لا تلبث أن تتجلى في لغة النقد وكذلك الطاقة السردية لا تلبث أن تتكشف في طريقة الكتابة النقدية الشيقة بمعنى أن النقد يبتلع جزءاً كبيراً من أضواء ومتعة وجاذبية العمل الأدبي ذاته.

المقال النقدي يصبح جافاً وسخيفاً إذا عبر عن أفكاره بمعادلة أو مربع واكتفى بذلك، لكن اللغة ذاتها وحساسيتها وفتنتها وإشعاعاتها لا بد أن يكون بها قدر كبير من الشعرية، طريقة نظم الأفكار النقدية في تسلسلها وترابطها وفي منطقها وقوة حجتها وإقناعها. إحدى الزميلات في مجلس كلية الآداب أخبرتني ذات مرة أن زوجها معجب بمقالاتي النقدية فلما سألتها عن مهنة زوجها أخبرتني أنه وزير الكهرباء واستغربتْ عدم معرفتي بذلك ، واندهشتُ بدوري من إعجاب وزير الكهرباء بمقالاتي النقدية وهو رجل غير متخصص بالأدب فأخبرتني زميلتي أن زوجها ويزر الكهرباء معجب في منطقي بالكتابة وطريقة ترتيب أفكاري بشكل مقنع، بمعنى النسق الفكري الذي أتبعه والذي يتدرج من مقدمات إلى نتائج ليصل إلى أمر يقنع شخصاً اختصاصه بعيد عن الأدب مثل وزير الكهرباء، أخذت بعد ذلك أحرص على قراءتي مقالي للتأكد من النسق وهذا أربكني قليلاً ودفعني للمحافظة على هذا النسق الفكري المترابط. إذن النقد عملية إبداعية يظهر فيها مستوى توهج اللغة واتساق الفكر ومستوى منطقية الطرح ومستوى عدالة الرأي فالناقد كالقاضي.

أذكر ذات مرة زارني الدكتور لويس عوض في مدريد حيث كنت أعمل مستشاراً ثقافياً فسألته كيف استطاع امتلاك سلطة أن يعطي للأدباء أقدارهم فإن قال عن شاعر ما أنه شاعر كبير فسيصبح شاعراً كبيراً، فأجابني لو جاءتك قطعة صفراء كيف تتحقق أنها من الذهب؟ فأجبته أنني سأقوم بالبحث عن خاتم مصلحة الدمغة والموازين فقال لي أن الناقد الجيد يجب أن يمتلك هذا الخاتم ليصبح هو مصلحة الدمغة والموازين وأكد أنه يمتلك هذا الخاتم، ولما قلت له علمني كيف أسرقه منك قال لن أسمح لك أن تسرقه مني ولكن قل لي ماذا تفعل لكي تكون ناقداً جيداً؟ فأجبته أنني لن أجامل أحداً ولن أميل مع الهوى وسأنزل الناس منازلهم وأتعمق في القراءة في جميع الفنون فقال لي يبدو أنك ستسرق مني هذا الخاتم. تبينت بعدها أنني سأكون بمثابة قاض لذا درست الحقوق لأعرف قوانين الحياة وقوانين الأدب. في الستينيات ظهر كتاب صغير عنوانه قواعد النقد الأدبي لمؤلف إنكليزي اسمه (لاسل أبير كرومبي) وترجمة محمد عوض محمد، وكنت في حينها أحفظ ألفية ابن مالك ومنظومات الفقه فقلت لأشتري هذا الكتاب وأحفظه أيضاً لأجيد النقد وللأسف لم أجد فيه قاعدة واحدة تفيدني في حياتي.

وأنا من الذين دعوا إلى أن حكم القيمة لم يعد هو الأساس في النقد وأننا يجب أن نضع بدل حكم القيمة حكم الواقع، ولكن عند الممارسة النقدية تبين لي أمر في غاية الأهمية وهو أن الناقد لا يستطيع على الإطلاق أن يبرأ تماماً من أحكام القيمة، فعندما يختار عملاً دون غيره ليدرسه فهذا حكم قيمة وعندما يتحدث عن هذا العمل بالكشف عن تذوق وجماليات فهذا حكم قيمة، وليس من شغل الناقد أن يصرح بحكم القيمة فيقول هذا عمل جيد وهذا عمل رديء، والطريقة المباشرة في النقد طريقة مدرسية وفجة مثل الطريقة المباشرة في التعبير، فالشعر تقتله المباشرة وكذلك النقد، والقيمة مازالت قائمة لكن على سبيل الإيحاء وليس على سبيل التصريح. بعض الأساتذة من دارسي سيسيولوجيا الأدب مثل سكاربت الناقد الفرنسي يقول أن الإنتاج الأدبي يمثل مثلاً مائة وحدة يموت منها في الجيل الأول تسعون وحدة وعشرة وحدات فقط هي ما يقدر لها أن تعيش وذلك من خلال إعادة طبعها والدراسات حولها والإشارة إليها ومن هذه العشرة وحدات يقدر الخلود لعشرة بالمائة منها فقط بمعنى أن الخلود يحسب لواحد بالمائة من الإنتاج وأحسب أن هذا الخلود هو ذروة القيمة ولا نستطيع تجاهله لأن الإنسان يعشق قدراً من الخلود وكل مبدع ينشد هذا الخلود من خلال تأثير ما يتبقى من إبداعه في الأجيال اللاحقة”.

وعن أهمية الدور الإبداعي للناقد تحدث قائلاً: “عميد الأدب العربي طه حسين بنى مجده على النقد لأنه كان مؤرخاً وأديباً من الدرجة الثانية لكنه ناقد من الدرجة الأولى، ويظل مثلاً من مثلنا العليا في النقد الأدبي المصري والعربي والعالمي. كثير من الدباء شغوفون بنحت تماثيل لغيرهم مثلهم مثل النحاتين ولكن قليلاً ما نجد تمثالاً لنحات. رجاء النقاش مثلاً هو الذي صنع تمثالاً لمحمود درويش وللروائي الطيب صالح، كما صنع طه حسين تماثيل لأبي العلاء المعري وكثيرون غيرهم، وهكذا النقاد عموماً كثيراً ما يتحدثون عن غيرهم وقليلاً ما يتحدث غيرهم عنهم. أنا شبهت المبدعين بالقطط أنها تأكل وتنكر، فقد كتبت عن ما لا يقل من مائة شاعر عربي وعن مائة وخمسين روائي وروائية ولا أحسب أن واحداً منهم كتب سطراً عني فهذا قدرنا يا مولاي. واحدة من نقاط الضعف في حياتنا الأدبية والنقدية أنها لا تتسم بالتراكم، وهذا خلاف ما يحدث في الغرب، بمعنى أن أي ناقد يبدأ بمن قبله، يبدا بأرسطو ثم بنقاد العصور الوسطى ثم بكبار النقاد المعاصرين قبل أن يقدم إضافته، مأساتنا في العالم العربي أن كل ناقد يريد أن يبدأ من الصفر كأنه هو الذي يفتح عكّا ولا يعترف بمن قبله مهما تعلم منه وهذا لا يؤدي إلى التراكم المعرفي والعلمي فلا نستطيع أن نبني مبان شامخة دون أساس. وأنا أدعو دائماً إلى هذا التراكم في الإبداع النقدي لأنه يحدث تلقائياً في الإبداع الأدبي حيث لا يستطيع شاعر أن يبدأ من الصفر فلا بد أن يبتلع من قبله من الشعراء وكذلك الروائي لابد أن يبتلع ثعابين الروائيين كلهم حتى يكتب رواية جيدة، وأدعو إلى أن نعترف بأسلافنا دون أن نعبدهم، أنا مثلاً ابتلعت معظم النقاد العرب وعدداً ضخماً من النقاد الأجانب يكفي أن أذكر منهم طه حسين وغنيمي هلال ومحمد مندور ولويس عوض ومن الأجانب لوكاتش وجولدمان وبارت وكثيرين غيرهم، وكان من زملائي تودوروف لأنه كان من سني، وأحسب لو ترجمت كتبي إلى اللغات الحية لوقفت إلى جانب كتب كثير من زملائي النقاد الأجانب، لكن مشكلتنا أننا مسجونون في لغتنا، هناك ثلاثة نقاد عرب كتبوا بلغات أجنبية فقدر لهم أن يكونوا عالميين ودخلوا ضمير النقد العالمي هم إدوارد سعيد وإيهاب شاكر ومصطفى صفوان، ولدينا على الأقل عشرة نقاد عرب لو ترجمت كتبهم لدخلت في صلب نظرية النقد العالمي”.

وعن الجدل الذي يصاحب كل موسم من مواسم أمير الشعراء حول شخصية الأمير وحول أراء وتعليقات لجنة التحكيم، تحدث الدكتور صلاح فضل قائلاً: “أوجز إجابتي بخمس نقاط: الأولى أن برنامج أمير الشعراء أعطى قبلة الحياة للشعر العربي بعد أن شاعت مقولة عصر الرواية، ومنذ خمسة عشر عاماً يتقدم إلينا آلاف الشباب شعراء وشاعرات من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق وهذه الظاهرة ردت لي الأمل بالشعر العربي.

والثانية على امتداد المواسم التسعة حصلنا على ما يقرب من خمسين نجماً من الشعراء والشاعرات وهذا ليس بالقليل في جيل واحد ولا شك أنهم يستحقون عن جدارة لقب شاعر الشباب الأول.

الثالثة أن البرنامج اعتمد على مستويين في التقييم هما التقييم النقدي والتقييم الجماهيري، التقييم النقدي يقدم ثقافة نقدية للمشاهدين ليصبحوا أكثر وعياً بالشعر فنحن نرفع لدى المشاهدين درجة الوعي النقدي، والتصويت بالنسبة للمشاهدين يجعلهم يشاركون في عملية التقييم، صحيح أنهم مثل جمهور الكرة يتعصبون لنواديهم وفرقهم ولبلادهم وطوائفهم لكنهم في النهاية يمثلون جمهوراً جيداً، وأن نجد جمهوراً للشعر يصل إلى خمسين مليوناً لكل حلقة فهذا ليس بالقليل، ولا أظن أن المتنبي بجلالة قدره ظفر يوماً بخمسين مليون مستمع وهذه ميزة عظيمة جداً للبرنامج.

الرابعة أننا نلاحظ تفاوتاً بين تقييم النقاد وتقييم الجمهور وعندما ينضم تقييم النقاد إلى تقييم الجمهور يتراجع قليلاً الفكر النقدي، وتتقدم إلى حد ما لتعيد ترتيب الأشخاص القابلية الجماهيرية والعصبية الوطنية وهذا يحدث في كرة القدم وفي كل المشاهد الجماهيرية فلماذا لا يحدث في الأدب والنقد؟ هذا طبيعي، لكنني لست مسؤولاً كمحكم عن تصويت الجماهير.

الخامسة أنني مسؤول تماماً عن كل كلمة أقولها في التعليق على كل قصيدة ولم يحدث على الإطلاق أنني قلت كلمة عن قصيدة تختلف عن آرائي الموجودة في خمسة وأربعين كتاباً للنقد الأدبي بمعنى أنني لا أواجه الجمهور بذمة ووجه وأكتب كتاباتي النقدية بذمة ووجه آخر، لكنني عندما أوجه آرائي عبر الشاشة أبسطها، ولطبيعة التواصل الشفهي منطق وأسلوب مختلف عن التواصل الكتابي.

وأنا سعيد جداً بمشاركتي ببرنامج أمير الشعراء منذ خمسة عشر عاماً وأعتقد أنني أسد بهذه المشاركة ديناً في رقبتي للشعر العربي ولابد أن أشيد بكل الشعراء الذين علقت على قصائدهم ولم أزيف رأياً واحداً وحاولت أن لا أجامل فأنا أشجع الشعراء لكن لا أجاملهم. كما أنني طالبت كثيراً بأمرين على الأقل عشر مرات، الأول أن يكون هناك تكريم في كل موسم للشعراء الكبار الذين تجاوزوا الخمسة والأربعين عاماً، والثاني أني طالبت أيضاً بمسابقة خاصة لقصيدة النثر التي ليست فيها خطابية ولا تصلح للإنشاد، ولم يستجب أحد لطلبي حتى الآن. لكنني أشجع الشعراء الشباب على القصيدة العمودية الجديدة وقصيدة التفعيلة وأقول دائماً أن نصف ما يكتب من الشعر العربي الآن يكتب بقصيدة نثر ولا بد أن نهتدي لقيم جمالية لقصيدة النثر وحتى الآن لم يهتد النقد ولا أنا شخصياً إلى قيم جمالية خاصة بقصيدة النثر، وآخر مقال لي منذ شهر في جريدة المصري اليوم كتبت عن هذا الأمر”.

وحول آرائه السابقة بخصوص قصيدة النثر الحداثية أنها صنعت قطيعة مزدوجة مع التراث القريب والبعيد، وأخرى أليمة مع ذائقة الجمهور، وأدارت ظهرها له، وسخرت من سطحيته، وتشبثت بعوالمها التجريبية الفردية، وعزفت عن تمثيل رؤية الجماعة واحتضان موروثها الجميل، أجاب الدكتور صلاح فضل قائلاً:
“كناقد لا يمكن أن أرفض قالباً شعرياً، لكن انصراف الجمهور عن قراءة قصيدة النثر سببه أن الشعراء يكتبون ما لا يفهم وما لا يقبل ويتنازلون طوعاً عن عمود من النور السحري يربط الأذن العربية بالشعر وهو الموسيقى، يتنازلون عن إحدى ركائز الشعر الأساسية وهي الموسيقى، ومن لا يملك حساً موسيقياً فليس بشاعر، كما أنهم يتحدثون عن الإيقاعات الخفية وهذه ليست من الجان ولا من العفاريت فلابد أن نراها ونسمعها ونشعر بها. النثر له إيقاع وقصيدة النثر تحتاج إلى ما تتميز به لتصبح شعراً فهي شعريتها منقوصة مثلها مثل النظم لكنهم يتعمدون تفادي الإيقاع الموسيقي وهناك إصرار على قص الموسيقى لأجل الحداثة، الشعر يحلو بالموسيقى وقليل منها يجعل الشعر أجمل، وأنا أبحث عن الشعرية الكاملة وأعشق التميز فالنقد في تقديري هو عشق للتميز. قصيدة التفعيلة استغنت عن البهرجة الموسيقية، وفي رأيي عمود الشعر الآن في قصيدة التفعيلة وقد أكون مخطئاً ولكن هذه قناعتي، السياب ونازك الملائكة وصلاح عبد الصبور وأحمد حجازي، وأستثني أدونيس، وضعوا منطلقات جديدة لشعر حداثي رائع، أين الشعر الدرامي الذي بدأه صلاح عبد الصبور؟ وأستثني أدونيس لأنه قال أنا لست بحاجة للقراء فقلده الشباب، أدونيس كان يغار من نزار قباني لأن الملايين كانت تلتف حوله، وهو ذهب مرة إلى تونس بعد نزار فلم يحضر ندوته سوى عشرون شخصاً بينما هب التونسيون بالسيارات مواكب يزفون نزار قباني الذي جاء قبله إلى تونس، مع أن أدونيس شاعر رائع جداً وشعر التفعيلة لديه من أروع ما يمكن، لكنه أغرى الشباب أن من يكتب التفعيلة فهو قديم وذوقه قديم فجنى على الشعر العربي أو هذا ما جناه أدونيس على الشعر العربي”.

وعن سؤال حول من يمسك صولجان الشعر العمودي بعد رحيل الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، أجاب الدكتور صلاح فضل قائلاً:
“عبد الرزاق له قصة أخرى، كنت أحبه جداً وكنت أعتقد أنه يمتلك موهبة مثل موهبة المتنبي لكنه أضاعها في أمرين، الأمر الأول أضاع تسعين بالمائة منها بالتصاقه بنموذج دكتاتوري هو نموذج صدام حسين وأنا لمته على ذلك لوماً شديداً فبرر لي موقفه بأن صدام حسين كان يقدره تقديراً عظيماً وأنه عندما زار صدام في قصره ناوله سيجاراً وجثا على ركبتيه ليشعل السيجار لعبد الرزاق، وهذه رواية عبد الرزاق لي شخصياً وقلت له لا أصدق أن صدام يجثو أمام شاعر لأنه كان متألهاً. والأمر الثاني أنه حينما خرج من العراق لم يستأنف حياته ويتخلص من ماضيه القديم بل ظل على ولائه القديم لآخر لحظة في حياته. من الضروري الاستجابة لمتغيرات العصر، ماذا جر صدام حسين على شعبه وعلى الأمة العربية بأكملها؟ جر علينا الكوارث والسبب في ذلك أنه اغتر بتمجيد الشعراء له، كنت أذهب للمربد وأجلس حزيناً جداً عندما أجد عشرات الشعراء يسجدون له في شعرهم لأن هذا لابد أن ينتهي بكارثة وقد انتهى فعلاً بكارثة لم تقتصر على العراق بل مرت على الوطن العربي بأكمله”.
وحول مقارنة عبد الرزاق عبد الواحد بالمتنبي رغم أن الأخير كان أيضاً لصيقاً بالحكام، أجاب الدكتور صلاح فضل قائلاً: “المتنبي كان فناناً عظيماً، وعصره كان مختلفاً والظروف أيضاً مختلفة وكذلك العلوم والوعي، لو عاش المتنبي الان لكتب شيئاً آخراً ولم يكن ليمدح سيف الدولة أو يهجو كافور الإخشيدي، لكن عبد الرزاق كان يعيد نموذجاً مضى عهده رغم أن لديه طاقة هائلة وجبارة”.

وعن رؤيته لواقع الشعر العربي في ظل العديد من الالتباسات، تحدث قائلاً: “أعتقد أن الشعر العربي فقد كثيراً من جمهوره ولابد له أن يسترد هذا الجمهور وفقد كثيراً من طاقاته في تجريب الأنماط الجديدة، فلم يعد أحد يكتب المسرح الشعري وهو من أجمل الأبواب، ولم يعد أحد يكتب الدراما الشعرية ومازالوا متمسكين بالقصائد القصيرة التي مجال إبداعها محدود جداً، ولم يبتكر أي من الشعراء نمطاً شعرياً جديداً وبالتالي تفرق دمه في القبائل. جزء من الشعر طبعت به الرواية فأصبحت روايات شعرية، وجزء سرقته السينما فأصبحت هناك أفلام شاعرية، وجزء سرقته الفنون التشكيلية فأصبحت هناك لوحات شعرية، وجزء أخذته الموسيقى فأصبحت هناك موسيقي شعرية، ولم يبتكر نمط شعري جديد وهجروا المسرح وهجروا الدراما. أتمنى أن أجد أشكالاً شعرية جديدة.

وبخصوص المسرح الشعري أقول أكتبْ مسرحية شعرية جيدة وستجد مخرجون يتحمسون لها وممثلون يحفظونها، عندما كتب فاروق جويدة مسرحيات متوسطة وليست عبقرية وجد سميحة أيوب وفاروق الفيشاوي يتغنون بالوزير العاشق على المسرح القومي ويؤدون أبياتاً تشبه أبيات ابن زيدون، ليكتب الشعراء أولاً وبعدها سيجد محترفو المسرح مادتهم. بقيت أتحايل على البياتي خمس سنوات ليكتب مسرحية شعرية وعندما كتب محاكمة في نيسابور كانت ضعيفة، لذا أعتقد أن صلاح عبد الصبور هو آخر من كتب المسرح الشعري العظيم وأنا أنتظر بلوغ مسرحيين أكبر منه في المستقبل إن شاء الله. عندما أذهب إلى لندن وباريس ورما ومدريد أجد المسرح في أوج ازدهاره، في العام الماضي ذهبت إلى لندن وحضرت عشرة مسرحيات، وفي مدريد حضرت سبع مسرحيات في أسبوع، بينما يقولون لنا أن المسرح في العالم العربي مات وهذه أكذوبة ضخمة، فالمسرح غني جداً والشعر يزيده ألقاً. أما بخصوص تحفظ طه حسين على مسرح أحمد شوقي فهذا يعود إلى معارك وقتية لأنه لم يكن يريد أن يعترف به، لكن شوقي هو من أسس المسرح الشعري وهو صاحب الفضل في إدخال المسرح الشعري إلى الأدب العربي ومسرحياته في غاية الجمال والبدايات دائماً هكذا لكن النقاد يعشقون التميز، طه حسين كان يقارن شوقي الذي كان أول من يكتب مسرح في الشعر العربي براسين وكورنيه الذين يعتمدان على ثلاثمائة عام من الانتاج المسرحي وهذه مقارنة ظالمة لا أوافقه عليها، وطه حسين من النقاد الذين كانوا يتبعون هواهم ومزاجهم الشخصي إذا أحب أحداً رفعه للسماء وهو يعترف بذلك، يقرأ مثلاً بيتاً لأبي العلاء المعري فيقول لو أن هذا البيت قرأته لغير أبي العلاء لأوسعته تأنيباً ونقداً ولكنني أتقبله من أبي العلاء وأتعاطف معه بل وأحبه وأعجب به، وهذا لا ينقص من قدر طه حسين عندي. التقيت بتوفيق الحكيم في مدريد وكان إذا أعجب برأي لطه حسين يقول له يا دكتور طه وإذا لم يعجبه رأي منه يقول له يا شيخ طه ليذكره بأصله الأزهري، وكان يفعل ذلك معي أيضاً. الحكيم هو أمير الحوار العربي ومؤسس المسرح العربي وكنت أقول له أنت تكتب كثيراً ولا تعرض مسرحياتك فكان يجيبني أنه مسؤول عن كتابة النص ولا شغل له بأدوات العرض المسرحي، وعندما قابلت عبد الرحمن الشرقاوي في آخر عام من عمره عتبت عليه لأنه ترك كتابة المسرح بعد مصادرة (الحسين شهيداً) فقال لي لن يتقدم أحد ليخرج مسرحياتي فقلت له كن ذكياً وماكراً مثل توفيق الحكيم اكتب نصك المسرحي واترك أمر الإخراج للزمن فأعجبته الفكرة وقال لي ليتك قلت لي هذا منذ زمن”.

وحول كتابه الأول (نظرية البنائية في النقد الأدبي) ورؤيته الحالية عن علاقة النظريات بالوضع النقدي الراهن، تحدث الدكتور صلاح فضل قائلاً:
“كنت أقدم نظرية البنائية لأول مرة للقارئ العربي وقدمتها كما ابتكرها أهلها ونقدتها بقدر ما أستطيع وركبت منها تركيبة موزائيكية لم يسبقني إليها أحد، بعدها أنجبت البنيوية بناتاً جميلات جداً فكان لابد أن أعشق الصبايا الحسناوات وأترك العجوز القديمة. بعدها كتبت في كل المذاهب الأدبية ثم قالوا لي أنك كتبت كثيراً في النظرية فأرنا شطارتك في التطبيق، أخرجت حتى الآن خمسة وأربعين كتاباً منهم عشرة كتب في النظرية وخمسة وثلاثون كتاباً في التطبيق وهكذا أظن أني أديت ما عليّ، كتاب (شفرات النص) مثلاً كنت سأكتب كتاباً نظرياً في السيميولوجيا فوجدت أن سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد أصدروا كتاباً بعنوان (السيميوطيقا أو علم الدلالات) فقلت يكفي إذن من كتب النظريات فأصدرت كتاباً تطبيقياً هو (شفرات النص) وأتمنى أن يُقرأ جيداً، لكن ليست كل التطبيقات متشابهة فهناك فوارق كثيرة بين الأشياء”.

وعن سؤال للشاعر مصطفى مطر حول تعليق الدكتور صلاح فضل على إحدى القصائد في برنامج شعري عن الدراما في النص الشعري أنها مباشرة وبعيدة عن العمق المجازي، أجاب قائلاً:
“ربما هذا يتعلق بالنص ذاته فقد يكون ضعيفاً والنص القصير لا يجيد تقديم الدراما لأنها تحتاج إلى موقف وتسخين وطول نفس، لذا تعليقي هذا متعلق بهذا النص تحديداً لأنني دائماً أدعو الشعراء الشباب إلى كتابة القصيدة الدرامية”.

وعن سؤال للشاعرة فاتحة المعمري حول أن الذكورية في برنامج أمير الشعراء هي من منعت تتويج أميرة للشعراء، أجاب قائلاً:
“أنا معها تماماً في ذلك، لكن هذا لا ينطبق على النقاد في البرنامج الذين أعطوا أعلى علامات التقييم للشاعرتين المشاركتين في الحلقة الأخيرة التي عرضت أول أمس، لكن المشكلة في ذكورية التصويت وهذه ليست مسؤوليتنا. وحنان فرفور لم تأخذ تصويتاً من الجمهور بينما نحن النقاد مدحناها وشجعناها وبالتالي هذا عيب الجمهور وليس عيبنا”.

وعن رئاسته لمجمع اللغة العربية في مصر وخطته لإعادة هيكلته وتطويره وإعادة الأدباء والمفكرين مرة أخرى إليه، أفاد أنه يرجو التوفيق في ما يخطط له ويجتهد ويتعذب من أجله ومسألة التطوير لا يمكن أن تتم في شهور قصيرة وأنه يرجو أن يقدر له من العمر ما يمكنه أن يحقق شيئاً من ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى