عرايس الخبيز.. نوستالجيا الوجدان الشعبي في منحوتات سماء يحي التراثية

بقلم: أحمد صفوت – مخرج صحفي وفنان تشكيلي

تعاود الفنانة سماء يحي للظهور من خلال معرضها الأخير (عرايس الخبيز) الذي يصور عرايس.. (آخر ماجور العيش ) مع القليل من السمن والسكر

وطبعا ولصعوبة تمثيل الخامة بنفسها (أي العجين نفسه) فقد تفتق ذهن التشكيلية سماء يحيى عن تكوين تلك العرائس الخبيزية من خامة البرونز المسبوك في قوالب رملية حتى يحتفظ بعفوية الطفولة وانطلاقتها الرقيقة دون رابط سوى البراءة الشديدة.

وقد وُفقت سماء إلى حد بعيد في إيجاد مكافيء نوعي لخامة العجين الذي تعطيه الأمهات للأطفال ليصنعوا منه تلك العرائس العجينية في البرونز المسبوك والذي قد تلونه باستخدم ملونات تضفي عليه صبغة الصدأ أحيانا لتعبر عن القدم أو ما يعرف بالتبتين الذي يستخدم في كسر لمعة الذهب في بعض منتجات الموبيليات المذهبة وإطارات الصور في خامة الخشب.

ويتأكد في أعمال التشكيلية سماء يحيى حرصها على التراث وإبراز أصول وتفاصيل المجتمع المصري القديم حتى لا يطمسه التطور الذي يتسارع بخطوات واسعة نحو اقتلاعنا من جذورنا فإذا هي الآن تروي لنا حكاية عرايس الخبيز فقد سبقتها حكاوي القهواي (الشعبية) وبلد المحبوب الذي يتفتق عن مشاعر الفتيات اللاتي يتجاذبن الحديث في المشربية وماكينة خياطة عمتي وكوشة العرايس والذي يتجدد الآن في أهم ركن في البيت الريفي التراثي ألا وهو ركن الفرن البلدي وسبت الحمام.

إن الناظر إلى هذا المكان الرهيب في المعرض والذي نجحت سماء يحيى في أن تجعل من مفرداته لوحة؛ بل لوحات عدة تبرز هذا الفيضان من المشاعر الوجدانية التراثية من الحنين الجارف وتؤكد فيه سماء رسالتها إلى ضرب ناقوس الخطر لمحاولة إحياء هذا التراث ونقله للأجيال القادمة حتى لا يذهب أدراج الرياح.

ومجرد نقلها لتلك للصورة التي ربما أصبحت ذهنية فإن العمل يتحول إلى نوستالجيا عالية وحالة من الوجدان الذي يصعب مقاومته أو الالتفات عنه

ولم يعد للموضوع القدرة على السيطرة على أفكارها فأعمالها أصبحت تحمل على عاتقها هذا التراث الأصيل والحفاظ عليه.

فهي تعيد تأكيدها وإخراجها في قوالب متجددة متنوعة وتنجح عن أستاذية في إثارة هذا الوجدان الشعبي للتراث والحنين المتدفق نحوه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى