بانتخاب إبراهيم رئيسي ستكون القرار الإيراني أسهل

قراءة في الانتخابات الإيرانية | عصري فياض

وأخيرا،استكملت الانتخابات الرئاسية الايرانية بعد إنتظار،فصعد رجل الدين الاصولي السيد إبراهيم رئيسي لسدة الحكم التنفيذي في الجمهورية الاسلامية لأربع سنوات قادمة،ليكون امتدادا لمنهج المرشد الذي يتقاطع معه في معظم أو كل التوجهات السياسية والفكرية والادراية بسبب العلاقة التاريخية الممتدة بينهما منذ اربع عقود ،والانتماء لنفس الخط الأصولي وليشكل أيضا علاقات مريحة مع مجلس الشورى الذي يسن القوانين والتشريعات و الذي يغلبه الاتجاه الاصولي أيضا ،كما ان السيد رئيسي مقبول لدى المؤسسات الاخرى الفاعلة في القيادة الايرانية وعلى رأسها مجلس الخبراء ومجلس تشخيص مصلحة النظام وحتى الحرس الثوري الايراني المؤسسة العسكرية المتينة في جمهورية الاسلامية الإيرانية وهذا الانسجام والارتياح سيجعل من التعاون بين مكانة الرئاسة وكل من المؤسسات الاخرى أسهل وايسر وبدون تباين في المواقف، وسيؤدي بشكل حتمي للالتفات أكثر للمشاكل الداخلية وعلى رأسها الوضع الاقتصادي والبطالة ومكافحة آثار الحصار الامريكي الجائر على ايران، وإيجاد حل لمشاكل الشباب والإسكان ومكافحة الفقر والبطالة ، والتي كان لرئيسي دور مهم فيها عندما تسلم سدانة الحرم الرضوي في مشهد المؤسسة التي تعتبر الاغنى ماليا في ايران،والتي استخدام قسم من عوائدها في البناء والدعم للفقراء والأجيال الشابة في مشهد او في باقي المحافظات ، والتي كانت سببا في تأييد الكثير من شرائح الشباب والمواطنين له، تماما كما فعل الرئيس الايراني الاسبق محمود احمد نجاد والذي شغل منصب رئيس بلدية طهران  قبيل انتخابه رئيسا لإيران،فقام ببناء آلاف الاكشاك للفقراء والأجيال الشابة، فكانت سببا في دعم هذه الشرائح له وكان فوزه مفاجأ في العام 2005.

كذلك جانب محاربة الفساد كونه شغل منصب مدعي عام، فلم يتوانى لحظة في محاربة الفاسدين مهما كانت مناصبهم، وكان مدعوما بنفس المرشد أكبر قوة حاكمة، فقد زج بكثيرين من الفاسدين والذين كان منهم شخصيات بارزة في فترة من الفترات،كما انه وعد في مواصلة محاربة الفاسدين من خلال موقعه الرئاسي كنوع من تصحيح الواقع الاقتصادي الإيراني وهذه الامور الاقتصادية ومحاربة الفقر وحل مشاكل البطالة والشباب ومحاربة الفساد اهم نقاط تحظى باهتمام المواطن الإيراني،وقد برع رئيسي خلال حملته الانتخابية في تسليط الاضواء على هذه الامور وغيرها، وطرح عنوانين واعدة في حل هذه المعضلات كانت مقنعة للكثيرين من الشعب الايراني من كل الاتجاهات والأعمار سواء كانوا من مؤيدي الاصلاح أو الأصوليين، أو حتى الاقليات أو المذاهب ،فمثلا محافظة سستانو بلوشستان الواقعة في جنوب شرق ايران والذي يشكل البلوش  السنة الاغلبية بين سكانه فقد كانت نسبة مشاركة المصوتين فيه لرئيسي بلغت 60%.

أما من ناحية العلاقات ألخارجية، فإن  الامر الاول  والقائم  هو مؤتمر فينا والذي تجري فيه مفاوضات غير مباشرة مع الادارة الامريكية لغاية عودة الولايات المتحدة الامريكية للاتفاق النووي ورفع الحصار الاقتصادي عن ايران، والذي بلغت مراحلة متقدمة من التقدم كما يصرح بذلك رئيس الوفد الايراني عباس عراقجي، فقد لمّحَ رئيسي خلال المناظرات الانتخابية انه سيواصل تلك المفاوضات بهدف تحقيق الهدف الذي جعل أولويته هي رفع الحصار ألاقتصادي والعقوبات الجائرة عن ايران، بالرغم من أن السيد رئيسي كان متحفظا إن لم نقل رافضا لمحتوى الاتفاق النووي والذي وقع مع الاطراف 5+1 في العام 2015، إلا أنه يدرك أن الموقف الان يتطلب التعامل مع واقع أصبح موجودا، ولا بد من تقديم مصلحة الوطن مع الاحتفاظ بالقناعات وممارسة السياسة التي سيكون عليها العودة للاتفاق بشروط تخرج الايرانيين بنصر أكبر من  سقف القاعدة التي رسختها الرئاسة الايرانية السابقة والتي كانت تحت شعار” رابح رابح “.

كما أن إيران القوية بانسجامها القيادي سيكون لها الدور البارز في التشكيل الدولي المناهض للسياسات الامريكية سواء كان ذلك بالتعاون والتحالف احيانا مع الصين وروسيا والدول  الاشتراكية المناهضة للسياسة الامريكية والغربية ككوبا وفنزويلا والتكتلات الاقتصادية الصاعدة في العالم مثل البركس وغيرها.

اما لناحية دول الجوار، فسيستكمل الرئيس ابراهيم رئيسي ترسيخ حالة التعاون والاحترام بين بلادة وتلك الدول التي تنقسم بين دول ذات علاقات عادية تعاونية، ودول يوجد بينها وبين ايران توتر في كثير من الملفات،وستكون العلاقات بين الدول الصديقة والدول التي بينها وبين ايران نوع مع العداء مسبوغا بنظرة اصولية اكثر من سياسية الحكومة السابقة، أما الدول والمجموعات المتحالفة مع ايران في توجهاتها وهو ما يعرف بمحور المقاومة ،فقطعا سيزيد التعاون معها ويتعزز  الدعم الايراني لها في  كل الساحات سواء كان ذلك في العراق او اليمن او سوريا او لبنان او فلسطين.

للأسباب التي ذكرت،فما كان في عهد روحاني الاصلاحي بين قامتين اصوليتين المرشد والبرلمان،لن يكون في عهد رئيسي، لأن المواقع الثلاث ستكون على خط واحد موحد، وسيكون لذلك أثر مريح في إتخاذ القرار داخليا أو خارجيا، وهذا سيعزز ويقوي الجبهة الداخلية، ويجعلها أكثر قوة ومتانة امام مواجهة الخارج أو التعاون معه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى