لا تُغَر بما يلوح لك

عزيز فهمي | كندا

كل الوجوه يسخر منها الماء
إلا وجه نرسيس الجميل
يجف فيه حتى الغرق
يمنحه شكل المطر أحيانا
ويشيِّعه بصوت الرعد أحيانا
لأن الشموع تقود الفراشات
إلى شهوة الاحتراق
فيظل الخريف يسقط البسمات
من الشجر
يفرغ الحدائق من كلام اللقاءات
ومن نسيم القبل
كلنا سنخرج من شيء ما
كالديدان أو كالنبات
كالزرع أو كالشتات
يكفي فقط إخراج القلب
من بستان النبض
لتقول الثلوج صقيعها
وهي تذوب كالوهم
كنت هنا لكن لم أجدني
لا هنا ولا هناك
مماذا سأخرج إذن
وهذا النشيد تردده الطيور
كلما حان موعد الاغتراب
لكنها تَحِّنُ
فتعود
لتدفئ الأعشاش
تحكي لما تبيضه أسرارَ المسافات
وُعورةَ الغياب
وتُمَنّي الأجنحة برفرفة جميلة
حين تزهرُ الحدائقُ
تغاريدَ عاشقة
هي ذي الحياة أنشودة بكل اللغات
نحياها كما نشاء
أو كما هي تشاء
لا شيء يدوم
لا الشك
لا اليقين
لا الماء ولا الحجر
الوجوه أقنعة في مسرحية الوجود الأبدية
فلا تُغَرَّ بما يلوح لك
من أحلام على الخشبة
ففي الكواليس كوابيس
وفي الظلام عيون ترى رغم العتمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى